فى دولة مبارك أعضاء لجان وزارة الثقافة يوزعون الجوائز على أنفسهم بنظام الدور

في الإثنين ١٣ - يوليو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

أعضاء لجان وزارة الثقافة يوزعون الجوائز على أنفسهم بنظام الدور
كتب عمر القليوبي وسامي بلتاجي (المصريون): : بتاريخ 13 - 7 - 2009
انتقد مثقفون مصريون غياب المعيارية وسيطرة "الشللية" على الجوائز السنوية لوزارة الثقافة، خلال السنوات الأخيرة، قائلين إن المصالح والصلات الشخصية لعبت الدور الأكبر في تحديد اسماء الفائزين بالجوائز، وخاصة في منح جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، حيث كان أغلب الفائزين أعضاء بالمجلس الأعلى للثقافة- الجهة التي تحدد أسماء الفائزين- ومن بين تلك الأسماء الدكتور أحمد هيكل والدكتور يونان لبيب رزق وبهاء طاهر والدكتور محمد طه حسين والدكتور جابر عصفور والدكتور حسن حنفي ويوسف القعيد والدكتورة نعمات أحمد فؤاد والدكتور قاسم عبده قاسم.
واتهموا وزير الثقافة فاروق حسني بمنح الجائزة "مكافأة" لمن أسهموا في وصوله إلى منصبه واستمراره فيه منذ ما يقرب من 23 عاما، حيث يعد أقدم وزير بالحكومة الحالية، ومن بين هؤلاء الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق، وما تسمى بـ "مجموعة باريس" وثيقة الصلة بالوزير، فضلا عن رؤساء وزراء آخرين فازوا مكافأة لهم على استمرار حسني في منصبه الوزاري.
وكان ملاحظا للمثقفين الذين تحدثوا لـ "المصريون" أن أغلب الفائزين بجوائز وزارة الثقافة طوال الأعوام الأخيرة بأنهم كانوا من الدائرة الضيقة لوزير الثقافة أو المقربين من أجهزة الدولة الأمنية، فيما اعتبروه بمثابة مكافأة نهاية الخدمة للذين قدموا خدمات للنظام، فضلا عما يلعبه الإداريون في اختيار الفائز، حيث يوجد أكثر من 28 إداريا، منهم ممثلون لوزارات التخطيط والخارجية والتعليم والتعليم العالي وموظفو دار الثقافة ونقباء المهن التمثيلية والفنانين والموسيقيين والتشكيليين ، معظمهم لا يعرف حتى مكان المجلس الأعلى للثقافة ، ومع ذلك بإمكانهم ترجيح كفة أي مرشح للجائزة.
وقال الدكتور رفيق حبيب المفكر السياسي والاجتماعي، إن الحصول على جائزة الدولة التقديرية خلال السنوات السابقة لم يعد ترتبط بمدى ما يقدمه الباحث من جهود ودراسات ذات قيمة، بل يرتبط بالعلاقات الشخصية والمصالح والدوران في فلك وزير الثقافة بشكل أفقد الجائزة أية مصداقية.
ووصف اختيار فائزين من بين أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، كما هو حال أغلب الفائزين بالجوائز في الأعوام الماضية بأنه "يشكل فضيحة؛ فالفائزون أصبحوا هم الخصم والحكم، مما يفرغ الجائزة من أي مضمون لها"، معتبرا أن هذا الأمر يطعن في مصداقية الجائزة، لكون الفائزين أعضاء في المجلس، ويرتبطون بصلات ومصالح مع المصوتين.
وأكد حبيب ضرورة فرض السرية على أسماء أعضاء اللجنة بشكل يضمن عدم إجراء المرشحين لأي اتصالات معهم، كما هو معمول به حاليا، بما يفتح الباب واسعًا أمام الطعن في مصداقية أعضاء اللجنة والجائزة الممنوحة.
وحدد مجموعة من الشروط التي ينبغي أن تتوافر في الأسماء المخولة اختيار الفائزين، على رأسها أن يكونوا ذوي جهد يفوق المرشحين إلى الجائزة، وأن يكون المصوتون من الخبرة والدراية حتى تكون للجائزة ذات قيمة.
ورأى أن "الجائزة بوضعها الحالي لم تتجاوز تقديم مكافأة من النظام لمن أسدوا له خدمات دون أن يكون لهم أي دور علمي ملحوظ".
واتفق معه في الرأي الدكتور محمد يحيى أستاذ الآداب الإنجليزي بجامعة القاهرة، قائلا لـ "المصريون" إن جائزة الدولة التقديرية باتت تسيطر عليها الشللية، ولا تخرج في الغالب عن دائرة بعينها، وهو وضع اعتبره لا يبعث على الثقة ولا يشير إلى تمتع أي جائزة بأي مصداقية أو قيمة علمية.
