سوأة آدم وزوجه

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٣ - مارس - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال : قرأت الفتوى عن السوأة وقلت ان المقصود بها هى جثة الانسان بعد موته ، وأتفق معك فى أن الأكرم لها دفنها كما هى ، دون غسل أو تكفين ، وسبق لك مقال فى هذا ، ولكن اسمح لى يا دكتور بأن كلمة السوأة وردت أيضا فى قصة آدم وحواء حين اكلا من الشجرة فى سورة الأعراف : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) الاعراف ) .
آحمد صبحي منصور

الاجابة

1 ـ كلامك صحيح .

2 ـ الذى سيطر على تفكيرى وقتها هى السوأة بمعنى الجثة البشرية الحالية بعد موت صاحبها ، وهذا لسبيين :

2 / 1 : أنى الان قد جاوت 75 عاما مثقلا بالأمراض ، أى أقترب من الموت داعيا ربى جل وعلا أن يرضى عنى ويقبل توبتى ويتجاوز عن سيئاتى . أوصيت أولادى أنه بموتى فعليهم الاسراع بدفن جثتى كما هى بلباسها الذى عليها، وتراجعت عن وصيتى السابقة بحرق جثتى ــ وكنت كتبتها مقالا ــ لأن زوجتى وأولادى إستبشعوا هذا . وأؤكد دائما إن الكينونة الحقيقية للبشر هى النفس ، وأنها ترتدى هذا الجسد مؤقتا ، وتفارقه مؤقتا بالنوم وتفارقه نهائيا بالموت . وعند الموت تنتهى علاقتها بهذا الجسد الذى ترتديه . ولكن البشر يرون فى هذه ( الجثة / الجيفة ) هو الشخص العزيز الذى تركهم ، لذا يتفننون فى تكريمه . هذا بينما تستقر النفس بعد موت جسدها فى قبر خاص بها فى برزخها ، ومعها كتاب أعمالها ، لا تشعر بالزمن . ثم ينزل بالبعث ماء الحياة فتحيا الأنفس ، ويظن الكافرون أنهم ما لبثوا سوى عشية أو ضحاها أو يوما أو بعض يوم . هذا هو الذى يجب أن نهتم به ، والذى يجب أن نعمل له .  

2 / 2 : عبادة المحمديين وغيرهم للجثث / الجيف . يعبدون قبورا يقدسون أصحابها والذين تحولوا الى تراب ، هذا إذا كان الميت مدفونا فيه فعلا ، ولكن أشهر القبور المقدسة مُقامة على جثث أو جيف وهمية لا وجود لها أصلا ، مثل القبور المقدسة المنسوبة للنبى محمد وللحسين وزينب شقيقته .

3 ـ شكرا على تنبيهنا لقوله جل وعلا : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26) يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27)الاعراف). أقول :

3 / 1 : خلق الله جل وعلا آدم وزوجه من طين ، وأنزل الله جل وعلا على جسديهما البشرى لباسا نورانيا برزخيا يلائم الجنة البرزخية التى عاشها فيها . بالنسبة لهذا اللباس النوراى كان جسدهما المادى سوأة . ولم يكونا فى جنة البرزخ يعرفان جسديهما المخفى . حين أكلا من الشجرة المحرمة تبدّت ملامح جسدهما المادى الذى هو سواة ، وأخذا الشيطان يتشفى فيهما ينزع عنهما لباسهما النوراى ويريهما جسدهما البشرى الذى يسوء النظر اليه .

3 / 2 : البديل لنا نحن أبناء آدم هو التمسُّك بالكتاب الالهى الموصوف بالنور ، وهذا هو تقوى الله جل وعلا . الذى يتقى الله جل وعلا يعيش فى نور هدايته . قال جل وعلا :

3 / 2 / 1 :( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122)  الانعام ) .

3 / 2 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28)  الحديد ).

3 / 3 : نور الهداية المعنوى فى الدنيا سيتحول فى الآخرة الى نور حقيقى للمتقين . والآيات كثيرة ، عرضنا لها فى مقال فى القاموس القرآنى عن ( النور )، منها قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)  التحريم )

4 ـ اللهم إجعلنا منهم يا رب العالمين .!

اجمالي القراءات 2005