مع حمساوي عاد للوعي (2/2)
كمال غبريال
في
الثلاثاء ١٦ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
كان المفترض أن يحكي لنا الحمساوي العائد للوعي باقي ما يريد البوح به، في هذا الجزء الثاني من المقال، وكان قد قال أن عنده ما يقوله عن "ألوية الناصر صلاح الدين".. لكنه لم يعاود الاتصال بي رغم محاولتي تذكيره بما وعد، وأرجو أن يكون المانع خيراً.. في ذات الوقت توارد علي العديد من الأخوة الغزاويين، اثنان منهم فقط من حماس، تناقش معي أحدهم، مستعيناً ببعض المنشور بواسطة حمساويين على مواقع فلسطينية، وقد وعدته بنشر المناقشة في مقال خاص، أصر هو على أن يبقى اسمه فيه مجه&ng;ولاً، رغم أنني لا أرى مبرراً لتخوفه، وهو يتبنى وجهة نظر الجانب الذي يخيف الناس، ويفرض عليهم وصايته، بل يُكّفِّر كل آخر ويصمه بالجاهلية!!
تعويضاً عن استكمال شهادة الحمساوي العائد للوعي، أدلى الكثيرون من الغزاوية بشهاداتهم لي، بعضهم مواطنون عاديون، والبعض كوادر في فتح، أو في السلطة الفلسطينية.. ورغم أنني سألتزم هنا أيضاً بطريقة (copy& paste) في عرض شهاداتهم، إلا أنني سأدمج الشهادات، وأعرض الحوار كما لو كان مع شخص واحد، ولا أظنني بهذا أكون قد خرجت عن الموضوعية وأمانة العرض، فكل هؤلاء بالفعل شخص واحد.. هو الإنسان الغزاوي الذي تاجر به بعض من بنيه، وساعدناهم نحن جميعاً في تجارتهم هذه، بل ربما نحن أبناء الشعوب المحيطة المسماة شقيقة، من لعبنا وتلاعبنا بضعيفي النفوس من أبناء هذا الشعب، وزرعنا فيه ما نشهد الآن من فساد وإفساد!!
قلت: خبرني عن ألوية الناصر صلاح الدين.
قال: أنا عملت بصفوف الألوية بداية الانتفاضة ثم تركتها.. بداية تأسيس ألوية الناصر صلاح الدين كانت علي أيدي رجال فتح.. أسسها أبو عطايا أبو سمهدانة وبعض إخوانه من حركة فتح.. ميزانيتها بالبداية كانت تصرف من خزينة حركة فتح، بعد هيك حصلت خلافات تنظمية بين الحركة وأبو عطايا، تم بموجبها قطع الدعم عن الألوية.. حماس اقتنصت الفرصة، وأخذت علي عاتقها تزويد الألوية بالمال والسلاح.. ومن يوم اغتيال أبو عطايا أبو سمهدانة، انقسمت الألوية إلى عدة مجموعات، منها من ظل موالياً لحماس، ومنها موال لفتح، ومنها من يوالي للمال فقط.. مجموعات ممتاز دغمش إللي تحولت فيما بعد لما يسمي بجيش الاسلام، هي تخصص سرقة سيارات واختطاف أجانب.. شغل بلطجة وعصابات، يعني بيوقفك بالشارع وبينزلك من سيارتك، إذا حبيت تستردها بتدفع مبلغ معين، ما حبيت تستردها بيتم بيعها.
قلت: أهذه حوادث قليلة، أم تتم على نطاق واسع؟
قال: لا بشكل كبير جداً، بس شبه مقتصرة علي غزة المدينة.. التركيز بسرقة السيارات علي أنواع محددة من السيارات، أكثرها من نوع سوبارو والسيارات الحديثة.. لازم تعرف معلومة، كل الفلتان الأمني إللي في غزة سببة حماس وإيران.. الحرس الثوري الإيراني الآن يشرف بشكل مباشر على الألوية.. اليوم ما في حقيقة اسم ألوية، مجرد ميزانيات آخر الشهر من حماس، وتفجيرات داخلية وصراع على المراكز، كان آخرها إقالة أبو عبير، الناطق الرسمي للألوية.. ومعظم الأعمال القذرة فى غزة قبل الحسم العسكرى أو الانقلاب، كانت من نصيب الألوية، ذراع حماس الطويل.. من أبناء بعلوشة وتصفية موسى عرفات مسؤول الاستخبارات العسكرية وخال الرئيس عرفات، وجاد تايه مسئول ملف العلاقات الخارجية فى المخابرات.. والتفجيرات اليوم فى غزة الألوية من يقف وراءها، للصراع على المناصب و الميزانيات.
قلت: قال لي البعض، أن فتح وحماس وجهان لعملة واحدة فاسدة.
