يعتبر ابن خلدون – الذي ولد بتونس 1331 م – من ألمع علماء المسلمين في علوم الإسلام ، فهو فقيه أصولي قبل أن يكون مخترعا لعلم الاجتماع ، كما أنه محدث ومؤرخ وأديب .
إن براعة ابن خلدون في المقدمة ، لا تقف عن المحتوى وحده ، ولكنها تتمثل في المنهج والمحتوى على حد سواء إنه يضمنها كل ما يتصل بالعمران الإنساني من أسس وقواعد وتعريفات واستقراءات : وهذا ما جعل في المقدمة الأساس الأول لما عرف فيما بعد بعلم الاجتماع .
وابن خلدون عند علماء أوروبا يعتبر الفيلسوف الاجتماعي الاقتصادي المبتكر ، ومؤرخ الحضارة البشرية بصفة عامة والحضارة الإسلامية بصفة خاصة .. ولابن خلدون جوانب أخرى في التجديد لا تنقص منزلتها عن منزلة ما اخترعه من علم الاجتماع منها : إدراكه فساد ما ظهر في هذا القرن من عناية العلماء بالجمع والاختصار والحفظ وإهمالهم للتجديد والابتكار والرؤى العقلية .
تولى ابن خلدون التدريس في مدارس متعددة في مصر كما تولى التدريس في الأزهر ، واستطاع من خلال ذلك أن ينقل أفكاره إلى عدد كبير من الدارسين المصريين ونظرائهم الوافدين إلى مصر لطلب العلم في معاهدها والالتحاق بمدارسها ، ولقد خلف ابن خلدون عددا كبيرا من التلاميذ المصريين النابهين ، في مقدمتهم شيخ الإسلام أحمد بن حجر العسقلاني وتقي الدين المقريزي ، كان الأول تلميذه في فنون عديدة من المعارف الدينية والدنيوية من أهمها الفقه والتاريخ والتراجم وكان الثاني هو ـ المقريزى ـ تلميذه في التاريخ ، وقد أصبح شيخ المؤرخين المصريين في العصر المملوكي ، خصوصا وان المقريزى تلميذ له .
وقد ربط ابن خلدون في مقدمته بين العلم والتعليم العمراني البشري ، وجعل العلم من جملة الصنائع ، ثم قسم العلوم إلى علوم الحديث والفقه والتصوف ، والعلوم العقلية ، والعلوم الهندسية وعلم الطبيعيات والمنطق ، والطب والفلاحة ، وقد أفاض ابن خلدون في الحديث عن هذه العلوم وفروعها إفاضة تدل على قدر كبير من الثقافة وطاقة ضخمة من الاستيعاب.
وسننشر على موقعنا كتابنا ( مقدمة ابن خلدون : دراسة تحليلية اصولية تاريخية ) وفيها عرض لمقدمة ابن خلدون فى لغة عربية ميسرة ، مع تحليل للمقدمة و عقلية ابن خلدون وعصره .
انتظرنا .. والله جل وعلا هو المستعان .