ألم نشرح لك صدرك

آحمد صبحي منصور في الجمعة ٢٣ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
تبدو سورة ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ( مفهومة وسهلة . وأتعجب ما يمكن معرفته بالتدبر والتعمّق فيها . هل لو سمحت يا دكتور تعطى بعض التدبر فى هذه السورة . ؟
آحمد صبحي منصور

الإجابة :  

أولا :

قوله جل وعلا : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ( 1 ) :

1 ـ معنى شرح الصدر : يعنى قبول شىء والراحة له .

1 / 1 : قد يكون شرح الصدر بالاسلام . قال جل وعلا :

1 / 1 / 1 : (  فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ(125)الأنعام ).

1 / 1 / 2 : (  أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( 22 ) الزمر )

1 / 2 : أو شرح الصدر بالكفر . قال جل وعلا : ( مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(106)النحل  ).

1 / 3 : شرح الصدر وقبول مهمة صعبة . قال جل وعلا لموسى عليه السلام : ( اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى  ( 24 ) طه ) وردّ موسى : قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي(25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي(29)طه  ).

2 ـ معنى شرح صدر النبى محمد للإسلام :

2 / 1 : قبل أن يكون نبيا لم يكن يدرى ما هو الكتاب ولا الإيمان الحق : (  وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(52) الشورى ). أى كان ضالّا : ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى(7) الضحى ). ثم شرح الله جل وعلا صدره للإسلام : ( أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ( 1 ).

2 / 2 : فوجىء قومه بتركه عبادة أوثانهم ، فأمروه أن يرجع لعبادتها ، وخوّفوه من سخط آلهتهم ، فقال له ربه جل وعلا :

2 / 2 / 1 :( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ( 36 ) الزمر )

2 / 2 / 2 : (  قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ(64) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ(66)الزمر )

2 / 2 / 3 : ( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ(56) الانعام  )

2 / 3 / 4 : (  قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(66) غافر ).

ثانيا :

( وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4).

مصطلح ( وضع / وضع عن ):

1 ـ يأتى فعلا متعديا يحتاج الى مفعول ، أى وضع شيئا . أى جعله موجودا ، ومنه قوله جل وعلا :

1 / 1 : (  وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا(49)الكهف )

1 / 2 : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ(47)الانبياء )

1 / 3 : (  يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا )  (2)الحج )

1 / 4 :(   يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ )  (58) النور ) 

1 / 5 :( وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء الَّلاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ )  (60) النور )

1 / 6 : (  وَالأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ(10) الرحمن )

2 ـ يأتى فعلا لازما لا يحتاج الى مفعول ، بل يلحقه ( عن ) : ( وضع عن ) أى أزال ، مثل قوله جل وعلا :

2 / 1 : ( وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ )  

2 / 2 : ( وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ )  (157)الأعراف ).

( وزرك )

( الوزر ) هو الذنب .

1 ـ تكرر قوله جل وعلا : (  وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) ، أى لا تتحمل نفس ذنب نفس أخرى.  

2 ـ يأتى أصحاب النار يحملون أوزارهم ( ذنوبهم ) . قال جل وعلا :

2 / 1 : (  قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ(31)الأنعام )  

2 / 2 : (  لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ(25) النحل )

2 / 3 : (  وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا(99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا(100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلا(101)طه ).

ما هو الوزر الذى تم رفعه عن النبى محمد : هو ما كان عليه من قبل من عبادة الأصنام . وبذلك تغير وضعه ورفع الله جل وعلا ذكره : ( وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4).

ثالثا :

(  فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)

اليُسر يأتى مصاحبا للعُسر ، ويأتى بعد العُسر . قال جل وعلا :

1 ـ (  فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا(5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا(6) الشرح )

2 ـ ( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا(7)الطلاق )

رابعا :

( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7)

1 ـ إذا فرغ من تأدية الفرائض فليفعل الزيادات أى النوافل .

2 ـ فى البداية أمره ربه جل وعلا بقيام الليل إضافة الى الصلوات الخمس : ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمْ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً (6) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً (7) وَاذْكُرْ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً (8) المزمل ) .

وحافظ عليه السلام على قيام الليل صلاة وتعبدا وتلاوة للقرآن الكريم ، وفى المدينة نزل عليه تخفيف بسبب ظروف الجهاد وتأسيس الدولة الجديدة والسعى فى الرزق . قال له رب جل وعلا : (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20) المزمل )

خامسا :  

( وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ(

وأن يجعل عبادته وعمله الصالح لربه جل وعلا وحده رغبة فى رضاه جل وعلا .

هناك ( رغب الى ) يعنى أراد . نفهم هذا من :

1 : (  إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) التوبة )

2 / ( إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ (32)  القلم ).

وهناك ( رغب عن ) أى رفض وكره . نقرأ

(وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ) (130) البقرة )

( قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ )  (46) مريم )

اجمالي القراءات 869