ناشطة سعودية: إما أن تعاملوا المرأة السعودية كمواطنة مسؤولة، أو أرض الله واسعة الكاتب احمد القبيسي - ميدل ايست اونلاين
الأحد, 28 يونيو 2009 21:45
وجيهة الحويدر واحدة من هؤلاء. فهذه الناشطة السعودية تقوم كل أسبوع بالذهاب الى جسر البحرين لتطلب الخروج من البلد بدون اذن الخروج من المحرم. وتعتزم الاستمرار بهذا العمل "حتى تُعامل المرأة السعودية كمواطنة مسؤولة اسوة بالرجل".
وتطالب الحويدر إما بمعاملة النساء كراشدات أو السماح لهن بمغادرة البلد طلبا للجوء في أماكن توفر لهن حياة آمنة وكريمة.
القانون في السعودية يمنع المرأة من السفر الى الخارج من دون محرم. ويشترط وجود هذا "المحرم" في الكثير من الأمور التي تتعلق بحياتها العملية او الخاصة.
والمرأة قد تكون طبيبة او مهندسة او عالمة ذرة، إلا انها تظل بحاجة الى "محرم" لكي يتولى تصريف شؤونها. وهذا المحرم قد يكون واحدا من أغبى الناس، إلا انه يظل من وجهة النظر "الشرعية" أقدر من المرأة على إتخاذ القرار بالسفر أو حتى بالخروج من المنزل.
ومن الواضح ان "شريعة" لا تلاحظ هذه المفارقة، لا بد وأن تكون عمياء. ولكن هذا هو الحال في السعودية.
وتقول الحويدر "منذ عقود طويلة والمرأة السعودية تعاني من قانون المحرم الذي يعاملها كأنسانة قاصرة وعاجزة عن القيام بشؤونها الخاصة".
وتضيف "لم تعد المرأة في السعودية مهما كبرت منزلتها او صغرت قادرة على ان تقرر ما تريد من هذه الحياة، فما يريده لها محرمها الرجل هو الذي تسير عليه وتحققه. حتى الوزيرة الجديدة الدكتورة نورة الفايز مصيرها في يد زوجها، فهي لا تستطيع أن تتخذ قرارا سوى بموافقته، واذا أراد لها أن تتوقف عن العمل لتوقفت بدون أن يستطيع أحد أن يثنيه عن قراره، لأن القانون السعودي وهبه ذاك الحق.
وترى الحويدر "ان قانون المحرم قانون مجحف وظالم وقاهر للمرأة السعودية. فمصير المرأة يتحسن أو يسوء على حسب أمزجة الرجال الراعين لها، فإذا كان ذاك الرجل المحرم على خلق حسن، وذا معدن طيب، استطاعت المرأة أن تشق طريقها في هذه الدنيا، تمكنت من الحصول على حياة كريمة، أما اذا كان الرجل المحرم يحمل من عقد المجتمع الكثير، وأكثر من التعصب والرجعية، عاشت النساء من حوله في عصور الظلمات، ومتن ميتة الجاهلية".
وعبر العقود الماضية فشلت وزارة العدل السعودية بجميع اجهزتها فشلا ذريعاً في ان تحقق العدالة للنساء السعوديات، واخفقت إخفاقاً شديداً في ان تجعل من بلد مهد الاسلام مكاناً آمنا وصديقاً للنساء.
وتسرد الحويدر سلسلة من العوائق والعقبات بل "العقوبات" المسبقة التي تتعرض لها المرأة في السعودية:
- فالمرأة السعودية الراشدة المواطنة لا تدخل المباني الحكومية لتنهي شؤونها الخاصة بها سوى برفقة المحرم، وفي بعض المباني لا يُسمح لها أبدا بدخولها. هناك ملايين من النساء شؤونهن متعطلة بسبب قانون المحرم.
- والمرأة السعودية الراشدة ربة البيت لا تتحرك من بيتها سوى بإذن من محرمها. وهناك ملايين من النساء حبيسات في البيوت.
