تفسير سورة النمل

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٢٦ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

                             سورة النمل

سميت بهذا الاسم لذكر النمل فيها بقوله "قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم"

"بسم الله الرحمن الرحيم طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام الوحى أى حكم عادل رشاد أى معلم للمصدقين الذين يطيعون الدين أى يتبعون الحق وهم بالقيامة هم يصدقون،يبين الله أن الله الرحمن الرحيم والمراد أن الرب النافع المفيد اسمه وهو حكمه هو طس آيات القرآن والمراد أن العدل هو أحكام الوحى أى الكتاب المبين وهو القرآن العظيم مصداق لقوله بسورة يوسف"تلك آيات الكتاب المبين "وقوله بسورة الحجر"وقرآن مبين "وهو هدى أى مرشد أى بشرى أى معلم أى رحمة للمؤمنين مصداق لقوله بسورة يونس"هدى ورحمة للمؤمنين"وهم المصدقين به وهم الذين يقيمون الصلاة أى الذين يطيعون الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وفسرهم بأنهم يؤتون الزكاة أى يعملون الحق وهم بالآخرة وهى القيامة يوقنون أى يصدقون أى يؤمنون مصداق لقوله بسورة الأنعام"والذين يؤمنون بالآخرة "والخطاب وما بعده للنبى(ص)

"إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم فى الآخرة هم الأخسرون "المعنى إن الذين لا يصدقون بالقيامة حسنا لهم أفعالهم فهم يخالفون أولئك الذين لهم ألم العقاب وهم فى القيامة هم المعذبون،يبين الله أن الذين لا يؤمنون بالآخرة زين الله لهم أعمالهم والمراد أن الذين لا يصدقون بحدوث القيامة أى إن الذين كذبوا بالقيامة مصداق لقوله بسورة الأعراف"والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة "حسن الله لهم أفعالهم وهى سيئاتهم مصداق لقوله بسورة الكهف"وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "ومن ثم فهم يعمهون أى يعصون حكم الله لهم،ويبين لنا أن الكفار هم الذين لهم سوء العذاب أى ألم العقاب وهم فى الآخرة وهى القيامة هم الأخسرون أى المعذبون فى النار .

"وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم "المعنى وإنك لتأخذ الوحى من عند قاض خبير،يبين الله لنبيه(ص)أنه يلقى القرآن والمراد يأخذ القرآن من لدن حكيم عليم أى من عند قاض خبير هو الله مصداق لقوله بسورة الأعراف "إن ولى الله الذى نزل الكتاب".والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)ومنه للناس.

"إذ قال موسى لأهله إنى آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو أتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون "المعنى لقد قال موسى (ص)لأسرته إنى شاهدت نارا سأجيئكم منها بنبأ أو أجيئكم بقطعة نار لعلكم تستدفئون ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لأهله وهم أسرته من زوجة وأولاد :إنى آنست نارا والمراد إنى شاهدت وقودا مشتعلا سأتيكم منه بخبر أى سأجيئكم منه بنبأ والمراد خبر يجعلنا نبيت فى مكان آمن أو آتيكم بشهاب قبس أى جذوة من نار وهى قطعة نار لعلكم تصطلون أى تستدفئون بها مصداق لقوله بسورة القصص "لعلى أتيكم  منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون "وهذا يعنى أنه يريد إما أن يبيتهم عند أصحاب النار أو يجلب لهم نار للدفء فى البرد.

"فلما جاءها نودى أن بورك من فى النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين إنه أنا الله العزيز الحكيم "المعنى فلما أتاها خوطب أن قدس من فى الوقود ومن فى محيطها والطاعة لحكم الرب إله الكل إنه أنا الرب الغالب القاضى،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)لما جاءها أى لما وصل قرب مكان النار نودى أى خوطب والمراد أوحى له مصداق لقوله بسورة طه "وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى "بورك من فى النار ومن حولها والمراد تقدس من فى الوقود المشتعل ومن يحيط به وهو البقعة المباركة وهى الوادى المقدس مصداق لقوله بسورة القصص "فى البقعة المباركة من الشجرة "وهذا يعنى أن الشجرة ومكانها مقدس لا يدنس،وسبحان الله رب العالمين أى والطاعة لحكم الرب خالق الكل ،إنه أنا الله العزيز الحكيم والمراد إنه أنا الخالق الغالب القاضى بالحق الذى يوحى لك أى يكلمك .

"وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إنى لا يخاف لدى المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإنى غفور رحيم "المعنى وارم عصاك فلما شاهدها تتحرك كأنها ثعبان جرى هاربا ولم يلتفت،يا موسى لا تخشى أذى إنى لا يخشى لدى المبعوثون إلا من أساء ثم صنع صالحا بعد فساد فإنى عفو نافع ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله قال لموسى (ص)ألق أى ارم عصاك على الأرض فلما رماها رآها تهتز كأنها جان والمراد شاهدها تتحرك كأنها ثعبان أى حية مصداق لقوله بسورة طه"فألقاها فإذا هى حية تسعى "فولى مدبرا والمراد جرى موسى (ص)هاربا ولم يعقب أى ولم يلتفت والمراد ولم يرجع مرة أخرى فقال الله له:لا تخف أى لا تخشى  أذى منها فأقبل إنى لا يخاف لدى المرسلون والمراد لا يخشى عندى الأنبياء(ص)إلا من ظلم أى كفر والمراد أساء ثم بدل حسنا بعد سوء والمراد ثم صنع صالحا بعد فساد وهو يقصد بالسوء قتله للرجل من قوم فرعون،وهذا يعنى أن الخوف يدخل القلب من عمل الكفر،وقال له فإنى غفور رحيم أى عفو مفيد لمن يتوب من سوءه .

"وأدخل يدك فى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء فى تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين "المعنى وضع كفك فى جلبابك تطلع منيرة من غير ظلمة فى تسع معجزات إلى فرعون وشعبه إنهم كانوا ناسا كافرين،يبين الله لنبيه(ص)أن الله قال لموسى (ص)وأدخل يدك فى جيبك والمراد اسلك أى ضع كفك فى فتحة ثوبك مصداق لقوله بسورة القصص"اسلك يدك فى جيبك"تخرج بيضاء من غير سوء والمراد تطلع منيرة من غير ظلمة وهذا يعنى أن كفه تحولت لمصباح منير،وقال فى تسع آيات أى هاتان من ضمن تسع معجزات تأتى بهم إلى فرعون وقومه وهم شعبه إنهم كانوا قوما فاسقين أى ناسا خاطئين مصداق لقوله بسورة القصص"إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين "أى مجرمين .

"فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين "المعنى فلما أتتهم براهيننا واضحة قالوا هذا خداع ظاهر وكذبوا بها أى قد رفضتها قلوبهم كفرا أى فسادا ففكر كيف كان جزاء الكافرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن قوم فرعون جاءتهم آياتنا مبصرة والمراد أتتهم معجزات الله ظاهرة فقالوا هذا سحر مبين أى خداع مفترى مصداق لقوله بسورة القصص"ما هذا إلا سحر مفترى "وهذا يعنى أنهم جحدوا بها أى كذبوا بها وفسر الله هذا بأن أنفسهم وهى قلوبهم استيقنتها ظلما أى علوا والمراد رفضت الإيمان بها كفرا أى فسادا والمراد رغبة فى استمرار جورهم فى البلاد ويطلب الله من نبيه (ص)أن ينظر كيف كان عاقبة المفسدين والمراد أن يعلم كيف كان جزاء الظالمين مصداق لقوله بسورة القصص "فانظر كيف كان عاقبة الظالمين "ومن ثم يعتبر بما حدث لهم

"ولقد أتينا داود وسليمان حكما وعلما وقالا الحمد لله الذى فضلنا على كثير من عباده المؤمنين "المعنى ولقد أعطينا داود(ص)وسليمان(ص)وحيا أى حكما وقالا الطاعة لحكم الله الذى ميزنا على عديد من خلقه المصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أتى أى أعطى لكل من داود(ص)وسليمان(ص)حكما أى علما أى وحيا مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وكلا أتينا حكما "وقالا الحمد أى الطاعة لحكم الله الذى فضلنا أى رفعنا أى ميزنا على كثير من عباده المؤمنين والمراد على العديد من خلقه المصدقين به وهذا يعنى شكرهما لنعم الله عليهما .

"وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شىء إن هذا لهو الفضل المبين "المعنى وخلف سليمان(ص)داود(ص)قال يا أيها الخلق عرفنا كلام الطير وأعطينا من كل حكم إن هذا لهو الرحمة الكبرى،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان(ص)ورث أى خلف أبيه داود(ص)فى الحكم فقال :يا أيها الناس وهم الخلق علمنا منطق الطير والمراد عرفنا كلام وهو لغات الطير وهذا يعنى أن الله عرفه لغات الطيور ،وأوتينا من كل شىء والمراد وأوحى لنا كل حكم فى كل قضية وهذا يعنى أن الوحى المنزل عليه كان فيه حكم لكل قضية،إن هذا لهو الفضل المبين أى العطاء العظيم .

"وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون "المعنى وجمع لسليمان(ص)عسكره من الجن والبشر والطيور فهم يسيرون حتى إذا جاءوا إلى مكان النمل قالت نملة يا أيها النمل إلجئوا إلى بيوتكم حتى لا يدمركم سليمان(ص)وعسكره وهم لا يعلمون بكم،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان (ص)حشر له جنوده والمراد تجمع عنده عسكره من الجن والإنس وهم البشر والطير وهذا يعنى تكون الجيش من جن وبشر وطير وهم يوزعون أى يسيرون حسب الأمر من سليمان(ص)حتى إذا أتوا على واد النمل والمراد حتى وصلوا لمكان وجود النمل فقالت نملة لما شاهدتهم من مسافة بعيدة بالنسبة لها يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم أى احتموا فى بيوتكم لا يحطمنكم أى حتى لا يهلككم سليمان(ص)وجنوده وهم عسكره وهم لا يشعرون أى وهم لا يعلمون وهذا يعنى أن النملة ظنت أن الجيش لن يدروا بإهلاكهم النمل لأنهم يمشون فوقهم دون أن ينظروا تحت أقدامهم .

 "فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك على وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وادخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين "المعنى فقهقه مسرورا من حديثها وقال إلهى أقدرنى أن أطع رسالتك التى أوحيت لى ولأبوى وأن أفعل حسنا تقبله و ألحقنى بفضلك مع خلقك المحسنين،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان (ص)تبسم ضاحكا من قولها والمراد قهقه مسرورا من حديث النملة وهذا يعنى أنه فرح لمعرفته بقول النملة وهذا يعنى أن الله أعطاه القدرة على معرفة منطق النمل وقال رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى والمراد خالقى أقدرنى أن أتبع حكمك الذى أوحيت لى ولأبى وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يعطيه القدرة على طاعة حكمه وفسر هذا بقوله وأن أعمل صالحا ترضاه والمراد وأن أفعل حسنا تقبله وهو الإسلام وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين والمراد وأسكنى برأفتك مع خلقك المطيعين لك وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يدخله الجنة .

"وتفقد الطير فقال مالى لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا أو لا أذبحنه أو ليأتينى بسلطان مبين "المعنى وفتش على الطير فقال مالى لا أشاهد الهدهد هل كان من الهاربين لأعاقبنه عقابا عظيما ولأقتلنه أو ليجيئنى ببرهان عظيم،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان(ص)تفقد أى فتش على الطير ليعلم استعدادهم فلم يرى الهدهد موجودا فقال :مالى لا أرى الهدهد والمراد ما السبب فى أنى لا أشاهد الهدهد ؟أم كان من الغائبين والمراد هل كان من التاركين مكانهم وهذا يعنى أنه ترك مكانه دون إذن من القائد وهو أمر محرم لأنه قد يتسبب فى هزيمة بسبب تركه مكانه ،وقال لأعذبنه عذابا شديدا أى لأعاقبنه عقابا أليما وهذا يعنى أنه سيضربه أو لا أذبحنه والمراد ولأقتلنه بعد ضربه أو ليأتينى بسلطان مبين أى أو ليحضر لى عذر عظيم على غيابه ،وهذا يعنى وجوب عقاب الجندى التارك موضعه دون إذن من القائد بالقتل إلا فى حالة واحدة هى أن يحضر سلطان أى عذر حربى يزيل العقاب عنه وليس عذرا مثل موت أحد أقاربه

"فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين "المعنى فبقى غير قصى فقال علمت بالذى لم تعلم به وأتيتك من سبأ بخبر صادق،يبين الله لنبيه (ص)أن الهدهد مكث غير بعيد أى فبقى وقت غير طويل أى كثير ثم جاء فقال لسليمان(ص)أحطت بما لم تحط به والمراد علمت بالذى لم تعلم به وهذا القول هو تذكير لسليمان(ص)أنه مع ملكه العظيم فيه من هو أعلم منه من الخلق،وقال وجئتك من سبأ بنبأ يقين والمراد وأتيتك من بلدة سبأ بخبر صادق وهذا يعنى أنه لا يكذب فهذا هو عذره .

"إنى وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون "المعنى إنى لقيت امرأة تحكمهم وأعطيت من كل سبب ولها كرسى كبير لقيتها وشعبها يعبدون الشمس من سوى الرب وحسنت لهم الشهوة سيئاتهم فردهم عن الحق فهم لا يؤمنون،يبين الله لنبيه)ص(أن الهدهد قال لسليمان(ص)إنى وجدت امرأة تملكهم والمراد إنى لقيت أنثى تحكمهم وهذا يعنى أن حاكم سبأ هو امرأة،وأوتيت من كل شىء والمراد وأعطيت من كل سبب وهو كل نوع من أنواع الرزق ،ولها عرش عظيم والمراد ولها كرسى كبير وهذا يعنى أن لها كرسى كبير رمز لملكها ،وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله والمراد لقيتها وشعبها يعبدون الشمس من غير الله،وهذا يعنى أنهم يعبدون الشمس كإله لهم وليس الله،وزين لهم الشيطان أعمالهم والمراد وحسن لهم الهوى سيئاتهم فصدهم عن السبيل والمراد فردهم عن الحق فهم لا يهتدون أى فهم لا يؤمنون بحكم الله مصداق لقوله بسورة الأنعام"فهم لا يؤمنون ".

