حقيقة الوضع الفلسطيني
حتى لا نشوه الواقع - رد على الدكتور أحمد منصور

أسامة عبد الرحمن في الأربعاء ٢٩ - نوفمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الدكتور أحمد صبحي منصور
ذكر في مقالك الأخير ما اعتبره رؤية شخصية للمستقبل المتوقع للمنطقة ، ذكرت الكثير مما تتوقعه ولكنني لست معنيا بشيء بقدر ما أنا معي بما ذكرته عن القضية الفلسطينية ، وأرى أنك تخلط بين الكثير من الأمور جعلتك تجتهد فتوى أراها من وجهة نظري خاطئة وغير دقيقة و بها خلط ما بين الواقع الحقيقي وما بين التاريخ ، ورأيت أنه من واجبي كفلسطيني أن أوضح لك ولكل من قرأ مقالك بعض الحقائق ، وأرجو أن يتسع صدرك لحديثي

ذكرت في المقال
(الفلسطينيين يؤمنون بالحل الصفري المستحيل في التعامل مع إسرائيل : ( إما نحن وإما هم ) ، وتلك معادلة ليس موعدها إلا يوم القيامة حيث سيكون المجال والمآل إما إلى الجنة وإما إلى النار، ولا توسط بينهما ، كما قال تعالى ( فريق في الجنة وفريق في السعير ) ( الشورى 7 ).)

ما تصفه يا سيدي بالحل الصفري يدل على عدم صواب ما لديك من معلومات عن طبيعة الصراع بيننا وبين اليهود ولا حظ أنني قلت (بيننا وبين اليهود) ولم أقل (بين الفلسطينيين والإسرائيليين) ، هذا لأن العرب والمسلمين حتى لو تخلوا عن القضية الفلسطينية التي هي جزء لا يتجزأ من العالم الإسلامي والعربي ورضخوا لليهود ، فإن اليهود لن يقوموا بتركنا والتعايش معنا في سلام تام ، ذلك لأن الدولة الصهيونية دولة ذات مواصفات خاصة تم اغتصاب أرضها بالقوة والمجازر والحرب والدماء التي سالت أنهارا من بدأ الانتداب البريطاني وحتى قيام دولة إسرائيل عام 1948 م وهذا ما ينزع منها الشرعية رغما عن أنف كل من يقول غير ذلك حتى ولو اعترفت بها كل دول العالم.

ولي كلمة لكل الذين يطالبون الفلسطينيين بإتمام عملية السلام ، بوصفهم المسئولين عن حالة الحرب أو حالة ال(لا سلم) مع دولة الكيان الصهيوني ، كلمتي هي : توقفوا عن هذه الخزعبلات التي لا تطعم ولا تغني من جوع ، ذلك لأن الفكر الصهيوني يقوم أساسا على القضاء على العرب بسبب الوضع الديمغرافي الإسرائيلي، فعلى الرغم من أن الدولة العبرية حديثة التكون وقصيرة العمر ، إلا أنها حالة شاذة لا تنطبق عليها النظريات السكانية التي تقسم مراحل تطور الدول والمجتمعات حسب التطور في الزيادة والنقصان في عدد المواليد والوفيات ، لأن الدول الغربية التي صنعت إسرائيل ، أرادت ضمان تفوقها على العرب في جميع المجالات ، حتى تضمن بقائها واستمراريتها ، وكان من أحد هذه المجالات الدعم في المجال الصناعي والتكنولوجي ، فأصبحت إسرائيل دولة صناعية إنتاجية تصدر الآن منتجاتها إلى الكثير من دول العالم الثالث بل والدول الأوروبية أيضا.
وماذا كان من نتائج ذلك ؟؟؟
النتيجة الأهم هي النتيجة الديمغرافية ، حيث دخل المجتمع الإسرائيلي في حالة من شبه التوازن الديمغرافي والتي يقصد به اقتراب الزيادة في معدل المواليد من النقص في معدل الوفيات ، مما ينتج عنه أيضا ، انخفاض معدل الخصوبة والنمو السكاني لتصل إلى 1% سنويا.
لذلك.....
أصبح معروفا في داخل المجتمع الإسرائيلي مصطلح القنبلة الديمغرافية الموقوتة التي ستطيح بالكيان الصهيوني خاصة مع النمو السكاني الفلسطيني الفظيع بمعدل 3.5% في الضفة و 5% في غزة سنويا حيث يسجل أعلى قيمة لمعدل نمو سكاني في العالم ، إضافة إلى إشارة الإحصائيات إلى أن عدد سكان فلسطينيي الداخل مع عدد سكان فلسطينيي الضفة والقطاع سيتجاوز عدد السكان اليهود بحلول عام 2010م .

