الكلالة عند المسلمين :

عثمان محمد علي في الثلاثاء ١١ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلالة  عند المسلمين .

المسلمون عبر تاريخهم الفكرى  لم يتفقوا على مفهوم واحد لأى  من مصطلحات القرآن الكريم . ومن هذه المصطلحات المُختلف عليها مصطلح  (الكلالة).

فالمسلمون بفئاتهم الثلاث التالية هم –

الأولى –  القرآنيون –وهم من إتخذوا  القرآن الكريم دليلاً ومنهاجاً لهم   لفهم مصطلحاته من داخله ، ومن ثم بنوا عقيدتهم وعبادتهم وتعاملا تهم على أحكامه .وتشريعاته وحده .

والثانية أهل الحديث وهم  من إتخذوا مع القرآن الكريم معارف وأفكار ومذاهب وأقوال  سلفهم القريب والبعيد ، وإعتبروها دينا يتعبدون به إلى خالقهم ، وتفرقوا بها إلى مذاهب شتى متوالدة ومتكاثرة مع تكاثر شياطين الجن والإنس  .

والثالثة ،من تعتبر نفسها هى خلاصة الفكر الإسلامى،  وهم ،  (المفكرون الإسلاميون الحداثيون) المواكبون لعصر العلم بشقيه الشرقى والغربى ، معتمدين على ما فيه   من نظريات إستشراقية وفلسفية ، ويرون فى الإسلام نقص ما  ، لا يتماشى من وجهة نظرهم  مع عصر العلم .لكنهم لا يعرفون أين يقع  هذا الخلل  وأين موطنه تحديداً  ؟ …وأولئك وقعوا فى خطأ عظيم ، سنتعرض له فى مناقشتنا لرأيهم فى الكلالة .

الكلالة عند الفئات الثلاث كالتالى .

ورد مصطلح الكلالة فى القرآن الكريم فى الآيتين الكريمتين -12-و-176 من سورة النساء .فى قوله تعالى –

( ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد فان كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها او دين ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد فان كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها او دين وان كان رجل يورث كلالةاو امراة وله اخ او اخت فلكل واحد منهما السدس فان كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها او دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم

وقوله سبحانه 176

يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالةان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها ان لم يكن لها ولد فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين يبين الله لكم ان تضلوا والله بكل شيء عليم

فالقرآنيون طبقاً لمنهجهم البحثى المعتمد على  إستخلاص النتائج من فهمهم  القرآن بالقرآن  يفهمون   مصطلح الكلالة  كما قال عنه ربنا سبحانه وتعالى فى قوله تعالى (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالةان امرؤ هلك ليس له ولد) أى أنه مصطلح  يطلق على من مات وليس له  ولد ، ذكرا كان أم أنثى . وإنتهى الأمر ،دون عناء أو إفتعال  فلسفات لغوية  حول  على معناه .

أما  أهل الحديث فالكلالة عندهم  لهو مصطلح يحفه الغموض والإبهام وتسكنه الغيبيات فى التفسير والتبيين ،  طبقا لما جاء فى رواياتهم فى الطبرى ،والبخارى.

فقال فيها الطبرى ما يلى .

عن جابر بن عبدالله قال مرضت فأتانى النبى (ص) ومعه ابو بكر وهما ماشيان فوجدانى  قد أُغمى علىّ ، فتوضىء رسول الله (ص) ثم صب علىّ من وضوءه فأفقت فقلت يا رسول الله كيف أقضى فى مالى  ؟ وكان لى تسع إخوات (ولم يكن له والد ولا ولد ) قال فلم يُجبنى شيئاً حتى نزلت آية الميراث (يستفتونك – إلى آخر السورة) . قال جابر –إنما أُنزلت هذه الآية فىّ..

وفى رواية آخرى .

يقول إبن سيرين قال نزلت (يستفتونك قل الله يفتيكم فى الكلالة) والنبى فى مسير له وإلى جنبه حصذيفة بن اليمان فبلغهما النبى (ص) إلى حذيفة ،وبلغها حذيفة إلى عمر بن الخطاب وهو يسير خلفه فلما أُستخلف عمربن الخطاب سأل عنها حذيفة فقال له حذيفة والله إنك لعاجز إن ظننت أن إمارتك أن أُحدثك فيها بما لم أُحدثك يومئذ .فقال عمر اللهم إن كنت بينتها له نلإنها لم تُبين لى.

