نتحدث عن الأسس التي ينبغي مراعاتها عند تكوين جبهة تآلف من القوى الوطنية، تهدف للسعي للنهوض بالبلاد، لتحقيق حياة أفضل للناس. . البداية ولاشك تكون بتحديد ماذا نريد بدقة، ماذا نود أن نحقق، وما هي مواصفات الحياة وطبيعة العلاقات التي نسعى لتأسيسها، لكي يتحقق لنا ما نصبو إليه من رفاهية ورقي، ويوصف الهدف في علم الإدارة بأنه يجب أن يكون SMART، وهي الحروف الأولى من كلمات تعني: متخصص وقابل للقياس وطموح وواقعي وملموس. .
ل>لننتقل بعدها لمحاولة حشد أكبر قوة ممكنة لتحقيق الهدف المتفق عليه. . هكذا يرتبط اختيار القوى والتيارات الداخلة في جبهة التآلف بعاملين لا نظن أن لهما ثالث: أولهما توافق رؤى تلك القوة أو التيار مع الرؤى والأهداف المرجو تحقيقها بواسطة تلك الجبهة أو الائتلاف تحت الإنشاء، والثاني هو إمكانية التآلف والتناغم بين تلك القوة، وبين سائر القوى التي يضمها الائتلاف، لكي نحصل في النهاية على كيان يتمتع بالقدر المرجو من التماسك والفاعلية.
ولأن التمثيل العملي من واقع الحياة، هو الأقدر أحياناً على توضيح طبيعة المهمة التي نحن بصددها، ويبرز لنا مناحي الخطأ الذي قد نقع فيه، وبيبن لنا كذلك مواطن الصواب، لا بأس أن نستعين هنا بمثلين من حياتنا العامة:
نستخدم جميعاً في حياتنا العامة لفظ "خلطة"، كما نستخدم أيضاً على سبيل السخرية لفظ "خلطبيطة"، أو نقول كما هو شائع عن أمر ما أنه "سمك لبن تمر هندي"، كنموذج لما نطلق عليه "خلطبيطة". . يشير كل من اللفظين "الخلطة" و"الخلطبيطة" إلى مفهوم مغاير تماماً للآخر، رغم التشابه في حروف اللفظين، والتشابه بينهما في أنهما يشيران إلى مزيج مكون من العديد من العناصر. . فما هو التعريف الدقيق لكل منهما، والذي نستطيع بواسطته الحكم إن كان المزيج الذي أمامنا "خلطة" أم "خلطبيطة"؟
"الخلطة" هي مزيج من عناصر متنوعة، لكنها معاً تعطينا مزيجاً ذا صفات إيجابية، لا تتوفر لأي من للعناصر الداخلة كل على حده. . فإن كانت الخلطة للأكل، فسنجدها ذات مذاق طيب أو مستساغ، علاوة على توافر المكونات الغذائية الضرورية بها. . وإن كانت الخلطة مركباً دوائياً، فسنجد له القدرة على القضاء على مسببات مرض ما. . وإن كانت الخلطة مادة لطلاء الجدارن أو المعادن، فلابد أن يتوفر بها عنصر الجمال الشكلي، بالإضافة إلى قدرتها على حماية السطح الذي يدهن بها، علاوة على احتفاظها برونقها لمدة طويلة نسبياً، وهكذا في سائر المجالات التي تستخدم فيها "خلطات"، للحصول على مزيج يحمل صفات إيجابية، لا تتوفر لأي من العناصر المتوفرة لدينا منفردة.
هنا يكون انتقاء العناصر الداخلة في "الخلطة" قصدياً، ليؤدي كل عنصر مختار وظيفة محددة بالتناغم مع سائر العناصر الأخرى، ومن جانب مقابل ينبغي أن تخلو "الخلطة" من الشوائب أو المواد الضارة، التي تبطل عمل مكوناتها الأساسية، أو تقلل من كفاءة المزيج في تحقيق الغرض منه.
