تدبر القرآن
التدبر التناظري
زهير قوطرش
في
الأحد ٠٤ - أبريل - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
التدبر التناظري لآيات القرآن الكريم.
منذ أن بدأت أتدبر كتاب الله عز وجل( القرآن الكريم) ,كانت تستوقفني بعض القضايا الغير مفهومة بالنسبة لي أو بعبارة أصح لم تكن واضحة لأنني تدبرتها حسب مستواي المعرفي .واستطعت مع الزمن ومع القراءة المستمرة والمتابعة لكتابات الأخوة,وخاصة على موقع أهل القرآن ,وبعض المواقع الأخرى , حيث توصلت إلى إجابات مقنعة لكثير من القضايا الإشكالية &Ccedi التي أشكلت عليَ. لكن بقيت قضية هامة تؤرقني ,وكنت دائماً أحاول الوصول إلى فهم هذا اللغز القرآني.
هذا اللغز الذي حيرني ,هو أنني وعند قراءة أي سورة مثلاً ....كنت استغرب أن كتاب مثل القرآن يفتقد حسب فهمي القاصر إلى التسلسل في الأحداث أو المواضيع من البداية حتى النهاية .
وحتى أقرب الفكرة . مثلاً وكلنا قرأ سورة البقرة ,وخاصة الآيات من رقم 30 إلى 46 وهذه الآيات تتحدث عن آدم وموضوع الخلق , والأكل من الشجرة ,ثم وقوع أدم بالخطيئة ,والتوبة ,ثم الهبوط من الجنة إلى الأرض ....وفجأة ينحو التسلسل القرآني إلى بني إسرائيل ,وخروجهم من مصر.....من الآية 47 إلى الآية الآية 96 ,ثم ينتقل السياق ليتحدث عن المشركين وأهل الكتاب ورفضهم الإيمان برسول الله ورسالته...وهكذا.
وأذكر أن أحد الكتاب الغربيين ,عندما قرأ القرآن وكان يقرأ العربية بشكل جيد ,توقف عند هذه الملاحظة ,وقال لي عجباُ كتابكم هذا ....لا أفهمه ,يبدأ بموضوع ولا ينهيه,وفجأة يتناول موضوعاً أخر لا علاقة له بالموضوع السابق أي هو شذرات ليس ينتظمها ناظم !!! فهمت قصده ,لكني يومها لم يكن باستطاعتي تعليل ذلك سوى القول بالحكمة الإلهية.
يقولون الحكمة ضآلة المؤمن ,هذا القول أؤمن به بشكل مطلق ,وأعمل به في حياتي العملية .ولهذا أبحث عن الحكمة أينما كانت.
وقد حاولت حل هذه القضية من خلال التاريخ والتراث ,لكني كنت دائماً أصل كما ذكروا ,أن القرآن الكريم قد تنزل على الرسول(ص) ,وكان جبريل يحدد مواقع الآيات من السور ,أي كانت توضع آيات في سور كانت قد نزلت من حيث ترتيب السور بسنوات قبل نزول الآية .
بمعنى أن توضّع الآية كان لا يراعي تسلسل السور والآيات.
وبعد سماعي من الشيخ عدنان إبراهيم .تدبره لهذه القضية ,اقتنعت به ,وأحببت أن أنقله إلى أخواتي وأخوتي ,وقد يكون قد سبقه غيره إلى هذا التدبر ,أنا بعلمي البسيط لم أضطلع عليه قط.
الشيخ عدنان ,يقول أن ترتيب المصحف صحيح غير ترتيب النزول ,لكن الله أفهمنا أن القرآن بشكله هو منظوم ومرتب ,وليس تعسفياً . لنأخذعلى سبيل المثال سورة البقرة ....ينتقل القرآن بعد حكاية آدم إلى بني إسرائيل مباشرة ,مع أن حكاية أدم لم تنتهي في هذه السورة ,لكنها ترد في سياق سور أخرى ,هل هذا الانتقال بدون خطة وحكمة إلهية .أبداً....ولنبدأ بالتدبر
قال الله تعالى "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"-البقرة30
وقال في حق بني اسرائيل بعد استخلاف أدم.في سورة البقرة أيضاً بعد حكاية آدم. َ
"يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ
وقال أيضاً:
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين"
من هذه الآيات نستطيع القول ,أن الله عز وجل كما اصطفى وفضل آدم وجعله خليفة ,كذلك فضل بني إسرائيل على العالمين.أي هناك مقاربة ..ولنتابع
وأيضاً قوله عز وجل لأدم ....
"
"وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَاوَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظالمين"
ولننظر كيف خاطب بني إسرائيل عندما ما طلب إليهم بدخول القرية .أيضاً طلب إليهم أن يأكلوا حيث شاءوا رغداً ...وكأن تجربة وحكاية أدم تكررت بشكل مشابه على الأرض.
"وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ"
ونلاحظ في ألاية التالية , التشابه في موضوع الهبوط بعد أن غضب الله على أدم ,وعلى بني إسرائيل ,لكن أدم تاب ,وهم مازالوا في تكبرهم .وموضوع العداوة فيما بينهم ,أليست هي هي العداوة التي نبأنا عنها عز وجل وجدت في بني إسرائيل لنقرأ الآيات التالية.
"فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍعَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ"
"اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا"
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ
أخواتي وأخوتي وأعزائي. إذن ترتيب الآيات ليس اعتباطياً ,معاذ الله ....لكنه ترتيب تناظري.
أليس من الواجب أن نتابع الموضوع ,لنقف على هذا التدبر التناظري في مجموع سور القرآن كلها!!!!!