التلفظ بالنذر

آحمد صبحي منصور في السبت ١٩ - أغسطس - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
كنت عايز اعقب علي جواب حضرتك في اجابة السؤال عن اذا شخص نذر في نفسه ولم يتلفظ به فمعني كلام حضرتك انه لا يجب الوفاء به ما لم يتلفظ . لكن يقول الله [فإن تجهر بالقول فأنه يعلم السر واخفي ] ويقول الله [ وما نذرتم من نذر فإن الله يعلمه ] معني للايات كما انا فهمته ان سواء ان الشخص تلفظ بلسانه او في نفسه فأن الله يعلم هذا النذر ويجب الوفاء به لقول الله [وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله ] [واعلموا ان الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه] هل هل اذا شخص تلفظ في نفسه او بلسانه دون نية هل ايضا يجب الوفاء به ماقول حضرتك في هذه المسألة واسف جدا ان اطالت عليك لاني حقيقا اول مرة اعقب علي حضرتك لا لشئ لكن للتوضيح لي فهل هناك دليل يقول ان الله لا يؤاخذ بحديث النفس ولابد من التلفظ وهل لابد من نيه ايضا ام لا وجزاكم الله عنا خيرا.
آحمد صبحي منصور

أولا :

الله جل وعلا هو عالم الغيب والشهادة والذى لا يغيب عن علمه شىء . والآيات فى هذا كثيرة منها قوله جل وعلا : ( اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10)  الرعد )

ثانيا :

الحساب فى الآخرة غير العقاب فيها والمؤاخذة . سيشمل الحساب ما فى القلب وما فعلته الجوارح . قال جل وعلا :

1 ـ ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً (36)  الاسراء )، ولكن الغفران فى الحساب لمن يستحقه ، وهذا بعلمه جل وعلا ومشيئته . قال جل وعلا : ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)   البقرة ).

ثالثا : هذا يشمل الصدقات والنذور . قال جل وعلا : (  وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (270)  البقرة )

ثالثا :

العادة أن يبدأ النذر والحلف بالقلب ثم يعززه اللسان ناطقا به الانسان . تكون المؤاخذة بالنطق والتلفظ ، لأن التسجيل يكون بما يتلفظه الانسان بعد وسوسة النفس . قال جل وعلا : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)  ق ). بل إنه فى حالة الحلف لا تكون المؤاخذة إلا بالقول المؤكد بتصميم قلبى . غيره لا مؤاخذة فيه . قال جل وعلا :

1 ـ (  لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)  البقرة )

2 ـ ( لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)  المائدة )

رابعا :

المؤمن الذى يتقى الله جل وعلا هو الذى يطبق هذا ، فهو الذى يعرف أنه هو الذى ( عقد اليمين )، وهو الذى يفرض على نفسه كفارة اليمين . وليست هنا سلطة للدولة فى ان تتدخل ، وهذا المؤمن المتقى حين يفرض على نفسه نذرا ويتلفّظ به لا بد أن يفى به . وإذا لم يتلفظ به يظل فى نفسه مشاعر خير . ولا أعتقد أن الله جل وعلا برحمته سيؤاخذه على هذه المشاعر الطيبة الخيّرة .

اجمالي القراءات 1851