اربعة أسئلة

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ٠٢ - يوليو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال الأول : ( من حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه ) هذا الحديث يقوله دائما إمام المسجد عندنا . بالنسبة لى لا يهم ان كان هذا حديث أم لا . لكن يبدو معناه مقبول . فهل يتفق مع القرآن ؟ السؤال الثانى : لوسمحت يا استاذ أحمد ما معنى الآية التى تقول : ( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) 36) الاسراء ) ؟ هل ( تقف ) من الوقوف ؟ وما معنى أن اقف ما ليس لى به علم ؟ السؤال الثالث : ما هو المقصود ب ( دسّاها ) فى سورة ( والشمس وضحاها )؟ السؤال الرابع : ما هو الفرق بين فساد مبارك وفساد السيىسى ؟
آحمد صبحي منصور

إجابة السؤال الأول :

1 ـ هو حديث تم إختراعه فى العصر العباسى الثانى . لم يذكره مالك فى الموطأ ولا الشافعى فى ( الأم ) . نسبوه للنعمان بن البشير وصنعه البخارى ومسلم وأحمد ، وبصيغة تقول : ( الحلال بين، وحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهة، فمن ترك ما اشتبه عليه من الإثم، أو الأمر، فهو لما استبان له أترك، ومن اجترأ على ما شك، أوشك أن يواقع ما استبان ، ومن يرتع حول الحمى، يوشك أن يواقعه). ورواية أخرى مماثلة تقول : ( ألا وإنَّ حِمَى اللهِ مَعاصِيْه، فمَن حام حولَ الحِمَى يوشِكُ أن يُواقِعَه )  وثالثة تقول : ( الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ.).

2 ـ  الحديث بكل رواياته يعبّر بصدق عن الثقافة المتواضعة لصانعيه ، وجهلهم بالاسلام والقرآن الكريم .

2 / 1 : فالتشريعات الاسلامية واضحة قرآنيا ، لا محلّ فيها للشّك والمشتبهات . وهى : الفرض الواجب ، والحرام المنهى عنه ، وبينهما المُباح . ثم هناك النوافل الزائدة على الفرض مثل قيام الليل . والحرام المنهى عنه واضح ، وهو ينقسم الى سيئات من الصغائر وكبائرالإثم  . ومن إجتنب الكبائر غفر الله جل وعلا له السيئات الصغائر . قال جل وعلا : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (31) النساء ).

2 / 2 : وهم أيضا يجهلون مصطلحات القرآن ، فالقلب هو الفؤاد والنفس ، وليس مضغة من لحم . والمشبهات التى زعموا أنه لا يعلمها كثير من الناس ـ تخالف المقصد التشريعى فى الاسلام ، فكيف يكون هناك تشريعات يجهلها كثير من الناس ثم يؤاخذون بها . والله جل وعلا لا يؤاخذ على الخطأ والنسيان ، وما جعل علينا فى الدين من حرج . 

إجابة السؤال الثانى :

( َ تَقْفُ ) أصلها ( تقفوا ) وهى مجزومة بحذف الواو لأنها جاءت نهيا بعد ( لا ) الناهية . ومعناها ليس الوقوف ولكن الإقتفاء ، ومنه إقتفاء الأثر ، أى تتبع شىء لمعرفته . والمنهى عنه هو ( مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ). والذى لا علم لنا به هو خرافات الأديان الأرضية عن أوليائها وقبورها المقدسة ( تقديس القبور والأنصاب والأوثان ) والعكوف عليها تبركا وتوسلا كما يفعل المحمديون فى كربلاء والمدينة والقاهرة والنجف ، وفى هذا مثلا يقول جل وعلا عن تقديمهم النذور لما لا يعلمون : ( وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) النحل ) وعن توسلهم بها وعبادتهم لما لا يعلمون :(  وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (71)  الحج ). الواقع إنهم يعبدون ترابا ويؤمنون بأساطير وأوهام لا علم لهم بها .

إجابة السؤال الثالث :

مصطلح ( دسّ ) جاء مرتين فقط فى القرآن الكريم . فى قوله جل وعلا :

1 ـ عن وأد الطفلة فى الجاهلية : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) النحل ) . ( دسّ ) هنا تعنى الدفن فى التراب .

2 ـ عن النفس البشرية : ( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس ).

الله جل وعلا ألهم النفس البشرية الفجور والتقوى ، والفجور فيها مقدم على التقوى . هناك ( النفس اللّوّامة ) أى ما يعرف بالضمير : ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) القيامة  ) ، وأيضا النفس الأمّارة بالسوء الداعية للفجور (  وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) يوسف ) . هذا ما قالته عن نفسها إمرأة العزيز تعترف علنا بذنبها أمام الملك والملأ . فعلت هذا بإرادتها العليا ، وقد قال جل وعلا عن هذه ( الأنا العليا ) التى ( تنهى النفس عن الهوى ) التى تتطهّر بها النفس وتتزكى : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات  ). إذ إن هناك إرادة عليا تختار الفلاح أو الخسران تجعل الفرد يفلح بتزكية نفسه فيدخل الجنة فى الآخرة : ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) الشمس ) ، أوتجعله يستسلم للنفس الأمّارة بالسوء بما ينتهى به الى الخيبة والخسران : ( وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس  ).  وعليه فإن ( دسّاها ) هنا تعنى نقيض ( زكّاها ) .

إجابة السؤال الرابع :

مبارك ترك مصر أنقاضا . السيسى يبيع هذه الأنقاض . !!  

اجمالي القراءات 1117