"ألا يسجدوا لله الذى يخرج الخبء فى السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم "المعنى ألا يعبدوا الله الذى يظهر الخفى فى السموات والأرض ويعرف الذى تسرون والذى تظهرون الرب لا رب إلا هو خالق الكون الكبير،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان(ص)قال للهدهد:ألا يسجدوا لله والمراد ألا يعبدون الله الذى يخرج الخبء والمراد الذى يبين الخفى فى السموات والأرض ويعلم ما تخفون أى ويعرف الذى تخفون أى تكتمون وما تعلنون أى والذى تبدون مصداق لقوله بسورة النور"الله يعلم ما تبدون وما تكتمون "الله لا إله أى لا رب إلا هو رب العرش العظيم والمراد هو خالق الكون الكريم مصداق لقوله بسورة المؤمنون"رب العرش الكريم ".

"قال سننظر أصدقت أم كنت كنت من الكاذبين اذهب بكتابى هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون "المعنى قال سنعرف أآمنت أم كنت من المفترين ارحل برسالتى هذه فارمها لهم ثم انصرف عنهم فاعلم ماذا يقولون،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان (ص)لم يصدق الهدهد على الفور وإنما أراد أن يتأكد من كلامه فقال له سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين والمراد سنعلم هل قلت الحقيقة أم كنت من المزورين المبطلين ؟وكانت وسيلة التأكد أن أعطاه كتاب فقال له اذهب بكتابى هذا والمراد ارحل أى سافر برسالتى هذه فألقه إليهم والمراد وارمها أمامهم ثم تول عنهم أى ثم اتركهم يأخذونه فانظر ماذا يرجعون والمراد فاعلم ماذا يقولون ؟وهذا يعنى أن الجواب على الرسالة سيكون دليل على صدق الهدهد وأما عدم الإجابة عليها فمعناه كذبه ومن ثم لابد للقائد من التأكد من صحة عذر الجندى الغائب 

"قالت يا أيها الملأ إنى ألقى إلى كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلو على وأتونى مسلمين "المعنى قالت يا أيها الحضور إنى رميت لى رسالة عظيمة إنها من سليمان وإنه بحكم الرب النافع المفيد ألا تعصونى وجيئونى مطيعين،يبين الله لنبيه (ص)أن الملكة تسلمت الرسالة فقالت لمن حولها يا أيها الملأ وهم الحاضرين :إنى ألقى إلى كتاب كريم والمراد إنى آتتنى رسالة عظيمة المعنى تقول:إنه من سليمان والمراد إن المكتوب من سليمان(ص)وإنه بسم الله الرحمن الرحيم والمراد بحكم الرب النافع المفيد ألا تعلو على والمراد ألا تخالفوا كلامى وأتونى مسلمين أى وأحضروا عندى مطيعين لحكم الله،وهذا يعنى أنه طلب منهم الإسلام وعدم الكفر وهى رسالة موجزة فيها المطلوب بصورة واضحة لا لبس فيها ومنها نتعلم أن الكتابة الحقة تبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وتقول ما تريد فى صورة واضحة لا غموض فيها .

"قالت يا أيها الملأ ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون "المعنى قالت يا أيها الحضور ما كنت متخذة قرارا حتى تشورون على،يبين الله لنبيه (ص)أن الملكة قالت للملأ وهم الحاضرين فى مجلسها وهم حاشيتها أى كبار قومها :يا أيها الملأ أى الحضور :ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون والمراد ما كنت مقررة قرارا حتى تشيرون على وهذا يعنى أنها تطلب مشورتهم حتى تتخذ قرارها .

"قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظرى ماذا تأمرين "المعنى قالوا نحن أهل متانة أى أهل عزة عظيمة والقرار لك ففكرى ماذا تقررين ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الملأ قالوا للملكة :نحن أولوا قوة أى أصحاب منعة وفسروا هذا بأنهم أولوا بأس شديد أى أصحاب عزة أى قوة كبيرة والأمر إليك والمراد والقرار لنفسك فانظرى ماذا تأمرين والمراد فتفكرى ماذا تقررين ؟وهذا يعنى أنهم أخبروها أنهم مستعدون لقتال سليمان (ص)إذا قررت ذلك ولكنهم سينفذون القرار الذى تقرره بعد أن تفكر فى الأمر جيدا .

"قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون وإنى مرسلة لهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون "المعنى قالت إن الحكام إذا غزوا بلدة دمروها وجعلوا أقوياء سكانها مهانين وهكذا يصنعون وإنى باعثة لهم بمال فمنتظرة بما يعود المبعوثون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الملكة قالت للملأ:إن الملوك وهم الحكام إذا دخلوا قرية أفسدوها والمراد إذا احتلوا بلدة دمروها وهذا التدمير فسرته بأنهم :جعلوا أعزة أهلها أذلة والمراد وجعلوا أكابر البلدة أصاغرها وكذلك يفعلون أى وهكذا يصنع سليمان(ص)ومن معه ،وهذا يعنى أن الملكة تخبر الملأ أن الملوك مثل سليمان (ص)يدمرون البلاد التى لا تخضع لحكمهم فيجعلون حكامها أذلة مهانين وهو ما سيفعله إن لم يخضعوا له من البداية ،وقالت وإنى مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون والمراد وإنى باعثة له بمال فمترقبة بما يعود المبعوثون ،وهذا يعنى أنها تريد أن تعرف نية سليمان(ص)عن طريق الهدية وهى المال مصداق لقول سليمان(ص)ردا على رسولها "أتمدونن بمال"فإن قبلها دفعوا له المزيد من المال لأن غايته هى المال وإن رفضها فكرت فى قرار أخر .

"فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما أتانى الله خير مما أتاكم بل أنتم قوم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم أذلة وهم صاغرون "المعنى فلما أتى مبعوثها سليمان (ص)قال له هل تزودننى بمال فما أعطانى الرب أفضل من الذى أعطاكم بل أنتم ناس بمالكم تسرون،عد لهم فلنجيئنهم بعسكر لا قدرة لهم عليهم ولنطردنهم مهانين وهم مطيعون لنا،يبين الله لنبيه (ص)أن رسول الملكة لما جاء أى حضر عند سليمان (ص)قدم له الهدية قال له سليمان(ص)أتمدونن بمال أى هل تزودوننى بهدية ؟والغرض من السؤال هو استنكار الفعل ومن ثم تحرم الهدايا على الحكام ،وقال فما أتانى الله خير مما أتاكم والمراد فالذى أعطانى الله أحسن من الذى أعطاكم ،وهذا يعنى أنه لا يريد منهم المال وإنما يريد منهم الإسلام كما قال فى كتابه لهم ،وقال بل أنتم قوم بهديتكم تفرحون والمراد إن أنتم إلا ناس بمالكم تسرون وهذا يعنى أنهم يسرون بالمال فيستخدمونه فى الحرام وهو هنا رشوة سليمان(ص)وقال ارجع إليهم والمراد عد لهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها والمراد فلنحضرن عندهم بعسكر لا قدرة لهم على قهرهم ولنخرجنهم أذلة وهم صاغرون والمراد فلنطردنهم من البلدة مهانين وهم خاضعون لنا وهذا يعنى أنه سيطردهم من البلدة مهانين ويأخذهم أتباع أى أسرى عندهم .