قال: السرقة والفساد موجودين ما وجدت القضية الفلسطينية، على كل الأحزاب.. الأشد الفساد السياسي والضحك على الدقون، والمخدوعون كثيرون.. لكن في فرق كبير، فتح ما حد بيقدر ينكر كان فيها ناس فاسدة فعلاً، بس للأسف حماس ما فيها حد نظيف كله فاسد.. غير هيك الفساد بحركة فتح الحمد لله تم ازالته ومعالجته.. وحالياً بأتحدى أي حد يقول أنه في فساد بالحركة.
قلت (وأنا أبتسم ابتسامة لن تظهر في الشات، وكنت قد استمعت لتوي لما أذاعته القناة العاشرة الإسرائيلية، على لسان "فهمي شبانة تميمي"، فيما أردد بيني وبين نفسي المثل الشعبي المصري: "لا تعايرني ولا أعايرك، الهم طايلني وطايلك"): يقولون أن قيادات فتح السابقة في غزة هي السبب في تحول الناس لحماس، ولو عادت تلك القيادات سيظل الحال على ما هو عليه.
قال: هادا الكلام غير صحيح.. أولاً حماس من أول ما تم توقيع اتفاقية أوسلو، وهي بتروج إلى أن فتح هي السلطة، وهادا كلام غير صحيح، والناس للأسف اقتنعت به، وما عادت تقدر تفصل بين السلطة وحركة فتح.. السلاح دائماً في بلادنا له السلطة العليا.. حركة فتح عانت كتير.. المبادئ الفتحاوية للأسف كانت بتمنع أمور كتير، كان من شأنها إنها تمنع إللي وصلنا إله، مثل المجموعات المسلحة، إللي كانت بالمئات تتشكل وتلصق نفسها بحركة فتح، وتستنزف من ميزانيتها ملايين الدولارات، تحت مسمى المقاومة، وثبت مع الوقت أن تلك المجموعات أغلبها موال لحماس.. حماس بتطبق مبدأ الحزب الواحد والتعصب الحزبي، وهادا سبب كبير من أسباب نجاحها، وهادا الشي للأسف مش موجود بفتح.. عقلية القمع الموجودة بأغلب الدول العربية غير موجودة عند حركة فتح، وهادا الشي أعطي المجال لحماس إنها تكبر.. بالعكس الله يرحم ياسر عرفات، كان بيدعمهم بملايين الدولارات شهرياً، لأنه كان بيحاول يكسبهم بصفه، وبالفعل كان مسيطراً عليهم، وما كانوا يقدروا يطلقوا رصاصة واحدة دون الرجوع إله.
قلت: ما تقييمك لسياسات ياسر عرفات؟
قال: ياسر عرفات بالدرجة الأولي كان أب للشعب، وبيحاول يرضي الجميع، وبنفس الوقت كان رجل قوي.. سياسته كانت سياسة صحيحة، بس للأسف الأمور خرجت من تحت سيطرته ببعض الأوقات.
قلت: ألا ترى أنه هو من سلم الساحة لحماس بالانتفاضة؟
قال: الانتفاضة كان إلها إيجابياتها وسلبياتها، بس ما سلمت الساحة لحماس.. للأسف إللي سلم الساحة لحماس سياسة أبو مازن الخاطئة.. إصرار أبو مازن علي إجراء انتخابات، في وقت حركة فتح كانت بأضعف حالاتها، وكانت حماس قوية بشكل غير مسبوق، هو إللي سلم الساحة لحماس.. أبو مازن رغم التحذيرات الكثيرة من أن إجراء الانتخابات بالمرحلة الراهنة سيجلب كارثة، إلا أنه بقي مصراً علي إجرائها وإشراك حماس فيها، بس هادا مش خطأه لوحده، هادا خطأ تنظيمي بالدرجة الاولي، وخطأ فكري.. المهم أن حماس وصلت على الأرض لهذه الدرجة من القوة.
قلت: الشرعية التي توفرها الانتخابات هنا مسألة ثانوية، فالسيطرة الحقيقية هي لقوة السلاح.
قال: حماس فقدت شرعيتها من اليوم إللي انقلبت فيه علي المؤسسة الرئاسية، وحاليا بالوقت الحالي حماس تنهار.
لم أقل له: لو كانت حماس تنهار بالفعل، فكم سيتسغرق مثل هذا الانهيار المرجو من وقت، والأهم كم سيعاني شعب غزة، حتى يستطيع أن يفك رقبته من قبضة حماس ذات المخالب المخضبة بدماء الأهل، قبل دماء العدو الذي يتظاهرون باستهدافه؟!!
نلتقي في المقال القادم، الذي ربما يكون الأخير من هذه السلسلة، مع مناقشة لحمساوي.