آحمد صبحي منصور
في
الأربعاء ٢٦ - يوليو - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
أولا :
قولهم عن المريض إنه ( بعافية ) هذا من تأثير الاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم ، وكان سائدا فى مصر فى العصر المملوكى ، كانوا يتشاءمون ( أو يتطيرون ) من الكلمات التى تدل على المصائب والنكبات ، فيتحاشون التلفّظ بها تشاؤما وخوفا ، وكان هناك مثل شعبى يقول إن البلاء موكل بالمنطق أو النطق ، فإذا نطقت بكلمة تقع عليك . لذا كانوا يتشاءمون من اشياء كثيرة ، ومنها كلمة المرض ، فإذا مرض أحدهم لا يقولون إنه مريض ، بل يستعملون عكس المرض ، وهو العافية التى تعنى الصحة والقوة . ومن المضحك أن تقول الأم الريفية المصرية عن طفلها المريض الذى يعانى من ( السخونة ) : ( جسد الكلبة دافى ) ، أى ليس جسد طفلها ، ولكنه جسد الكلبة ، هذا لتبعد عنه السخونة والمرض تشاؤما .
ثانيا : قرآنيا :
1 ـ لم يأت فى القرآن الكريم مصطلح ( صحة ) . ولكن جاء الفعل ( عفُوا ) بمعنى القوة والصحة . وجاء هذا فى موضع وحيد فى قوله جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (95) الاعراف ).
2 ـ جاء ( العفو ) بمعنى المال الذى يمكن التنازل عنه :
2 / 1 : فى الصدقة . قال جل وعلا : ( وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (219) البقرة )،
2 / 2 : تكرُّما وفضلا فى مهر المطلقة قبل الدخول بها ، قال جل وعلا : ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) (237) البقرة ).
3 ـ من أسماء الله جل وعلا الحسنى أنه ( العفُوّ ) الذى يعفو . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) الشورى )
3 / 2 : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) الشورى)
3 / 3 : ( وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) البقرة )
3 / 4 : ويأتى العفو إسما لله جل وعلا ومرتبطا بالغفران فى قوله جل وعلا :
3 / 4 / 1 : ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43) النساء).
3 / 4 / 2 : ( فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99) النساء ).
3 / 4 / 3 : ( إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) الحج ).
3 / 4 / 4 : ( وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) المجادلة )
3 / 5 : والأمر بالعفو جاء للمؤمنين بمعنى الصفح ضمن الاتصاف بالأخلاق الاسلامية السامية . قال جل وعلا :
3 / 5 / 1 : ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) البقرة )
3 / 5 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)التغابن ).
3 / 5 / 3 : ( وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) النور ) .
3 / 5 / 4 : ( إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً (149) النساء )
3 / 6 : وقال جل وعلا للنبى محمد عليه السلام : ( خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199) الاعراف ).
4 ـ بالمناسبة : العفو يعنى فى عصرنا ( التسامح ) ، وليس التسامح من مصطلحات القرآن الكريم .