آحمد صبحي منصور
في
الإثنين ٠٥ - أغسطس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
الاجابة :
أولا :
كتبت فى هذا من 22 عاما ، فى مقال نشرته جريدة الأحرار بتاريخ 18 مايو 1992 ، وتحت عنوان ( القاهرة 90 بين التمدد.. والتورم )
قلت فيه : (
.انشأ عمرو بن العاص الفسطاط عاصمة لمصر سنة 21 هـ عند رأس النيل وأقام وسطها الجامع العتيق ، وحول الجامع اختطت القبائل منازلها ، ثم انشأ العباسيون مدينة العسكر سنة 133 هـ . وبمرور الأيام اتصلت مباني الفسطاط بالعسكر , وضاقت العسكر والفسطاط بجنود أحمد بن طولون فأسس عاصمة جديدة هي القطائع سنة 256 هـ , وما لبث أن اتصلت مباني القطائع بالفسطاط والعسكر .
.واستولى جوهر الصقلي على مصر للفاطميين , وأسس القاهرة في سنة 359 هـ . وكانت القاهرة في بدايتها مدينة خاصة بالفاطميين لا يدخلها المصريون إلا بإذن ، وقد بناها جوهر على مساحة 340 فدانا ، في وسطها القصر الفاطمي والجامع الأزهر , وكان يحد القاهرة شرقا جبل المقطم وغربا الخليج ومكانه الآن شارع بور سعيد وجنوبا خط يمتد من باب الخلق ويتجه شرقا إلى باب زويله وينتهي عند جبل المقطم , أما حدود القاهرة الشمالية فتبدأ من ميدان باب الشعرية إلى باب الفتوح فباب النصر وينتهي عند جبل المقطم .
* وسرعان ما تكاثر العمران في القاهرة واتصلت مبانيها بالفسطاط وأصبحت كلها مدينة واحدة يطلق عليها القاهرة ومصر ، ثم ما لبثت أن اتسعت القاهرة في العصور التالية على حساب الأرض الزراعية والمدن القربية منها لتصبح أكبر قرية في العالم يطلق عليها الآن اسم القاهرة الكبرى .
.ويمكن أن نرصد باختصار توسع القاهرة على النحو التالي : -
-
فقد سكن جماعة من ( الأشراف ) خارج سور القاهرة في عهد الخليفة الحاكم ولأنهم ينتسبون للحسين فقد سميت المنطقة بالحسينية .
-
وانحسرت مياه النيل وظهرت ارض سيمت ارض اللوق ( باب اللوق ) فعمرت بالبساتين والزروع ، ثم سكنها بعض التتار المسلمين في عهد الظاهر بيبرس وأصبحت أرضا أهلة بالسكان ، ثم أعيد تعميرها في عهد الخديوي إسماعيل على الطريقة الحديثة .
-
وعلى النيل أنشئت قناطر السباع في عهد الظاهر بيبرس ، وامتلأت المنطقة بالبيوت في عهد الناصر محمد بن قلاوون ، ثم انشأ الوالي العثماني على باشا ضريحا للسيدة زينب سنة 955 . وجدده عبد الرحمن كتخدا سنة 1171 فاتسع العمران بالمنطقة وسميت السيدة زينب .
-
كانت منطقة شبرا أرضا من طرح النهر تملؤها البساتين هي وبولاق التي كانت ثغرا نهريا للقاهرة ، ثم بدأ تعميرها بالسكان منذ عصر الناصر محمد بن قلاوون. وانشأ محمد على قصرا في شبرا الخيمة ومد إليه شارعا فعرف بشارع شبرا , فتكاثر العمران فيها وتكون حي شبرا . وفي عهد الخديوي إسماعيل تحولت الأراضي الزراعية فيما بين بولاق وشبرا إلى مبان اتصلت بالقاهرة .
-
وكانت الفجالة أرضا زراعية يكثر فيها الفجل فالتهمتها العمائر السكنية .
-
ومنطقة جاردن سيتي كانت مغمورة بالنيل ثم انحسر عنها الماء ، فانشأ فيها الناصر محمد الميدان الناصري وملأها بالبساتين , ثم أقيم حي جاردن سيتي في أوائل هذا القرن مكان البساتين وأخذ نفس الاسم " Garden city " بالإنجليزية .
-
وانشأ الأمير يشبك من مهدي الداودار قبة يشبك للسلطان قايتباي ، فتوسع الناس في البناء حولها فوق الأرض الزراعية ، وما لبث أن تحولت المنطقة إلى حي يعرف بالقبة ، وتم اتصاله بالقاهرة بعد إنشاء ضواحي أخرى تشمل حدائق القبة وحمامات وسراي القبة وكوبرى القبة .
-
وانشأ الأمير ازبك من ططخ حي ( الأزبكية ) في عهد السلطان قايتباي ، وكان مكانه بركة وبساتين , وقد ردمت البركة في عهد الخديوي إسماعيل وأنشئت مكانها حديقة الأزبكية ، وتم تعمير المنطقة التي تشمل الآن ميدان الأوبرا والشوارع المحيطة بها .