--وفى رواية أخرى لعمر بن الخطاب ايضا يقول فيها – ثلاث لأن يكون النبى (ص) بينهن لنا أحب إلىّ من الدنيا وما فيها – الكلالة –والخلافة- وأبواب الربا.

ووفى رواية عن طارقبن شهاب قال –أخذ عمر كتفاً وجمع اصحاب محمد (ص) ثم قال لأقضين فى الكلالة قضاء تحدث به النساء فى خدورهن ، فخرجت حينئذ حيىة (ثعبان) من البيت فتفرقوا فقال لو أراد الله أن يثتم هذا الأمر لأتمه.

ومن كل ما سبق نجد أن الطبرى فى روايات عمر بن الخطاب فى كتابه عن الكلالة  أبقى عليها دون معنى ودون تبيين وتوضيح  لها  ، ثم يربطها بإرادة الله وكانه سبحانه وتعالى (من وجهة نظر رواياته ) أراد أن يتركها خافية على خلقه .. ونسى الطبرى أن الله جل جلاله قد بينها فى قرآنه العظيم فى قوله تعالى ((يستفتونك قل الله يفتيكم فيالكلالةان امرؤ هلك ليس له ولد).

أما الكلالة فى البخارى فوردت فى روايات  ثمان – هى كالتالى .

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا مَرِيضٌ لَا أَعْقِلُ فَتَوَضَّأَ وَصَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنْ الْمِيرَاثُ إِنَّمَا يَرِثُنِي كَلَالَةٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ

 

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَرِيضٌ فَتَوَضَّأَ فَصَبَّ عَلَيَّ أَوْ قَالَ صُبُّوا عَلَيْهِ فَعَقَلْتُ فَقُلْتُ لَا يَرِثُنِي إِلَّا كَلَالَةٌ فَكَيْفَ الْمِيرَاثُ فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ

 

 

 

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

 

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

 

 

 

بَاب يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ وَالْكَلَالَةُ مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوْ ابْنٌ وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ

 

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ

 

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةٌ

 

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ خَطَبَ عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ وَثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا الْجَدُّ وَالْكَلَالَةُ وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا قَالَ قُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو فَشَيْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنْ الْأُرْزِ قَالَ ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ وَقَالَ حَجَّاجٌ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي حَيَّانَ مَكَانَ الْعِنَبِ الزَّبِيبَ

 ولم يختلف البخارى عن الطبرى كثيرا فلقد تمحورت  رواياته كلها حول هل هى آخر آية نزلت فى القرآن الكريم أم لا؟ وهل نزلت فى جابر أم فى غيره ؟؟

 – و أنها من الغيبيات التى أخفاها عنا القرآن الكريم لسبب ما فى نفس البخارى  (مع أنها آية من آيات الفرائض الدنيوية فى المواريث والأرزاق) !!!ويستحيل عقلياً الا تبينها آيات الله البينات .

 

 ثم يذهب بنا فى طريق آخر  بعيداً عنها ويتحدث فى الكلالة  عن (خمر الأرز) هل هو حلال أم حرام ؟؟  وهل ورد فيه نص تحريمى أم لا؟؟

----

أما رأى الفئة الثالثة التى تعتبر نفسها من المفكرين المسلمين الحداثيين

 ،فسنأخذ  الأستاذ محمد أركون– لهم مثالاً ، ونرى ماذا قال  عن الكلالة ،وماذا قال  فى آيات الوصية والمواريث من خلالها  . متخذون مما قاله   فى كتابه (من الإجتهاد إلى  نقد العقل الإسلامى) دليلاً على رأيه .

الأستاذ محمد أركون   كغيره من المسلمين الحداثيين أو (المستغربين) يحاول نقد ونقض التراث الإسلامى وإعادة فتح باب الإجتهاد مرة أخرى .وهذا شىء جميل  يُحسب له ويشكر عليه .

 ولكن أى نقد وأى نقض ،ولأى من ترُاث المسلمين الفكرى ؟؟؟؟

 هذا هو السؤال الذى ننتظر إجابته من خلال ما كتبه بنفسه  

والرجل فى كتابه يطالب بإعادة قراءة التراث وفتح باب الإجتهاد  مرة آخرى فى بعض من  ابواب الفقه والتفسير،  على أساس عقلى فلسفى غربى وليس على منهجية قرآنية   كما يفعل القرآنيون .حكماً على ما يرفضه ، بل إنه خلط بين التفسيرات والأحكام الفقهية البشرية وبين آيات الذكر الحكيم .وهذا للأسف  ما  يشترك فيه مع  عموم دعاة الإصلاح الدينى  القشرى ،ربما  نتيجة لما يحملونه من بقايا رواسب  تقديسية  وترهيب لآلهة من  علماء الكلام والحديث والفقه والتفسير.

