تفسير سورة العنكبوت

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٩ - أبريل - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

                            سورة العنكبوت

سميت بهذا الاسم لذكر بيت العنكبوت فيها فى قوله "وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت "

"بسم الله الرحمن الرحيم ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين "المعنى إن حكم الرب النافع المفيد هو العدل،أظن الخلق أن يدعوا أن يقولوا صدقنا وهم لا يبتلون ولقد ابتلينا الذíacute;ذين من قبلهم فليعرفن الرب الذين صدقوا وليعرفن الكافرين ،يبين الله لنا أن اسمه أى حكمه وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد هو ألم أى العدل ،ويسأل الله أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون والمراد هل اعتقد البشر أن يذروا أن يقولوا صدقنا الوحى وهم لا يبتلون؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الله يفتن أى يختبر الناس بالضرر والخير مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ونبلوكم بالخير والشر فتنة"إذ قالوا آمنا أى صدقنا بوحى الله ولا يتركهم أى ولا يدعهم يؤمنون فى سلام ،ويبين لنا أنه فتن الذين من قبلهم والمراد أن الله اختبر الناس الذين عاشوا من قبلهم ويبين لنا أنه يعلم الذين صدقوا أى آمنوا بحكم الله ويعلم الكاذبين وهم الكافرين مصداق لقوله بنفس السورة "وليعلمن الذين آمنوا"والخطاب وما بعده للمؤمنين.

"أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون"المعنى هل ظن الذين يفعلون الخطايا أن يقهرونا ؟ قبح ما يقولون،يسأل الله أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا والمراد هل اعتقد الذين يصنعون الذنوب أن يغلبونا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن صانعى الخطايا وهى الكفر لا يسبقوا الله أى لا يقهروا الله والمراد لا يمنعوا عن أنفسهم عذاب الله،ويبين لنا أنهم ساء ما يحكمون والمراد قبح الذى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "إنهم ساء ما كانوا يعملون ".

"من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم "المعنى من كان يريد ثواب الرب فإن ثواب الرب لقادم وهو الخبير المحيط،يبين الله أن من كان يرجو لقاء الله وهو من كان يريد رحمة الرب مصداق لقوله بسورة الزمر"يرجو رحمة الله"فإن أجل الله لآت والمراد فإن وعد أى رحمة الرب لقادمة أى لواقعة مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ما توعدون لآت"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء .

"ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين "المعنى ومن شكر فإنما يشكر لمنفعته إن الرب لعال على الخلق،يبين الله أن من جاهد أى أطاع حكم الله أى شكر الله فإنما يجاهد لنفسه والمراد فإنما يطيعه لمصلحته أى فإنما يشكر الله لمنفعته مصداق لقوله بسورة النمل"من شكر فإنما يشكر لنفسه"ويبين لنا أنه غنى عن العالمين أى عال على الخلق والمراد غير محتاج للخلق فى أى شىء والخطاب للناس هو وما قبله .

"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذى كانوا يعملون "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لنمحون عنهم ذنوبهم ولنعطينهم ثواب أفضل الذى كانوا يفعلون،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى فعلوا الحسنات يكفر الله عنهم سيئاتهم والمراد يزيل الله عنهم خطاياهم ويجزيهم أحسن ما كانوا يعملون والمراد ويعطيهم أجرهم بأصلح ما كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "وهذا يعنى أنه يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده للناس.

"ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون "المعنى وأمرنا المرء بأبويه معروفا وإن أغوياك لتعبد معى الذى ليس لك فيه وحى فلا تتبعهما إلى معادكم فأخبركم بالذى كنتم تفعلون ،يبين الله أنه وصى الإنسان بوالديه حسنا والمراد أنه أمر الفرد بأبويه عدلا وهذا يعنى أن يعاملهما بالمعروف مصداق لقوله بسورة لقمان "وصاحبهما فى الدنيا معروفا "ويبين للفرد أن الأبوين إن جاهداه والمراد خدعاه والمراد أمراه أن يشرك بالله والمراد أن يعبد مع الرب ربا أخر ليس له به علم والمراد ليس له فى إباحة عبادة الرب المزعوم وحى من عند الله فالواجب هو ألا يطعهما أى ألا يتبع كلامهما،ويبين للناس أنه إليه مرجعهم وهو عودتهم لجزاء الله فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيبين لهم ما كانوا يفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النحل"وليبينن لكم يوم القيامة "وهذا يعنى أنه يعطى كل واحد كتاب عمله فيرى فيه كل عمله فى الدنيا .

"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم فى الصالحين "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لنسكننهم مع المحسنين،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات يدخلهم مع الصالحين والمراد يسكنهم فى رحمته وهى جنته مع المسلمين السابقين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وأدخلناهم فى رحمتنا إنهم من الصالحين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذى فى الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما فى صدور العالمين "المعنى ومن الخلق من يقول صدقنا فإذا عذب فى الرب جعل ضرر الخلق كضرر الرب ولئن أتى نفع من إلهك ليقولن إنا كنا ناصريكم ،أليس الرب أدرى بالذى فى نفوس الخلق؟يبين الله لنبيه(ص)أن من الناس وهم الخلق من يقول آمنا أى صدقنا حكم الله ،فإذا أوذى فى الله والمراد فإذا أصيب بضرر من أجل نصر دين الله جعل فتنة الناس كعذاب الله والمراد ساوى أذى الخلق بأذى الرب الدائم ،وهم إن جاء نصر من الرب والمراد وهم إن أتى نفع من الله قالوا للمسلمين:إنا كنا معكم أى ناصرين لكم فأعطونا من نفع الله الذى أعطاكم ،ويسأل الله أو ليس بأعلم بما فى صدور العالمين أى أليس الله بأعرف بالذى فى نفوس الخلق مصداق لقوله بسورة الإسراء"ربكم أعلم بما فى نفوسكم "؟والغرض من السؤال هو إخبار المنافقين بعلم الله بالذى يخفونه فى نفوسهم وسيحاسبهم عليه والخطاب للنبى(ص)وما بعده.

"وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين "المعنى وليعرفن الرب الذين صدقوا وليعرفن المذبذبين،يبين الله لنبيه(ص)أنه يعلم أى يعرف الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله ويعلم المنافقين أى ويعرف المذبذبين بين الكفر والإسلام ويفسره قوله بنفس السورة "وليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ".

"وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شىء إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون"المعنى وقال الذين كذبوا للذين صدقوا أطيعوا ديننا ولنأخذن عقاب سيئاتكم وما هم بآخذين من عقاب سيئاتهم من بعض إنهم لمفترون وليعلمن خطاياهم وخطايا مع خطاياهم وليعاقبون يوم البعث عما كانوا يزعمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا للذين آمنوا أى صدقوا حكم الله:اتبعوا سبيلنا أى أطيعوا حكمنا والمراد اعتنقوا ديننا ولنحمل خطاياكم والمراد ولنأخذ عقاب سيئاتكم إن كان هناك عقاب لها ،وهذا يعنى أنهم يطلبون من المسلمين اتباع حكمهم وسوف يتحملون عقاب الذنوب التى يرتكبها المسلمون بعد كفرهم ،ويبين الله له أنهم ما هم بحاملين من خطاياهم من شىء والمراد أنهم ما هم بآخذين من سيئاتهم من عقاب والمراد أن لا أحد يتحمل عقاب ذنوب أحد عند الله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "ويبين له أنهم يحملون أثقالهم والمراد يعلمون بذنوبهم وهى أوازرهم وأثقالا مع أثقالهم والمراد ويعلمون ذنوب مع ذنوبهم  وهى أوزار مع أوزارهم فالحمل هو العلم مصداق لقوله بسورة الجمعة "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها "فالمعنى مثل الذين علموا التوراة ثم لم يعملوا بها، وهذا يعنى أنهم سوف يعرفون بأوزار أنفسهم والكافرين معهم مصداق لقوله بسورة النحل"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم "ويبين له أنهم يسألون عما كانوا يفترون والمراد يعاقبون عن الذى كانوا يعملون مصداق لقوله بسورة النحل"ولتسئلن عما كنتم تعملون"والخطاب للنبى(ص)وما بعده .

"ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين "المعنى ولقد بعثنا نوحا(ص)إلى شعبه فبقى فيهم ألف عام إلا خمسين سنة فأهلكهم الماء وهم كافرون فأنقذناه وركاب الفلك وجعلناها عبرة للخلق،يبين الله أنه أرسل أى بعث نوح(ص)إلى قومه وهم شعبه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما والمراد بقى معهم يدعوهم للإسلام تسعمائة وخمسين سنة فأخذهم الطوفان والمراد فأغرقهم الماء وهم ظالمون أى مكذبون بآياتنا وأنجيناه وأصحاب السفينة والمراد وأنقذناه ومن معه فى الفلك مصداق لقوله بسورة يونس"فنجيناه ومن معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا"وقد جعلها الله آية للعالمين والمراد وقد جعل الله قوم نوح(ص)عبرة للناس يعتبرون بما حدث لهم مصداق لقوله بسورة الفرقان"وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية".

"وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"المعنى وأرسلنا إبراهيم (ص)وقت قال لشعبه أطيعوا الرب أى اتبعوه ذلكم أفضل لكم إن كنتم تعقلون ،يبين الله أنه أرسل إبراهيم (ص)لقومه وهم شعبه فقال لهم اعبدوا الله أى اتقوه والمراد أطيعوا حكم الله أى اشكروه مصداق لقوله بسرة العنكبوت"واعبدوه واشكروا له"ذلكم وهو الطاعة لحكمه الله خير لكم أى أحسن أجرا لكم إن كنتم تعلمون أى تعقلون مصلحتكم والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.

"إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون"المعنى إنما تطيعون من سوى الرب أصناما أى تطيعون افتراء ،إن الذين تدعون من سوى الرب لا يعطون لكم نفعا فاطلبوا من الله النفع وأطيعوه أى اتبعوا حكمه إليه تعودون،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال لقومه:إنما تعبدون من دون الله أوثانا أى إن الذى تدعون من سوى الله أصناما مصداق لقوله بسورة النحل"والذين تدعون من دون الله "وفسر هذا بأنهم يخلقون إفكا أى يفترون كذبا وهو أن الأصنام آلهة والمراد يطيعون الباطل الذى اخترعوه مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة "إن الذين تعبدون أى تدعون أى تطيعون من دون أى من سوى الله لا يملكون لكم رزقا أى لا يعطون لكم نفعا وهذا يعنى آلهتهم لا تنفعهم ،فابتغوا عند الله الرزق والمراد فاطلبوا من الله العطاء وهو النافع لأنه الرازق واعبدوه أى اشكروا له والمراد فأطيعوا حكم الله إليه ترجعون أى إلى جزاء الله تعودون بعد الموت أى "إليه تقلبون"كما قال بنفس السورة .

"وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين "المعنى وإن تكفروا فقد كفرت جماعات من قبلكم وما على المبعوث إلا التوصيل السليم للوحى،يبين الله للناس:إنهم إن يكذبوا فقد كذب أمم من قبلهم والمراد "إن يكفروا"كما قال بسورة الزمر فقد كفرت جماعات ممن سبقكم وهذا يعنى أنهم يفعلون مثل كل الأمم السابقة وهو الكفر عدا قوم يونس(ص)وقال وما على الرسول إلا البلاغ المبين وما على النبى إلا التذكير الأمين وهذا يعنى أن مهمة النبى (ص)هى توصيل الوحى للناس كما نزل له بالضبط والخطاب للناس.

