الدراما التركية

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٢ - يناير - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
تحياتي دكتور صبحي منصور، يجب أن أذكر هذه النقطة التي ذكرتها في رسائلي الإلكترونية مسلسل انتفاضة أرطغرل ومسلسل عثمان الجماهير، ولكن من الواضح جدًا أنه في جميع المسلسلات التاريخية تقريبًا يعبر المؤلف عن محتواه الخاص، ومسلسل أرطغرل وعثمان هو أيضا مؤلف العديد من القصص، ويبدو أنه صرح أنه ليس له مصدر تاريخي، كما قلت، لا أؤكد حروب أرطغرل وعثمان ضد روما، وحتى أعتقد أن شخصية تكفور نيكولا في المسلسل مثيرة للاهتمام بكل عيوبها. وبطبيعة الحال، وبحسب التاريخ، فإن أرطغرل وعثمان لم يتقاتلا مع المغول كما يظهر في المسلسل. ولكن من الواضح من التاريخ أن أرطغرل وعثمان، عندما غزا المغول العديد من الأراضي، حاول هؤلاء الأشخاص الحفاظ على إدارتهم الذاتية من المغول قدر استطاعتهم، على الرغم من أنهم في بعض الأحيان لم يتمكنوا من ذلك واضطروا إلى دفع فدية ل المغول، لكن جهودهم كانت إدارة ذاتية، وهذا الجهد قيم، وهذان الشخصان تأثرا بالصوفية الخراسانية، أو الصوفية الذين تأثروا بهم تأثروا بالصوفية الخراسانية، وربما تأثر الصوفية الخراسانية بهم. وكانت مروءة خراسان . من المحتمل أن طقوس الفروسية هذه قد تأثرت بالميثراسية . من المحتمل أن تكون للمسلسلات أهداف سياسية ومحتوى مخالف للتاريخ، لكنها بشكل عام مسلسلات مثيرة للاهتمام .
آحمد صبحي منصور

الإجابة   :  

1 ـ الدراما التركية التاريخية لها هدف سياسى يتماشى مع ( السلطان العثمانى الحالى ) رجب أردوغان  ومع نزعة التمجيد الأتاتوركية التى يعلو بها الأتراك على الأكراد داخل الدولة التركية ( وهم السكان الأصليون ) وعلى غيرهم من العرقيات الأخرى داخل تركيا ، يكفى أن الأتراك وهم أصلا وافدون من أواسط آسيا سموا دولتهم على إسمهم تركيا  ، نزعوا اسم العثمانيين وصلتهم بالدين ( حيث كان الخليفة العثمانى هو السلطان " الروحى " للسنيين ) وأحلوا محله العلمانية المتطرفة والأتاتوركية .

2 ـ قبل مسلسل ( حريم السلطان ) وفى تسعينيات القرن الماضى نشرت مقالات تاريخية عن روكسانة حبيبة ومحظية السلطان سليمان القانونى ، وعن طقوس الحريم فى القصور العثمانية . ثم من عام مضى شاهدت مسلسل حريم السلطان وعجبت للمبالغات والاسفاف والتطويل ، ثم بعد مشاهدات سريعة لبعض حلقات من مسلسلات أخرى تاريخية واجتماعية تأكّدت ان الدراما التركية أكثر تخلفا من الدراما المصرية .

3 ـ المسلسلات التركية انتشرت لأنها :

3 / 1 :  تملأ فراغ سيدات البيوت ، إحداهن تشاهد حلقة ثم تغيب فى المطبخ أو تقضى بعض شئونها أو تهاتف صاحبتها ثم تعود لاستئناف مشاهدة الحلقة فتجد أن لا شىء فاتها من الأحداث ، فهى بطيئة ومُملّة وطويلة ، والحوارات فيها أكثر من الحركة ، أى مسلسلات إذاعية مصورة ، ويمكن إختصار مسلسل من ثلاثين حلقة الى مجرد سهرة مدتها ساعة .

3 / 2  ـ تملأ الفراغ عند العرب بسبب قلة وتدهور الدراما المصرية التى كانت لها الريادة من قبل ، ثم تدهور وغياب الدراما السورية وعدم وجود بديل عربى من السعودية والامارات يملأ الفراغ . خلا الجو للدراما التركية فأصبحت مطلوبة ومشهورة فى زمننا الأغبر زمن السقوط .

4 ـ لنا دراسات عن العثمانيين من بدايتهم الى إعتناقهم التصوف السّنى ( على إنه الاسلام ).    التصوف مستنقع يحوى فى داخله نفايات الأديان الأرضية السابقة ، ويعيد صياغتها .

5 ـ غزا العثمانيون مصر وتعرضنا لهذا فى رسالتنا للدكتوراة فى فصل عن أثر التصوف فى سقوط الدولة المملوكية واحتلال العثمانيين  للامبراطورية المملوكية فى الشام ومصر والحجاز . كان حكمهم العثمانيين فوقيا متعاليا ، تركز إهتمامهم على أخذ الجزية ، ولم يهتموا بأى إصلاح أو حتى بنشر لسانهم التركى أو دينهم السنى الصوفى فى الجزء الخاضع لهم من شرق أوربا .  

6 ـ أثناء قوتهم تلاعبوا بأوربا ثم ضعفوا فتلاعبت بهم أوربا ، وأطلقت عليهم ( رجل أوربا المريض ) ، وعملت روسيا على التهامها ، ووقفت ضدها انجلترة تؤجل هذا للوقت المناسب الذى تستحوذ فيه على كل الكعكة العثمانية  .

7 ـ كانت الدولة العثمانية  قطعة من ظُلُمات العصور الوسطى ، والتى شملت العالم وقتها ، ولكن خرجت أوربا من هذه الظلمات وتقدمت وتطورت ، وظلت الدولة العثمانية راكدة فى بحر الظلمات ، فضعفت وإنشغل سلاطينها بالانحلال الخلقى الطبيعى والشاذ مع الخصيان ، وفى النهاية إنتقلت لمتحف التاريخ ، وسقطت غير مأسوف عليها .

8 ـ هل يسمح اردوغان بأعمال درامية عن السلاطين العثمانيين المنحلين خلقيا والذين كانوا يتحكم فيهم الجوارى والخصيان ؟ وهل يسمح بدراما عن حفلات قتل السلطان لأخوته وأشقائه كأحد الطقوس المتبعة بعد تتويجه ؟ وماذا عن السلطان عبد الحميد الثانى أشهر سلاطين العثمانيين فى العصر الحديث و خليفة المسلمين وعلاقته الملتبسة بيهود الدونما ؟ لن يسمح اردوغان بذلك ، فهو المبهور بالتاريخ العثمانى ويتمنى إسترجاعه ولو بالدراما الهابطة . 

اجمالي القراءات 2048