الماعز تقدس الصحابة

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٩ - يوليو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
أنت قاسى فى هجومك على الذين يقدسون الصحابة من الشيعة والسنة والصوفية ؟ الا ترى ان اسلوبك هذا ينفّرهم من دعوتك ؟ تشبههم بالأنعام والماعز والبقر..ماذا لو خاطبتهم باسلوب هيّن ؟ هذا يعنى انك فاقد الأمل فى هدايتهم . هل هذا صحيح ؟ هل لا أمل فى هدايتهم ؟
آحمد صبحي منصور

الاجابة

1 ـ بعد أن كتبنا آلاف الصفحات تدبرا فى القرآن الكريم وبحثا فى التاريخ لا يزالون يتمسكون بتقديس الصحابة ويلتمسون لهم المبررات . هذا يذكرنا بقوله جل وعلا عن تصميمهم على الكفر ويصفهم بشرّ الدواب : ( إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23) الأنفال ). نترفق بهم ونقول إنهم ماعز .

2 ـ مفهوم أن الماعز هنا تعنى تلك العقليات والعقائد التى تقدس الصحابة وتجعلهم معصومين وفوق النقد والنقاش، اى تجعلهم جزءا من الدين لابد من الايمان بذواتهم وأشخاصهم وأسمائهم. بل يعتبرونهم فوق الدين ،لأن الدين الحق يدعو الى الحوار العقلى والتفكر والتدبر والتبصر، وهم يحرمون التعامل مع الصحابة بهذا المنطق، يريدون خضوعا تاما لما كتب عنهم بعد موتهم. مع أنهم لم يكتبوا تاريخهم بأنفسهم بل كتبه عنهم غيرهم بعد قرون من موتهم. المكتوب عنهم بعد موتهم انما هو صنع بشرى وروايات تاريخية فيها من الكذب والصدق مايوجد فى كل كتابات البشر، وتراهم فيها بشرا مثلى ومثلك ،بل أسوأ منى ومنك لأننا لم نتقاتل مثلما تقاتلوا ولم نقاتل شعوبا مسالمة وننهب أموالهم ونسبى نساءهم ونستعبدهم كما فعل اولئك الصحابة ،ولأنناـ انا وأنت -  لم نر خاتم النبيين ونعايشه ونعيش الهدى معه ثم نبادر بعد موته بالعصيان والعدوان ومخالفة تشريع القرآن كما فعلوا.

3 ـ عقلية الماعز الدينية تتطرف فى الدفاع عن اولئك الصحابة بما يماثل تطرف اولئك الصحابة فى الخروج عن شرع الله تعالى ودينه الحنيف، دين العدل والقسط والسلام والتسامح والحرية المطلقة فى العقيدة والدين. وكالعادة تجد أمامك معادلة صفرية لابد لك فيها من الاختيار بين واحد من اثنين :

3 / 1- اما أن تختار جانب الاسلام وتبرئه مما فعل الصحابة وقت نزول الوحى وبعد موت النبى محمد عليه السلام، وهذا يعنى أن تعتبر الصحابة بشرا يخطئون ويصيبون وترى أهمية أن نتعلم من اخطائهم حتى لا يتكرر الوقوع فى الخطأ .

3 / 2 :  واما أن تختارعقلية الماعزفتقدس الصحابة وتجعلهم فوق النقد وتدافع عن أخطائهم وخطاياهم ،فيتحول الاعتداء الظالم على الآخرين الى جهاد، ويصبح الاسلام هو المسئول عن هذا الاعتداء . انها قضية عقيدة ودين ، لك فيها حرية الاختيار ، وانت وما تختاره لنفسك ولمستقبلك يوم القيامة.

4 ـ عقلية الماعز فى تحريمها انتقاد الصحابة والتهوين من خطاياهم وتبريرها جعلتنا ندخل نفق الفتنة الكبرى ولم نخرج منه حتى الآن .الحروب الوحيدة التى لازلنا نتألق فيها حتى الآن ونبدع هى حروبنا الأهلية والبينية والمحلية حيث تجد ابداعا من الطرفين لا يدانيه الا ابداع الصحابة انفسهم فى حروبهم الأهلية .

5 ـ ومن العجب أن عقلية الماعز تتحول فيها الحروب الأهلية الطاحنة بين كبار الصحابة الى مجرد "فتنة كبرى " ليس المهم أن تكون كبرى أو صغرى ، المهم انها مجرد"فتنة"، وليست حربا ضروسا بين الصحابة قتلوا فيها فيما بينهم أكثر من سبعين ألفا ، اى أكثر من العدد الذى فقدوه فى فتوحاتهم العسكرية وفى زمن أقل منها بكثير. ان الحروب الأهلية بين زعماء الصحابة حدثت فى سنين قلائل فيما بين مقتل عثمان ومقتل "على" بينما استمرت الفتوحات من عهد أبى بكر الى الشطر الأول من عهد عثمان .وبينما كانت الفتوحات تجرى فى فترات متقطعة فى العصر الأموى ثم توقفت نهائيا بعده ،فان الحروب الأهلية ظلت مستمرة بين المسلمين فى الدولة الأموية حيث عاش نفر من جيل الصحابة ثم جيل التابعين ثم اتباع التابعين , وشاركوا فى المذابح والمعارك من مقتل الحسين وانتهاك الكعبة فى"فتنة " ابن الزبير ومذبحة المدينة فى ثلاث سنوات فقط فى خلافة يزيد بن معاوية الى موقعة مرج راهط  فى عهد مروان بن الحكم الى توطيد الدولة الأموية بالحديد والناروثورات الخوارج ومذابح الشيعة والموالى فى العراق والأقباط فى مصر والبربر فى شمال افريقيا . وهناك السفاحون المشهورون من الولاة الأمويين من زياد بن ابيه والحجاج بن يوسف وخالد القسرى فى العراق وأمثالهم فى مصر مثل قرة بن شريك وغيرهم . سلاسل من المعارك والمذابح لا تزال حية فى روايات مسطورة فى كتب التاريخ المعتمدة لا يجرؤ أحد على بحثها واظهارها للناس كى تتعلم . والسبب هى عقلية الماعزالتى لاتأبه بضحايا التابعين والصحابة فى "الفتن "الكبرى المستمرة وقد بلغت مئات الألوف من المسلمين عدا مئات الالوف من الضحايا الأبرياء من أهل المستعمرات أو البلاد المفتوحة الذين لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، بل ولاشأن لهم اصلا بالناقة والجمل.

اجمالي القراءات 1168