"ألم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير"المعنى ألم يعرفوا كيف يخلق الرب المخلوق ثم يرجعه إن ذلك على الرب هين ،يسأل الله :ألم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده والمراد ألم يعلموا كيف يحيى الرب المخلوق ثم يبعثه مرة أخرى ؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الناس عرفوا قدرة الله على الإحياء والبعث وذلك وهو الإحياء والبعث على الله يسير أى سهل أى هين مصداق لقوله بسورة مريم"هو على هين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير "المعنى قل سافروا فى البلاد فاعلموا كيف استهل الإنشاء ثم الله يبدع المرة الأخرى إن الرب لكل أمر يريده فاعل،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس سيروا فى الأرض والمراد امشوا فى البلاد فانظروا أى فاعلموا التالى كيف بدأ الخلق والمراد كيف أبدع الله المخلوق أول مرة من خلال مشاهدتكم لخلق الله للأشياء ثم الله ينشىء النشأة الآخرة والمراد ثم الرب يخلق المرة القادمة وهذا يعنى أن الله يعيد الخلق مرة ثانية بعد الموت ،إن الله على كل شىء قدير والمراد إن الرب لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد".

"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير"المعنى يعاقب من يريد وينعم على من يريد وإليه ترجعون وما أنتم بغالبين فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من سوى الله من واق أى منقذ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :الله يعذب من يشاء ويرحم من يشاء والمراد الله يضل أى يعاقب من يريد وهو الكافر وينعم أى يهدى من يريد وهو المنيب له مصداق لقوله بسورة الرعد"الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب"وفسر هذا بقوله وإليه تقلبون والمراد وإلى جزاء الله ترجعون بعد الموت وما أنتم بمعجزين والمراد ولستم بقاهرين لعقاب الله أى بمانعين للعذاب فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من دون الله من ولى أى نصير أى واق أى مانع من العذاب مصداق لقوله بسورة الرعد"ما لكم من الله من ولى ولا واق"والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمته وأولئك لهم عذاب أليم"المعنى والذين كذبوا بأحكام الرب وحسابه أولئك قنطوا من نفعى وأولئك لهم عقاب شديد،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول والذين كفروا بآيات الله أى و"الذين كذبوا بآياتنا"كما قال بسورة الأعراف والمراد والذين خالفوا أحكام الرب أولئك يئسوا من رحمته أى قنطوا من نفعه والمراد كذبوا بجنته وأولئك لهم عذاب أليم والمراد"ولهم عذاب عظيم"كما قال بسورة النحل وهذا يعنى أن لهم عقاب شديد عند الله والخطاب للنبى(ص)ونلاحظ قطعا بالآيات السابقة لقصة إبراهيم(ص)ثم عودة له وهو تغيير لمواضع الآيات الأصلى.

"فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"المعنى فما كان رد شعبه إلا أن قالوا :اذبحوه أى احرقوه فأنقذه الرب من النار إن فى ذلك لعبر لناس يصدقون ،يبين الله أن جواب قومه والمراد أن رد فعل شعبه على دعوته هو أنهم قالوا لبعضهم :اقتلوه أى احرقوه والمراد "فألقوه فى الجحيم "كما قالوا بسورة الصافات وهذا يعنى أن يميتوه بالنار فكانت النتيجة أن أنجاه الله من النار والمراد أن أخرجه الرب من النار سليما مصداق لقوله بسورة الصافات"قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم"وفى ذلك وهو إنقاذ إبراهيم من حرق النار(ص)لآيات لقوم يؤمنون والمراد لبراهين على قدرة الله لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الروم"إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون ".

"وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين "المعنى وقال إنما اخترعتم من سوى الرب أربابا حبا بينكم فى المعيشة الأولى ثم يوم البعث يكذب بعضكم بعضا ويسب بعضكم بعضا ومقامكم الجحيم وما لكم من منقذين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال لشعبه :إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا والمراد إنما اخترعتم من سوى الله أربابا رغبة منكم فى متاع المعيشة الأولى ،وهذا يعنى أن سبب اختراعهم عبادتهم غير الله هو أن يبيحوا لأنفسهم متاع الحياة الأولى ،ثم يوم القيامة وهى البعث يكفر أى يكذب بعضكم بعضا والمراد يتبرأ كل منكم من الأخر ويلعن بعضكم بعضا والمراد ويطلب كل منكم للأخر زيادة العذاب ومأواكم النار والمراد ومقامكم جهنم مصداق لقوله بسورة آل عمران"ثم مأواكم جهنم "وما لكم من ناصرين أى ليس لكم من أولياء ينقذونكم مصداق لقوله بسورة هود"وما لكم من دون الله من أولياء".

"فآمن له لوط وقال إنى مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم "المعنى فصدق به لوط(ص)وقال إنى منتقل إلى إلهى إنه هو القوى القاضى ،يبين الله أن لوط(ص)آمن أى صدق برسالة إبراهيم (ص)وحده من الرجال وقال إبراهيم (ص)إنى مهاجر إلى ربى والمراد إنى منيب إلى خالقى أى إنى مطيع دين إلهى وحده إنه هو العزيز الحكيم والمراد إنه هو الغالب القاضى بالعدل .

"ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وأتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين "المعنى وأعطينا له إسحاق(ص)ويعقوب(ص)ووضعنا فى نسله الحكمة أى الوحى وأعطيناه ثوابه فى الأولى وإنه فى القيامة مع المحسنين ،يبين الله  أنه وهب أى أعطى إبراهيم (ص)ابنه إسحاق (ص)ولإسحاق (ص)ابنه يعقوب(ص)وجعل الله فى ذريته النبوة وهى الكتاب والمراد ووضع الرب فى نسل إبراهيم (ص)وهم أولاده الوحى وهو الحكمة مصداق لقوله بسورة النساء"فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة "وأتيناه أجره فى الدنيا والمراد وأعطيناه ثوابه وهو نصره ومنه الإصطفاء فى الأولى وإنه فى الآخرة وهى القيامة لمن الصالحين والمراد مع المحسنين فى الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الآخرة من الصالحين".

"ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين "المعنى وأرسلنا لوطا (ص)حين قال لشعبه إنكم لترتكبون الزنى ما ارتكبه من أحد من الناس أإنكم لتزنون بالرجال وتؤذون فى الطريق وتفعلون فى مجلسكم الحرام فما كان رد شعبه إلا أن قالوا هات لنا عقاب الرب إن كنت من العادلين بقولك ،يبين الله أنه بعث لوطا (ص)إلى قومه فقال لهم  إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين والمراد أترتكبون الزنى بالرجال ما فعلها أحد من قبلكم من الناس ؟وهذا يعنى أن قوم لوط(ص)أول من ناك الرجل منهم الرجل من خلق الله ،أإنكم لتأتون الرجال والمراد أإنكم لتنيكون الذكور وتقطعون السبيل والمراد وتؤذون فى الطريق وهذا يعنى أنهم يؤذون المارة بنيكهم وتأتون فى ناديكم المنكر والمراد وتفعلون فى مجالسكم الفاحشة ؟وهذا يعنى أنهم كانوا ينيكون بعضهم فى البيوت وفى الطريق وفى مجالسهم دون حياء من بعضهم ،فكان جواب قومه وهو رد شعبه عليه هو أنهم قالوا :ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين والمراد جئنا بعقاب الرب الذى وعدتنا إن كنت من المرسلين مصداق لقوله بسورة الشعراء"ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين "وهم العادلين فى قولهم ،وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب الله وليس أن يفقههم دينهم .

"قال رب انصرنى على القوم المفسدين "المعنى قال إلهى ساعدنى على الناس الكافرين،يبين الله أن لوط(ص)دعا الله فقال رب انصرنى على القوم المفسدين والمراد أنقذنى من أذى الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "فانصرنا على القوم الكافرين ".

"ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين "المعنى ولما أتت ملائكتنا إبراهيم (ص)بالخبر قالوا إنا مدمروا سكان هذه البلدة إن سكانها كانوا كافرين ،يبين الله أن الرسل وهم المبعوثين من الملائكة لما جاءت قالت لإبراهيم (ص)البشرى وهى الخبر السار بولادة ابن له قالوا له :إنا مهلكوا أهل هذه القرية والمراد إنا مدمروا شعب هذه البلدة إن أهلها كانوا ظالمين والمراد إن شعبها كانوا مجرمين مصداق لقوله بسورة هود"وكانوا مجرمين "وهذا يعنى أنهم أتوا لتدمير قوم لوط(ص)بسبب ظلمهم وهو كفرهم.

"قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين "المعنى قال إن فى البلدة لوطا(ص)قالوا نحن أدرى بمن فيها لننقذنه وعائلته إلا زوجته كانت من الهالكين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال للملائكة إن فيها لوطا (ص)والمراد هل ستدمرون لوطا معهم ؟فقالوا نحن أعلم بمن فيها والمراد نحن أعرف بالذين فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين والمراد لننقذنه وعائلته إلا عجوزا أى زوجته كانت من المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين "وهذا يعنى أن الله سينقذ لوط (ص)وعائلته من العقاب الذى سينزله بالقوم .

"ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون "المعنى ولما أتت ملائكتنا لوطا (ص)اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا وقالوا لا تخش أى لا تغتم إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من الهالكين إنا مسقطون على سكان هذه البلدة عذابا من السحاب بسبب ما كانوا يكفرون ولقد جعلنا منها عبرة واضحة لناس يفهمون ،يبين الله أن رسل الله وهم مبعوثو الله من الملائكة لما جاءت أى وصلت عند لوط(ص)سىء بهم أى ضاق بهم ذرعا والمراد اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا لمعرفته بعجزه عن حمايتهم لأنه لم يعرف أنهم ملائكة فقالوا له لا تخف أى لا تحزن والمراد لا تخشى أذاهم إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين والمراد إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من المعذبين ،وهذا يعنى أنهم يخبرونه أنه لن يصيبه وعائلته العذاب ما عدا زوجته الكافرة ،وقالوا له إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون والمعنى إنا مرسلون على شعب هذه البلدة حجارة من السحاب بما كانوا يمكرون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة الذاريات"لنرسل عليهم حجارة من طين "وقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون"وهذا يعنى أن سبب هلاكهم هو فسقهم وهو كفرهم ،ويبين أنه ترك منها آية بينة لقوم يعقلون والمراد أنه جعلها عظة ظاهرة لناس يفهمون .

"وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الأخر ولا تعثوا فى الأرض مفسدين فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين "المعنى وأرسلنا لمدين صاحبهم شعيبا (ص)فقال أطيعوا حكم الله وابتغوا رحمة يوم القيامة أى لا تسيروا فى البلاد ظالمين فكفروا به فأهلكتهم الصيحة فكانوا فى بلدهم راقدين ،يبين الله أنه أرسل لمدين أخاهم وهو صاحبهم شعيبا (ص)فقال :يا قوم اعبدوا الله أى أطيعوا حكم الرب والمراد"اتقوا الله"كما قال بسورة البقرة ،وارجوا اليوم الآخر والمراد واعملوا ليوم القيامة وفسر هذا بقوله لا تعثوا فى الأرض مفسدين أى لا تبغوا فى البلاد ظالمين أى لا تحكموا فى البلاد بغير الحق مصداق لقوله بسورة الشورى "ويبغون فى الأرض بغير الحق"فكانت النتيجة أن كذبوه أى كفروا برسالته فأخذتهم الرجفة والمراد فأهلكهم عذاب يوم الظلة وهو الصيحة مصداق لقوله بسورة الشعراء"فأخذهم عذاب يوم الظلة "وقوله بسورة هود"وأخذت الذين ظلموا الصيحة "فأصبحوا فى دارهم جاثمين والمراد فكانوا فى بلادهم راقدين أى موتى وما سبق من قصص الخطاب فيه للنبى(ص)ومنه للناس.

"وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا فى الأرض وما كانوا سابقين "المعنى وأرسلنا رسلا لعاد وثمودا وقد ظهر لكم من بيوتهم وحسن لهم الهوى سيئاتهم فردهم عن الدين وكانوا مستنيرين وقارون وفرعون وهامان ولقد أتاهم موسى (ص)بالآيات فأفسدوا فى البلاد وما كانوا منتصرين،يبين الله للناس أنه أرسل الرسل لعاد وثمود فكفروا فكانت النتيجة أنهم هلكوا وقد تبين لكم من مساكنهم والمراد وقد ظهر لكم من بيوتهم وهى بلداتهم القائمة هلاكهم ،وهذا يعنى أن الناس فى عصر النبى (ص)كانوا يعرفون مكان بلاد عاد وثمود الخربة ،ويبين لهم أنهم قد ظهر لهم أن الشيطان وهو الهوى الضال زين لهم أعمالهم والمراد حسن لهم سيئاتهم مصداق لقوله بسورة فاطر"زين له سوء عمله "فكانت نتيجة تحسين السوء أن صدهم عن السبيل والمراد أن أبعدهم عن طاعة حكم الله وفسر هذا بأنهم كانوا مستبصرين أى عالمين بالحق وهو النور ولم يعملوا به ومثلهم قارون وفرعون وهامان هلكوا والسبب أن موسى (ص)جاءهم بالبينات والمراد أتاهم بالآيات فاستكبروا فى الأرض والمراد فأفسدوا فى البلاد وفسر الله هلاكهم بأنهم ما كانوا سابقين أى "فما هم بمعجزين"كما قال بسورة النحل والمراد أنهم ما كانوا مانعين لعذاب الله والخطاب وما بعده للناس على لسان النبى(ص).

"فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"المعنى فكلا أهلكنا بكفره فمنهم من بعثنا عليه حجارة ومنهم من أهلكته الصيحة ومنهم من زلزلنا به اليابس ومنهم من أغرقنا وما كان الرب لينقصهم ولكن كانوا أنفسهم يهلكون،يبين الله أن كل الأقوام الكفار أخذهم الله بذنبهم والمراد أهلكهم الله بسبب كفرهم مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا والمراد ومنهم من بعثنا عليه حجارة أى "رجزا من السماء"كما قال بسورة العنكبوت وهم قوم لوط(ص)ومنهم من أخذته الصيحة وهى الرياح الشديدة وهم عاد ومنهم من خسفنا به الأرض والمراد ومنهم من زلزلنا به اليابس وهو قارون ومنهم من أغرقنا أى أهلكنا فى الماء وهو فرعون وهامان ،ويبين أنه ما كان ليظلمهم أى لينقصهم حقا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أى يهلكون بعملهم الكفر .

"مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون "المعنى شبه الذين عبدوا من سوى الله أربابا كشبه العنكبوت صنعت مسكنا وإن أضعف المساكن لمسكن العنكبوت لو كانوا يعرفون ،يبين الله أن مثل وهو شبه الذين اتخذوا من دون الله أولياء أى "اتخذوا من دون الله آلهة "كما قالوا بسورة يس وهم الذين عبدوا من سوى الرب أربابا كمثل أى كشبه العنكبوت اتخذت بيتا أى صنعت مسكنا وإن أوهن البيوت والمراد وإن أضعف المساكن لمسكن العنكبوت لو كانوا يعلمون أى يفهمون وأصل المثل هو الكفار يشبهون العنكبوت والأولياء وهم الآلهة المزعومة هم البيت الواهن وكما أن بيت العنكبوت لا يحميه من أذى المخلوقات الأخرى فإن الآلهة المزعومة لا تحمى الكفار من أذى الله والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).

"إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شىء وهو العزيز الحكيم "المعنى إن الرب يعرف الذى تعبدون من سواه ليس إله وهو الغالب القاضى بالحق ،يبين الله أنه يعلم أى يعرف أن الكفار لا يدعون من دونه من شىء والمراد لا يتبعون من غيره من إله أى شريك مصداق لقوله بسورة يونس"وما يتبع الذين يدعون من دونه الله من شركاء "والله هو العزيز الحكيم أى الغالب على أمره القاضى بالعدل .

"وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون"المعنى وتلك الأحكام نبينها للخلق وما يفهمها إلا العاقلون ،يبين الله أن الأمثال وهى الأحكام يضربها للناس والمراد يبينها للخلق وما يعقلها إلا العالمون والمراد وما يفهمها سوى العاقلون الذين يعملون بها والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"خلق الله السموات والأرض بالحق إن فى ذلك لآية للمؤمنين "المعنى أبدع الرب السموات والأرض للعدل إن فى الخلق لبرهان للمصدقين ،يبين الله أن الله خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام والسبب بالحق أى للعدل أى لينفذ فيها حكم الله وهو العدل وفى ذلك وهو الخلق آية للمؤمنين والمراد برهان على وجوب عبادة الله وحده للمصدقين بحكم الله .

"اتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون "المعنى أطع الذى ألقى لك من الوحى أى اتبع الدين إن الدين يحرم السوء أى الكفر ولطاعة الرب أفضل والرب يعرف ما تفعلون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتلوا ما أوحى إليه من الكتاب والمراد أن يتبع الذى ألقى له من القرآن وبيانه وهو الوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"اتبع ما أوحى إليك من ربك "وفسر هذا بأن يقيم الصلاة أى يطيع الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وهو الإسلام ،ويبين له أن الصلاة وهى الدين أى الإسلام تنهى عن الفحشاء أى المنكر والمراد يحرم الكفر أى الظلم ويبين له أن ذكر الله أكبر والمراد أن أجر طاعة حكم الرب أفضل من النار مصداق لقوله بسورة النحل"ولأجر الآخرة أكبر "ويبين له أن الله يعلم ما تصنعون والمراد أن الرب يدرى الذى تفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"إن الله يعلم ما تفعلون "والخطاب حتى الله للنبى(ص)وما بعده للناس ويبدو أنه جزء من آية أخرى حذف بعضها .

"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون "المعنى ولا تحاوروا أصحاب الوحى السابق إلا بالتى هى أفضل إلا الذين كفروا منهم وقولوا صدقنا بالذى أوحى إليكم وأوحى إلينا وربنا وربكم واحد ونحن له مطيعون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن والمراد ألا يناقشوا أصحاب الوحى السابق إلا بالتى هى أعدل وهى القرآن ما عدا الذين ظلموا أى كفروا منهم والسبب أن النقاش لن يفيدهم لأنهم لن يؤمنوا أبدا ،ويطلب منهم أن يقولوا لأهل الكتاب :آمنا بالذى أنزل إليكم والذى أنزل إلينا والمراد صدقنا بالذى أوحى لكم والذى أوحى لنا وهذا يعنى وجوب تصديقنا بالوحى كله،وإلهكم وإلهنا واحد أى "وهو ربنا وربكم "كما قال بسورة البقرة والمراد وخالقنا وخالقكم واحد لا شريك له ونحن له مسلمون أى مطيعون لحكمه أى مخلصون مصداق لقوله بسورة البقرة "ونحن له مخلصون "والخطاب للمؤمنين.

"وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين أتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون"المعنى وهكذا أوحينا لك الوحى فالذين أعطيناهم الوحى يصدقون به ومن هؤلاء من يصدق به وما يكفر بأحكامنا إلا الظالمون،يبين الله لنبيه (ص)كذلك أى بتلك الطريقة وهى الإبلاغ أنزل الله إليه الكتاب والمراد أوحى له القرآن وبيانه وهو الوحى،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب وهم الذين أعطاهم الوحى السابق يؤمنون به أى يصدقون بالقرآن ومن هؤلاء والمراد ومن الناس الذين لا علم لهم بالوحى السابق من يؤمن أى يصدق بالقرآن ويبين له أن ما يجحد بآيات الله إلا الكافرون والمراد أن ما يكذب بأحكام الرب سوى الظالمون مصداق لقوله بسورة العنكبوت"وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "وهم الفاسقون والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون "المعنى وما كنت تقرأ من قبله من صحيفة ولا تكتبها بيدك إذا لشك المكذبون،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما كان يفعل التالى :يتلوا من كتاب من قبله والمراد ما كان يقرأ صحيفة من قبل القرآن ولا يخطه بيمينه والمراد ولا يكتب كتاب بيده ويبين له أنه لو كان يقرأ الصحف ويكتبها قبل نزول القرآن لأصبح لدى المبطلين وهم المكذبين سبب يجعلهم يرتابون أى يشكون فى صحة القرآن ولكنهم يعرفون أنه من عند الله

"بل هو آيات بينات فى صدور الذين
أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "المعنى إنه هو أحكام واضحات فى نفوس الذين أعطوا الوحى وما يكذب بأحكامنا إلا الكافرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن القرآن هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم والمراد أن القرآن هو أحكام مفهومات فى عقول الذين أعطوا الوحى وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون والمراد وما يكفر بأحكامنا إلا الكافرون مصداق لقوله بنفس السورة "وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون "  .

"وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله إنما أنا نذير مبين "المعنى وقالوا هلا أتت له معجزات من خالقه قل إنما المعجزات لدى الرب إنما أنا مبلغ أمين ،يبين الله لنبيه أن الكفار قالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه والمراد هلا أتت له معجزات من إلهه وهذا يعنى أنهم يطلبون معجزات ليصدقوا به ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما الآيات وهى المعجزات عند أى من عند الله وليس بأمر النبى(ص)إنما أنا نذير مبين أى مبلغ أمين والمراد "ناصح  أمين"كما قال بسورة الأعراف .

"أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون "المعنى هل لم يفهمهم أنا أوحينا لك الوحى يبلغ لهم إن فى ذلك لنفع أى فائدة لناس يصدقون ،يسأل الله نبيه(ص)أو لم يكفهم والمراد هل لم يجعلهم يعقلون أنا أنزلنا الكتاب أى "أوحينا إليك قرآنا عربيا"كما قال بسورة الشورى يتلى عليهم أى يقرأ لهم أى يبلغ لهم والغرض من السؤال إخباره بكفرهم بالكتاب الذى نزوله دليل كافى على صحته،إن فى ذلك وهو إبلاغ الوحى لرحمة أى ذكرى نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون به وهم العابدون لله مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وذكرى للعابدين ".