-
وكانت منطقة ( العباسية ) تسمى سابقا ارض الطبالة في عهد الخليفة المنتصر الفاطمي الذي أعطاها للسيدة " نسب " طبالة المستنصر بعد أن مدحته ببيتين من الشعر فسميت بأرض الطبالة . وكانت تشمل مائتي فدان من أجود الأراضي الزراعية , وأعيد تعميرها في عصر الخديوي عباس الأول فنسبت إليه ( العباسية ).
-
الزمالك : كانت مليئة بالاخصاص والبساتين والمنتزهات المشهورة بالمجون ، ثم عمرها محمد على وحاشيته بالقصور والعشش للنزهة ، فأطلق عليها الزمالك التي تعني بالتركية العشش المصنوعة من البوص .
-
ووصل امتداد القاهرة إلى المدن القريبة منها فأصبحت من ضواحيها , مثل حلوان التي أنشأها الوالي الأموي عبد العزيز بن مروان سنة 67 هـ وبالتالي اتصل العمران بالمدن الواقعة بين القاهرة وحلوان مثل المعادي وطره ودار السلام . واتصلت القاهرة بقريتي المطرية وعين شمس وكلتيهما من القرى المصرية القديمة .
-
وأنشئت مصر الجديدة سنة 1906 م في منطقة صحراء الريدانية , ثم أنشئت فيما بينها وبين العباسية مدينة نصرالحالية .
.لقد أخذت القاهرة في التمدد في كل الاتجاهات منذ بدايتها في القرن الرابع الهجري وحتى الآن . بل أن تمددها ازداد بصورة سيئة بعد ثورة 1952 بسبب تكاثف السكان وارتفاع معدل الهجرة من الريف للقاهرة . والصورة تزداد الآن سوءا ، فقد أصبحت القاهرة محاطة بمتفجرات سكانية تتمثل في مساكن عشوائية ومجتمعات ريفية تعيش في ظروف غير محتملة , ويحلم أبناؤها بالمهدي المنتظر الذي يعوض أحلامهم المصادرة في الحصول على عمل ومسكن وحياة لائقة .
وقد صدرت القوانين بمنع البناء فوق الأراضي الزراعية مما أوقف مؤقتا حركة التوسع على حساب الأراضي الزراعية . ولكن هذا القرار الضروري زاد من حدة المشكلة السكانية في القاهرة ، وأقامت الحكومة بعض المدن الجديدة ولكن انصرف عنها الناس إلى القاهرة فهي مركز الحكم.
.إن الحل ليس بإقامة عاصمة جديدة ولا بإقامة مدن جديدة لن يسكنها احد . ولكن الحل في تغيير فلسفة الحكم. فقد ظلت العاصمة المصرية مركزا للحكم الشمولي الفردي والمركزية في الإدارة والحكم منذ عمرو بن العاص إلى الآن. ولهذا يهاجر الناس دائما إلى جوار الحاكم الذي يجمع السلطات كلها في يده، ويعيشون في العاصمة التي تتركز فيها كل المصالح والتي تتحكم في كل الإدارات.
. إن الحل في قيام إدارة محلية حقيقية في الأقاليم . وإقامة حكم ديمقراطي حقيقي على النسق الأمريكي , تحتفظ فيه القاهرة بالدفاع و الخارجية وشئون الري بينما تنتخب المحافظات بإدارتها الحرة من يدير شئونها المحلية بحيث لا تحتاج للقاهرة في شيء .. ذلك هو الحل الوحيد لمشاكل القاهرة .
. أما إذا ظلت القاهرة تتحكم في كل شيء فسيظل النزوح إليها ساريا ، ولن تجدي الكباري والأنفاق والمدن الجديدة , وفي خلال التسعينيات سيكون أمام المسئولين الاختيار بين أمرين :
( 1 ) تمدد القاهرة وإلغاء قانون حظر البناء فوق الأراضي الزراعية , وبذلك تمتد حدود القاهرة بين بنها والعياط .. أو
( 2) تورم القاهرة وانتشار صديد التطرف والتعصب والاغتصاب والانحلال في داخلها مما يجعلها في النهاية تنفجر .. ) . إنتهى المقال .!
أخيرا :
ماذا لو إستمع مبارك لما قلناه ؟ ماذا لو قرا مبارك ما كتبناه ؟ آه .. نسيت : مبارك كان يكره القراءة . وحتى لو كان يقرأ فلم يكن ليفهم . ومع هذا فلم يزعم أنه طبيب الفلاسفة والذى يتلقى الوحى ( ففهمناها سليمان ) . مهما كان فساد مبارك فهو خير من هذا الارجوز الذى يحكم مصر الآن ويدمرها سعيدا بما يفعل ..!