مارية المغربية رأيتها، فأين المصرية؟

أحمد أحمد في الثلاثاء ٢٨ - نوفمبر - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً

تعرفت مع أسرتي، بحكم العمل، منذ فترة على أسرة مغربية فاضلة، أصبحوا لنا، بحق، نعم الأصدقاء، صدق في القول و إستقامة و نزاهة في المعاملة، و رجولة في السلوك، فكانوا و لازالوا خير مثال لأهل المغرب، و ليظل الإنطابع الذي خلفه المغاربة بين المصريين، و الذي سجله المستعرب البريطاني الشهير ادوارد لين، في كتابة المعروف: المصريين المحدثين عاداتهم و شمائلهم، ساريا لليوم، ذلك الإنطباع الذي جعل الصدق في القول مرادفا للمغاربة.

و لكن ليست تلك الخصال الطيبة التي يتمتع بها المغاربة، الذين تعاملت معهم، هي ما حدت بي للشروع في كتابة هذا المقال، ما دعاني للكتابة هو أمر أخر طيب، و جدته هو الأخر لديهم، و لكن هذه المرة كان جديدا علي، فصدق المغاربة و إستقامتهم سبق لي أن قرأت عنها قبل أن ألمسها. أما الأمر الجديد فهو إنني فوجئت بأن العائلة المغربية الكريمة هذه، لديها إبنة طفلة، باركها الله، إسمها مارية، و كان ذلك مفاجأة لي، إختلطت بالإعجاب و السرور حين سألت والدها، هل أسميت إبنتك بإسم مارية لأنك تنوي الإستقرار بأوروبا، فأردت ألا يصبح إسم إبنتك عائقا لها في الإندماج بمجتمعها الأوروبي الذي ستتعامل معه، كما يفعل بعض المهاجرين من شمال أفريقيا و الشرق الأوسط، و كما كان يفعل المهاجرين للولايات المتحدة من الإيطاليين و البولنديين و غيرهم، حين كانوا يتبنون أسماء إنجليزية لأبنائهم ليسهل لهم الإندماج في مجتمعهم الجديد؟

فكانت إجابة الأب: إن ذلك لم يخطر لي على بال بالمرة.

ثم أكمل إجابته فعلمت أن إسم مارية إسم ليس بالجديد في المغرب، أو في بعض المناطق هناك على الأقل، و أنه كان موجود من قبل الإحتلالين الأسباني و الفرنسي، و إن الإسم يطلق تيمنا بأم المؤمنين مارية القبطية – أي المصرية، رضي الله عنها، فوصل تقديري لأهل المغرب لعنان السماء، خاصة و أنا المصري الذي لم يقابل يوما، أو يسمع، بإسم مارية يطلق على مصرية مسلمة، و لم يشتهر إسم إبراهيم بيننا رغم إنه إسم ابن رسول الله، صلى الله عليه و سلم، و نصف إبراهيم مصري خالص، كإسماعيل عليه السلام، فكما قدرت أهل المغرب، أسفت على تنكر شعب أم المؤمنين مارية لها، رغم إنهم أولى الناس بها، و لا يتعلل أحد، بأن إسم مريم، شائع بين المصريين، فهناك فارق، فكل من يسمي إبنته بمريم، إنما يعني السيدة مريم أم المسيح عيسى بن مريم، عليه و على أمه الطاهرة البتول السلام. خاتم المرسلين، صلى الله عليه و سلم، لم يغير إسم السيدة أم المؤمنين مارية ليصبح مريم، مثلما لم يغير، عليه الصلاة و السلام، إسم أختها سيرين، فلا وجه للتعلل بأن إسم مريم شائع، لنداري إهمالنا أو خجلنا من أمنا و أم المؤمنين مارية، رضي الله عنها.

و يزيد الأسف، إننا المصريون، أهلها و عشيرتها، و منا جاءت، خسفنا بحقها أسفل سافلين، فأخذنا بالأقوال التي تحط من قدرها و تجعلها جارية و أم ولد فقط، و تجاهلنا جميع الروايات التي تقول بأن الرسول، صلى الله عليه و سلم، أعتقها ثم تزوجها، بينما أخذنا بالرويات التي تقول بزواج الرسول صلى الله عليه و سلم من السيدة أم المؤمنين صفية، ر، و هي التي كانت في مثل وضع مارية، ر.

لقد إستكثرنا على نفسنا، و ليس على أم المؤمنين مارية، لأن مكانتها محفوظة، شرف، فعمدنا كعادتنا للحط من مكانة كل ما هو مصري، بينما الكثير من أهل المغرب، و هم سنة مالكية، متمسكين أشد التمسك بسنيتهم، لم يروا أية غضاضة في الأخذ بالرويات التي تقول بزواج رسول، صلى الله عليه و سلم، منها، و إنها بالتالي أم للمؤمنين، و نظروا لها على إنها منهم، فهم لحام بن نوح ينتمون مثلما هي.

و يكتمل الأسف، بهذا التجاهل لأمن
اجمالي القراءات 5204