"قل كفى بالله بينى وبينكم شهيدا يعلم ما فى السموات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون "المعنى قل حسبى الله بينى وبينكم حاكما يعرف الذى فى السموات والأرض والذين صدقوا بالكذب أى كذبوا بحكم الله أولئك هم المعذبون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :كفى بالله بينى وبينكم شهيدا والمراد حسبى الله بينى وبينكم قاضيا وهذا يعنى أنه يفصل بين الكل بالعدل ،يعلم أى يعرف الذى فى السموات والأرض،والذين آمنوا بالباطل أى والذين صدقوا بالجبت أى الطاغوت وهو الكفر مصداق النساء"يؤمنون بالجبت والطاغوت"وفسر هذا بأنهم كفروا بالله أى كذبوا بنعمة وهى حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"وبنعمة الله هم يكفرون"أولئك هم الخاسرون أى المعذبون أى "أصحاب الجحيم "كما قال بسورة الحديد والخطاب وما قبله وما قبله وما قبله وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون "ويطالبونك بالعقاب ولولا ميقات محدد لأتاهم العقاب وليجيئنهم فجأة وهم لا يعلمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستعجلونه بالعذاب أى يطالبونه بنزول السيئة وهى العقاب الإلهى عليهم،ويبين له أن لولا أجل مسمى والمراد بسبب موعد محدد من قبل لجاءهم العذاب والمراد لأتاهم العقاب ويبين له أنه سوف يأتيهم بغتة أى يجيئهم فجأة وهم لا يشعرون أى لا يعلمون بوقت نزوله وهذا يعنى أن الموعد غير معروف لأحد منهم

"يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون"المعنى يطالبونك بالعقاب وإن النار لحافة بالمكذبين يوم يأتيهم الألم من أعلاهم ومن أسفل أقدامهم ويقول ادخلوا بما كنتم تفعلون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستعجلونه بالعذاب والمراد يطالبونه بنزول العقاب وهو السيئة عليهم مصداق لقوله بسورة الرعد"ويستعجلونك بالسيئة "ويبين له أن جهنم وهى النار محيطة بالكافرين أى سورها وهو سرداقها حاف بالظالمين مصداق لقوله بسورة الكهف"إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها "ويكون ذلك يوم يغشاهم العذاب من فوقهم والمراد يوم يصيبهم الظلل وهى النيران من أعلاهم ومن تحت أرجلهم والمراد ومن أسفل أقدامهم مصداق لقوله بسورة الزمر"لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل"ويقال لهم ذوقوا ما كنتم تعملون أى ادخلوا عقاب الذى كنتم تفعلون .

"يا عبادى الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإياى فاعبدون "المعنى يا خلقى الذين صدقوا إن بلادى كثيرة فإياى فأطيعون ،ينادى الله عباده الذين آمنوا وهم خلقه الذين صدقوا حكم الله فيقول إن أرضى واسعة والمراد إن بلادى رحيبة فهاجروا فيها مصداق لقوله بسورة النساء"ألم تكن أرضى واسعة فتهاجروا فيها"فإياى فاعبدون أى"وإياى فارهبون"كما قال بسورة البقرة والمراد وإياى فأطيعوا حكمى والخطاب للناس.

"كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا يرجعون "المعنى كل فرد عارف الوفاة ثم إلينا يعودون ،يبين الله للناس مسلمهم وكافرهم أن كل نفس ذائقة الموت والمراد أن كل فرد مصاب بالوفاة ثم إلينا يرجعون أى يحشرون مصداق لقوله بسورة الملك"وإليه يحشرون"والمراد يعودون لجزاء الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبؤنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لندخلنهم فى الحديقة مساكنا تسير من أسفلها العيون مقيمين فيها حسن ثواب المطيعين الذين أطاعوا أى بطاعة حكم خالقهم يحتمون من العذاب ،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات سوف يبوئهم من الجنة غرفا والمراد سوف يسكنهم فى الحديقة قصورا أى مساكنا طيبة مصداق لقوله بسورة الصف"ومساكن طيبة فى جنات عدن"تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى مقيمين فيها دوما ونعم أجر العاملين والمراد وحسنت دار المتقين مصداق لقوله بسورة النحل"ولنعم دار المتقين "وهم الذين صبروا أى أطاعوا حكم الله وفسرهم بأنهم على ربهم يتوكلون أى بطاعة حكم خالقهم يحتمون من عذابه .

"وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم "المعنى وكم من مخلوق لا يرفع نفعه الله ينفعه وإياكم وهو الخبير المحيط ،يبين الله أن العديد من الدواب وهم كل المخلوقات لا تحمل رزقها أى لا تقدر على نفع نفسها والله يرزقها والمراد والله ينفعها وإياكم وهو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء والخطاب للناس.

"ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون"المعنى ولئن استخبرتهم من أبدع السموات والأرض وخلق الشمس والقمر ليجيبن الله فأنى يصرفون ؟يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا سأل أى استخبر الكفار فقال:من خلق أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وسخر أى وخلق الشمس والقمر فإنهم يقولون الله هو الخالق المسخر،ويسأل الله فأنى يؤفكون أى يصرفون أى فكيف يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"فأنى تصرفون"والغرض من السؤال إخبارنا أن القوم يكذبون الوحى رغم اعترافهم بأنه خالق كل شىء والخطاب للنبى(ص).

"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له إن الله بكل شىء عليم "المعنى الرب يكثر العطاء لمن يريد ويقلل له إن الرب بكل أمر خبير ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يبسط الرزق لمن يشاء والمراد أن الرب يكثر العطاء لمن يريد من الخلق ويقدر له أى ويقلل العطاء لمن يريد والله بكل شىء عليم والمراد والرب بكل أمر خبير محيط مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون "المعنى ولئن استخبرتهم من أسقط من السحاب مطرا فبعث به اليابس بعد جدبه ليقولن الرب قل الطاعة لله إن أغلبهم لا يفهمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو سأل أى استفهم الكفار فقال من نزل من السماء ماء والمراد من أسقط من السحاب غيثا أى رزقا مصداق لقوله بسورة الجاثية "وما أنزل الله من رزق "فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث الأرض حية بعد هلاكها وهو جدبها ؟فسوف يجيبون الله هو المنزل المحيى ويطلب منه أن يقول الحمد أى الطاعة لحكم الرب واجبة والمراد الأمر لله مصداق لقوله بسورة الرعد "لله الأمر"ويبين له أن أكثرهم لا يعقلون والمراد أن معظمهم لا يشكرون أى لا يطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون"الله.

"وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون "المعنى وما هذه المعيشة الأولى إلا شغل أى عبث وإن الدار الباقية لهى الحياة لو كانوا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا ما الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى إلا لهو أى لعب والمراد انشغال بالمتع  حراما وحلالا ،ويبين له أن الدار الآخرة وهى جنة القيامة هى الحيوان أى المعيشة الحقيقية أى الخير الدائم مصداق لقوله بسورة الأنعام"والدار الآخرة خير للذين يتقون "وهذا لو كان الناس يعلمون أى يفقهون أى يفهمون فيطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة التوبة "ولو كانوا يفقهون "والقول مكون من جزئين وهو قول الكفار ما الحياة ..ولعب وأوله محذوف وما بعده للنبى(ص)

"فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما أتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون"المعنى فإذا استووا فى السفن نادوا الرب مقرين له بالحكم فلما أخرجهم إلى اليابس إذا هم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم أى ليتلذذوا فسوف يعرفون من الهالك،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا ركبوا فى الفلك والمراد استووا أى كانوا فى السفن فى البحر وهاج عليهم موج البحر دعوا الله مخلصين له الدين والمراد نادوا الرب معترفين له بالحكم وحده وهذا يعنى أنهم لا يجدون أحد يطالبونه بالإنقاذ سوى الله وحده فإذا استجاب الله لهم فنجاهم إلى البر والمراد فأخرجهم من البحر إلى اليابس سالمين كانت النتيجة أنهم يشركون أى يبغون فى الأرض بغير الحق مصداق لقوله بسورة يونس"فلما أنجاهم إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق"والمراد يكفرون وهذا الشرك سببه أنهم يكفروا بما أتاهم الله والمراد أنهم يكذبوا بما أنزل الله لهم من الوحى وفسر هذا بأنهم يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف يعلمون أى يعرفون من المعاقب فى الدنيا والآخرة والقول خطاب للنبى(ص)وأوله محذوف

"أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون "المعنى هل لم يعلموا أنا وضعنا بيتا ممنوعا ويؤذى الخلق من حولهم ؟أفبالكفر يصدقون وبحكم الرب يكذبون؟ يسأل الله أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم والمراد ألم يدروا أنا خلقنا مكانا ممنوعا الأذى فيه ويضر الخلق فى البلاد من بعد المكان الممنوع؟والغرض من السؤال إخبار الكفار والناس أن مكة مكان آمن أى ممنوع فيه الأذى لسرعة انتقام الله من المؤذى المقرر الأذى قبل أن يفعله فى الحرم وأما البلاد المحيطة به وهى كل بلاد الأرض فالأذى موجود فيها وهو رد على قول الكفار "إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا"كما قالوا بسورة القصص ومن ثم فالتخطف وهو الأذى ليس حجة فى عدم الإيمان لحياتهم فى المكان الآمن ،ويسأل الله أفبالباطل يؤمنون أى هل "يؤمنون بالجبت والطاغوت"كما قال بسورة النساء والمراد أيصدقون بالكفر وبنعمة وهى آيات الله يكفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"يكفرون بآيات الله "؟والغرض من السؤال إخباره أن الكفار يؤمنون بالكفر ويكذبون بالحق والخطاب وما بعده للنبى(ص)

"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس فى جهنم مثوى للكافرين "المعنى ومن أضل ممن نسب إلى الرب كفرا أو كفر بالعدل لما أتاه أليس فى النار مقام للمكذبين؟،يبين الله أن الأظلم وهو الضال مصداق لقوله بسورة القصص"ومن أضل"التى تفسر "من أظلم "هو من افترى على الله كذبا والمراد الذى  قال على الله زورا وهو من اخترع دين ثم نسبه لله وفسره بأنه كذب بالحق لما جاءه أى كفر بالعدل لما بلغه من الله عن طريق الرسل (ص)ويسأل الله أليس فى جهنم مثوى للكافرين والمراد أليس فى النار مأوى للمتكبرين مصداق لقوله بسورة السجدة "فمأواهم النار "وقوله بسورة الزمر"أليس فى جهنم مثوى للمتكبرين "وهذا يعنى أن مقام الكفار هو النار .

"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين "المعنى والذين أطاعونا لندخلنهم جناتنا أى إن الرب لناصر الصابرين ،يبين الله أن الذين جاهدوا فى الله وهم الذين أطاعوا حكم الله يهديهم الله سبله والمراد يعطيهم طرق السلام وهى متع الجنة مصداق لقوله بسورة المائدة "يهدى الله من اتبع رضوانه سبل السلام "وفسر الله هذا بأنه مع المحسنين أى ناصر أى راحم الصابرين وهم المطيعين لحكمه مصداق لقوله بسورة البقرة "إن الله مع الصابرين "والخطاب للنبى(ص)

 


                            سورة العنكبوت

سميت بهذا الاسم لذكر بيت العنكبوت فيها فى قوله "وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت "

"بسم الله الرحمن الرحيم ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين "المعنى إن حكم الرب النافع المفيد هو العدل،أظن الخلق أن يدعوا أن يقولوا صدقنا وهم لا يبتلون ولقد ابتلينا الذين من قبلهم فليعرفن الرب الذين صدقوا وليعرفن الكافرين ،يبين الله لنا أن اسمه أى حكمه وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد هو ألم أى العدل ،ويسأل الله أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون والمراد هل اعتقد البشر أن يذروا أن يقولوا صدقنا الوحى وهم لا يبتلون؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الله يفتن أى يختبر الناس بالضرر والخير مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ونبلوكم بالخير والشر فتنة"إذ قالوا آمنا أى صدقنا بوحى الله ولا يتركهم أى ولا يدعهم يؤمنون فى سلام ،ويبين لنا أنه فتن الذين من قبلهم والمراد أن الله اختبر الناس الذين عاشوا من قبلهم ويبين لنا أنه يعلم الذين صدقوا أى آمنوا بحكم الله ويعلم الكاذبين وهم الكافرين مصداق لقوله بنفس السورة "وليعلمن الذين آمنوا" والخطاب وما بعده للمؤمنين.

"أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون"المعنى هل ظن الذين يفعلون الخطايا أن يقهرونا ؟ قبح ما يقولون،يسأل الله أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا والمراد هل اعتقد الذين يصنعون الذنوب أن يغلبونا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن صانعى الخطايا وهى الكفر لا يسبقوا الله أى لا يقهروا الله والمراد لا يمنعوا عن أنفسهم عذاب الله،ويبين لنا أنهم ساء ما يحكمون والمراد قبح الذى يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "إنهم ساء ما كانوا يعملون ".

"من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم "المعنى من كان يريد ثواب الرب فإن ثواب الرب لقادم وهو الخبير المحيط،يبين الله أن من كان يرجو لقاء الله وهو من كان يريد رحمة الرب مصداق لقوله بسورة الزمر"يرجو رحمة الله"فإن أجل الله لآت والمراد فإن وعد أى رحمة الرب لقادمة أى لواقعة مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ما توعدون لآت"والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء .

"ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغنى عن العالمين "المعنى ومن شكر فإنما يشكر لمنفعته إن الرب لعال على الخلق،يبين الله أن من جاهد أى أطاع حكم الله أى شكر الله فإنما يجاهد لنفسه والمراد فإنما يطيعه لمصلحته أى فإنما يشكر الله لمنفعته مصداق لقوله بسورة النمل"من شكر فإنما يشكر لنفسه"ويبين لنا أنه غنى عن العالمين أى عال على الخلق والمراد غير محتاج للخلق فى أى شىء والخطاب للناس هو وما قبله .

"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذى كانوا يعملون "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لنمحون عنهم ذنوبهم ولنعطينهم ثواب أفضل الذى كانوا يفعلون،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى فعلوا الحسنات يكفر الله عنهم سيئاتهم والمراد يزيل الله عنهم خطاياهم ويجزيهم أحسن ما كانوا يعملون والمراد ويعطيهم أجرهم بأصلح ما كانوا يفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون "وهذا يعنى أنه يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده للناس.

"ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلى مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون "المعنى وأمرنا المرء بأبويه معروفا وإن أغوياك لتعبد معى الذى ليس لك فيه وحى فلا تتبعهما إلى معادكم فأخبركم بالذى كنتم تفعلون ،يبين الله أنه وصى الإنسان بوالديه حسنا والمراد أنه أمر الفرد بأبويه عدلا وهذا يعنى أن يعاملهما بالمعروف مصداق لقوله بسورة لقمان "وصاحبهما فى الدنيا معروفا "ويبين للفرد أن الأبوين إن جاهداه والمراد خدعاه والمراد أمراه أن يشرك بالله والمراد أن يعبد مع الرب ربا أخر ليس له به علم والمراد ليس له فى إباحة عبادة الرب المزعوم وحى من عند الله فالواجب هو ألا يطعهما أى ألا يتبع كلامهما،ويبين للناس أنه إليه مرجعهم وهو عودتهم لجزاء الله فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيبين لهم ما كانوا يفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النحل"وليبينن لكم يوم القيامة "وهذا يعنى أنه يعطى كل واحد كتاب عمله فيرى فيه كل عمله فى الدنيا .

"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم فى الصالحين "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لنسكننهم مع المحسنين،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات يدخلهم مع الصالحين والمراد يسكنهم فى رحمته وهى جنته مع المسلمين السابقين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وأدخلناهم فى رحمتنا إنهم من الصالحين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذى فى الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما فى صدور العالمين "المعنى ومن الخلق من يقول صدقنا فإذا عذب فى الرب جعل ضرر الخلق كضرر الرب ولئن أتى نفع من إلهك ليقولن إنا كنا ناصريكم ،أليس الرب أدرى بالذى فى نفوس الخلق؟يبين الله لنبيه(ص) أن من الناس وهم الخلق من يقول آمنا أى صدقنا حكم الله ،فإذا أوذى فى الله والمراد فإذا أصيب بضرر من أجل نصر دين الله جعل فتنة الناس كعذاب الله والمراد ساوى أذى الخلق بأذى الرب الدائم ،وهم إن جاء نصر من الرب والمراد وهم إن أتى نفع من الله قالوا للمسلمين:إنا كنا معكم أى ناصرين لكم فأعطونا من نفع الله الذى أعطاكم ،ويسأل الله أو ليس بأعلم بما فى صدور العالمين أى أليس الله بأعرف بالذى فى نفوس الخلق مصداق لقوله بسورة الإسراء"ربكم أعلم بما فى نفوسكم "؟والغرض من السؤال هو إخبار المنافقين بعلم الله بالذى يخفونه فى نفوسهم وسيحاسبهم عليه والخطاب للنبى(ص)وما بعده.

"وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين "المعنى وليعرفن الرب الذين صدقوا وليعرفن المذبذبين،يبين الله لنبيه(ص)أنه يعلم أى يعرف الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله ويعلم المنافقين أى ويعرف المذبذبين بين الكفر والإسلام ويفسره قوله بنفس السورة "وليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ".

"وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شىء إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون"المعنى وقال الذين كذبوا للذين صدقوا أطيعوا ديننا ولنأخذن عقاب سيئاتكم وما هم بآخذين من عقاب سيئاتهم من بعض إنهم لمفترون وليعلمن خطاياهم وخطايا مع خطاياهم وليعاقبون يوم البعث عما كانوا يزعمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا للذين آمنوا أى صدقوا حكم الله:اتبعوا سبيلنا أى أطيعوا حكمنا والمراد اعتنقوا ديننا ولنحمل خطاياكم والمراد ولنأخذ عقاب سيئاتكم إن كان هناك عقاب لها ،وهذا يعنى أنهم يطلبون من المسلمين اتباع حكمهم وسوف يتحملون عقاب الذنوب التى يرتكبها المسلمون بعد كفرهم ،ويبين الله له أنهم ما هم بحاملين من خطاياهم من شىء والمراد أنهم ما هم بآخذين من سيئاتهم من عقاب والمراد أن لا أحد يتحمل عقاب ذنوب أحد عند الله مصداق لقوله بسورة الإسراء"ولا تزر وازرة وزر أخرى "ويبين له أنهم يحملون أثقالهم والمراد يعلمون بذنوبهم وهى أوازرهم وأثقالا مع أثقالهم والمراد ويعلمون ذنوب مع ذنوبهم  وهى أوزار مع أوزارهم فالحمل هو العلم مصداق لقوله بسورة الجمعة "مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها "فالمعنى مثل الذين علموا التوراة ثم لم يعملوا بها، وهذا يعنى أنهم سوف يعرفون بأوزار أنفسهم والكافرين معهم مصداق لقوله بسورة النحل"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم " ويبين له أنهم يسألون عما كانوا يفترون والمراد يعاقبون عن الذى كانوا يعملون مصداق لقوله بسورة النحل"ولتسئلن عما كنتم تعملون"والخطاب للنبى(ص)وما بعده .

"ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين "المعنى ولقد بعثنا نوحا(ص)إلى شعبه فبقى فيهم ألف عام إلا خمسين سنة فأهلكهم الماء وهم كافرون فأنقذناه وركاب الفلك وجعلناها عبرة للخلق،يبين الله أنه أرسل أى بعث نوح(ص)إلى قومه وهم شعبه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما والمراد بقى معهم يدعوهم للإسلام تسعمائة وخمسين سنة فأخذهم الطوفان والمراد فأغرقهم الماء وهم ظالمون أى مكذبون بآياتنا وأنجيناه وأصحاب السفينة والمراد وأنقذناه ومن معه فى الفلك مصداق لقوله بسورة يونس"فنجيناه ومن معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا"وقد جعلها الله آية للعالمين والمراد وقد جعل الله قوم نوح(ص)عبرة للناس يعتبرون بما حدث لهم مصداق لقوله بسورة الفرقان"وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية".

"وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"المعنى وأرسلنا إبراهيم (ص)وقت قال لشعبه أطيعوا الرب أى اتبعوه ذلكم أفضل لكم إن كنتم تعقلون ،يبين الله أنه أرسل إبراهيم (ص)لقومه وهم شعبه فقال لهم اعبدوا الله أى اتقوه والمراد أطيعوا حكم الله أى اشكروه مصداق لقوله بسرة العنكبوت"واعبدوه واشكروا له"ذلكم وهو الطاعة لحكمه الله خير لكم أى أحسن أجرا لكم إن كنتم تعلمون أى تعقلون مصلحتكم والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.

"إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون"المعنى إنما تطيعون من سوى الرب أصناما أى تطيعون افتراء ،إن الذين تدعون من سوى الرب لا يعطون لكم نفعا فاطلبوا من الله النفع وأطيعوه أى اتبعوا حكمه إليه تعودون،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال لقومه:إنما تعبدون من دون الله أوثانا أى إن الذى تدعون من سوى الله أصناما مصداق لقوله بسورة النحل"والذين تدعون من دون الله "وفسر هذا بأنهم يخلقون إفكا أى يفترون كذبا وهو أن الأصنام آلهة والمراد يطيعون الباطل الذى اخترعوه مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة "إن الذين تعبدون أى تدعون أى تطيعون من دون أى من سوى الله لا يملكون لكم رزقا أى لا يعطون لكم نفعا وهذا يعنى آلهتهم لا تنفعهم ،فابتغوا عند الله الرزق والمراد فاطلبوا من الله العطاء وهو النافع لأنه الرازق واعبدوه أى اشكروا له والمراد فأطيعوا حكم الله إليه ترجعون أى إلى جزاء الله تعودون بعد الموت أى "إليه تقلبون"كما قال بنفس السورة .

"وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين "المعنى وإن تكفروا فقد كفرت جماعات من قبلكم وما على المبعوث إلا التوصيل السليم للوحى،يبين الله للناس:إنهم إن يكذبوا فقد كذب أمم من قبلهم والمراد "إن يكفروا"كما قال بسورة الزمر فقد كفرت جماعات ممن سبقكم وهذا يعنى أنهم يفعلون مثل كل الأمم السابقة وهو الكفر عدا قوم يونس(ص)وقال وما على الرسول إلا البلاغ المبين وما على النبى إلا التذكير الأمين وهذا يعنى أن مهمة النبى (ص)هى توصيل الوحى للناس كما نزل له بالضبط والخطاب للناس.