وخلاصة ما سبق من الأسطر هو...........
أن اليهود لن يرضخوا لأي عملية سلام والدليل على ذلك رفضهم لجميع مبادرات السلام ، عربيا وشرق أوسطيا وحتى أوربيا ودوليا ، وستظل تمارس ارتكاب المجازر والتقتيل والحصار وسياسة الإرهاب والضغط النفسيان خاصة على الشباب حتى يدفعوهم إلى الهجرة ، وغير ذلك من الممارسات الإجرامية والإرهابية
ومما سبق نستنتج أن الذي يرفض عملية السلام هم الإسرائيليون ، وراجعوا إن أردتم قواعد نظرية (بلاطا بنك) التي انتهجها أنور السادات في التعامل مع إسرائيل عقب حرب أكتوبر 1973م
وقد يسأل سائل ، لماذا وافقت إسرائيل على معاهدة أوسلو؟
أقول : أن إسرائيل إنما أرادت من خطوتها تلك التفرغ لقتال جهة أخرى من الفلسطينيين لا تمثلها منظمة التحرير ، ألا وهي حماس التي تمثل التيار الإسلامي الإخواني الجديد في ذلك الوقت في المجتمع الفلسطيني والتي لم تكن إسرائيل لتنجح في مقاتلتها إلا لو عقدت السلام مع منظمة التحرير وتفرغت ليس فقط لقتال حماس بل لإثارة الفتنة بين حماس وفتح وإغراق المجتمع الفلسطيني في براثن الفتنة خاصة بعد أن قامت بالقضاء على جميع الشرفاء في فتح ولم تبقي لنا سوى السفهاء (كثر الله خيرها).
لنعد إلى مقال الدكتور أحمد منصور.....
أورد الدكتور في مقاله....
(كان ممكنا أن يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون في سلام خصوصا وأن معظم الجيل الحالي من الإسرائيليين مولود في نفس الأرض واكتسب حقا شرعيا بالبقاء فيها شأن الفلسطيني المولود في نفس الأرض ، ولكن الثقافة الدينية السائدة جعلت المعادلة الصفرية الدينية في الآخرة سياسة دنيوية يتعامل بها الشعب الفلسطيني مع إسرائيل ، وأقنعت الشعب الفلسطيني بالقتال للنهاية)
أقول بأن هذه الكلمات تدل على عدم معرفته بحقائق عدة ومن أهمها الهدف الذي قامت على أساسه حماس والجهاد الإسلامي ولكم هذا المقتطف من مقال نشرته مجلة البيادر السياسي نقلا عن يديعوت أحرنوت في 16/9/1988 بقلم رون بن يشاي
- هل تعتقد أن دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية تستطيعان العيش بسلام جنبا إلى جنب ؟
- لا ، إن هذا الوضع سيكون مؤقتا ، فبعد فترة من الزمن سوف يستأنف الصراع وبصورة أشد لذلك أقترح أن يعيش فلسطين اليهود والمسيحيين والمسلمين في دولة واحدة تحت راية الإسلام ، ذلك لأن فلسطين مكان مقدس لليهود والمسلمين والمسيحيين .

يظهر لنا من هذا الكلام أن الهدف الحقيقي لمحاربة إسرائيل هو إزالتها كدولة وليس إفناء اليهود وإبادتهم عن بكرة أبيهم ، الهدف هو سيادة أصحاب الأرض وأصحاب الحق.

الدكتور منصور يذكر بأن إقامة الجيل الجديد من اليهود في إسرائيل هي إقامة شرعية لأنهم ولدوا وعاشوا وتربوا فيها ، ليس هذا بكلام دقيق ذلك لأن خلق الوجود اليهودي في فلسطين أصلا لم يكن شرعيا ، ومكانهم الشرعي الذي يجب أن يكونوا فيه هو البلدان التي جاء منها آبائهم ، وهي البلدان التي ينتمون إليها حقيقة ، ولنا أن نحكم التاريخ ونسترجع ما فعله صلاح الدين بالصليبيين الذين أقاموا في فلسطين أكثر من مئة عام وليس خمسين أو ستين عاما ، ماذا فعل بهم؟؟؟ طردهم منها شر طردة ، على الرغم من أنه لم يرتكب فيهم المجازر والمذابح بجنس ما فعلوه على الرغم من قول الله تعالى ( ومن انتصر من بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) لماذا ؟؟ لأنه لم يأخذهم بوزر آبائهم الذين قتلوا في القدس يوم احتلوها أكثر من سبعين ألفا ، ونحن نهدف إلى التساهل مع اليهود بما هو أكثر من ذلك ، ولكن هل يرضى اليهود؟؟؟

