رجح باحث سعودي أن تكون ليلة القدر يوم الثلاثاء 27 رمضان الموافق 9-10-2007، وهي المتعارف عليها أنها ليلة ختم القرآن الكريم في الحرمين الشريفين ومعظم مساجد السعودية.
وقال ممدوح الجبرين الذي يواظب منذ 9 سنوات على رصد التغيرات الفلكية لأيام رمضان في محاولة لتحديد هذه الليلة اعتمادا على علاماتها التي جاءت في السُنّة والتراث الإسلامي، إن الشمس صبيحة ذلك اليوم ستشرق بلا شعاع، وهي إحدى العلامات التي تحدث بها المسلمون الأوائل.
وأكد لـ"العربية.نت" أنه يقوم مع بعض المهتمين بتوثيق علامات هذه الليلة منذ 3 أعوام بالتصوير الفوتوغرافي، وأنهم أصبحوا يعرفونها ويرصدونها، وبينهم من شاهدها فعلا.
لكن مستشار وزارة العدل السعودية د. عبد المحسن العبيكان قال لـ"العربية.نت" إن محاولات الباحثين لتحديد ليلة القدر وتنبؤات الفلكيين، أو من يدعون رؤيتهم رؤى وأحلاما تحددها في يوم معين، مخالف للسنة النبوية.
جدير بالذكر أن شهود عيان في قرية هجرة مشلح (330 كلم شمال العاصمة الرياض) أكدوا في وقت سابق أنهم شاهدوا علامة ليلة القدر المباركة، تمثلت في ضوء سماوي قوي كاشف، غطى كامل منطقتهم ليل الجمعة- السبت الموافق 23-24 رمضان.
شمس بدون شعاع
وقال الجبرين، الذي يقطن منطقة حائل بشمال السعودية لـ"العربية.نت" إن الشمس صبيحة ليلة القدر تطلع لا شعاع لها كما ورد في النص النبوي عن أبي بن كعب رضي الله عنه، والذي أقسم في الصحيح أنه يعرفها، وقال إنها ليلة سبع وعشرين كما ورد في الحديث الشريف".
ورجح أن تكون ليلة القدر من الوتر من العشر الأواخر ليلة الثلاثاء، ويبدأ توقيتها بمغرب شمس يوم الاثنين.
وقال الجبرين إنه "بمعرفة تحديد ليلة القدر، نستطيع تكوين تقويم يـُحدد فيه ليلة القدر لكل المسلمين، وجدول تنقّلاتها في الوتر من العشر الأواخر، وبذلك نضبط رؤية هلال شهري رمضان وذي الحجة. وبالتالي كل السنة الهجريّة بعباداتها المختلفة والمهمّـة".
وناشد الجبرين من يشكك في كلامه رؤية صبيحة ليلة الثلاثاء ومقارنتها بصباحات أخرى من العشر الأواخر في رمضان. واقترح على العلماء في السعودية تكوين هيئة عاجلة لتحرّي ليلة القدر ومتابعة طلوع الشمس صبيحتها، ورصد هذه الظاهرة الفلكية.
مستحيل علمياً
إلا أن عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك د.خالد الزعاق، وهو أيضاً عضو المشروع الإسلامي لرصد الأهلة، قال لـ"العربية.نت" إن المتنبئين يتكئون على الأحاديث النبوية، ومنها حديث أبي بن كعب "إن الشمس تشرق صباح ليلة القدر ولا شعاع لها ويكون الطقس فيها مختلفا".
واستطرد "علميا يستحيل أن تشرق الشمس دون شعاع. ومن ناحية اعتدال الجو معلوم أنه لو زادت درجة حرارة الشمس أو انخفضت لانهارت الحياة على الأكوان، لأن الشمس والقمر وضعا في أماكن محددة للكون، بحيث لاتؤثر على الأكوان الأخرى، ولم يثبت علميا أن الشمس في يوم محدد من الأيام لاتشع".
وأضاف: بحسب المنطق العلمي ورصدي السماوات طيلة 25 عاما، لم يثبت لي أن الشعاع تغير لابرمضان ولا غيره. ولدي أجهزة متطورة للغاية في مرصدي الفلكي الخاص، ولم يتبين لي عبر القراءة أي اختلافات، ومن يتنبئون بها يستخدمون أساليب ومنطقا لا يتوافق مع الواقع العلمي والنظري لليلة القدر التي تعد مقرونة برؤية الهلال الرؤية الصحيحة المختصة.
وتابع الزعاق: "شخصياً لا أصدق من يتنبأ بها مسبقا"، مشيرا إلى أن المجتهدين لرؤية الهلال من العوام يتوهمون رؤية ليلة القدر علما أن الحسابات الفلكية تأتي عكس ما يقولونه عن رؤيتهم للهلال.
لا اثبات علمي
من جانبه يرى عضو الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الباحث في العلوم الفلكية عبد العزيز الشمري "أن ماذكر من تحديد ليلة القدر بيوم معين يحتاج إثباتاً علميا".
وقال لـ "العربية.نت": عندما تقدم الباحث ممدوح الجبرين بمشروع يؤكد فيه أنه تعرف على ليلة القدر واستطاع تحديدها بيوم معين، لم نستطع نفي تجربته ولا نقول بصدقيتها، ونحتاج للبت فيها إلى 6 أو 10 أعوام من البحث بحسب المنهج العلمي"، آخذا عليه إصراره أنها ليلة الثلاثاء.
وأوضح الشيخ أحمد الخزرجي، وهو من سكان منطقة مكة وإمام أحد المساجد فيها، "أنه رغم اتفاق معظم علماء السعودية على أن ليلة القدر غير معلومة على وجه التأكيد في أي يوم هي من العشر الأواخر، إلا أن عددا ليس بالقليل من أهالي المنطقة الغربية خاصة في مكة والمدينة، يزعمون أن الليلة التي يترقبها كل المسلمين هي ليلة 27 من رمضان.
وأضاف: تبعاًً لذلك يخصصون لها عبادات، ويحيطونها باهتمام لا تنازعه فيها أي ليلة من العام. حتى أن بعض الذين يسرفون على أنفسهم خلال العام وليالي رمضان، يخصصون ليلة 27 للعمرة والصلاة والصدقة وقراءة القرآن، ظناً منهم أن ذلك يكفيهم مؤونة العبادة فيما سواها، وقد يكونون طوال العام يعاقرون المنكرات.
زواج ليلة القدر
وفي موضوع متصل قال الشيخ العبيكان إن المستحب "التفرغ للعبادة والجمع بين القيام والصدقة، والأفضلية للاعتكاف"، معلقا بذلك على تعمد بعض المقبلين على الزواج التبرك بليلة القدر وإختيارها موعدا لعقد قرانهم لضمان التوفيق وقبول دعائهم يوم ختم القرآن.
وأردف: "يجب أن لا تعطل خطوة عقد القران ما ذكر من العبادات في ليلة القدر وإخراج الصدقات، أما إذا اختصرت مراسم عقد الزواج في وقت محدود فلا بأس بها".