"ألم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير"المعنى ألم يعرفوا كيف يخلق الرب المخلوق ثم يرجعه إن ذلك على الرب هين ،يسأل الله :ألم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده والمراد ألم يعلموا كيف يحيى الرب المخلوق ثم يبعثه مرة أخرى ؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الناس عرفوا قدرة الله على الإحياء والبعث وذلك وهو الإحياء والبعث على الله يسير أى سهل أى هين مصداق لقوله بسورة مريم"هو على هين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير "المعنى قل سافروا فى البلاد فاعلموا كيف استهل الإنشاء ثم الله يبدع المرة الأخرى إن الرب لكل أمر يريده فاعل،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس سيروا فى الأرض والمراد امشوا فى البلاد فانظروا أى فاعلموا التالى كيف بدأ الخلق والمراد كيف أبدع الله المخلوق أول مرة من خلال مشاهدتكم لخلق الله للأشياء ثم الله ينشىء النشأة الآخرة والمراد ثم الرب يخلق المرة القادمة وهذا يعنى أن الله يعيد الخلق مرة ثانية بعد الموت ،إن الله على كل شىء قدير والمراد إن الرب لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد".

"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون وما أنتم بمعجزين فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير"المعنى يعاقب من يريد وينعم على من يريد وإليه ترجعون وما أنتم بغالبين فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من سوى الله من واق أى منقذ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :الله يعذب من يشاء ويرحم من يشاء والمراد الله يضل أى يعاقب من يريد وهو الكافر وينعم أى يهدى من يريد وهو المنيب له مصداق لقوله بسورة الرعد"الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب"وفسر هذا بقوله وإليه تقلبون والمراد وإلى جزاء الله ترجعون بعد الموت وما أنتم بمعجزين والمراد ولستم بقاهرين لعقاب الله أى بمانعين للعذاب فى الأرض ولا فى السماء وما لكم من دون الله من ولى أى نصير أى واق أى مانع من العذاب مصداق لقوله بسورة الرعد"ما لكم من الله من ولى ولا واق"والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمته وأولئك لهم عذاب أليم"المعنى والذين كذبوا بأحكام الرب وحسابه أولئك قنطوا من نفعى وأولئك لهم عقاب شديد،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول والذين كفروا بآيات الله أى و"الذين كذبوا بآياتنا" كما قال بسورة الأعراف والمراد والذين خالفوا أحكام الرب أولئك يئسوا من رحمته أى قنطوا من نفعه والمراد كذبوا بجنته وأولئك لهم عذاب أليم والمراد"ولهم عذاب عظيم"كما قال بسورة النحل وهذا يعنى أن لهم عقاب شديد عند الله والخطاب للنبى(ص)ونلاحظ قطعا بالآيات السابقة لقصة إبراهيم(ص)ثم عودة له وهو تغيير لمواضع الآيات الأصلى.

"فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون"المعنى فما كان رد شعبه إلا أن قالوا :اذبحوه أى احرقوه فأنقذه الرب من النار إن فى ذلك لعبر لناس يصدقون ،يبين الله أن جواب قومه والمراد أن رد فعل شعبه على دعوته هو أنهم قالوا لبعضهم :اقتلوه أى احرقوه والمراد "فألقوه فى الجحيم "كما قالوا بسورة الصافات وهذا يعنى أن يميتوه بالنار فكانت النتيجة أن أنجاه الله من النار والمراد أن أخرجه الرب من النار سليما مصداق لقوله بسورة الصافات"قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم"وفى ذلك وهو إنقاذ إبراهيم من حرق النار(ص)لآيات لقوم يؤمنون والمراد لبراهين على قدرة الله لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الروم"إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون ".

"وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين "المعنى وقال إنما اخترعتم من سوى الرب أربابا حبا بينكم فى المعيشة الأولى ثم يوم البعث يكذب بعضكم بعضا ويسب بعضكم بعضا ومقامكم الجحيم وما لكم من منقذين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال لشعبه :إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا والمراد إنما اخترعتم من سوى الله أربابا رغبة منكم فى متاع المعيشة الأولى ،وهذا يعنى أن سبب اختراعهم عبادتهم غير الله هو أن يبيحوا لأنفسهم متاع الحياة الأولى ،ثم يوم القيامة وهى البعث يكفر أى يكذب بعضكم بعضا والمراد يتبرأ كل منكم من الأخر ويلعن بعضكم بعضا والمراد ويطلب كل منكم للأخر زيادة العذاب ومأواكم النار والمراد ومقامكم جهنم مصداق لقوله بسورة آل عمران"ثم مأواكم جهنم "وما لكم من ناصرين أى ليس لكم من أولياء ينقذونكم مصداق لقوله بسورة هود"وما لكم من دون الله من أولياء".

"فآمن له لوط وقال إنى مهاجر إلى ربى إنه هو العزيز الحكيم "المعنى فصدق به لوط(ص)وقال إنى منتقل إلى إلهى إنه هو القوى القاضى ،يبين الله أن لوط(ص)آمن أى صدق برسالة إبراهيم (ص)وحده من الرجال وقال إبراهيم (ص)إنى مهاجر إلى ربى والمراد إنى منيب إلى خالقى أى إنى مطيع دين إلهى وحده إنه هو العزيز الحكيم والمراد إنه هو الغالب القاضى بالعدل .

"ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب وأتيناه أجره فى الدنيا وإنه فى الآخرة لمن الصالحين "المعنى وأعطينا له إسحاق(ص)ويعقوب(ص)ووضعنا فى نسله الحكمة أى الوحى وأعطيناه ثوابه فى الأولى وإنه فى القيامة مع المحسنين ،يبين الله  أنه وهب أى أعطى إبراهيم (ص)ابنه إسحاق (ص)ولإسحاق (ص)ابنه يعقوب(ص)وجعل الله فى ذريته النبوة وهى الكتاب والمراد ووضع الرب فى نسل إبراهيم (ص)وهم أولاده الوحى وهو الحكمة مصداق لقوله بسورة النساء"فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة "وأتيناه أجره فى الدنيا والمراد وأعطيناه ثوابه وهو نصره ومنه الإصطفاء فى الأولى وإنه فى الآخرة وهى القيامة لمن الصالحين والمراد مع المحسنين فى الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الآخرة من الصالحين".

"ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين "المعنى وأرسلنا لوطا (ص)حين قال لشعبه إنكم لترتكبون الزنى ما ارتكبه من أحد من الناس أإنكم لتزنون بالرجال وتؤذون فى الطريق وتفعلون فى مجلسكم الحرام فما كان رد شعبه إلا أن قالوا هات لنا عقاب الرب إن كنت من العادلين بقولك ،يبين الله أنه بعث لوطا (ص)إلى قومه فقال لهم  إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين والمراد أترتكبون الزنى بالرجال ما فعلها أحد من قبلكم من الناس ؟وهذا يعنى أن قوم لوط(ص)أول من ناك الرجل منهم الرجل من خلق الله ،أإنكم لتأتون الرجال والمراد أإنكم لتنيكون الذكور وتقطعون السبيل والمراد وتؤذون فى الطريق وهذا يعنى أنهم يؤذون المارة بنيكهم وتأتون فى ناديكم المنكر والمراد وتفعلون فى مجالسكم الفاحشة ؟وهذا يعنى أنهم كانوا ينيكون بعضهم فى البيوت وفى الطريق وفى مجالسهم دون حياء من بعضهم ،فكان جواب قومه وهو رد شعبه عليه هو أنهم قالوا :ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين والمراد جئنا بعقاب الرب الذى وعدتنا إن كنت من المرسلين مصداق لقوله بسورة الشعراء"ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين "وهم العادلين فى قولهم ،وهذا يعنى أنهم يطلبون عقاب الله وليس أن يفقههم دينهم .

"قال رب انصرنى على القوم المفسدين "المعنى قال إلهى ساعدنى على الناس الكافرين،يبين الله أن لوط(ص)دعا الله فقال رب انصرنى على القوم المفسدين والمراد أنقذنى من أذى الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "فانصرنا على القوم الكافرين ".

"ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين "المعنى ولما أتت ملائكتنا إبراهيم (ص)بالخبر قالوا إنا مدمروا سكان هذه البلدة إن سكانها كانوا كافرين ،يبين الله أن الرسل وهم المبعوثين من الملائكة لما جاءت قالت لإبراهيم (ص)البشرى وهى الخبر السار بولادة ابن له قالوا له :إنا مهلكوا أهل هذه القرية والمراد إنا مدمروا شعب هذه البلدة إن أهلها كانوا ظالمين والمراد إن شعبها كانوا مجرمين مصداق لقوله بسورة هود"وكانوا مجرمين "وهذا يعنى أنهم أتوا لتدمير قوم لوط(ص)بسبب ظلمهم وهو كفرهم.

"قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين "المعنى قال إن فى البلدة لوطا(ص)قالوا نحن أدرى بمن فيها لننقذنه وعائلته إلا زوجته كانت من الهالكين ،يبين الله أن إبراهيم (ص)قال للملائكة إن فيها لوطا (ص)والمراد هل ستدمرون لوطا معهم ؟فقالوا نحن أعلم بمن فيها والمراد نحن أعرف بالذين فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين والمراد لننقذنه وعائلته إلا عجوزا أى زوجته كانت من المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"وإن لوطا لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا فى الغابرين "وهذا يعنى أن الله سينقذ لوط (ص)وعائلته من العقاب الذى سينزله بالقوم .

"ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون "المعنى ولما أتت ملائكتنا لوطا (ص)اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا وقالوا لا تخش أى لا تغتم إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من الهالكين إنا مسقطون على سكان هذه البلدة عذابا من السحاب بسبب ما كانوا يكفرون ولقد جعلنا منها عبرة واضحة لناس يفهمون ،يبين الله أن رسل الله وهم مبعوثو الله من الملائكة لما جاءت أى وصلت عند لوط(ص) سىء بهم أى ضاق بهم ذرعا والمراد اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا لمعرفته بعجزه عن حمايتهم لأنه لم يعرف أنهم ملائكة فقالوا له لا تخف أى لا تحزن والمراد لا تخشى أذاهم إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين والمراد إنا منقذوك وعائلتك إلا زوجتك كانت من المعذبين ،وهذا يعنى أنهم يخبرونه أنه لن يصيبه وعائلته العذاب ما عدا زوجته الكافرة ،وقالوا له إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون والمعنى إنا مرسلون على شعب هذه البلدة حجارة من السحاب بما كانوا يمكرون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة الذاريات"لنرسل عليهم حجارة من طين "وقوله بسورة الأنعام"بما كانوا يمكرون"وهذا يعنى أن سبب هلاكهم هو فسقهم وهو كفرهم ،ويبين أنه ترك منها آية بينة لقوم يعقلون والمراد أنه جعلها عظة ظاهرة لناس يفهمون .

"وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الأخر ولا تعثوا فى الأرض مفسدين فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين "المعنى وأرسلنا لمدين صاحبهم شعيبا (ص)فقال أطيعوا حكم الله وابتغوا رحمة يوم القيامة أى لا تسيروا فى البلاد ظالمين فكفروا به فأهلكتهم الصيحة فكانوا فى بلدهم راقدين ،يبين الله أنه أرسل لمدين أخاهم وهو صاحبهم شعيبا (ص)فقال :يا قوم اعبدوا الله أى أطيعوا حكم الرب والمراد"اتقوا الله"كما قال بسورة البقرة ،وارجوا اليوم الآخر والمراد واعملوا ليوم القيامة وفسر هذا بقوله لا تعثوا فى الأرض مفسدين أى لا تبغوا فى البلاد ظالمين أى لا تحكموا فى البلاد بغير الحق مصداق لقوله بسورة الشورى "ويبغون فى الأرض بغير الحق"فكانت النتيجة أن كذبوه أى كفروا برسالته فأخذتهم الرجفة والمراد فأهلكهم عذاب يوم الظلة وهو الصيحة مصداق لقوله بسورة الشعراء"فأخذهم عذاب يوم الظلة "وقوله بسورة هود"وأخذت الذين ظلموا الصيحة "فأصبحوا فى دارهم جاثمين والمراد فكانوا فى بلادهم راقدين أى موتى وما سبق من قصص الخطاب فيه للنبى(ص) ومنه للناس.

