آحمد صبحي منصور
في
الخميس ٠٥ - أكتوبر - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
أولا :
السحر هو مجرد خداع للبصر . قال جل وعلا عما فعله سحرة فرعون من ( سحر عظيم ) سحروا به أعين المشاهدين ، ومع إنه ( كيد ) فهو يسترهب الناس ويستولى على عقولهم :
1 ـ ( فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) الأعراف )
2 ـ ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) طه ).
2 ـ موسى بسبب نشأته المصرية تأثر بهذا السحر المخادع للسحرة فتخيله حقيقة . وليس بحقيقة ، هو مجرد تأثير فى المجال البصرى لمن يعتقد فى جدوى السحر .
3 ـ قال جل وعلا : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) البقرة ). المستفاد هنا فيما يخصُّ موضوعنا :
3 / 1 ـ إن السحر مجرد تأثير نفسى مثل إحداث كراهية بين الزوجين ، ودفع بعضهم للإضرار بالآخرين . ويجرى هذا بقضاء الله جل وعلا وقدره . أى أنه من الممكن وبدون سحر أن يقوم شخص بذلك بالوقيعة والتحريض ، أو كما يقول المثل الشعبى المصرى ( الزّن على الودان أمرّ السحر ) .
3 /2 ـ هذا السحر عصيان ليس لصاحبه خلاق ومصيره العذاب فى الآخرة ، وهو كما قال جل وعلا فساد ، والله جل وعلا لا يصلح عمل المفسدين : ( فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) يونس )، وكما قال جل وعلا فإن الساحر لا يفلح حيث أتى : ( وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69) طه ).
4 ـ هناك حلقات عن السحر فى برنامجنا ( لحظات قرآنية ) تؤكد انه لا وجود له على الحقيقة بل هو خيال، ووهم يأتى لمن يؤمن بالسحر.
ثانيا :
1 ـ فى الستينيات فى عهد عبد الناصر كان أغلب المجتمع المصرى علمانيا ، وكان الاعتقاد فى السحر محصورا فى الطبقات الشعبية متوارثا من قبل . وكانوا يعتبرون السحرة شيوخا ، والقانون يعتبر هؤلاء الشيوخ دجّالين ، وعليهم عقوبة قانونية . جاء عصر السادات الذى جعل نفسه الرئيس المؤمن الذى يحكم دولة إسلامية ، فانتشر الاحتراف الدينى فى السياسة بالاخوان المسلمين وتنظيماتهم السرية والعلنية ، وانتشر الاعتقاد فى الخرافات الدينية وتعاظم التدين السطحى ، وراج بهذا الاعتقاد فى خرافات الاتصال بالجن والشياطين وتأثيرهم المباشر والحسّى فى البشر ، وأصبح المشعوذون شيوخا ذوى مكانة وأثرياء ، يتكسبون من جهل الناس . وقد كتبنا فى هذا عن أثر التصوف فى العصر المملوكى . قام العسكر من عهد مبارك حتى الآن بمواجهة الاخوان والطامعين فى الوصول للحكم ، ولكن مع الحفاظ على ثقافة الاخوان الدينية ، وأضطهاد من يواجهها سلميا وفكريا بالقرآن الكريم ، كما حدث ويحدث معنا ( أهل القرآن ) . الفساد وصل الى النُّخاع فى الشخصية المصرية ، وأصبح المصريون ضحايا لشتى المحتالين فى السياسة والدين . ليس دين الاسلام بل الدين الأرضى الشيطانى المتسيد والمسيطر . والويل لمن ينتقده ، فهو محصّن بقانون إزدراء الدين . وفى نفس الوقت تتسع قوانين العقوبات لسجن أى شخص بتهم ملفقة ، وحتى بدون تهمة . ولأن الناس على دين ملوكهم فإن المصريين يختلقون تهما مثل هذا الهجص عن السحر .
أخيرا :
1 ـ أعتبر هذا السؤال هاما لأنه يرسم ــ دون قصد ـ لوحة حزينة بائسة لحال المجتمع المصرى اليوم .
2 ـ يا حسرة على مصر .