فأركون وغيره دائما ما يقولون  ويكررون ، علينا ان نُعيد تنقية التراث وتنقية العلوم الشرعية لتواكب العصرالحديث  ومتطلباته ،ولكنهم لا يفصلون فى دعوتهم للتنقية والتنقيح  بين الرسالة السماوية المتمثلة فى (القرآن) وبين أقوال  الفقهاء و المفسرين والمحدثين .

ففى نقده إتخذ  طريقا إعتمد على قوله (ينبغى على المفكر الإسلامى الحديث الا يجرح شعور الوعى الإيمانى والا يعامله بفجاجة) وهذا يدل على انه لم  يستطع مواجهة العوام ولا الخواص   ،وأنه يؤثر السلامة والنجاة بنفسه، وعلى  والا يجرح مشاعرهم فى آلهتهم التى ما أنزل الله بها من سلطان ،وهذا لا يتفق أبدا مع أخلاقيات وشجاعة وغقدام  المفكر والمصلح، فالمصلح يقول دائما ما لايرضى عنه الناس فى البداية ، أو ما لا ترضى عنه أكثريتهم ..ويؤكد قولنا هذا عنه ما قاله  (المناخ الأيديولوجى الحامى الذى خلقته الحركات الإسلامية مؤخراً حتى فى البلدان الغربية وخصوصاً فى فرنسا قد دفعنى لأن أؤجل نشر أية دراسة حول موضوع فى مثل هذا الحرج والحساسية )ومنها ما قاله فى فهمه  لمصطلح الكلالة.. التى قال فيها (لقد إكتشفت أن رهانات المناقشة المتمحورة حول طريقة قراءة كلمة (كلالة) ومعناها من الخطورة والأهمية بحيث أن مُجمل المسألة يمكنه أن يساعدنا للمرة الأولى فى تاريخ الفكر الإسلامى على بلورة فكرة إناسية منطقيىة للوحى) ..بمعنى هو  يريد وكما سيأتى فيما بعد أن يُعيد ترتيب وتشكيل وإعادة كتابة بعض ألفاظ القرآن لتتوائم مع الفكر الإنسانى ،ومع القانون الإقتصادى والإجتماعى الحديث .  ومنها الكلالة .ويقول أنه نشرفى مجلة ارابكا  بحزن عميق  بحثا لطالب دكتوراة عن الإرث فى الإسلام يسمى (دافيد س بورز) كان نقطة تحول فى حياته وفى فهمه لمصطلحات الميراث عامة  وعن  الكلالة والوصية  خاصة  لأنه جاء من باحث غربى وليس من عربى مسلم .فماذا قال ذلك ال دافيد .وماذا فعل أركون – (فقد كتب دافيد من ناحية وأركون من أخرى (آية الكلالة 12 من سورة النساء ) والآية (176 ) من نفس السورة ، بالحرف العربى دون إعراب أو حركات أو تشكيل ،وعرضاها على الناطقين بالعربية ، فوجدا أن اولئك الذين حفظوا القرآن الكريم قبل ذلك يتلونها كما  جاءت فى القرآن وبنفس الإعراب ونفس التشكيل ،وما فيها من أفعال مبنية للمجهول كما هى . ويقول أن هذه القراءة هى التى أُعتمدت فى القرآن الكريم بعد طول مناقشات فى التفاسير الكلاسيكية!!!)

ولكن الذين لا يحفظون القرآن ،ويخضعون فقط للكفاءة القواعدية واللغوية العربية ، يختارون  دائما القراءات التى إستبعدها المفسرون الكلاسيكيون ، والتى تكمن فى تغيير المعنى والتقسيمة الإرثية لو تحولت من صيغة المبنى للمجهول إلى المبنى للمعلوم فى كلمتى (يورث – و- يوصى )  فى آيات الوصية  وهنا تصبح كما يقول ( القراءة الطبيعية المُناسبة للفطرة العربية والذوق العربى السليم والملكة اللغوية أو الكفاءة اللغوية للناطقين بالعربية.. أما القراءة التى فُرضت فى القرآن من قبل الفقهاء فهى صعبة جداً ومُلتوية وعسرة على الذوق اللغوى العربى ،وإضطرت الفقهاء والمفسرين إلى اللجوء إلى محاجات وتأويلات معقدة ومُلتبسة ))ويستدل على ذلك بما ورد فى الطبرى عن إختلاف الروايات الحديثية عن (الكلالة) ،إذاً وبناءاً عليه فإن قراءة القرآن فى هاتين الآيتين موضوع بحثنا مغايرة لذوق اللسان العربى السليم ومُعقدة ومُلتبسة  .

