سؤالان

آحمد صبحي منصور في الأحد ٣٠ - يونيو - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال الأول من الاستاذ كريم الاندلسى : مقولة ( إن شاء الله ) هل هي صحيحة ؟ أم أنها من عقيدة الجبرية ؟ لاحظت أن الجبرية يتجردون بها من المشيئة فلا مشيئة للعبد عندهم وإنما هو مجبر ومسير . السؤال الثانى : اعيش فى ولاية أمريكية واشتريت منزل وكان محتاج تصليحات كثيرة ، وقمت بها بنفسى ، وأثناء عملى عثرت على كيس فيه مبلغ كاش . المنزل كان يملكه شخص وتوفى وباعه الورثة لى . هل المال الذى عثرت عليه حق لى باعتبارى انا الذى اشتريت المنزل بما فيه حتى من أثاث ؟ أم هو للورثة ؟ لم أفتح الموضوع مع أى حد محامى ، وأريد رأيك من الناحية الشرعية . أعتقد أن المنزل وما فيه أصبح ملكا لى .
آحمد صبحي منصور

اجابة السؤال الأول

  شرحنا موضوع الجبرية فى مقال منشور هنا عن ( السياسة الأموية والفلسفة الجبرية ). ونوجز الاجابة على السؤال فى الآتى :

اولا : الحتميات المقدرة لا هروب منها ، وهى الخاصة بالميلاد والموت والمصائب التى تحدث بلا تدخل من الشخص إن خيرا أو شرا ، والرزق . قال جل وعلا : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الحديد ) .

وللبشر بعض تدخل فى هذه الحتميات ، ولكنهم يتصرفون بإرادتهم ولا يعلمون الغيب . الله جل وعلا لن يحاسبنا على الحتميات ، ولكن على ما نفعله بحريتنا ومشيئتنا .

ثانيا : عن ( إن شاء الله )

1 ـ أمرنا الله جل وعلا أن نقولها فيما يخصُّ المستقبل الذى لا نعلم عنه شيئا . قال جل وعلا : ( وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً (23) إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) (24) الكهف )

2 ـ وفى نفس سورة الكهف

2 / 1 :فى قصة صاحب الجنتين المغرور بهما قال له صاحبه المؤمن :

( وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِي أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَداً (39) الكهف ). هذا تنبيه على ما كان عليه ان يفعله .

2 / 2 : فى قصة موسى مع العبد الصالح ـ ذلك النبى مجهول الاسم . قال له موسى : ( قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً (69) الكهف ) . هنا ( إن شاء الله ) تتعلق بالمستقبل . ولم يلتزم بها موسى .

3 ـ وفى قصة ابراهيم وابنه اسماعيل ( الذبيح ) : نقرأ قوله جل وعلا :( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّابِرِينَ (102) الصافات ). هنا وعد بالمشيئة يتعلق بالمستقبل .

4 ـ وفى قصة يوسف حين إستقبل والديه واخوته عند الدود المصرية : ( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99)  يوسف ). المشيئة هنا تتعلق بالمستقبل ، مع إنه كان وقتها عزيز مصر.

5 ـ فى قصة ذبح البقرة قالوا لموسى : ( قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) البقرة ). وهذا عن المستقبل ، وتحقق .

6 ـ  وفى زواج موسى قال له والد الفتاة : ( قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ (27)  القصص ). وتحقق الوعد . 

ثالثا :

فالمؤمن يعلق ما سيفعله مستقبلا على مشيئة الرحمن جل وعلا ، وقلبه مطمئن بالايمان . أما الكافر فهو يرتكب الكبائر زاعما إنها مشيئة الله جل وعلا .

1 ـ قالوا هذا فى الماضى وجاء الرد عليهم :  ( وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (35) النحل ).

2 ـ وسيقولونها فى المستقبل وجاء الرد عليهم : ( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ (148) الانعام )

قل : صدق الله العظيم .!!

إجابة السؤال الثانى :

طالما تعتقد ذلك فلماذا تسألنى ؟ واضح انك فى قرارة نفسك ترى أنه ليس حقا لك أن تأخذ هذا المال ، وتريد منى تأييد رغبتك ليرتاح ضميرك . أقول لك : إنك إشتريت المنزل من الورثة بمال دفعته لهم ، وهذا يشمل كل مافيه . والمنزل وكل ما فيه هو سلعة . وأنت إشتريت هذه السلعة بمال . ما وجدته لاحقا فى المنزل ليس سلعة بل هو مال ، ولا يصح أن تشترى المال بنفس المال. المال الذى عثرت عليه ليس حقا لك ، هو حق للورثة ، ويحرم عليك أن تستولى عليه لنفسك .

  

اجمالي القراءات 920