وأوضح الناقد المعروف أن الجائزة "تحولت لمكافأة من قبل الدولة لمن يدور في فلكها أو فلك الطغمة العلمانية المحيطة بوزير الثقافة"، منتقدا بشدة هيمنة سياسة المجاملة على الجائزة وقصرها في دائرة ضيقة تحولت للخصم والحكم في وقت واحد، متسائلا: كيف تمنح الجائزة مثلا لأشخاص همن في نفس الوقت أعضاء في لجنة الاختيار وهو ما اعتبره يعكس سيطرة الشللية على الجائزة.
وطالب يحيى بضرورة وجود مُحكّمين للجائزة من خارج دائرة الوزير، خاصة وأن مصر يوجد بها عدد كبير من الكفاءات والنخب، ولا يجب أن يقتصر الأمر على شلة وزير الثقافة وطغمة العلمانية المقرّبة منه، مطالبا بضرورة أن تصدر اللجنة المشرفة على الجائزة مذكرة تفسيرية توضح فيها حيثيات منح الجائزة، حتى لا تفتح الباب أمام الحديث عن مجاملات.
وكان منح جائزة الدولة للعلوم الاجتماعية للقمني الشهر الماضي قد أثار جدلا واسعا، في ظل رؤاه وأفكاره المعادية للدين الإسلامي، والتي تصل إلى حد إنكار النبوة والزعم بأن الإسلام دين مزور اخترعه بني هاشم للسيطرة على قريش ومكة، فضلا عن عدم توفر الشروط الأساسية لمنحه الجائزة، والمتمثلة في فقر إنتاجه الفكري، واصطدامه بثوابت العقيدة الإسلامية.
كما انفردت "المصريون" بالكشف عن عدم ترشيحه من أتيليه القاهرة، كما زعمت وزارة الثقافة، وأن الترشيح جاء بصفة شخصية من رئيس مجلس الإدارة المعزول وجيه وهبة الذي تم عزله بشبهة تورطه في ارتكاب مخالفات وفساد إداري ومالي، بحسب ما أبلغت الأديبة سلوى بكر التي تم تكليفها بإدارة الأتيليه.
وأكد الدكتور حجاجي إبراهيم أستاذ الآثار بكلية الآداب جامعة طنطا أن معظم الحاصلين على جوائز المجلس الأعلى للثقافة لهم علاقة بالمجلس بشكل أو بآخر، وقال إنه كان ينبغي على الدكتور جابر عصفور الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة ألا يرشح نفسه للجائزة، خاصة أنه شغل هذا المنصب لمدة 11 عاما، ما يمكن أن يكون له تأثيره في الحصول على الجائزة، خاصة أنه عند إعلان فوزه بالجائزة انطلقت زعاريد الموظفات العاملات بالمجلس، بالرغم من أنه كان هناك منافس قوي وكان فارق الأصوات بسيطا.
وأضاف أنه في وقت سابق حصل الدكتور عاطف صدقي رئيس الوزراء الأسبق على جائزة المجلس وكان حينها لا يزال في منصبه، كما سبق وأن حصل عليها أحد أعضاء لجنة التحكيم، رغم أنه كان له صوت في اختيار المرشحين، فكان مرشحا للجائزة وفي نفس الوقت محكّما!
وطالب حجاجي بضرورة سحب الجائزة التي حصل عليها سيد القمني الذي ألف كتابا عن الحج قال فيه إن الحج سمي بذلك نسبة إلى الحك وإن الحجر الأسود سمي بذلك، "لأن النساء تقمن بحك مقدمتهن وعليهن دم الحيض بالحجر حتى أصبح بهذا الشكل".
أما الدكتور محمد جمال حشمت عضو مجلس الشعب السابق فقد طالب بضرورة "تطهير اللجنة المخولة باختيار المرشح من أعضائها الحاليين إذا أردنا استعادة المصداقية لهذه اللجنة وللجائزة في آن واحد"، بعد أن بات منح الجائزة يتم بنظام "الدور" فمن يمنحون الجائزة هذا العام لمرشح ما ينتظرون الفوز بالجائزة نفسها في العام القادم.
واعتبر أن فوز أعضاء من المجلس الأعلى للثقافة بالجائزة أدى إلى إفسادها وحولها إلى هيئة إدارية تمنح الجائزة لمن يدور في فلكها، وتساءل مستنكرا: كيف أشارك في التصويت على جائزة أعد مرشحا لها؟!
وقال حشمت إن سيطرة الشللية على الجائزة جعل علماء ومثقفين مصر لا يعولون عليها ولا ينتظرون أسماء الفائزين لها، في ظل ما وصفه بـ "النظام الفاسد والمناخ غير الصحي الذي قصر الفائزين بالجائزة على العلمانيين والطاعنين في الإسلام خدمة للطغمة المسيطرة على وزارة الثقافة والمجلس الأعلى منذ سنوات

اجمالي القراءات 2656