الموت والحياة مرتين في القرآن

علي الاسد في الأحد ٠٤ - أبريل - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

السلام عليكم                                           

قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون [ جاثية 26 ] * ولله ملك السماوات والارض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون [ جاثية 27] *

............................................................

 [ غافر 10 ] * قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل [ غافر 11]

..............................................................................

الايتين 26 و27 من سورة الجاث&il;ثية هي جواب على مقولة المكذبين الذين قالوا: ان هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين.

اي انهم اقروا بانهم يموتون ثم يحيون بدليل قولهم(نموت ونحيا) ,ولكن التكذيب يقع على ان هناك بعث سابق للاحياء الاخير ولهذا جاء الجواب : ((قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم الى يوم القيامه)).. فلفظة ((يحييكم)) تعني الاحياء بعد الموت وليس معناها الخلق الاول للناس , فيحييكم لانكم تكونوا اموات..ثم تقول الآيه((يحييكم ثم يميتكم)) اذن بعد الاحياء المستقبلي هناك موت بدليل((ثم يميتكم)).. ولا ينتهي الامر عند هذا الحد , حيث تستمر الآيه بالقول ((ثم يجمعكم الى يوم القيامه)) وهذا بعد الاحياء والموت ((يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم الى يوم القيامه)). وهي تختلف عن لفظة (احياكم) التي وردت في بعض الآيات مثل((وكنتم امواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم))

فان استكثرنا ان يكون هناك بعث وموت قبل يوم القيامه واعتبرنا ان لفظ((يحييكم)) في بداية الآيه معناه هذه الحياة فيكون بمعنى خلقكم واحياكم بعد ان كنتم بمقام الميتين قبل الولاده  تطالعنا الآية 11 من سورة غافر والتي لانستطيع ايجاد مخرج مماثل لها كما سبق , حيث تقول الآيه:

 ((ربنا أمتنا أثنتين))

 واعتقد انكم تتفقون معي في أن الأماته((أمتنا أثنتين)) لا تقع الا على الاحياء , أي انهم لابد ان يكونوا أحياء قبل أن يميتهم في المره الاولى والثانيه .

فأن استكثرنا ايضا ان نؤمن بوجود اكثر من موتة لبعض الناس , فتطالعنا الآيتين 58-59 من سورة الصافات والتي تتحدث عن تقريع أحد المصدقين بالبعث لقرين له من المكذبين , وبعد ان يقرعه بكونه كاد ان يضله هو ايضا لولا رحمة ربه ثم يسأله سؤال استنكاري توبيخي فيقول له:

((أفما نحن بميتين [ صافات 58 ] * إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين {صافات 5} ))

اذن المصدق المتنعم في جنات النعيم يعيب على المكذب قوله بانهم غير ميتين الا موتتهم الاولى وبانهم غير معذبين. اي انه ثبت له ولقرينه المكذب ان هناك اكثر من الموتة الاولى .

وطبعا هذا لا ينطبق على الجميع..حيث ان هناك بعض المجاميع ممن لا يذوقون الا الموتة الاولى فقط كما في الآيه 56 سورة الدخان:

 ((لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الاولى ووقاهم عذاب الجحيم [ دخان 56 ]))

اي ان من النعم لهم انهم لايموتون اكثر من الموتة الاولى كما يحدث لغيرهم.

اذن كخلاصه نذكر ان:

البعض يقولون : ربنا أمتنا اثنتين واحييتنا اثنتين

البعض يسأل مستنكرا: افما نحن بميتين الا موتتنا الاولى؟ ..اي ثبت له انهم ماتوا اكثر من موتة.

البعض :لايذوقون الموت الا الموتة الاولى....اي ان غيرهم يذوق الموت اكثر من الموتة الاولى.

...

وتجد التكذيب والاستهزاء والاتهام بالسحر من قبل المكذين يرد دائما على مقولة البعث بعد الموت ,ومن هذه الارض بالذات,ومن القبور ومن نفس الاجساد ,ودائما يذكر المكذبون العظام والرميم في تكذيبهم, لانهم لايرفضون مقولة الحياة الاخرى في عالم تنتهي فيه هذه الارض والسماء ويحاسب الناس , ولكن التكذيب على البعث من نفس الارض ومن نفس العظام والرميم قبل ان تبدل الارض غير الارض وقبل ان تطوى السماوات والارض طي السجل للكتب ولهذا تجد التكذيب ياتي من ناس تؤمن بالله كما في قولهم في آيه 38 سورة النحل:

((وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون  (نحل38 ))

حيث نرى انهم يقسمون بالله لاغير ,اي انهم يؤمنون بالله ..فهل تجد في الناس من يؤمن بالله ثم يقسم بالله جهد ايمانه على عدم وجود حياة أخرى؟؟..بل ان الآيه تشير الى ان الأكثريه هم كذلك..ولو نظرنا الى الناس شرقا وغربا ومن كل الديانات لوجدناهم مشتركين في الايمان بالحياة الاخرى بعد هذه الحياة ,فكيف تشير الآيه الى ان الاكثريه لاتؤمن بل وتقسم بالله انه لايبعث من يموت ان لم تكن تتكلم عن مرحلة البعث المستقبلي على هذه الارض حيث لاتزال الاجساد عظام وبعضها رميم؟

وهذا يعيدنا الى اول آيه تكلمنا عنها عندما قالوا (نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين) في سورة الجاثيه والتي تتكلم عن الناس في وقت نزول الآيه,حيث نجد في سورة المؤمنون نفس الالفاظ تصدر على لسان الاقوام السابقين .فلو تتبعنا نقاشهم لرايناه يشير الى هذه الحقيقه:

* ((أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون [ مؤمنون 35 ] * هيهات هيهات لما توعدون [ مؤمنون 36 ] * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ( مؤمنون 37 )* ان هو الا رجل أفترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين(مؤمنون38 ))

حيث نجدهم يرفضون مقولة اخراجهم بعد كونهم تراب وعظام , ويؤكدون على انهم يموتون ويحيون(نموت ونحيا) ولو تتبعت الآيات لرأيت انهم يتكلمون دفاعا عن الله حيث يقولون (ان هو الا رجل افترى على الله كذبا).

وعسى ان لا يصدم الموضوع البعض ان كان فيه ما يخالف (المعلوم من الدين بالضرورة).

والسلام عليكم....علي الاسد

اجمالي القراءات 57029