نقطة أخرى أثارها الدكتور منصور من خلال كلامه التالي
(الفلسطينيون لا يجوز لهم الآن شرعا قتال الإسرائيليين لأنهم ليسوا في حالة تمكنهم من التصدي للجيش الإسرائيلي ، وهكذا كان المسلمون في مكة وفى أول إقامتهم في المدينة. أمرهم الله تعالى بكف أيديهم والصبر إلى أن يستطيعوا رد الاعتداء بمثله. ثم بعدها حين أصبحوا مستعدين للدفاع عن أنفسهم جاء الإذن بالقتال الدفاعي.)

يبدو أن الدكتور أحمد منصور خلط خلطا شديدا بين الواقع والتاريخ ، واقع الصراع الإسلامي اليهودي ، وتاريخ الصراع بين المسلمين والكفار.

ينبغي التوجيه إلى أن واقع المسلمين في مكة قبل الهجرة إلى المدينة يختلف عن واقع الفلسطينيين ذلك لأن مسلمي مكة هربوا منها فرارا بدينهم وكانت الحكمة من عدم الإذن لهم بقتال الكفار هي إعدادهم وتربيتهم التربية والتنشئة الصحيحة لأنهم هم الذين سيكونون مادة الإسلام وعلى عاتقهم ستلقى مهمة نشر الدين الجديد والدفاع عنه كما أنه ليس من الحكمة أن يقاتل كفار مكة في عقر دارهم وفئة المسلمين قليلة مستضعفة ، أما الفلسطينيون فهم طردوا من أرضهم التي اغتصبت منهم وأعطيت لشعب ليس له فيها أي حق مهما ادعى حقه ، وليس هناك من طريقة مقاومته وإجلائه واستعادة الأرض المسلوبة وتحقيق الشرعية الدولية تبعا للقرارات 242 و 194 الصادرة عن مجلس الأمن سوى المقاومة المسلحة التي شرعها لنا الله عز وجل قبل أن تشرعها لنا الشرعية الدولية و(البطيخ المبسمر) في قوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) ، كما أن القوة الفلسطينية مجابهة بالقوة الإسرائيلية لا تختلف كثيرا في ميزان القوى عن الفرق بين قوة المهاجرين والأنصار والقوة القرشيةيوم أن بدأت بينهم الحرب الحقيقية ، كما أنه يجب ألا يغيب عن الأذهان أن المقاومة الفلسطينية من الأساس مقاومة مسلحة دفاعية ، ولو تحولت إلى مقاومة سياسية سيكون ذلك بمثابة اعترافنا بدولة إسرائيل ، وما معنى ذلك ؟؟؟




معناه أن نلقي خلف ظهورنا دماء عشرات الآلاف من الشهداء ليس فقط الذين سقطوا في ميدان القتال ، ولكن الذين سقطوا لا ذنب فقط لأنهم فلسطينيون ، هل نكافئ دولة الكيان الصهيوني على ما ترتكبه من مجازر فينا بالسلام....




وحتى لو رضينا بالسلام .... أتسائل إن كانت سترضى به دولة الكيان الصهيوني.



ولنفترض أن الدكتور منصور على حق وأن علينا نحن الفلسطينيون أن نصبر ونحتسب على أذى دولة الإحتلال ، فإلى متى يكون هذا الصبر؟ إلى أن نفنى ؟؟ أم  إلى أن ينجح الصهاينة في تهجير البقية الباقية من الفلسطينيين على أرضهم وديارهم ؟؟ وحتى لو نجحوا في تهجيرنا فأين لنا من أنصار يقومون بنصرتنا ويسمحون لنا بأن نشكل دولة متحدة تمهيدا لتقوية وضعنا سياسيا وعسكريا ثم نقوم بإعادة فتح فلسطين وطرد اليهود منها؟؟  إن الأردن اقرب الدول لنا رفضت في مرحلة من المراحل تشكيل اتحاد كونفدرالي مع الفلسطينيين ، فما بالكم بنصرتنا والدفاع عن

اجمالي القراءات 15380