عذاب الحريق

آحمد صبحي منصور في السبت ٢١ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
هذه أول مرة أراسلك فيها . وأعرفك بنفسى : والدى كان معك فى سجن طرة عام 1987 ، وخرج قبلك ، وانقطعت صلته بك بسبب الخوف من أمن الدولة . ولكنه لم يكف عن الكلام عنك ، فكنت حاضر معنا دايما . وعند موته أوصانى بالتزام القرآن وحده ، وانا أحافظ على ذلك ، وأتابع كتاباتك فى الموقع وبرامجك على اليوتوب ، ومعى زوجتى . ولكن أبتعد عن السنيين ، وهم يكرهون والدى رحمه الله تعالى . وتعرضت لمضايقتهم وتحملت ، ونجوت من شرورهم حتى الآن . تعلمت أن أصبر على الابتلاء بالشر وبالخير . وفعلا كما تقول حضرتك فالمؤمن يفوز فى امتحان الشر والخير بالصبر والشكر . وهذا ما حدث لى فعلا ، وأحكى لك عليه . حدث حريق فى شقتى فى منتصف الليل ، وأخرجت زوجتى وطفلى بصعوبة ، والى وصلت المطافى كان معظم الشقة احترق ، وبصعوبة أنقذت أهم الأشياء بمساعدة الجيران . ووصل المطافى ، وأخذونى الى المستشفى لأن فيه حروق متوسطة فى صدرى ويدى ، ولم أكن أحس بها . فى المستشفى وبعده حسيت بآلام الحرق برغم المراهم . أثناء الألم فكرت ولا زلت أفكر فى عذاب النار الخالد يوم القيامة ، وأتخيل نفسى فى الدنيا وسط حريق مشتعل أتقلب فيه دون خروج منه . وأنا أعرف إن الله جل وعلا لا يظلم أحدا ، وأن أصحاب النار استحقوا حريق النار بعدل الرحمن وبذنوبهم ، وأنهم الذين إختاروا العصيان وتمسكوا به وماتوا عليه . وعندما أتفكر فى جرائم المجرمين أرى إن عذابهم هو ما يستحقون . أتخيل عذاب السيسى وغيره بما ارتكبوه من قتل وتعذيب وسرقة . اللهم اجعل مصير أكابر المجرمين عذاب الحريق . وأحمد ربنا أنه هدانى مبكرا ، وأرجو أن يزحزحنى ربى جل وعلا عن النار . وقد قرأت لك عن هذا وتأثرت به جدا . الحرق بالنار فى الدنيا عذاب شديد ينتقل الى حروق مستمرة فى النفس ، ولكن ماذا عن حريق النار فى الآخرة ، والتى بسببها كلما نضجت جلودهم بدلها الله جل وعلا بجلود غيرها ليذوقوا العذاب . هذا الابتلاء جعلنى أفكّر فى موضوع الحريق الخالد فى الآخرة ، وأريد أن أعرف المزيد منك .
آحمد صبحي منصور

أولا :

هناك أوصاف متعددة لعذاب النار منها ( عذاب الحريق ) .  ونستعرض هذا التعبير القرآنى على هذا النحو :

1 ـ عن الكافرين عموما :

1 / 1 : عند الاحتضار حيث تبشرهم ملائكة الموت بعذاب الحريق وهم يضربون وجوههم ومؤخراتهم . قال جل وعلا : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (51) الأنفال ). لاحظ أنه بما قدمت أيديهم وأن الله جل وعلا ليس بظلّام للعبيد .

1 / 2 : عنهم وهم فى العذاب فى الجحيم . قال جل وعلا : ( هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمْ الْحَمِيمُ (19) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21) كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22) الحج )، تحيط بهم النار من الداخل والخارج ، وتلاحقهم ملائكة العذاب وهم يحاولون الهرب بمقامع من حديد . وهذا مفهوم عذاب الحريق فى النار . وتأتى المقارنة بنعيم الجنة فى الآيتين التاليتين : ( إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنْ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) الحج )

2 ـ عن كافرين سابقين وقعوا فى الكفر بقولهم وبفعلهم ، وهم كفرة أهل الكتاب . قال عنهم جل وعلا : ( لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (182) آل عمران ). لاحظ أنه بما قدمت أيديهم وأن الله جل وعلا ليس بظلّام للعبيد .

3 ـ أصناف من الكفرة يتواجدون فى كل زمان ومكان . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (10) الحج ). لاحظ أنه بما قدمت أيديهم وأن الله جل وعلا ليس بظلّام للعبيد . هذا ينطبق على شيوخ المحمديين فى عصرنا .

3 / 2 ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) البروج ) هذا أيضا ينطبق عليهم إن لم يتوبوا . وتأتى المقارنة فى الآية التالية :  ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) البروج )

4 ـ عن أكابر المجرمين : إقرأ قول الله جل وعلا :

4 / 1 :(  وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50)   ابراهيم )

4 / 2 : (  إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49)  الدخان )

أخيرا

اللهم نجّنا برحمتك من عذاب الحريق .!

اجمالي القراءات 2111