مع خالص الشكر اقول لك :
هى لمحة ذكية منك أن تلاحظ وجود اسم ( مسلم ) حتى بين الأنصار ، وهذا يعزز الشّك فى كتب السيرة وما يعرف برواية الأحاديث التى تمت كتابة معظمها بأثر رجعى بعد موت الصحابة بقرون .
إن معظم الشخصيات الهامشية فى الصحابة مختلق ، وجىء به لخدمة روايات الحديث التى قام على أساسها دين السّنة .فكلما أرادوا صناعة حديث ما لأغراض سياسية أو دينية أو اقتصادية صنعوا له إسنادا وعنعنة مما يستلزم صناعة أسماء للصحابة فارتبطت صناعة الأحاديث بصناعة شخصيات وةأسماء للرواة من الصحابة . والشكّ يلحق بمعظم هذه الأسماء حتى اسم (ابو هريرة ) نفسه ، بدليل أنهم لم يتفقوا على إسمه ونسبه ،مع أهمية النسب للثقافة العربية .
أول من قام بتدوين السيرة هو ابن اسحاق وهو من الموالى الكارهين للعرب ولأهل المدينة ، وهو الذى كتبها من دماغه ،أقول هذا على مسئوليتى كباحث ، وهذا ما خرجت به من خلال تمحيص رواياته ومن روى عنهم شفهيا واتضح انه لم يلتق بهم بتاتا ، وخصوصا ابن شهاب الزهرى ،الذى نقل عنه ابن اسحاق معظم رواياته .ومات ابن اسحاق بعد 150 هجرية .
ثم جاء من بعده محمد بن سعد صاحب الطبقات الكبرى ، والمشهور بكاتب الواقدى ، وقد أقام كتابه ( الطبقات ) على التأريخ للصحابة والتابعين خلال طبقاتهم أو أجيالهم ، وجعل مدار التاريخ لهم تبعا لرواية الأحاديث طبقا للشائع فى العصر العباسى الأول ، مات ابن سعد بعد ابن اسحاق بحوالى ثمانين عاما .
وعنهما نقل اللاحقون ، وما زادوه فى تاريخ الصحابة يعتبر زيادة فى الافتراء وتلبية للطلب المتزايد على منتجات صناعة الأحاديث ،إذ مع تعقد الحياة فى مجتمع دينى تتكاثر التساؤلات ، والاجابة المفحمة الى لا معقب لها هى ما تصاغ على شكل حديث ، لذلك تكاثرت أسماء الصحابة وتكاثر عدد الأحاديث ليقترب من مليونين فى العصر العباسى الثانى حيث كتب ابن الأثير ( أسد الغابة ) .
ثم تضاعف العدد فى العصر المملوكى حيث كتب ابن حجر (الاصابة ) ثم انفلت العيار فى أواخر العصر المملوكى حيث عاش السيوطى المتوفى 911 هجرية وهو أكبر كذاب فى عصره لأنه كان، أكثرهم انتاجا فيما يسمى بعلم الحديث.