"وعادا وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا فى الأرض وما كانوا سابقين "المعنى وأرسلنا رسلا لعاد وثمودا وقد ظهر لكم من بيوتهم وحسن لهم الهوى سيئاتهم فردهم عن الدين وكانوا مستنيرين وقارون وفرعون وهامان ولقد أتاهم موسى (ص)بالآيات فأفسدوا فى البلاد وما كانوا منتصرين،يبين الله للناس أنه أرسل الرسل لعاد وثمود فكفروا فكانت النتيجة أنهم هلكوا وقد تبين لكم من مساكنهم والمراد وقد ظهر لكم من بيوتهم وهى بلداتهم القائمة هلاكهم ،وهذا يعنى أن الناس فى عصر النبى (ص)كانوا يعرفون مكان بلاد عاد وثمود الخربة ،ويبين لهم أنهم قد ظهر لهم أن الشيطان وهو الهوى الضال زين لهم أعمالهم والمراد حسن لهم سيئاتهم مصداق لقوله بسورة فاطر"زين له سوء عمله "فكانت نتيجة تحسين السوء أن صدهم عن السبيل والمراد أن أبعدهم عن طاعة حكم الله وفسر هذا بأنهم كانوا مستبصرين أى عالمين بالحق وهو النور ولم يعملوا به ومثلهم قارون وفرعون وهامان هلكوا والسبب أن موسى (ص)جاءهم بالبينات والمراد أتاهم بالآيات فاستكبروا فى الأرض والمراد فأفسدوا فى البلاد وفسر الله هلاكهم بأنهم ما كانوا سابقين أى "فما هم بمعجزين"كما قال بسورة النحل والمراد أنهم ما كانوا مانعين لعذاب الله والخطاب وما بعده للناس على لسان النبى(ص).

"فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"المعنى فكلا أهلكنا بكفره فمنهم من بعثنا عليه حجارة ومنهم من أهلكته الصيحة ومنهم من زلزلنا به اليابس ومنهم من أغرقنا وما كان الرب لينقصهم ولكن كانوا أنفسهم يهلكون،يبين الله أن كل الأقوام الكفار أخذهم الله بذنبهم والمراد أهلكهم الله بسبب كفرهم مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا والمراد ومنهم من بعثنا عليه حجارة أى "رجزا من السماء"كما قال بسورة العنكبوت وهم قوم لوط(ص)ومنهم من أخذته الصيحة وهى الرياح الشديدة وهم عاد ومنهم من خسفنا به الأرض والمراد ومنهم من زلزلنا به اليابس وهو قارون ومنهم من أغرقنا أى أهلكنا فى الماء وهو فرعون وهامان ،ويبين أنه ما كان ليظلمهم أى لينقصهم حقا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون أى يهلكون بعملهم الكفر .

"مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون "المعنى شبه الذين عبدوا من سوى الله أربابا كشبه العنكبوت صنعت مسكنا وإن أضعف المساكن لمسكن العنكبوت لو كانوا يعرفون ،يبين الله أن مثل وهو شبه الذين اتخذوا من دون الله أولياء أى "اتخذوا من دون الله آلهة "كما قالوا بسورة يس وهم الذين عبدوا من سوى الرب أربابا كمثل أى كشبه العنكبوت اتخذت بيتا أى صنعت مسكنا وإن أوهن البيوت والمراد وإن أضعف المساكن لمسكن العنكبوت لو كانوا يعلمون أى يفهمون وأصل المثل هو الكفار يشبهون العنكبوت والأولياء وهم الآلهة المزعومة هم البيت الواهن وكما أن بيت العنكبوت لا يحميه من أذى المخلوقات الأخرى فإن الآلهة المزعومة لا تحمى الكفار من أذى الله والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص) .

"إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شىء وهو العزيز الحكيم "المعنى إن الرب يعرف الذى تعبدون من سواه ليس إله وهو الغالب القاضى بالحق ،يبين الله أنه يعلم أى يعرف أن الكفار لا يدعون من دونه من شىء والمراد لا يتبعون من غيره من إله أى شريك مصداق لقوله بسورة يونس"وما يتبع الذين يدعون من دونه الله من شركاء " والله هو العزيز الحكيم أى الغالب على أمره القاضى بالعدل .

"وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون" المعنى وتلك الأحكام نبينها للخلق وما يفهمها إلا العاقلون ،يبين الله أن الأمثال وهى الأحكام يضربها للناس والمراد يبينها للخلق وما يعقلها إلا العالمون والمراد وما يفهمها سوى العاقلون الذين يعملون بها والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"خلق الله السموات والأرض بالحق إن فى ذلك لآية للمؤمنين "المعنى أبدع الرب السموات والأرض للعدل إن فى الخلق لبرهان للمصدقين ،يبين الله أن الله خلق أى أنشأ أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام والسبب بالحق أى للعدل أى لينفذ فيها حكم الله وهو العدل وفى ذلك وهو الخلق آية للمؤمنين والمراد برهان على وجوب عبادة الله وحده للمصدقين بحكم الله .

"اتل ما أوحى إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون "المعنى أطع الذى ألقى لك من الوحى أى اتبع الدين إن الدين يحرم السوء أى الكفر ولطاعة الرب أفضل والرب يعرف ما تفعلون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يتلوا ما أوحى إليه من الكتاب والمراد أن يتبع الذى ألقى له من القرآن وبيانه وهو الوحى مصداق لقوله بسورة الأنعام"اتبع ما أوحى إليك من ربك "وفسر هذا بأن يقيم الصلاة أى يطيع الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وهو الإسلام ،ويبين له أن الصلاة وهى الدين أى الإسلام تنهى عن الفحشاء أى المنكر والمراد يحرم الكفر أى الظلم ويبين له أن ذكر الله أكبر والمراد أن أجر طاعة حكم الرب أفضل من النار مصداق لقوله بسورة النحل"ولأجر الآخرة أكبر "ويبين له أن الله يعلم ما تصنعون والمراد أن الرب يدرى الذى تفعلون مصداق لقوله بسورة النحل"إن الله يعلم ما تفعلون " والخطاب حتى الله للنبى(ص) وما بعده للناس ويبدو أنه جزء من آية أخرى حذف بعضها .

"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون "المعنى ولا تحاوروا أصحاب الوحى السابق إلا بالتى هى أفضل إلا الذين كفروا منهم وقولوا صدقنا بالذى أوحى إليكم وأوحى إلينا وربنا وربكم واحد ونحن له مطيعون ،يطلب الله من المؤمنين ألا يجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن والمراد ألا يناقشوا أصحاب الوحى السابق إلا بالتى هى أعدل وهى القرآن ما عدا الذين ظلموا أى كفروا منهم والسبب أن النقاش لن يفيدهم لأنهم لن يؤمنوا أبدا ،ويطلب منهم أن يقولوا لأهل الكتاب :آمنا بالذى أنزل إليكم والذى أنزل إلينا والمراد صدقنا بالذى أوحى لكم والذى أوحى لنا وهذا يعنى وجوب تصديقنا بالوحى كله،وإلهكم وإلهنا واحد أى "وهو ربنا وربكم "كما قال بسورة البقرة والمراد وخالقنا وخالقكم واحد لا شريك له ونحن له مسلمون أى مطيعون لحكمه أى مخلصون مصداق لقوله بسورة البقرة "ونحن له مخلصون "والخطاب للمؤمنين.

"وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين أتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون"المعنى وهكذا أوحينا لك الوحى فالذين أعطيناهم الوحى يصدقون به ومن هؤلاء من يصدق به وما يكفر بأحكامنا إلا الظالمون،يبين الله لنبيه (ص)كذلك أى بتلك الطريقة وهى الإبلاغ أنزل الله إليه الكتاب والمراد أوحى له القرآن وبيانه وهو الوحى،ويبين له أن الذين أتاهم الكتاب وهم الذين أعطاهم الوحى السابق يؤمنون به أى يصدقون بالقرآن ومن هؤلاء والمراد ومن الناس الذين لا علم لهم بالوحى السابق من يؤمن أى يصدق بالقرآن ويبين له أن ما يجحد بآيات الله إلا الكافرون والمراد أن ما يكذب بأحكام الرب سوى الظالمون مصداق لقوله بسورة العنكبوت"وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "وهم الفاسقون والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون "المعنى وما كنت تقرأ من قبله من صحيفة ولا تكتبها بيدك إذا لشك المكذبون،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما كان يفعل التالى :يتلوا من كتاب من قبله والمراد ما كان يقرأ صحيفة من قبل القرآن ولا يخطه بيمينه والمراد ولا يكتب كتاب بيده ويبين له أنه لو كان يقرأ الصحف ويكتبها قبل نزول القرآن لأصبح لدى المبطلين وهم المكذبين سبب يجعلهم يرتابون أى يشكون فى صحة القرآن ولكنهم يعرفون أنه من عند الله

"بل هو آيات بينات فى صدور الذين
أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون "المعنى إنه هو أحكام واضحات فى نفوس الذين أعطوا الوحى وما يكذب بأحكامنا إلا الكافرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن القرآن هو آيات بينات فى صدور الذين أوتوا العلم والمراد أن القرآن هو أحكام مفهومات فى عقول الذين أعطوا الوحى وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون والمراد وما يكفر بأحكامنا إلا الكافرون مصداق لقوله بنفس السورة "وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون "  .

"وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله إنما أنا نذير مبين "المعنى وقالوا هلا أتت له معجزات من خالقه قل إنما المعجزات لدى الرب إنما أنا مبلغ أمين ،يبين الله لنبيه أن الكفار قالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه والمراد هلا أتت له معجزات من إلهه وهذا يعنى أنهم يطلبون معجزات ليصدقوا به ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما الآيات وهى المعجزات عند أى من عند الله وليس بأمر النبى(ص) إنما أنا نذير مبين أى مبلغ أمين والمراد "ناصح  أمين"كما قال بسورة الأعراف .

"أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن فى ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون "المعنى هل لم يفهمهم أنا أوحينا لك الوحى يبلغ لهم إن فى ذلك لنفع أى فائدة لناس يصدقون ،يسأل الله نبيه(ص)أو لم يكفهم والمراد هل لم يجعلهم يعقلون أنا أنزلنا الكتاب أى "أوحينا إليك قرآنا عربيا"كما قال بسورة الشورى يتلى عليهم أى يقرأ لهم أى يبلغ لهم والغرض من السؤال إخباره بكفرهم بالكتاب الذى نزوله دليل كافى على صحته،إن فى ذلك وهو إبلاغ الوحى لرحمة أى ذكرى نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون به وهم العابدون لله مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وذكرى للعابدين ".