 "قال يا أيها الملأ أيكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين "المعنى قال يا أيها الحضور أيكم يحضر لى كرسيها قبل أن يحضروا عندى مطيعين ،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان (ص)قال للملأ وهم الحاضرين عنده من الجيش :أيكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين والمراد من منكم يحضر هنا كرسى ملكها قبل أن يجيئونى مطيعين ؟وهذا يعنى أنه يطلب منهم إحضار كرسى ملك ملكة سبأ الذى تجلس عليه بشرط أن يكون لديه قبل موعد حضورهم لديه مسلمين .

"قال عفريت من الجن أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنى عليه لقوى أمين "المعنى قال شخص من الجن أنا أجيئك به قبل أن تنصرف من مجلسك وإنى عليه لقادر مخلص ،يبين الله لنبيه (ص)أن عفريت أى واحد من الجن قال لسليمان(ص)أنا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك والمراد أنا أحضره لك قبل أن تنصرف من مقعدك وإنى عليه لقوى أمين والمراد وإنى على إحضاره لقادر مخلص،وهذا يعنى أن العفريت سيحضره فى وقت قصير هو قبل انصراف سليمان(ص)من مجلسه وهو ما يعنى الوقت الذى يقف فيه من مقعده .

"قال الذى عنده علم من الكتاب أنا أتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربى ليبلونى أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربى غنى كريم "المعنى قال الذى لديه معرفة من الوحى أنا أحضره لك قبل أن يعود إليك بصرك فلما شاهده لديه قال هذا من رحمة خالقى ليختبرنى هل أطيع حكمه أم أخالفه ومن أطاع فإنما يعمل لمنفعته ومن خالف فإن إلهى واسع رزاق ،يبين الله لرسوله (ص)أن الذى عنده علم من الكتاب وهو الذى لديه معرفة ببعض الوحى الإلهى وهو جبريل(ص)قال أنا أتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك والمراد أنا أحضره لك قبل أن يعود إليك بصرك وهذا يعنى أن جبريل(ص)أحضره فى زمن أقل من الزمن الذى يغمض فيه الإنسان عينه ثم يفتحها مرة أخرى وهى سرعة قياسية لا نعرف لها مثيلا حاليا ،ولما أغمض سليمان (ص)عينيه ثم فتحهما رأى العرش وهو كرسى الملك مستقرا عنده أى موجودا أمام بصره فقال :هذا من فضل ربى أى هذا من رحمة إلهى بى ليبلونى أأشكر أم أكفر والمراد ليختبرنى أأطيع حكمه أم أعصى حكمه وهذا يعنى أن الخير بلاء هو الآخر كما قال تعالى بسورة الأنبياء"ونبلوكم بالخير والشر فتنة،وقال ومن شكر فإنما يشكر لنفسه والمراد ومن أطاع فلمنفعته وهذا يعنى أن من يطيع حكم الله فإنما يطيعه من أجل منفعته وهى نصره فى الدنيا والآخرة،وقال ومن كفر فإن ربى غنى كريم والمراد ومن خالف حكم الله فإن خالقى واسع عظيم وهذا يعنى أن الكفر لا ينقص من غنى الله وهو ملكه شيئا ومن ثم يعاقب الكافر بإدخاله النار .

"نكروا لها عرشها ننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون "المعنى غيروا لها كرسيها نعلم هل تعلم أم تصبح من الذين لا يعلمون ،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان(ص)قال للحاضرين نكروا لها عرشها والمراد غيروا لها معالم كرسى ملكها والسبب ننظر أتهتدى أم تكون من الذين لا يهتدون أى نعرف هل تعرف كرسيها أم تكون من الذين لا يعرفون،فالغرض من تغيير مظاهر الكرسى هو أن يعلم مدى علمها بكرسيها .

"فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين "المعنى فلما أتت سألت أهكذا كرسيك ؟أجابت كأنه هو وأعطينا الفهم من قبلها وكنا مطيعين لله وردها ما كانت تطيع من سوى الله إنها كانت من ناس مكذبين،يبين الله لنبيه (ص)أن الملكة لما أتت عند سليمان (ص)سألها أهكذا عرشك أى كرسى ملكك ؟ فأجابت كأنه هو والمراد إنه يشبهه وهذا يعنى أنها عرفت وفهمت فقال سليمان (ص)وأوتينا العلم أى وأعطينا الفهم للحق من قبل فهمها وكنا مسلمين أى مطيعين لحكم الله ،وصدها ما كانت تعبد من دون الله والمراد وردها عن الإسلام الذى كانت تطيع من سوى حكم الله إنها كانت من قوم كافرين أى ناس مكذبين عاصين لحكم الله ،فسبب كفرها هو طاعتها لغير حكم الله .

"قيل لها ادخلى الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إنى ظلمت نفسى وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين "المعنى قيل لها اصعدى للمبنى فلما شاهدته ظنته ماء وحسرت عن رجليها قال إنه مبنى مصنوع من زجاج قالت إلهى إنى بخست نفسى وأطعت مع سليمان (ص)إله الكل،يبين الله لنبيه (ص)أن سليمان(ص)قال للمرأة :ادخلى الصرح والمراد اصعدى للمبنى فلما رأته والمراد لما شاهدت المبنى حسبته لجة والمراد ظنت أن المبنى بركة ماء لذا كشفت عن ساقيها والمراد حسرت ثيابها عن رجليها حتى لا تبتل الثياب فظهرت سيقانها فقال لها سليمان(ص)إنه صرح ممرد من قوارير والمراد إنه مبنى مصنوع من زجاجات وهذا يعنى أن المبنى ظهر كماء لأن المادة التى بنى منها هى الزجاج الشفاف وتحته الماء عند ذلك قالت المرأة رب أى إلهى إنى ظلمت نفسى أى إنى نقصت حق نفسى وأسلمت مع سليمان(ص)لله رب العالمين والمراد واتبعت مع سليمان(ص)حكم الرب خالق الكل وهذا يعنى أنها أعلنت إسلامها بسبب ما رأته من القدرة التى أعطاها الله لسليمان(ص)

"ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون "المعنى ولقد بعثنا إلى ثمود صاحبهم صالحا(ص)أن أطيعوا الرب فإذا هم حزبان يتنازعون،يبين الله لنبيه (ص)أنه أرسل والمراد بعث لثمود أخاهم وهو صاحبهم صالح(ص)فقال لهم اعبدوا الله أى أطيعوا حكم الله فإذا هم فريقان يختصمون والمراد فإذا هم حزبان يختلفون فهذا مؤمن وهذا كافر .

"قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون "المعنى قال يا شعبى لماذا تريدون العذاب قبل النفع لولا تستعفون الرب لعلكم تفوزون،يبين الله لنبيه (ص)أن صالح (ص)قال لقومه يا قوم أى يا شعبى لم تستعجلون والمراد لماذا تريدون العذاب وهو الضرر قبل الحسنة وهو النفع أى الخير مصداق لقوله بسورة الحج"ويستعجلونك بالعذاب"وهذا يعنى أنهم طلبوا منه إنزال العقاب بهم ،لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون والمراد لولا تستعفون الرب أى لولا تطيعون حكم الله لعلكم تفوزون أى تفلحون مصداق لقوله بسورة الحج"وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ".

"قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون"المعنى قالوا تشاءمنا منك وبمن معك قال عملكم لدى الرب بل أنتم ناس تكفرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا لصالح (ص)اطيرنا بك وبمن معك والمراد تشاءمنا بك وبمن آمنوا بك وهذا يعنى أنهم يقولون أن سبب إصابتهم بالأذى هو وجود صالح (ص)والمؤمنين معهم فقال لهم صالح(ص)طائركم عند الله والمراد عملكم لدى الرب تعاقبون بسببه ،بل أنتم قوم تفتنون والمراد إن أنتم إلا ناس تجهلون مصداق لقوله بسورة الأعراف"إنكم قوم تجهلون"أى تكفرون وهذا هو سبب نزول الضرر بهم .

"وكان فى المدينة تسعة رهط يفسدون فى الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون "المعنى وكان فى البلدة تسعة أفراد يظلمون فى البلاد ولا يعدلون قالوا احلفوا بالرب لنهلكنه وجماعته ثم لنقولن لناصره ما رأينا مهلك جماعته وإنا لعادلون،يبين الله لنبيه (ص)أنه كان فى المدينة وهى بلدة ثمود تسعة رهط أى أفراد يفسدون فى الأرض ولا يصلحون والمراد"يبغون فى الأرض بغير الحق"كما قال بسورة الشورى وفسرها بأنهم لا يعدلون فهم كانوا يحكمون بغير حكم الله فى البلاد أى لا يعدلون وقد قالوا:تقاسموا بالله والمراد احلفوا بالله لنبيتنه وأهله والمراد لندمرنه وشيعته المؤمنين به ثم لنقولن لوليه والمراد ثم لنزعمن لربه ما شهدنا مهلك أهله أى ما رأينا دمار شعبه وإنا لصادقون أى وإنا لمحقون فى قولنا وهذا يعنى أن التسعة أفراد حلفوا على قتل صالح(ص)والمؤمنين وحلفوا بالله على الكذب على الله وهو جنون حيث سيقولون أنهم ما رأوا مهلك صالح(ص)والمؤمنين وسيحلفون على ذلك وهو جنون لأنهم يظنون أن الله وهو ولى صالح(ص)يحل فى الأماكن .

"ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فى ذلك لآية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "المعنى وكادوا كيدا وكدنا كيدا وهم لا يعلمون ففكر كيف كان جزاء كيدهم إنا أهلكناهم وشعبهم كلهم فتلك مساكنهم خالية بما كفروا إن فى ذلك لعبرة لناس يفهمون وأنقذنا الذين صدقوا وكانوا يطيعون،يبين الله لنبيه (ص)أن التسعة أفراد مكروا مكرا أى كادوا كيدا ومكر الله مكرا أى وكاد الله كيدا ضده وهم لا يشعرون أى وهم لا يعلمون بكيد الله مصداق لقوله بسورة الطارق"إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا"وهذا يعنى أنهم دبروا مؤامرة قتل القوم فأفشلها الله وهم لا يعلمون بفشلها ويطلب الله من نبيه (ص)أن ينظر كيف كان عاقبة مكرهم والمراد أن يعلم كيف كان جزاء سوءهم وهو كفرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين أى أهلكناهم هم وشعبهم كلهم وهو السوأى أى العقاب مصداق لقوله بسورة الروم"ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى "فتلك بيوتهم خاوية والمراد فتلك مساكنهم خالية منهم بما ظلموا والسبب أنهم كفروا ويبين له أن فى ذلك وهو قصة هلاك ثمود آية أى عبرة لقوم يعلمون أى لناس يعتبرون وهم من يفهمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون والمراد وأنقذنا الذين صدقوا حكم الله وكانوا يطيعون حكمه .

"ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون"المعنى ولوطا(ص)حين قال لشعبه أترتكبون الزنى وأنتم تعلمون أإنكم لتجامعون الذكور رغبة من سوى الزوجات بل أنتم ناس تكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل لوط(ص)إذ قال لقومه والمراد وقت قال لشعبه:أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون والمراد"أتأتون الذكران من العالمين"كما قال بسورة الشعراء والمراد أتفعلون الزنى وأنتم تعلمون حرمته ؟والغرض من السؤال إخبارهم أنهم يفعلون الفاحشة وهم يعلمون حرمة فعلها وقال أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء والمراد هل إنكم لتنيكون الذكور رغبة من دون الزوجات ؟وهذا يعنى أنهم ينيكون الرجال ويتركون نيك الزوجات ،وقال بل أنتم قوم تجهلون والمراد بل أنتم شعب تعتدون مصداق لقوله بسورة الشعراء"بل أنتم قوم عادون ".

"فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين "المعنى فما كان رد شعبه إلا أن قالوا اطردوا أهل لوط من بلدتكم إنهم أناس يتزكون فأنقذناه وأسرته إلا زوجته جعلناها من الهالكين وأسقطنا عليهم حجارة فقبح نزول المخبرين ،يبين الله لنبيه (ص)أن جواب قوم لوط (ص)وهو رد شعب لوط على دعوته هو قولهم :أخرجوا آل لوط من قريتكم والمراد أبعدوا أسرة لوط من بلدتكم والسبب أنهم أناس يتطهرون أى يتزكون أى يعملون الحق ،فكان الحادث أن أنجيناه وأهله إلا امرأته والمراد أن أنقذناه وأسرته من العذاب إلا زوجته قدرناها من الغابرين أى جعلناها من الهالكين بسبب كفرها وأمطرنا عليهم مطرا والمراد فأسقطنا عليهم حجارة من سجيل مصداق لقوله بسورة هود"وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود"فساء مطر المنذرين أى فقبح عقاب المبلغين بحكم الله العاصين له .

"قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أالله خير أم ما يشركون "المعنى قل الطاعة لله والخير لخلقه الذين اختار هل الرب أفضل أم الذى يعبدون ؟يطلب الله من نبيه (ص)أأأن يقول الحمد لله أى الطاعة لأمر الله مصداق لقوله بسورة الرعد "لله الأمر جميعا "وسلام على عباده الذين اصطفى والمراد والخير وهو الرحمة لخلقه الذين اختار وهم الرسل (ص)أالله خير أم ما يشركون أى "أأرباب متفرقون خير أم الله"كما قال بسورة يوسف والمراد هل الرب أحسن أم ما يعبدون من دونه ؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الله أفضل من الآلهة المزعومة والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس

"أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرتها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون "المعنى هل من أنشأ السموات والأرض وأسقط لكم من السحاب مطرا فأخرجنا به جنات صاحبة جمال ما كان لكم أن تنموا نباتها هل رب مع الله ،إنهم ناس يشركون،يسأل الله أمن خلق أى "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وأنزل لكم من السماء وهى السحاب ماء أى مطر فأنبتنا به حدائق ذات بهجة أى فأخرجنا به جنات ذات كرامة أى جمال أى نفع  ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أى ما كان لكم أن تنموا نباتها أم من لا يخلق؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن الله منزل المطر لنمو النبات أفضل من الآلهة المزعومة وأننا عاجزين عن إنبات الشجر،وسأل أإله مع الله والمراد هل مع الله ربا ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الله وحده الإله وغيره ليسوا آلهة،ويبين لهم أن كفار القوم أى يشركون والمراد شعب يكفرون بربهم .

 "أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسى وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون "المعنى هل من خلق الأرض مسكنا وخلق فيها عيونا وخلق لها جبال وخلق بين الماءين سدا ،أرب مع الله؟ إن معظمهم لا يؤمنون ،يسأل الله أمن جعل الأرض قرارا والمراد هل من أنشأ الأرض مسكنا لكم وجعل خلالها أنهارا والمراد وخلق فى يابسها عيونا للماء العذب وجعل لها رواسى والمراد وخلق لها مثبتات هى الجبال وجعل بين البحرين حاجزا والمراد وخلق بين الماء العذب والماء المالح برزخا أى سدا مصداق لقوله بسورة الرحمن "مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان"أم من لا يخلق شىء؟والغرض من السؤال هو إخبارهم الله الخالق أفضل من الآلهة المزعومة التى لا وجود لها كآلهة والتى لا تخلق شيئا ،ويسأل أإله مع الله والمراد أيوجد رب مع الله ؟والغرض من السؤال إخبار الكل أن لا رب سوى الله ،بل أكثرهم لا يعلمون والمراد أن أغلب الناس لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون " والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس

"أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون "المعنى هل من يعلم بالمجبر إذا ناداه ويزيل الضرر ويعينكم حكام البلاد ؟أرب مع الله ؟قليلا ما تطيعون الله،يسأل الله :أمن يجيب المضطر إذا دعاه والمراد هل من يسمع المجبر وهو المضرور إذا ناداه طالبا كشف الضرر ويكشف السوء أى ويزيل الضرر مصداق لقوله بسورة النحل"ثم إذا كشف الضر "ويجعلكم خلفاء الأرض والمراد ويعينكم حكام البلاد أفضل أم من لا يزيل الضرر ولا يجعلكم حكاما للبلاد ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله أفضل من الآلهة المزعومة ،ويسأل أرب مع الله والمراد هل يوجد خالق مع الله؟والغرض من السؤال إخبار الكل أن الله وحده الإله،ويبين للناس أنهم قليلا ما يذكرون أى عدد قليل منهم هم من يذكرون أى يطيعون حكمه أى يشكرونه مصداق لقوله بسورة السجدة "قليلا ما تشكرون"

" أمن يهديكم فى ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته أإله مع الله تعالى عما يشركون "المعنى هل من يرشدكم فى حوالك اليابس والماء ومن يبعث الهواء المتحرك مقدمة أمام نفعه أرب مع الله ارتفع الله عن الذى يعبدون،يسأل الله أمن يهديكم فى ظلمات البر والبحر والمراد هل من يرشدكم بالنجوم فى ظلام اليابس والماء مصداق لقوله بسورة الأنعام "وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها فى ظلمات البر والبحر"ومن يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته والمراد ومن يبعث الهواء المتحرك أمام نفعه وهو المطر أفضل أم الآلهة المزعومة ؟أإله مع الله أى أرب مع الله؟والغرض من الأسئلة إخبار الناس أن الله الذى يهديهم فى الظلمات ويرسل المطر والهواء أفضل ممن لا يفعل شىء من هذا وهو الرب الوحيد ،تعالى عما يشركون أى الله أفضل من الذى يصفون أى يعبدون مصداق لقوله بسورة الأنعام"سبحانه وتعالى عما يصفون"والخطاب وما بعده للنبى(ص) ومنه للناس

"أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم  إن كنتم صادقين "المعنى هل من يخلق الشىء ثم يرجعه ومن يعطيكم من السماء والأرض ،أرب مع الله؟قل أحضروا دليلكم إن كنتم محقين،يسأل الله أمن يبدؤا الخلق ثم يعيده والمراد هل من يخلق المخلوق ثم ينشئه النشأة الأخرى مصداق لقوله بسورة العنكبوت "كيف بدأ الخلق ثم الله ينشىء النشأة الأخرى "ومن يرزقكم أى يعطيكم الخير من السماء والأرض أفضل من الآلهة المزعومة ؟أإله مع الله أى أرب مع الله ؟والغرض من الأسئلة هو إخبار الناس أن الله خير من الآلهة المزعومة وهو الإله الوحيد،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين والمراد أحضروا دليلكم إن كنتم عادلين وهذا يعنى هاتوا وحى من عند الله يثبت وجوب عبادة آلهة أخرى معه .

 "قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون إيان يبعثون "المعنى قل لا يدرى من فى السموات والأرض الخفى إلا الرب وما يعلمون متى يرجعون ؟يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :لا يعلم أى لا يعرف من فى السموات والأرض الغيب وهو الخفى أى السر من الأشياء إلا الله مصداق لقوله بسورة الفرقان"الذى يعلم السر فى السموات والأرض "وما يشعرون إيان يبعثون والمراد وما يعرفون متى يرجعون وهذا يعنى أن الأموات لا يعلمون بوقت عودتهم للحياة مرة أخرى والخطاب للنبى(ص) ومنه للناس وما بعده له

"بل ادارك علمهم فى الآخرة بل هم فى شك منها بل هم منها عمون "المعنى لقد ذهبت معرفتهم فى القيامة أى هم فى تكذيب له أى هم عنها غافلون،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار ادارك علمهم فى القيامة والمراد زالت معرفتهم بالقيامة وهذا يعنى أنهم نسوا العمل للآخرة وفسر هذا بأنهم فى شك منها أى فى تكذيب بالساعة مصداق لقوله بسورة الفرقان"بل كذبوا بالساعة"وفسر هذا بأنهم منها عمون والمراد أنهم بها مكذبون أى هم عنها معرضون أى غافلون .

"وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وأباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين "المعنى وقال الذين كذبوا هل إذا كنا فتاتا وآباؤنا هل إنا لمبعوثون لقد أخبرنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أكاذيب السابقين،يبين الله الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا :أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون والمراد هل إذا كنا فتاتا وآباؤنا هل إنا مبعوثون للحياة مرة أخرى مصداق لقوله بسورة المؤمنون "أإنا لمبعوثون"لقد وعدنا أى أخبرنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين أى تخاريف السابقين والمراد أكاذيب السابقين .

"قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين"المعنى قل تحركوا فى البلاد فاعلموا كيف كان جزاء الكافرين،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس سيروا فى الأرض أى تحركوا فى البلاد فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين أى فاعلموا كيف كان جزاء المكذبين مصداق لقوله بسورة النحل"فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين "والغرض من القول أن يأخذوا من السير فى الأرض العظة والعبرة مما حدث للأقوام الهالكة والخطاب وما قبله للنبى(ص)ومنه للكفار وما بعده له وما بعده

"ولا تحزن عليهم ولا تكن فى ضيق مما يمكرون "المعنى ولا تأسى عليهم ولا تصبح فى غم مما يدبرون،يطلب الله من نبيه (ص)ألا يحزن أى ألا يأسى أى ألا يخاف على الكفار مصداق لقوله بسورة المائدة "فلا تأس على القوم الكافرين"ولا تكن فى ضيق مما يمكرون والمراد ولا تصبح فى غم بسبب ما يعملون من أذى للمسلمين .

"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "المعنى ويتساءلون متى هذا الفتح إن كنتم عادلين فى قولكم ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار قالوا متى هذا الوعد أى "متى هذا الفتح "كما قال تعالى بسورة السجدة والمراد متى هذا الخبر وهو العذاب إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم بوقوع العذاب وهذا يعنى أنهم يكذبون بالقيامة .

"قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذى تستعجلون وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون "المعنى قل لعل أن يكون أرسل لكم بعض الذى تريدون وإن إلهك لصاحب رحمة للخلق ولكن معظمهم لا يؤمنون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار عسى أن يكون ردف لكم بعض الذى تستعجلون والمراد عسى أن يكون بعث لكم بعض الذى تريدون من العذاب الأدنى مصداق لقوله بسورة السجدة "ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر "وهذا يعنى أنه سينزل عليهم بعض العذاب الدنيوى،ويبين الله لنبيه (ص)أن ربه ذو فضل على الناس والمراد أن خالقه صاحب رحمة بالعالمين مصداق لقوله بسورة البقرة "ولكن الله ذو فضل على العالمين "ولكن أكثر الناس لا يشكرون والمراد ولكن أغلب الخلق لا يطيعون حكم الله والخطاب وما بعده للنبى(ص)

"وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبة فى السماء والأرض إلا فى كتاب مبين "المعنى وإن إلهك ليعرف الذى تخفى نفوسهم وما يبدون وما من خفية فى السماء والأرض إلا فى سجل عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)أن ربه وهو خالقه يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون والمراد يعرف الذى تكتم قلوبهم مصداق لقوله بسورة الأحزاب"والله يعلم ما فى قلوبهم"والذى يبدون مصداق لقوله بسورة النور"والله يعلم ما تبدون وما تكتمون "وما من غائبة أى خفية فى السماء والأرض إلا فى كتاب مبين والمراد إلا فى سجل كبير  .

"إن هذا القرآن يقص على بنى إسرائيل أكثر الذى هم فيه يختلفون وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين"المعنى إن هذا الوحى يحكى لأولاد يعقوب(ص)أغلب الذى هم فيه يتنازعون وإنه لرشاد أى نفع للمصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)أن القرآن وهو وحى الله يقص على بنى إسرائيل والمراد يبين لأولاد يعقوب(ص)أكثر الذى هم فيه يختلفون أى معظم الذى فيه يتنازعون والمراد أن القرآن يظهر لهم حكم الله فى المسائل التى تجادلوا فيها والقرآن هدى أى رحمة أى بشرى للمسلمين مصداق لقوله بسورة النحل"وبشرى للمسلمين"

"إن ربك يقضى بينهم بحكمه وهو العزيز العليم فتوكل على الله إنك على الحق المبين "المعنى إن إلهك يفصل بينهم بقضاءه وهو الغالب الخبير واحتمى بطاعة الرب إنك على الدين العادل،يبين الله لنبيه (ص)أن ربه وهو خالقه يقضى بينهم بحكمه أى يفصل بينهم يوم القيامة بقضاءه العادل مصداق لقوله بسورة الحج "إن الله يفصل بينهم يوم القيامة "والله هو العزيز أى الغالب على أمره الخبير وهو العليم بكل شىء ويطلب منه أن يتوكل على الله أى أن يحتمى بطاعة حكم الله من عذاب الله ،ويبين له أنه على الحق المبين أى الدين العادل وهو الخلق العظيم مصداق لقوله بسورة القلم"وإنك لعلى خلق عظيم "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص)

"إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون وما أنت بهاد العمى عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون "المعنى إنك لا تعلم الهلكى أى لا تعلم الكفار الوحى إذا أعرضوا مكذبين أى ما أنت بمبعد الكاذبين عن كفرهم ،إن تعلم إلا من يصدق بأحكامنا فهم مطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لا يسمع الموتى والمراد أنه لا يعلم الكفار وهم الهلكى الوحى وفسر هذا بأنه لا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون والمراد أنه لا يعلم الكفار الهدى وهو الوحى إذا ما يبلغون الوحى مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا "وفسر هذا بأنه ما هو بهاد العمى عن ضلالتهم والمراد أنه ما هو بمبعد الكفار عن كفرهم ،ويبين له إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون والمراد إن تبلغ إلا من يصدق بأحكامنا فهم مطيعون لها وهم متبعى الذكر مصداق لقوله بسورة يس"إنما تنذر من اتبع الذكر ".

"وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون "المعنى وإذا حدث الخبر لهم أطلعنا لهم دابة من اليابس تحدثهم إن الخلق بأحكامنا لا يؤمنون ،يبين الله لنبيه (ص)أن القول وهو القيامة إذا وقع عليهم أى صدق فيهم والمراد حدثت لهم مصداق لقوله بسورة الذاريات "إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع"يحدث التالى أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم والمراد خلقنا لهم حيوان من التراب يتحدث معهم وهذا يعنى أن الدابة من علامات الساعة ويبين الله له أن الناس بآياته لا يوقنون والمراد أن الخلق بأحكام الله لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة هود"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون "وهذا يعنى أنهم لا يصدقون  بها والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص)

"ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتى ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون ووقع القول بما ظلموا فهم لا ينطقون "المعنى ويوم نخرج من كل جماعة طائفة فمن يكفر بأحكامنا فهم يتقدمون حتى إذا أتوا قال أكفرتم بأحكامى أى لم تعملوا بها حسنا أماذا كنتم تفعلون وحق الخبر بما كفروا فهم لا يعتذرون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم يحشر من كل أمة فوجا والمراد أن فى يوم يبعث أى يخرج أى ينزع الله من كل شيعة بعضا ممن يكذب بآيات الله وهم من الذين يكفرون بأحكام الله وهم أيهم أشد على الرحمن عتيا مصداق لقوله بسورة مريم "ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا "فهم يوزعون أى يتقدمون القوم أى يقودون الأمة للنار حتى إذا جاءوا أى دخلوا النار قال الله لهم على لسان الملائكة :أكذبتم بآياتى أى هل كفرتم بأحكامى ولم تحيطوا بها علما أى لم تعملوا بها طاعة لى أماذا كنتم تعملون أى هل غير هذا كنتم تكسبون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم بآيات الله وأنهم لم يعملوا بها وفسرنا العلم بالعمل لأن من لم يعمل بالعلم فهو جاهل وليس عالم،ووقع القول بما ظلموا والمراد حقت عليهم كلمة العذاب والسبب ما كفروا بآيات الله ومن ثم فهم لا ينطقون أى لا يتكلمون والمراد لا يعتذرون عن عملهم لأن الله حرم كلامهم وهو اعتذارهم لقوله بسورة المرسلات "هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون " .

"ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يؤمنون "المعنى هل لم يعلموا أنا خلقنا الليل ليرتاحوا فيه والنهار مضيئا إن فى ذلك لبراهين لناس يصدقون،يسأل الله ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والمراد هل لم يدروا أنا خلقنا الليل ليلبسوا أى يرتاحوا فيه والنهار مبصرا أى مضيئا ليعيشوا أى ليصحوا فيه مصداق لقوله بسورة النبأ"وجعلنا الليل لباسا والنهار معاشا"وهذا يعنى أن الناس علموا أن الله خلق الليل للنوم والنهار للعيش وهو الحياة ويبين أن فى ذلك وهو خلق الليل والنهار آيات لقوم يؤمنون والمراد براهين على وجوب طاعة الله وحده لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الرعد"لقوم يعقلون ".

"ويوم ينفخ فى الصور ففزع من فى السموات ومن فى الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين "المعنى ويوم ينادى فى البوق فخاف من فى السموات ومن فى الأرض إلا من أراد الرب وكل جاءوه مطيعين ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم ينفخ فى الصور والمراد أن يوم ينقر فى الناقور مصداق لقوله بسورة المدثر "فإذا نقر فى الناقور"والمراد يوم ينادى فى البوق ففزع والمراد فارتعب من فى السموات والأرض إلا من شاء الله والمراد إلا من رحم الله وهم المسلمون أهل الجنة لقوله بسورة الأنبياء"لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون "ويبين لنا أن الكل فزعين وآمنين أتوه داخرين أى جاءوا الله مطيعين أى عبيد مصداق لقوله بسورة مريم "إن كل من فى السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا "والخطاب للنبى(ص) وما بعده

"وترى الجبال تحسبها هامدة وهى تمر مر السحاب صنع الله الذى أتقن كل شىء إنه خبير بما تفعلون "المعنى وتشاهد الرواسى تظنها جامدة وهى تسير سير الغمام عمل الرب الذى أحسن كل مخلوق إنه عليم بما يصنعون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه فى يوم القيامة يرى الجبال فيحسبها هامدة والمراد يشاهد الرواسى فيعتقد أنها ثابتة لا تتحرك وهى تمر مر السحاب والمراد وهى تسير سير الغمام مصداق لقوله بسورة النبأ"وسيرت الجبال فكانت سرابا "وهذا صنع الله والمراد عمل الرب الذى أتقن كل شىء والمراد الذى أحسن كل مخلوق خلقه مصداق لقوله بسورة السجدة"الذى أحسن كل شىء خلقه "ويبين للناس أنه خبير بما تفعلون والمراد أنه عليم بما تعملون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة المؤمنون "إنى بما تعملون خبير ".

"من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون "المعنى من أتى بالنافعة فله أفضل من النار وهم من رعب يومذاك مطمئنون ومن أتى بالضارة فدخلت نفوسهم جهنم هل تعاقبون إلا بعقاب الذى كنتم تفعلون ،يبين الله لنبيه (ص)أن من جاء بالحسنة والمراد من حضر يوم القيامة بالنافعة وهى نفسه المؤمنة العاملة للصالحات فله خير منها والمراد فله أحسن من النار وهو الجنة وهم من فزع يومئذ آمنون والمراد والمسلمون من رعب يوم القيامة وهو النار مطمئنون والمراد بعيدون عن النار مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر "ويبين لنا أن من جاء بالسيئة والمراد من حضر بالكفر فكبت وجوههم فى النار والمراد فدخلت أنفسهم جهنم ويقال لهم هل تجزون إلا ما كنتم تعملون والمراد هل تعاقبون إلا بعقاب الذى كنتم تكسبون مصداق لقوله بسورة يونس"هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ".

"إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذى حرمها وله كل شىء وأمرت أن أكون من المسلمين "المعنى إنما أوصيت أن أطيع إله هذه القرية التى باركها وله كل مخلوق وأوصيت أن أصبح من المطيعين ؟يبين الله لنا أن النبى (ص)عليه أن يقول للناس إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة والمراد إنما أوصيت فى الوحى أن أطيع حكم خالق هذه القرية وهى مكة الذى حرمها أى منعها وهذا يعنى أنها ممنوعة لا يقدر أحد على مسها بسوء ،وله كل شىء أى وله ملك كل مخلوق والمراد له "ملك السموات والأرض"كما قال بسور عديدة وأمرت أن أكون من المسلمين أى وأوصيت أن أكون من المطيعين وهم المؤمنين وهو تفسير للعبادة فى الوصية السابقة مصداق لقوله بسورة يونس"وأمرت أن أكون من المؤمنين "والخطاب للنبى(ص)محذوف أوله ومنه للناس هو وما بعده  وما بعده

"وأن أتلوا القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين "المعنى وأن أبلغ الوحى لكم فمن أطاع فلمنفعته ومن عصى فقل إنما أنا من المبلغين،يبين الله لنا أن النبى (ص)عليه أن يقول للناس:وأن أتلوا القرآن والمراد ومن واجبى أن أبلغ الوحى لكم فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه والمراد "فمن أبصر فلنفسه"كما قال بسورة الأنعام والمعنى فمن أطاع الوحى فلمنفعته يعمل ومن ضل أى عصى فقل إنما أنا من المنذرين أى المذكرين بالوحى مصداق لقوله بسورة الغاشية "إنما أنت مذكر"

"وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون "المعنى وقل الطاعة لله سيعرفكم علاماته فتعلمون بها وما إلهك بساهى عن الذى تفعلون،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس الحمد لله أى الطاعة لحكم الله وحده سيريكم آياته فتعرفونها والمراد سيشهدكم علاماته وهذا يعنى أن الله سيجعل الناس يشاهدون مخلوقاته فى الأفاق وفى أنفسهم الدالة على صدق القرآن فيعرفونها أى فيعلمون بها من خلال  المشاهدة مصداق لقوله بسورة فصلت "سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى لأنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق "،ويبين له أنه ليس بغافل عما يعملون أى ليس بساهى عن الذى يفعلون

 

 

 

اجمالي القراءات 48590