سؤالان

آحمد صبحي منصور في السبت ١٠ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال الأول : قرأت على الفيس بوك ان 90 % من التاريخ المكتوب كاذب . هل هذا صحيح ؟ السؤال الثانى : ما هو رأيك فيما يقوله المصريون : ( سُقت عليك النبى ) أو ( أنا سايق عليك النبى ) حين يترجون طلبا من أحد ؟
آحمد صبحي منصور

إجابة السؤال الأول  :

1 ـ هل قام بتعداد وحصر كل الروايات التاريخية فى كل المصادر التاريخية بمختلف أنواعها من كتب السيرة وكتب الحوليات والطبقات والمناقب وتاريخ الأسرات الحاكمة والمدن .. الخ ثم أثبت ان نسبة 90 % منها كاذبة ؟ وما هو معيار الصُّدقية والكذب عنده ؟ وما هو معيار الحقيقة التاريخية ؟ هل هى حقيقة مطلقة أم نسبية ؟ وماهو معيار التفرقة بين رواية تاريخية هى مجرد قول ورواية تاريخية مركبة من أحداث ؟ وما هو الفرق بين الروايات التاريخية المتشابكة والمتناقضة ؟ وما هى مناهج المؤرخين فى نقل الروايات التاريخية إذا كانوا ينقلون عن السابقين أو يكتبون معاصرين لوقتهم ؟ وما مدى صدقيتهم فى النقل عن السابقين ؟ وما مدى صُدقية الإسناد والعنعنة عندهم ؟ وإذا كانوا معاصرين فعن من ينقلون الروايات ؟ ومدى صدقية مصادرهم التى ينقلون عنها ؟ وما مدى موضوعيتهم أو إنحيازهم ؟؟ وماهو الفارق بين المصادر التاريخية المباشرة والكتابات الأخرى التى تحوى تأريخا دون قصد من كاتبها أن تكون تأريخا مثل كتب الفقه الوعظى ووثائق الوقف وكتب الرحلات والأمثال الشعبية والشعر ؟ وكيفية إستخلاص المادة التاريخية منها ؟ .

2 ـ عايشت البحث التاريخى حوالى نصف قرن ، وكنت أول من كتب فى أُسُس البحث التاريخى دراسة عملية وفى تاريخ التأريخ وانواع المادة التاريخية ومناهج المؤرخين فى قسم التاريخ بجامعة الأزهر عام 1984 . وتوالت كتبى وأبحاثى وهى منشورة فى موقعنا ( أهل القرآن ) . ومع هذا لا أجرؤ أن أقول إن نسبة كذا كاذبة أو صادقة .

إجابة السؤال الثانى :

1 ـ النبى محمد عليه السلام كان بشرا يُوحى اليه ، وكذلك كان الأنبياء قبله بشرا يُوحى اليهم . والعادة أن الشيطان يُضل أكثرية البشر فيجعلهم يقدسون البشر والحجر ، يتحولون آلهة وأولياء مع الله جل وعلا ومن دون الله جل وعلا . فعل هذا مع المسيحيين ومع المحمديين . يتحوّل حبهم للنبى الى تقديس وتأليه له . يبدأون بتفضيله على غيره من الأنبياء ، ثم بعد التفريق بين الله جل وعلا ورسله يرفعون النبى الى مكانة التأليه والتقديس . بل يرفعونه فوق الله جل وعلا ، ويؤسسون له عبادات ورسوما ، ويصبح هو المعبود الأول فى قلوبهم . وتجد هذا عند المحمديين ، فالذى يحج الى بيت الله الحرام فى مكة يظل المسيطر على وجدانه الحج الى القبر المنسوب للنبى فى المدينة ، وهو رجس من عمل الشيطان . وهم فى كلامهم ودعائهم تجدهم يصدّرون النبى ، يجعلون الصلاة عليه عبادة له ووسيلة تقربهم اليه ، ويعتقدون إنه يسمع صلاتهم عليه ، وأنه الذى سيشفع فيهم يوم القيامة ، لأنه عندهم هو ( مالك يوم الدين ) وليس الله جل وعلا رب العالمين .

2 ـ المضحك أنهم حين يرفعون النبى فوق مقام رب العزة جل وعلا فإنهم يجعلونه أقلّ منهم مقاما . طبعا لا يرد هذا على خواطرهم ولكنه الواقع . ونعطى مثالين :

2 / 1 : الذى يقف متوسلا بالقبر الرجسى المنسوب للنبى يؤمن بأن النبى حىُّ فى القبر ، أى يجعل النبى مسجونا تحت الأرض الى قيام الساعة ، ويؤمن أن النبى تُعرض عليه أعمال ( أُمّته ) ليراجعها ويستغفر لهم . أى يجعلونه خادما لهم الى قيام الساعة . وفى كل هذا يجعلونه تحت أقدامهم ، فهم فوق الأرض وهو فى زنزانة تحت الأرض .

2 / 2 : نصل الى مقولة المصريين : من يطلب بإلحاح شيئا يقول : ( سُقت عليك النبى / أنا سايق عليك النبى ) . الذى ( يُساق ) هو الدواب والأنعام . أنت تسوقها نحو مكان أو الى مكان . وأنت الذى تسوقها وهى لا تملك من أمرها شيئا فهى مسخّرة لك .أو كما قال جل وعلا عنها : ( وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ (8) النحل ).

قد يقول بعضهم : إنهم لا يقصدون هذا بل يقصدون التوسل بالنبى لقضاء عمل أو مطلب ، ونقول إنه نفس الشىء : إنهم يستخدمون النبى واسطة لهم عند ذلك الشخص الذى يرجون منه شيئا . وفى كل الأحوال لا يستشيرون النبى ، بالضبط كما أن مالك الحمار لا يستشيره . فى النهاية إنهم حين يؤلهون النبى ويرفعونه فوق مستوى البشر فإنهم يهبطون به الى ما دون البشر .

آه يا بقر .!!

اجمالي القراءات 1023