"قل كفى بالله بينى وبينكم شهيدا يعلم ما فى السموات والأرض والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون "المعنى قل حسبى الله بينى وبينكم حاكما يعرف الذى فى السموات والأرض والذين صدقوا بالكذب أى كذبوا بحكم الله أولئك هم المعذبون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :كفى بالله بينى وبينكم شهيدا والمراد حسبى الله بينى وبينكم قاضيا وهذا يعنى أنه يفصل بين الكل بالعدل ،يعلم أى يعرف الذى فى السموات والأرض،والذين آمنوا بالباطل أى والذين صدقوا بالجبت أى الطاغوت وهو الكفر مصداق النساء"يؤمنون بالجبت والطاغوت"وفسر هذا بأنهم كفروا بالله أى كذبوا بنعمة وهى حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"وبنعمة الله هم يكفرون"أولئك هم الخاسرون أى المعذبون أى "أصحاب الجحيم "كما قال بسورة الحديد والخطاب وما قبله وما قبله وما قبله وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون "ويطالبونك بالعقاب ولولا ميقات محدد لأتاهم العقاب وليجيئنهم فجأة وهم لا يعلمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستعجلونه بالعذاب أى يطالبونه بنزول السيئة وهى العقاب الإلهى عليهم،ويبين له أن لولا أجل مسمى والمراد بسبب موعد محدد من قبل لجاءهم العذاب والمراد لأتاهم العقاب ويبين له أنه سوف يأتيهم بغتة أى يجيئهم فجأة وهم لا يشعرون أى لا يعلمون بوقت نزوله وهذا يعنى أن الموعد غير معروف لأحد منهم

"يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون"المعنى يطالبونك بالعقاب وإن النار لحافة بالمكذبين يوم يأتيهم الألم من أعلاهم ومن أسفل أقدامهم ويقول ادخلوا بما كنتم تفعلون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستعجلونه بالعذاب والمراد يطالبونه بنزول العقاب وهو السيئة عليهم مصداق لقوله بسورة الرعد"ويستعجلونك بالسيئة "ويبين له أن جهنم وهى النار محيطة بالكافرين أى سورها وهو سرداقها حاف بالظالمين مصداق لقوله بسورة الكهف"إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها "ويكون ذلك يوم يغشاهم العذاب من فوقهم والمراد يوم يصيبهم الظلل وهى النيران من أعلاهم ومن تحت أرجلهم والمراد ومن أسفل أقدامهم مصداق لقوله بسورة الزمر"لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل" ويقال لهم ذوقوا ما كنتم تعملون أى ادخلوا عقاب الذى كنتم تفعلون .

"يا عبادى الذين آمنوا إن أرضى واسعة فإياى فاعبدون "المعنى يا خلقى الذين صدقوا إن بلادى كثيرة فإياى فأطيعون ،ينادى الله عباده الذين آمنوا وهم خلقه الذين صدقوا حكم الله فيقول إن أرضى واسعة والمراد إن بلادى رحيبة فهاجروا فيها مصداق لقوله بسورة النساء"ألم تكن أرضى واسعة فتهاجروا فيها" فإياى فاعبدون أى"وإياى فارهبون"كما قال بسورة البقرة والمراد وإياى فأطيعوا حكمى والخطاب للناس.

"كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا يرجعون "المعنى كل فرد عارف الوفاة ثم إلينا يعودون ،يبين الله للناس مسلمهم وكافرهم أن كل نفس ذائقة الموت والمراد أن كل فرد مصاب بالوفاة ثم إلينا يرجعون أى يحشرون مصداق لقوله بسورة الملك"وإليه يحشرون"والمراد يعودون لجزاء الله والخطاب وما بعده للنبى(ص) .

"والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبؤنهم من الجنة غرفا تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون "المعنى والذين صدقوا الوحى وفعلوا الحسنات لندخلنهم فى الحديقة مساكنا تسير من أسفلها العيون مقيمين فيها حسن ثواب المطيعين الذين أطاعوا أى بطاعة حكم خالقهم يحتمون من العذاب ،يبين الله أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات سوف يبوئهم من الجنة غرفا والمراد سوف يسكنهم فى الحديقة قصورا أى مساكنا طيبة مصداق لقوله بسورة الصف"ومساكن طيبة فى جنات عدن" تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين فيها أى مقيمين فيها دوما ونعم أجر العاملين والمراد وحسنت دار المتقين مصداق لقوله بسورة النحل"ولنعم دار المتقين "وهم الذين صبروا أى أطاعوا حكم الله وفسرهم بأنهم على ربهم يتوكلون أى بطاعة حكم خالقهم يحتمون من عذابه .

"وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم "المعنى وكم من مخلوق لا يرفع نفعه الله ينفعه وإياكم وهو الخبير المحيط ،يبين الله أن العديد من الدواب وهم كل المخلوقات لا تحمل رزقها أى لا تقدر على نفع نفسها والله يرزقها والمراد والله ينفعها وإياكم وهو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء والخطاب للناس.

"ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون"المعنى ولئن استخبرتهم من أبدع السموات والأرض وخلق الشمس والقمر ليجيبن الله فأنى يصرفون ؟يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا سأل أى استخبر الكفار فقال:من خلق أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وسخر أى وخلق الشمس والقمر فإنهم يقولون الله هو الخالق المسخر،ويسأل الله فأنى يؤفكون أى يصرفون أى فكيف يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"فأنى تصرفون"والغرض من السؤال إخبارنا أن القوم يكذبون الوحى رغم اعترافهم بأنه خالق كل شىء والخطاب للنبى(ص).

"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر له إن الله بكل شىء عليم "المعنى الرب يكثر العطاء لمن يريد ويقلل له إن الرب بكل أمر خبير ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يبسط الرزق لمن يشاء والمراد أن الرب يكثر العطاء لمن يريد من الخلق ويقدر له أى ويقلل العطاء لمن يريد والله بكل شىء عليم والمراد والرب بكل أمر خبير محيط مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون "المعنى ولئن استخبرتهم من أسقط من السحاب مطرا فبعث به اليابس بعد جدبه ليقولن الرب قل الطاعة لله إن أغلبهم لا يفهمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو سأل أى استفهم الكفار فقال من نزل من السماء ماء والمراد من أسقط من السحاب غيثا أى رزقا مصداق لقوله بسورة الجاثية "وما أنزل الله من رزق " فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث الأرض حية بعد هلاكها وهو جدبها ؟فسوف يجيبون الله هو المنزل المحيى ويطلب منه أن يقول الحمد أى الطاعة لحكم الرب واجبة والمراد الأمر لله مصداق لقوله بسورة الرعد "لله الأمر"ويبين له أن أكثرهم لا يعقلون والمراد أن معظمهم لا يشكرون أى لا يطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون" الله.

"وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون "المعنى وما هذه المعيشة الأولى إلا شغل أى عبث وإن الدار الباقية لهى الحياة لو كانوا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا ما الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى إلا لهو أى لعب والمراد انشغال بالمتع  حراما وحلالا ،ويبين له أن الدار الآخرة وهى جنة القيامة هى الحيوان أى المعيشة الحقيقية أى الخير الدائم مصداق لقوله بسورة الأنعام"والدار الآخرة خير للذين يتقون "وهذا لو كان الناس يعلمون أى يفقهون أى يفهمون فيطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة التوبة "ولو كانوا يفقهون "والقول مكون من جزئين وهو قول الكفار ما الحياة ..ولعب وأوله محذوف وما بعده للنبى(ص)

"فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ليكفروا بما أتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون"المعنى فإذا استووا فى السفن نادوا الرب مقرين له بالحكم فلما أخرجهم إلى اليابس إذا هم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم أى ليتلذذوا فسوف يعرفون من الهالك،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إذا ركبوا فى الفلك والمراد استووا أى كانوا فى السفن فى البحر وهاج عليهم موج البحر دعوا الله مخلصين له الدين والمراد نادوا الرب معترفين له بالحكم وحده وهذا يعنى أنهم لا يجدون أحد يطالبونه بالإنقاذ سوى الله وحده فإذا استجاب الله لهم فنجاهم إلى البر والمراد فأخرجهم من البحر إلى اليابس سالمين كانت النتيجة أنهم يشركون أى يبغون فى الأرض بغير الحق مصداق لقوله بسورة يونس"فلما أنجاهم إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق"والمراد يكفرون وهذا الشرك سببه أنهم يكفروا بما أتاهم الله والمراد أنهم يكذبوا بما أنزل الله لهم من الوحى وفسر هذا بأنهم يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف يعلمون أى يعرفون من المعاقب فى الدنيا والآخرة والقول خطاب للنبى(ص)وأوله محذوف

"أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون "المعنى هل لم يعلموا أنا وضعنا بيتا ممنوعا ويؤذى الخلق من حولهم ؟أفبالكفر يصدقون وبحكم الرب يكذبون؟ يسأل الله أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم والمراد ألم يدروا أنا خلقنا مكانا ممنوعا الأذى فيه ويضر الخلق فى البلاد من بعد المكان الممنوع؟والغرض من السؤال إخبار الكفار والناس أن مكة مكان آمن أى ممنوع فيه الأذى لسرعة انتقام الله من المؤذى المقرر الأذى قبل أن يفعله فى الحرم وأما البلاد المحيطة به وهى كل بلاد الأرض فالأذى موجود فيها وهو رد على قول الكفار "إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا"كما قالوا بسورة القصص ومن ثم فالتخطف وهو الأذى ليس حجة فى عدم الإيمان لحياتهم فى المكان الآمن ،ويسأل الله أفبالباطل يؤمنون أى هل "يؤمنون بالجبت والطاغوت"كما قال بسورة النساء والمراد أيصدقون بالكفر وبنعمة وهى آيات الله يكفرون مصداق لقوله بسورة آل عمران"يكفرون بآيات الله " ؟والغرض من السؤال إخباره أن الكفار يؤمنون بالكفر ويكذبون بالحق والخطاب وما بعده للنبى(ص)

"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس فى جهنم مثوى للكافرين "المعنى ومن أضل ممن نسب إلى الرب كفرا أو كفر بالعدل لما أتاه أليس فى النار مقام للمكذبين؟،يبين الله أن الأظلم وهو الضال مصداق لقوله بسورة القصص"ومن أضل"التى تفسر "من أظلم "هو من افترى على الله كذبا والمراد الذى  قال على الله زورا وهو من اخترع دين ثم نسبه لله وفسره بأنه كذب بالحق لما جاءه أى كفر بالعدل لما بلغه من الله عن طريق الرسل (ص)ويسأل الله أليس فى جهنم مثوى للكافرين والمراد أليس فى النار مأوى للمتكبرين مصداق لقوله بسورة السجدة "فمأواهم النار "وقوله بسورة الزمر"أليس فى جهنم مثوى للمتكبرين "وهذا يعنى أن مقام الكفار هو النار .

"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين "المعنى والذين أطاعونا لندخلنهم جناتنا أى إن الرب لناصر الصابرين ،يبين الله أن الذين جاهدوا فى الله وهم الذين أطاعوا حكم الله يهديهم الله سبله والمراد يعطيهم طرق السلام وهى متع الجنة مصداق لقوله بسورة المائدة "يهدى الله من اتبع رضوانه سبل السلام "وفسر الله هذا بأنه مع المحسنين أى ناصر أى راحم الصابرين وهم المطيعين لحكمه مصداق لقوله بسورة البقرة "إن الله مع الصابرين "والخطاب للنبى(ص)

اجمالي القراءات 13218