"الخلطبيطة" مزيج من عناصر مجمعة عشوائياً، وقد يكون دخولها في ذاك المزيج مرجعه مجرد تواجدها بالقرب ممن يكونه، أو لأنها موجودة في واقع الحال أو الطبيعة مختلطة بسائر العناصر، بحيث يصعب فصلها، رغم أنها لا تضيف صفة مرجوة للمزيج، أو قد تكون مفسدة لفاعليته. . المزيج بهذا الشكل العشوائي لا ينبغي لنا أن نتوقع أن يمنحنا أية مزايا كنا نفتقدها، اللهم إلا مجرد الإعجاب الساذج بالذات، نتيجة قدرتنا على تجميع كل ما حولنا بالساحة في مزيج يضمه إناء واحد!!. . هو هكذا لن يصلح لتغذية جائع أو شفاء مريض أو طلاء حائط، وإن كان يمكن أن يصلح لاحتفاليات يسودها الهرج والمرج، ثم لا يلبث أن تتسرب مكوناته من الوعاء المصطنع الذي جمعناها فيه، ليتبدد كل عنصر من عناصره، متباعداً متنافراً مع الآخرين!!
مثال آخر من يريد تجميع أجزاء متنوعة المواصفات، ليكون منها ماكينة تصلح لأداء عمل ما، وهو إنجاز مختلف بالطبع عمن يأتينا بحشد من الأجزاء المتنوعة، يجمعها في صندوق يأتي به إلينا. . فمهما كان الصندوق مزيناً بالورود، والأجزاء بداخله تبدو لامعة وبراقة، إلا أنها لا تصلح معاً لتكوين ماكينة ما، تؤدي لنا مهمة مفيدة نحتاج إليها!!
عندما نكون بإزاء ساحة سياسية واجتماعية مثل الساحة المصرية، حافلة بعناصر التقدم والتخلف. . ذلك التخلف الذي نعاني منه، وهو ليس قدراً هابطاً علينا من أي سماء، أو مفروضاً علينا من قوة قاهرة، صاحبتنا كل هذه العصور التي تقدم فيها العالم من حولنا، وبقينا نحن متعثرين متراجعين. . عندما نواجه بهذه الحالة، ونأمل في نفس الوقت في نهضة تلحقنا بمسيرة البشرية، نشكل لها جبهة وطنية أوسع ما تكون، فإن علينا أن نفرق بين أكثر من نوعية بين ما نرصد من عناصر أو تيارات:
v عناصر ضارة ينبغي استئصالها من التربة المصرية أو تحجيمها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.
v عناصر ذات رؤى مختلفة جذرياً عما نهدف إليه، ولا تصلح بالتالي لأن تكون عنصراً ضمن "الخلطة" المرجوة، أو الجبهة التي تعمل كقاطرة لابد أن يتكون قادرة على السير باتجاه محدد. . لكن هذه العناصر في نفس الوقت ليست خطراً يهدد مسيرة قاطرتنا.
v عناصر متفقة عمومياً مع نهدف إليه، لكنها تختلف معنا بدرجة أو بأخرى في التفاصيل، وهذه بالطبع صالحة لتكون ضمن الجبهة أو الخلطة التي نحقق بها ما نصبو إليه.
v العناصر الأساسية صاحبة الرؤى في مسيرة التغيير، والتي ستقوم بإجراء الحوار مع سائر قوى المجتمع، لتصل مع المجموعة السابقة أعلاه، لتكوين رؤى مشتركة تحوز أكبر قدر من الإجماع الوطني.
هذا الخط الذي نتصوره منطقياً لتحقيق جبهة وطنية قوية وفاعلة، يمكن أن يفسده عدة توجهات قاتلة:
v الافتقاد للمرونة وللقدرة على الحوار البناء للوصول إلى رؤى مشتركة، والتثبث السلبي بالرؤى والأفكار، وشيوع ثقافة الهيمنة والتنازع، وغياب روح وثقافة العمل الجماعي.
v محاولة تشكيل أكبر حشد ممكن، على حساب نوعية وكفاءة الجبهة التي يتم تكوينها، أو كما يقال الاهتمام بالكم على حساب الكيف.
v وجود توجهات انتهازية، تسعى لاستغلال قوى بالساحة، للاعتماد على عناصر قوتها، دون توفر قاعدة توافق موضوعي حقيقي معها.
v تصور جبهة التوافق على أنها توافق بين أشخاص قد يتمتعون جميعاً بنوايا طيبة، رغم أن الأمر ليس أمر أشخاص أو نوايا بالأساس، وإنما المهم هو توافق الرؤى والمواقف، حيث المفترض أن الجبهة ذاهبة إلى رحلة عمل، وليس إلى نزهة خلوية يستمتع فيها الجميع بالصحبة الأخوية.
