الإلحاد منذ القرون الأولى
الإلحاد منذ القرون الأولى

رمضان عبد الرحمن في الخميس ٢٥ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

الإلحاد منذ القرون الأولى

 

بداية يقول الله عز وجل:

((وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ)) سورة النحل آية رقم 18.

  

أي أن الإنسان إذا تفرغ منذ أن يولد إلي أن يموت كي يعد نعمة الله عليه لن يحصيها عددا، هذا الإنسان الذي خلقه الله من فصيلة واحدة وأعده بهذا الشكل والقوام المتميز عن مليارات الأصناف الأخرى والذي يسعى بعض العلماء من ملحدين وبعض من المسلمين وهم يسعون  في البر والبحر  والفضاء  لكي يكتشفوا ويحصروا عدد هذه المخلوقات من حيوانات وبكتريا ونباتات وكواكب  ومعادن وما شابه ذلك، أغلبه قد خلقه الله لكي يستفيد من معظمه صنف واحد وهو الإنسان الذي أيضاً هو صنف واحد في الشكل الخارجي، أما داخل الإنسان من أشياء لا يستوعبها الإنسان نفسه من عشرات الأجهزة وبلايين الخلايا وكرات الدم المختلفة وجميعها تعمل بدقة ونظام متلقين الأمر من الله، أي أن الإنسان لا يمتلك أدنى شيء عن كيفية عمل الأجهزة والخلايا التي لا ترى بالعين المجردة وهي تعمل وتحول ما نأكله ونشربه إلى طاقة تجعل الإنسان يستمر في الحياة إلى أن ينتهي أجله المقدر له من الله فكان القصد من قول الله حين قال للناس في بعض من آياته الكريمة عن السير في الأرض والتفكر في أنفسنا لكي نعلم أن الذي خلق هذا الكون بكل ما فيه وسيره اله واحد لا شريك له، يقول تعالى:

((قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) سورة العنكبوت آية 20.

 

أي أن السير في الأرض هو من صميم الإيمان بالله ولكي يعلم الإنسان أن الذي أنشأ هذه الحياة وما فيها سوف ينشئها مرة أخرى بعد قيام الساعة، أي من المفروض على الذين يبحثون في  البر والبحر أن يكونوا أكثر الناس خوفاً من الله وأكثرهم إيماناً بالله، وبالرغم من أن أغلبية العلماء من الملحدين وبعض من المسلمين توصلوا إلى حقائق وعلوم مذهلة، الملحدين يقولون الطبيعة والمسلمين يتناسوا أن يقولوا أن الذي خلق كل ذلك الله، فرأيت من واجبي كإنسان مسلم وأتمنى من الله أن أكون إنسان سوي وأن أذكركم بقول الله تعالى:

((فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى)) سورة الأعلى آية 9.

 

فلو  تفكر الإنسان في نفسه وهي أقرب له من أي شي آخر لازداد إيمانه بالله وخضع إلى أمر الله في كل شيء، يقول تعالى:

((وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)) سورة الذاريات آية 21.

 

وهذه رحمة من الله أن قرب إلى الإنسان المسافات إذا كنت لا تمتلك السير في الأرض ليس هناك أقرب من النفس إلى صاحبها ليتبصر وينظر أن بداخله آيات من الله ولم يره الأغلبية من الناس، فموضوع الإلحاد ليس حديث هذا العصر وإنما منذ الأزل أي كان يوجد أشخاص في الأمم السابقة  أيضاً كانوا يلحدون بالله على سبيل المثال حين رأى إنسان قرية مدمرة أو أهلكها الله بظلم أهلها دون تفكير حكم على هذا الدمار أنه لا يمكن إصلاحه، فكان الرد عليه من الله بقوله تعالى:

((أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) سورة البقرة آية 259.

 

وهذا الشخص لم يلحد بالله فقط بل أنه أعجز في قدرة الله حين قال (أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا) وكون أن الله جعله آية للناس أي جعله يستوعب طريقة الخلق أمام عينيه كما قال الله لبني إسرائيل بقوله تعالى:

((فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)) سورة البقرة آية 73.

 

ولكن الفرق هنا شاسع بين ملحدي القرون الأولى وبين ملحدي هذا العصر أو المقصرين من المسلمين في جانب الله لأننا جميعا نعلم أن الله أرسل الرسول والقرآن بنهايات الساعة حيث يقول تعالى:

((أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)) سورة النحل آية رقم 1.

 

وأتى بمعنى أي أننا نعيش في الحدث، أي ليس هناك رسل أو كتب أخرى إلى الناس وليتذكر الجميع أن كل يوم يمر يقرب الإنسان من نهايته ويقرب الجميع من النهاية المحتومة، وأنا هنا لا أسخر من أي شخص سواء كان ملحد أو مسلم مقصر، هذا ليس من طبعي، وهذا ما نهى عنه الله الناس أجمعين سواء كانوا أفراد أو جماعات حتى لو كانوا يعيشون في مجتمع  غارق في الفسق أو الإلحاد أو العصيان، ليس لأحد سبيل على أحد إلا في نطاق التذكير إذا أتيحت الفرصة، أي من الممكن أن نقول أن الله قد خلق أشياء وسخرها لهدف معين ومع ذلك أن هذه الأشياء تخاف من الله، يقول تعالى:

((وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ)) سورة الرعد آية 13.

 

فإذا كنا نحن كبشر نخاف ونمتلئ رعباً من صوت الرعد والصواعق، أليس من الأجدر والأفضل للإنسان أن يخاف من الذي خلق الرعد والصواعق؟!... والكون بكل ما فيه؟!.. وكرم الإنسان.. ثم بعد ذلك يلحد بالله؟!.. هنا يكون التذكير بالله عن طريق أشياء لا نستطيع نحن كبشر أن نتصدى لها إن أتت وكما تعلمون كثير من العلماء يراقبون النيازك في الفضاء ولكن دون أن يدركوا أنه إذا أراد الله بشيء يكون أمر منتهي أي لا ينفع علم أو جهل في أمر الله.

 

 

اجمالي القراءات 11744