- والمرأة السعودية الراشدة العازبة مهما بلغت من العمر لا تستطيع أن تُزوج نفسها. لذلك هناك مئات الآلاف من النساء العازبات المحرومات من حق الزواج بسبب المحرم.
- والمرأة السعودية الراشدة العاطلة عن العمل لا يمكن لها ان تعمل في اي مكان إلا عندما يسمح المحرم لها بذلك وبشروطه الخاصة. ولذلك فهناك مئات الالاف عاطلات عن العمل.
- والمرأة السعودية الراشدة المواطنة مهما بلغت من المناصب العليا في الدولة لا يمكن ان تحصل على جواز سفرها بنفسها، ولا على اي من اوراقها الثبوتية سوى عن طريق المحرم.
- والمرأة السعودية الراشدة الأم لا يمكن أن تكون مسؤولة عن ابنائها لا في حالة كونها زوجة، ولا في حالة كونها مطلقة او أرملة. وهناك آلاف الأطفال بلا اوراق ثبوتية بسبب المحرم.
- والمرأة السعودية الراشدة الوارثة لا تستطيع أن تتصرف في أموالها بمحض إرادتها، ومرات كثيرة يستولي المحرم على إرثها ويتصرف به بدون إذن منها. وهناك مئات الآلاف من النساء مسلوبات من حقهن في الإرث.
- والمرأة السعودية الراشدة سيدة الأعمال تحتاج الى كفيل ليدير أعمالها، ولا تستطيع أن "تحل او تربط" سوى بموافقة منه. هناك آلاف من سيدات الأعمال اللواتي تضررن بسبب الكفيل.
- والمرأة السعودية الراشدة العاملة لا تذهب الى عملها إلا بإذن من المحرم وتحت رحمة مزاج السائق. وهناك آلاف من النساء العاملات خسرن وظائفهن بعد أن قرر المحرم فصلهن أو لم يجدن سائقا لتوصليهن.
- والمرأة السعودية الراشدة الجامعية لا تذهب الى جامعتها ولا تحصل على حقها في التعليم سوى برضى المحرم. وهناك آلاف من الطالبات لم ينهين تعليمهن لان المحرم منعهن من ذلك.
- والمرأة السعودية الراشدة المعنفة او المرتكبة للجريمة لا تخرج من دار الرعاية او السجن (حتى بعد انقضاء محكوميتها) إلا حين يغفر لها المحرم القائم على شؤونها. وهناك الكثيرات يقبعن في السجون بسبب رفض المحرم اخراجهن.
- والمرأة السعودية الراشدة المريضة لا يمكن ان تُجرى لها عملية مهما كانت اهميتها سوى بإذن من المحرم. وهناك نساء فقدن حياتهن بسبب تعنت المحرم.
- والمرأة السعودية الراشدة طالبة العلم مهما كان عمرها لا يُسمح لها بالسفر الى الخارج لمواصلة دراستها سوى بمرافقة المحرم. وهناك آلاف من الطالبات المستحقات للبعثة لم يذهبن بسبب شرط توفر مرافق محرم.
- والمرأة السعودية الراشدة المواطنة محرومة من حرية الحركة بإستخدام وسائل التنقل المتاحة ولا بد من رجل ينقلها من مكان الى آخر. وهناك ملايين من المتضررات من عدم القدرة على التنقل بسيارتهن الخاصة.
وفي مواجهة هذا الوضع، الأسوأ عمليا من أكثر أجواء القرون المظلمة وحشية وظلما، قررت الحويدر البدء بحملة للمطالبة بالغاء القانون الذي يربط مصير المرأة بوجود المحرم.
وتذهب الحويدر اسبوعيا الى جسر الملك فهد الذي يربط السعودية بالبحرين، لطلب السماح لها بالمغادرة من غير ان تحمل معها اذنا من محرم. وتؤكد انها ستستمر في المطالبة حتى يُسمح لها ويلغي قانون المحرم برمته.
