فانيا".. موسيقي أصم يقود دهشة الجماهير

في الإثنين ٢٢ - يونيو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

فانيا".. موسيقي أصم يقود دهشة الجماهير

GMT 6:00:00 2009 الإثنين 22 يونيو

عماد الدين رائف



--------------------------------------------------------------------------------





عماد الدين رائف - إيلاف: "عندما كان في الرابعة من عمره عبّر لي عن رغبته أن يغدو عازف طبول"، يقول والده، أوليغ آنزين، أرسله الوالد إلى مدير فرقة "أوبرزي ريتمف"، سيرغي خميروف، حيث يتابع هوايته في العزف، في مدينته زابروجيه الأوكرانية. عرض خميروف على فانيا الصغير التعلم على آلة الكسيلوفون، وهي آلة نقرية لها نفس نظام لوحة مفاتيح آلة البيانو. "تبين أن اختيار الآلة كان في محله، حيث تفاعلت الآلة مع إعاقة فانيا، لتحد من درجة فقدان السمع لديه، الناتج عن عدم استجابة أطراف الخلايا العصبية، فبدأت هذه الخلايا تستجيب للأصوات"، على حد تعبير والده.

رحلة موسيقية

على أقل تقدير، اليوم، لا يوجد تراجع في مستوى السمع لدى فانيا، "أعتقد أن حالة فانيا فريدة"، كما يقول خميروف، أستاذ المدرسة الموسيقية السادسة في مدينة زابروجيه، وهو متخصص في الآلات النقرية، يضيف: "في فرقتنا 12 عضواً، تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عاماً، يؤكد خميروف أنه لم يواجه أي مشاكل تذكر مع فانيا خلال تعليمه على العزف بالرغم من إعاقته السمعية.
يؤدي فانيا اليوم مقطوعات موسيقية بالغة الصعوبة، يصاب المستمعون بدهشة كبيرة عندما يعرفون أن تلك الموسيقى الاحترافية صادرة عن طفل، قد لا يسمع معظمها، أو قد يسمعها بشكل مختلف. "عندما شاركنا في مهرجان موسيقى – سبيفاكوف في موسكو أصيب الجمهور بصدمة كبيرة أن طفلاً أصماً يعزف بهذا الشكل"، يقول خميروف.
يكن والدا فانيا امتناناً كبيراً لشخص آخر غير خميروف كان له تأثير إيجابي على مسيرة فانيا هو المايسترو لاريسا كُخالاشفيلي، فهي ترافق فانيا لثلاث سنوات. "في الواقع، هو تلميذ موهوب وفي الوقت نفسه يحاول تخطي صعوبات الدروس بلا كلل ويؤدي بمسؤولية عالية. بطبيعة الحال يوجد صعوبات تعلمية، فعندما يصادف أن أكون خلفه لا يسمع فانيا شيئاً، لكنني أحس به بشكل جيد، أقف بشكل منحرف عنه فيرى العصا حين أرفعها ويبدأ العزف. بناء على خبرتي لمدة 36 عاماً لم ألحظ حالة مشابهة".

إعاقة فانيا

بدأ فانيا، 10 سنوات، بالاستماع إلى موسيقى الجاز في عمر مبكر جداً، تقول أمه، إنّا آنزينا: "كان فانيا يمرض بشكل متقطع بالتهاب الأذن الوسطى، ولاحظنا حين صار عمره أربع سنوات أن لديه مشكلة جدية في حاسة السمع. توجهنا إلى الأطباء الذين أفادونا أنه لا داعي للخوف فالأمر عابر، لكن هذه المشكلة استمرت، ومن جديد أفادنا الأطباء أن لا داعي للقلق، ثم بعد تشخيصهم أن لدى فانيا بطء في النمو، أرسلوه إلى مصح للأمراض العصبية – النفسية! هناك تلمسوا المشكلة وأحالوا فانيا إلى أخصائيي معهد كييف لأمراض الأنف والأذن والحنجرة".

في العاصمة، كييف، قام الأطباء بتخطيط للسمع ما أفادهم بضعف سمع شديد لديه، ما اعتبر إعاقة سمعية. استعان فانيا بجهاز سمع لأذن واحدة في عمرة السادسة، ثم بجهاز لأذنه الأخرى في السنة التالية، مع دخوله المدرسة. على الرغم من متابعة الأم، وتعاونها المستمر مدرسي فانيا، لكن صعوبات كثيرة واجهت الطفل في رحلة تعلمه الأولى. اليوم، لدى فانيا مدرس خصوصي لمتابعة المنهاج الدراسي العام، إذ إن الصعوبات في المدرسة لم تُذلل لإدماجه فيها، كما أنه يتابع كورسات متتالية في اللغة الإنكليزية.

في أفضل المعاهد الموسيقية

تزين الشهادات التي حصل عليها الموسيقي الطفل جدران شقة عائلة آنزين، في أيار الماضي لبى فانيا دعوة "مؤسسة فلاديمير العالمية" ليعزف في "بيت علماء الأكاديمية الروسية للعلوم"، مقطوعات راقصة من الفلكلور الأوكراني والإسباني، نال بعدها جائزة مالية أنفقها في شراء ألعاب وطوابع بريدية يجمعها. "كذلك، رشحت الدولة الأوكرانية فانيا لتمثيلها المهرجان الموسكوبي الدولي الخامس، المسمى موسكو ترحب بالأصدقاء"، كما يقول والده، في وقت صرح البروفيسور بنيامين كاروبوف، من الكونسرفاتوار الروسي، أنه مستعد لاستقبال فانيا فوراً في عداد طلاب قسم الآلات النقرية في المعهد. وصلت دعوات أخرى إلى فانيا من معاهد أوكرانية في مدينتي "دانيتسك" و "دنيبرابيتروفسك"، وإمكانية حصوله على منحة تعليمية من المعهد الموسيقي في أوتاوا - كندا؛ لكن والديه لا يريدان حرمانه من طفولته، "فليعش طفولته الحقيقية وليكبر في بيته، يمكنه أن يحصل على كافة الدروس المطلوبة حتى هنا، فأستاذه سيرغي خميروف لديه من الخبرة ما يكفي" كما يقولان.



اجمالي القراءات 2478