منتج (آلام المسيح) يثير جدلًا بفيلم ينتقد رجم (الزانية) في الإسلام
آخر تحديث: الاثنين 22 يونيو 2009 11:48 ص بتوقيت القاهرة
رشا عبدالحميد -
الإعلان عن قرب عرض الفيلم الأمريكى «رجم ثرية»، بالتزامن مع الأحداث الدموية التى تشهدها ايران حاليا، لم يكن من قبيل المصادفة، فالفيلم، الذى سبق عرضه فى مهرجان تورونتو نهاية العام الماضى، يتناول قصة امرأة إيرانية تتعرض للرجم بالحجارة بعد تلفيق تهمة الزنى ضدها، فضلا عن قيامه بتشريح دقيق للمجتمع الإيرانى ولكن من وجهة نظر غربية.
المفارقة الغريبة أن منتج الفيلم هو نفسه منتج فيلم «آلام المسيح» الذى قدمه ميل جيبسون قبل سنوات قليلة وأثار حينها ضجة كبيرة فى الأوساط الدينية، ويبدو أن «رجم ثرية» سيثير الضجة نفسها، على الأقل فى العالم الاسلامى، لاسيما أنه ينتقد على نحو مباشر تطبيق حد الرجم باعتباره عملا غير إنسانى.
الفيلم، الذى سيعرض فى الـ26 من شهر يونو الحالى ــ يزعم أنه مقتبس عن قصة حقيقية نشرت تفاصيلها فى كتاب للصحفى الفرنسى فريدونى ساهيبجام عام 1980، وحاول فيه إلقاء الضوء على ما اعتبروه قيودا مفروضة على المرأة فى الاسلام والعقوبات القاسية التى يمكن أن تتعرض لها.
وتدور أحداث الفيلم حول صحفى تتعطل سيارته بإحدى القرى الإيرانية النائية فيتعرف على سيدة تدعى «زهرة» تحاول الحديث إليه دون علم أهالى القرية، وفى سرية تامة تروى له قصة ابنة اختها «ثرية» وظروف موتها الدموية التى تمثل ــ من وجهة نظر الفيلم ــ غيابا كاملا لحقوق المرأة فى الشريعة الإسلامية.
وتبلغ زهرة الصحفى أن زوج ثرية اتهمها بالزنى ليتخلص منها بعد أن رفضت أن يتزوج عليها أو يطلقها لأنه من يعولها فلفق لها تلك التهمة، ويحكم عليها بالرجم حتى الموت، وتسعى زهرة لفضح الممارسات الظالمة فى بلدها أمام العالم، معتبرة أن ذلك قد يخفف عن بعض الألم التى تشعر به جراء الظلم الذى وقع على ابنة اختها.
يحتوى الفيلم على مشاهد تسعى على نحو واضح إلى اتهام الإسلام بالوحشية، خاصة عندما ينتهى الحال بثرية فى مشهد الرجم حتى الموت، والذى قدمه المخرج للمشاهد بأدق تفاصيله بداية من الشروط الواجبة فى الحجارة التى يجب أن تكون صغيرة حتى لا تتسبب فى الوفاة بسهولة وبسرعة ليستمر العذاب لساعات ونهاية بنقل كل مشاعر الألم التى يمثلها هذا العقاب على مشاهديه.
ويقوم ببطولة الفيلم شوهريا اجهدشلو، التى رشحت من قبل لجائزة الأوسكار، وجيم كافيزيل والممثلة موزهان مارنو ويخرجه الأمريكى سيريوس نوراستيه الذى سبق أن أخرج ثلاثة أفلام فقط فى مشواره السينمائى، وعلى الرغم من ذلك تم اختياره ليكون مخرج الفيلم ونجح بالفعل فى تصوير العمل ببراعة فائقة أشاد بها الجميع.
وحظى الفيلم، الذى لم تتعد تكلفته خمسة ملايين دولار، باهتمام واسع فى الصحف الأمريكية، لاسيما فى ظل تزامنه مع الأحداث الجارية فى إيران حاليا، حيث أكدت صحيفة «هيوفنجتون بوست» أن الفيلم من النوعية التى لا تنسى ولا يمكن محوها من الذاكرة. لأنه يثير قضية مهمة وهى الرجم بالحجارة والتى مازالت تطبق حتى الآن فى عالمنا الحالى خاصة فى دول الشرق الأوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفيلم اعتبره البعض إهانة للإسلام نفسه لأنه يركز على ضعف المرأة فى مواجهة الظلم على الرغم بما تتحلى به من شجاعة متمثلة فى شخصية زهرة التى استمرت فى تحذير ثرية من زوجها الذى تآمر عليها لإدانتها بالزنى ليتخلص من زواجه بها وليتزوج بغيرها.
وحاولت الكاتبة ناتالى يوربانوويسك فى «ريل تووك» المقارنة بين أحداث الفيلم والوضع الراهن فى إيران، موضحة أنه يتشابه بدرجة كبيرة خاصة ما يتعلق بالتقييد على حرية وسائل الإعلام وما واجهه بطل الفيلم الصحفى من مضايقات، تشبه بدرجة كبيرة تقييد الحكومة الأمريكى لمتابعة وسائل الإعلام الأجنبية للوضع فى البلاد.
وعلى النقيض تماما، لم تجد الصحف الإيرانية نفسها فى الفيلم ما يسىء للإسلام، وقالت صحيفة «بايفاند ايران نيوز»: رغم أن شخصية حاكم القرية فاسدة فى الفيلم لأنه يدعى على الإسلام ما ليس صحيحا خاصة قوله إن المرأة فيه مذنبة حتى تثبت براءتها، والرجال أبرياء إلى أن تثبت إدانتهم ولكن لا يعنى ذلك معاداة الفيلم للإسلام.
ورأت الصحيفة أن هذا الموقف يظهر فساد البعض وتسترهم وراء الإسلام لتحقيق أغراض شخصية وهو ما يجب أن يوضع له حد واتضح ذلك من خلال زهرة وعباراتها بأن الله يراقبهم ويرى ظلمهم أى أن النهاية يجب أن تختص بالظلم فقط ومن يمثله.