وتقول الحويدر "إذا كان سيستمر ظلم النساء بقانون المحرم المجحف هذا، فليفسحوا للنساء السعوديات المعنفات والمتضررات والراغبات في الرحيل بمغادرة البلد، فأرض الله واسعة وتتسع لهن جميعا، فقد أمر الله المستضعفين من البشر بالبحث عن مكان فيه أمن وسكينة لهم حين تضيق بهم الدنيا. قال الله في محكم كتابة الكريم: "والذين هاجروا في اللّه من بعدما ظلموا لنبوئنّهم في الدنيا حسنة، ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون".
ودعت الحويدر كل من تؤمن إن من حقها أن تكون وصية على نفسها وان تتصرف في شؤونها الخاصة، الى المشاركة في حملتها ضد قانون المحرم، وترغب في المشاركة، وحضت الراغبات بالتواصل معها عبر الإيميل التالي:
wajeha4@gmail.com هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته
وتكشف الخلاصة التي تقدمها الحويدر حول أوضاع المرأة في السعودية عن مستوى من العبودية يكاد لا يصدق. إلا انه واقع قاس، ومرير تعانيه ملايين النساء.
ومن ناحية التشريعات والقوانين الدولية، فان كل إمرأة في السعودية تستطيع، لمجرد أنها تعيش تحت وطأة قانون المحرم هذا، أن تطلب حق اللجوء الإنساني الى أي بلد في العالم يحترم الحد الأدنى من حقوق الإنسان.
ويبدو أن الرجال في السعودية يعرفون أنهم لو سمحوا للمرأة بالسفر فان الكثير منهن سيفضلن الهجرة الى أرض الله الواسعة ليحضين بكرامتهن وحقهن في حياة آمنة.
وتعيش المرأة في السعودية في سجن الرجال، تحت ستار شريعة تبدو عمياء كليا، ولا صلة لها بتاريخ ولا بتقاليد ولا بقيم الإسلام. فخديجة بنت خويلد زوجة الرسول (ص) كانت تبيع وتشتري، بل وكانت هي التي تشغّل من جعله الله زوجا لها. والمرأة في الإسلام لم تكن عبدا ليُقرر لها ما تفعل وما لا تفعل. وكانت حرة في أن تختار من تشاء زوجا لها، وان ترفض عروض الزواج. وكانت تعمل بل وتحارب من دون أن يكون مصيرها متعلقا بأي شخص يدعى "محرم".
الدفاع عن حق المرأة السعودية بالهرب من هذا السجن، مهمة إنسانية نبيلة تستحق أن تحتشد من اجلها الجهود لإلزام السلطات الحكومية والدينية بالتخلي عن هذا القانون الجائر.
ومساعدة النساء السعوديات على الهجرة وطلب اللجوء الإنساني قد يشكل أو لا يشكل عامل ضغط على الحكومة السعودية لرفع الظلم عن النساء، إلا ان الأمر الأهم هو تمكينهن من الفرار، ليعشن حياة آمنة كريمة في أي مكان في العالم، لا تعتورها النظرة الحاقدة التي تمارسها شريعة الغاب ضدهن.
مساعدة النساء السعوديات على الهرب من السعودية عمل إنساني يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار من جانب المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
ويتوجب أن تعمل هذه المنظمات على توفير مستلزمات الحماية والرعاية القانونية لهن. كما يمكن لدول الجوار أن تمد يد العون للسماح للسعوديات بطلب اللجوء عبر أراضيها.
والحال، فإذا أصبح السجن من دون سجناء، فان ذلك سيكون متغيرا كافيا لإقناع السجانين بانتفاء الحاجة اليه.
دعم نشاطات يتسمن بالشجاعة مثل وجيهة الحويدر يمكن أن يشكل علامة فارقة، ومنعطفا في تاريخ الظلم. وكل اللواتي يشعرن بالإضطهاد وبالحاجة الى قول كلمة حق ضد التعسف، يجب أن يلتحقن بها.
فأيام السجن تطول أو تقصر اعتمادا على ما إذا كانت المرأة نفسها تريد أو لا تريد الحياة.