.ولهذا ظل معنى كلمة الكلالة لم يُحسم بعد ،  ومن وجهة نظره إذا كانت الآية 176 من سورة النساء قد حسمت معناها  فى قوله تعالى (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ان امرؤ هلك ليس له ولد).

 فلماذا يصر عمر بن الخطاب فى روايات الطبرى على معرفة معناها ؟؟؟

 

--ومن هنا نستطيع القول بأن المقارنة بين فئات المسلمين الثلاث ومناهجهم الفكرية أفصحت عن أن تيار القرآنين الفكرى هو الأصح فى فهمهم لمصطلح الكلالة كما جاءت فى القرآن الكريم . ويُدلل هذا على تمسكهم بالمعنى الحرفى للمصطلح القرآنى كما ورد فى سياق الآيات القرآنية  ببلاغته ووضوحه وبيانه وتبيانه .وهم بذلك يؤكدون على إتباعهم للقرآن وحده  كمنهج علمى وتطبيقى  لعقيدتهم وعبادتهم  وتعاملاتهم مع شريعة الله ،وهم بذلك يطبقون قول الله تعالى (الا لله الدين الخالص) .

-

أما أهل الحديث والتفسير كعادتهم يتخبطون بين روايات شياطينهم من الجن والإنس ،ويصدون بها عن سبيل الله ،ويُعاجزون فيها  ، ويضعون وصايتهم على عقول الناس  ،ويُبعدونهم عنها  ،ويشّرعون لهم ما أمرهم به شيطانهم  .

 فمصطلح الكلالة رغم وضوحه فى القرآن إلا انهم  جعلوه فى غياهب الخرافات تارة ،وتارة أخرى   بين زعمهم أن (إرادة الله) أرادت تعميته عليهم فى ظهور ثعبان لعمر بن الخطاب وهلعه منه وبقاء المعنى مخفى فى بطنه  وبين انياب ثعبانه...

و هذا هو موقف أهل الحديث والتفسير دائما من تشريعات الله فى القرآن ،فهم يقفون منها موقف العداء وتكذيبها ومحوها أو نسخها على حسب زعمهم  برويات لأبى هريرة وأشياعه الكاذبين .

--

أما أصحاب الفكر الحداثى الإسلامى  للمشاهير من أمثال (اركون – ونصر أبوزيد –وحسن حنفى ) وغيرهم . فأختلط عليهم الأمر كغيرهم من دعاة الإصلاح السطحى  من علماء المسلمين والمستشرقين ،وخلطوا بين الإسلام والمسلمين ،وبين آيات (الذكر الحكيم ) وبين  وأقوال الفقهاء والمُحدثين .وأخذوا الإسلام  بجريرة و مساوىء المسلمين ، بل وصل بهم الحال أن أخذوا المولى جل جلاله وإتهموا كلامه بالقصور والتقصير ومخالفته للذوق العربى السليم ، ،ويبحثون للوحى عن فكر ممنطق  أكثر إنسانية يعيدوا صياغته فيه  كما قال (اركون) فى كتابه هذا ،وكما قال عنه نصر ابو زيد فى نقده للخطاب الدينى .  وفى الحقيقة هم بذلك رغم انهم يدعون للإجتهاد مرة اخرى  ،إلا أنهم وقعوا فيما هو أخطر من الجمود ، وهو ،  طعنهم فى الإسلام و تشبيههم للقرآن بأقوال التراثيين  الكاذبين  ، وزعمهم بضرورة إعادة صياغته بما يتوائم مع الحس البشرى الجديد ، ليواكب ذوقهم الإنسانى السليم . فأولئك الناس لا تغرنكم ما  يثار  حولهم من ضجة وصخب إعلامى  كاذب ، فطعنهم فى الإسلام والقرآن أخطر من المشايخ ووعاظ السلاطين .

ومن كل هذا نخلص بأن :::

الفكر القرآنى (وهذه شهادة حق ) هو  الوحيد القادر على إصلاح المسلمين بالإسلام والقرآن ، وهو الداعى الحقيقى  لفتح باب الإجتهاد على أساس قرآنى سليم  .

هذا والله أعلم .

   

 

 

 

اجمالي القراءات 40068