نأمل لسطورنا هذه أن تكون مساهمة في مسيرة طويلة ومجهدة على شعبنا جماهير وصفوة أن نقطعها معاً، ونحتاج فيها إلى الوعي الناضج واليقظ، كما نحتاج إلى الجهد والعرق، وكل ما نرجوه أن ننجح في هذا "قبل خراب مالطة"
هذه السطور مهداة إلى الرجل الجليل الذي وضع فيه الشباب أملاً في مستقبل أفضل.
ولأن التمثيل العملي من واقع الحياة، هو الأقدر أحياناً على توضيح طبيعة المهمة التي نحن بصددها، ويبرز لنا مناحي الخطأ الذي قد نقع فيه، وبيبن لنا كذلك مواطن الصواب، لا بأس أن نستعين هنا بمثلين من حياتنا العامة:
نستخدم جميعاً في حياتنا العامة لفظ "خلطة"، كما نستخدم أيضاً على سبيل السخرية لفظ "خلطبيطة"، أو نقول كما هو شائع عن أمر ما أنه "سمك لبن تمر هندي"، كنموذج لما نطلق عليه "خلطبيطة". . يشير كل من اللفظين "الخلطة" و"الخلطبيطة" إلى مفهوم مغاير تماماً للآخر، رغم التشابه في حروف اللفظين، والتشابه بينهما في أنهما يشيران إلى مزيج مكون من العديد من العناصر. . فما هو التعريف الدقيق لكل منهما، والذي نستطيع بواسطته الحكم إن كان المزيج الذي أمامنا "خلطة" أم "خلطبيطة"؟
"الخلطة" هي مزيج من عناصر متنوعة، لكنها معاً تعطينا مزيجاً ذا صفات إيجابية، لا تتوفر لأي من للعناصر الداخلة كل على حده. . فإن كانت الخلطة للأكل، فسنجدها ذات مذاق طيب أو مستساغ، علاوة على توافر المكونات الغذائية الضرورية بها. . وإن كانت الخلطة مركباً دوائياً، فسنجد له القدرة على القضاء على مسببات مرض ما. . وإن كانت الخلطة مادة لطلاء الجدارن أو المعادن، فلابد أن يتوفر بها عنصر الجمال الشكلي، بالإضافة إلى قدرتها على حماية السطح الذي يدهن بها، علاوة على احتفاظها برونقها لمدة طويلة نسبياً، وهكذا في سائر المجالات التي تستخدم فيها "خلطات"، للحصول على مزيج يحمل صفات إيجابية، لا تتوفر لأي من العناصر المتوفرة لدينا منفردة.
هنا يكون انتقاء العناصر الداخلة في "الخلطة" قصدياً، ليؤدي كل عنصر مختار وظيفة محددة بالتناغم مع سائر العناصر الأخرى، ومن جانب مقابل ينبغي أن تخلو "الخلطة" من الشوائب أو المواد الضارة، التي تبطل عمل مكوناتها الأساسية، أو تقلل من كفاءة المزيج في تحقيق الغرض منه.
"الخلطبيطة" مزيج من عناصر مجمعة عشوائياً، وقد يكون دخولها في ذاك المزيج مرجعه مجرد تواجدها بالقرب ممن يكونه، أو لأنها موجودة في واقع الحال أو الطبيعة مختلطة بسائر العناصر، بحيث يصعب فصلها، رغم أنها لا تضيف صفة مرجوة للمزيج، أو قد تكون مفسدة لفاعليته. . المزيج بهذا الشكل العشوائي لا ينبغي لنا أن نتوقع أن يمنحنا أية مزايا كنا نفتقدها، اللهم إلا مجرد الإعجاب الساذج بالذات، نتيجة قدرتنا على تجميع كل ما حولنا بالساحة في مزيج يضمه إناء واحد!!. . هو هكذا لن يصلح لتغذية جائع أو شفاء مريض أو طلاء حائط، وإن كان يمكن أن يصلح لاحتفاليات يسودها الهرج والمرج، ثم لا يلبث أن تتسرب مكوناته من الوعاء المصطنع الذي جمعناها فيه، ليتبدد كل عنصر من عناصره، متباعداً متنافراً مع الآخرين!!
مثال آخر من يريد تجميع أجزاء متنوعة المواصفات، ليكون منها ماكينة تصلح لأداء عمل ما، وهو إنجاز مختلف بالطبع عمن يأتينا بحشد من الأجزاء المتنوعة، يجمعها في صندوق يأتي به إلينا. . فمهما كان الصندوق مزيناً بالورود، والأجزاء بداخله تبدو لامعة وبراقة، إلا أنها لا تصلح معاً لتكوين ماكينة ما، تؤدي لنا مهمة مفيدة نحتاج إليها!!
عندما نكون بإزاء ساحة سياسية واجتماعية مثل الساحة المصرية، حافلة بعناصر التقدم والتخلف. . ذلك التخلف الذي نعاني منه، وهو ليس قدراً هابطاً علينا من أي سماء، أو مفروضاً علينا من قوة قاهرة، صاحبتنا كل هذه العصور التي تقدم فيها العالم من حولنا، وبقينا نحن متعثرين متراجعين. . عندما نواجه بهذه الحالة، ونأمل في نفس الوقت في نهضة تلحقنا بمسيرة البشرية، نشكل لها جبهة وطنية أوسع ما تكون، فإن علينا أن نفرق بين أكثر من نوعية بين ما نرصد من عناصر أو تيارات:
v عناصر ضارة ينبغي استئصالها من التربة المصرية أو تحجيمها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.
v عناصر ذات رؤى مختلفة جذرياً عما نهدف إليه، ولا تصلح بالتالي لأن تكون عنصراً ضمن "الخلطة" المرجوة، أو الجبهة التي تعمل كقاطرة لابد أن يتكون قادرة على السير باتجاه محدد. . لكن هذه العناصر في نفس الوقت ليست خطراً يهدد مسيرة قاطرتنا.
v عناصر متفقة عمومياً مع نهدف إليه، لكنها تختلف معنا بدرجة أو بأخرى في التفاصيل، وهذه بالطبع صالحة لتكون ضمن الجبهة أو الخلطة التي نحقق بها ما نصبو إليه.
v العناصر الأساسية صاحبة الرؤى في مسيرة التغيير، والتي ستقوم بإجراء الحوار مع سائر قوى المجتمع، لتصل مع المجموعة السابقة أعلاه، لتكوين رؤى مشتركة تحوز أكبر قدر من الإجماع الوطني.
هذا الخط الذي نتصوره منطقياً لتحقيق جبهة وطنية قوية وفاعلة، يمكن أن يفسده عدة توجهات قاتلة:
v الافتقاد للمرونة وللقدرة على الحوار البناء للوصول إلى رؤى مشتركة، والتثبث السلبي بالرؤى والأفكار، وشيوع ثقافة الهيمنة والتنازع، وغياب روح وثقافة العمل الجماعي.
v محاولة تشكيل أكبر حشد ممكن، على حساب نوعية وكفاءة الجبهة التي يتم تكوينها، أو كما يقال الاهتمام بالكم على حساب الكيف.
v وجود توجهات انتهازية، تسعى لاستغلال قوى بالساحة، للاعتماد على عناصر قوتها، دون توفر قاعدة توافق موضوعي حقيقي معها.
v تصور جبهة التوافق على أنها توافق بين أشخاص قد يتمتعون جميعاً بنوايا طيبة، رغم أن الأمر ليس أمر أشخاص أو نوايا بالأساس، وإنما المهم هو توافق الرؤى والمواقف، حيث المفترض أن الجبهة ذاهبة إلى رحلة عمل، وليس إلى نزهة خلوية يستمتع فيها الجميع بالصحبة الأخوية.
نأمل لسطورنا هذه أن تكون مساهمة في مسيرة طويلة ومجهدة على شعبنا جماهير وصفوة أن نقطعها معاً، ونحتاج فيها إلى الوعي الناضج واليقظ، كما نحتاج إلى الجهد والعرق، وكل ما نرجوه أن ننجح في هذا "قبل خراب مالطة"
هذه السطور مهداة إلى الرجل الجليل الذي وضع فيه الشباب أملاً في مستقبل أفضل.