سورة الحجر
سميت السورة بهذا الاسم لأن قصة أصحاب الحجر مذكورة فيها .
"بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام القرآن أى وحى عظيم ،يبين الله للنبى (ص) أن باسم الله وهو حكم الله الر تلك آيات الكتاب والمراد العدل هو أحكام القرآن وهو الوحى مصداق لقوله بسورة النمل"تلك آيات القرآن وكتاب مبين"وفسر الكتاب بأنه القرآن المبين أى الوحى العادل ،والله هو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد للخلق والخطاب وما بعده حتى والأرض مددناها للنبى(ص).
"ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون "المعنى ربما يحب الذين كذبوا لو كانوا مطيعين اتركهم يعبثوا أى يتلذذوا أى يشغلهم المتاع فسوف يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله ربما يودوا أى يحبوا التالى لو كانوا مسلمين أى مطيعين لحكم الله وهذا يعنى أن الكفار فى أحيان نادرة يتمنون لو كانوا مؤمنين ولكنهم لا يفعلون ويطلب الله من نبيه(ص)أن يذرهم يأكلوا أى يتمتعوا أى يلههم الأمل والمراد يأخذوا متاع الدنيا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا أى تشغلهم الرغبة فى التمتع فى الدنيا مستقبلا والسبب أنه سوف يعلمون أى يعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب"كما قال بسورة هود.
"وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون "المعنى وما دمرنا من أهل بلدة إلا ولها أجل معروف ما تتقدم من جماعة موعدها وما يستأجلون،يبين الله لنبيه(ص) أنه ما أهلك من قرية إلا ولها كتاب معلوم والمراد ما قصم من أصحاب بلدة إلا ولها أجل معروف له وحده مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وكم قصمنا من قرية "وقوله بسورة يونس"لكل أمة أجل "ويبين له أن ليس هناك أمة أى جماعة تسبق أجلها أى تتقدم موعد دمارها والمراد تموت قبل موعدها المحدد وما يستأخروا أى ما يستأجلوا والمراد ما يموتون بعد موعدهم المحدد.
"ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين "المعنى ما نهبط الملائكة إلا بالعدل وما كانوا إذا مؤخرين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما ينزل الملائكة إلا بالحق والمراد لا يبعث الملائكة ظاهرين إلا لسبب عدل هو حدوث يوم القيامة مصداق لقوله بسورة الفرقان "ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا"أو إنزال العذاب فى الدنيا أو أى حكم يأمر الله به فى ليلة القدر وما كانوا إذا منظرين والمراد وما كانوا إذا مؤخرين عن موعدهم .
"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "المعنى إنا نحن أوحينا الوحى وإنا له لصائنون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه هو الذى نزل الذكر أى أوحى الكتاب له مصداق لقوله بسورة النحل"ونزلنا عليك الكتاب"ويبين له أنه حافظ له أى جاعله مستمر عبر العصور لا يقدر أحد على تبديله وتغييره والقرآن والحديث الذى هو الذكر محفوظ كاملا فى الكعبة وهى البيت المعمور مصداق لقوله تعالى بسورة الطور "والطور وكتاب مسطور فى رق منشور والبيت المعمور " .
"ولقد أرسلنا من قبلك فى شيع الأولين وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون "المعنى ولقد بعثنا من قبلك فى جماعات السابقين وما يجيئهم من نبى إلا كانوا منه يسخرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل من قبله فى شيع الأولين والمراد بعث من قبله فى أمم السابقين مصداق لقوله بسورة النحل"ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا"فكانت النتيجة أنهم ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون والمراد ما يجيئهم من نبى إلا كانوا به يكذبون مصداق لقوله بسورة الزخرف"وما يأتيهم من نبى "وقوله بسورة ص"إن كل إلا كذب الرسل".
"كذلك نسلكه فى قلوب المجرمين لا يؤمنون به وقد خلت سنة الأولين "المعنى هكذا نضعه فى نفوس الكافرين لا يصدقون به وقد مضت عقوبة السابقين ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى الإستهزاء بالوحى يسلكه الله فى قلوب المجرمين والمراد يضعه الله فى نفوس الكافرين فالكفار يستهزءون وقد فسر الله ذلك بأنهم لا يؤمنون به أى لا يصدقون به ويبين له أن سنة الأولين وهى عقوبة السابقين قد خلت أى مضت أى عرفت وهى العقاب على الإستهزاء بالرسل (ص)ووحى الله المنزل عليهم .
"ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون "المعنى ولو سخرنا لهم منفذا إلى السماء فاستمروا فيه يصعدون لقالوا إنما خدرت أنظارنا بل نحن ناس مخدوعون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو فتح على الكفار باب من السماء والمراد لو أدخل الناس من منفذ من منافذ السماء فاستمروا فيه يصعدون أى يتحركون لقالوا بسبب ما شاهدوه إنما سكرت أبصارنا أى إنما خدعت أنظارنا بل نحن قوم مسحورون أى نحن ناس مخدوعون وهذا القول يبين لنا أن الكفار مع أنهم رأوا بأعينهم وعلموا ما فى السماء بتلك الرحلة فإنهم كذبوا ما رأوا ونسبوا ذلك إلى حدوث تسكير أى سحر لأبصارهم والغرض من القول هو إخبار الرسول(ص)أن الكافر لن يصدق برسالته حتى ولو رأى كل المعجزات .
"ولقد جعلنا فى السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين "المعنى ولقد خلقنا فى السماء كواكب وجملناها للرائين وحميناها من كل بعيد ملعون إلا من أراد التصنت فلحقته نار كبرى ،يبين الله لنبيه(ص)أنه جعل فى السماء بروج أى خلق فى السماء الدنيا كواكب أى مصابيح مصداق لقوله بسورة الصافات"إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب"وقوله بسورة الملك"ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح"وفسر هذا بأنه زيناها للناظرين أى جملناها للرائين والمراد سخرها لمنفعة المشاهدين ،وقد حفظها من كل شيطان رجيم والمراد وقد حماها من كل جنى ملعون وهذا يعنى أن الجنى الذى يريد العلم بالغيب فيصعد للسماء لسماع أخباره تكون النتيجة هى أن يتبعه شهاب مبين أى أن تلحقه نار ثاقبة له والمراد تصل له نار ثاقبة مهلكة له مصداق لقوله بسورة الصافات"فأتبعه شهاب ثاقب".
"والأرض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل شىء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين "المعنى والأرض فرشناها ووضعنا فيها جبال وأخرجنا فيها من كل نوع معتدل وخلقنا لكم فيها منافع ومن لستم له بمعطين ،يبين الله للناس أن الأرض مدها أى فرشها مصداق لقوله بسورة الذاريات "والأرض فرشناها"وهذا يعنى أنه بسطها أى مهدها للناس وألقى فيها رواسى والمراد وخلق فيها جبال مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وجعلنا فى الأرض رواسى "وأنبتنا فيها من كل شىء موزون والمراد وأخرجنا فى الأرض من كل زوج كريم مصداق لقوله بسورة لقمان"فأنبتنا فيها من كل زوج كريم"وهذا يعنى أن الله خلق فى الأرض من كل نوع مقدر أحسن تقدير ،وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين والمراد وخلقنا لكم فى الأرض منافع ومن لستم له بمعطين الرزق وهذا يعنى أن الله خلق فى الأرض للناس أرزاق ينتفعون بها وخلق أنواع لا يرزقهم الناس بشىء والخطاب للناس.
"وإن من شىء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم"المعنى وإن من مخلوق إلا لدينا حوافظه وما نخلقه إلا بقدر معروف،يبين الله للناس أن كل شىء أى أن كل نوع عند الله خزائنه والمراد لديه مخازنه وهذا النوع لا ينزل إلا بقدر معلوم أى لا يعطى منه إلا بكميات معروفة لديه وهذا يعنى أن الله يحافظ على توازن الأرض بحيث لا تختفى الأنواع منها والخطاب وما بعده وما بعده للناس .
"وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين "المعنى وبعثنا الهواء مخصبات فأسقطنا من السحاب مطرا فأشربناكموه وما أنتم له بحافظين ،يبين الله للناس أنه أرسل الرياح لواقح والمراد بعث الهواء مخصبات أى بعث الهواء دافعا لذرات البخار حتى تتزوج مع بعضها فكانت النتيجة أن أنزل من السماء ماء والمراد أن أسقط من السحاب مطرا فأسقيناكموه أى فأشربناكموه وهذا يعنى أن ماء السحاب هو ماء الشرب ويبين لهم أنهم ليسوا له بخازنين والمراد ليسوا بحافظين للماء والمراد لا يقدرون على إبقاء الماء موجودا عندهم بإستمرار.
"وإنا لنحن نحى ونميت ونحن الوارثون ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين"المعنى وإنا لنحن نخلق ونهلك ونحن المالكون ولقد علمنا المطيعين منكم ولقد عرفنا المخالفين ،يبين الله للناس أنه هو يحى أى يخلق أى يبدأ الخلق ويميت أى يتوفى وهو الوارث أى مالك السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الملك"له ملك السموات والأرض"ويبين لهم أنه قد علم المستقدمين منهم وهم طلاب التقدم أى طلاب الجنة وهم المطيعين المهتدين وعلم المستأخرين والمراد وعرف طلاب التأخر وهو الضلال منهم مصداق لقوله بسورة الأنعام "إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين "
"وإن ربك هو يحشرهم إنه حكيم عليم "المعنى وإن إلهك هو يجمعهم إنه قاض خبير،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو خالقه هو يحشرهم والمراد يجمع الخلق المستقدمين والمستأخرين يوم البعث مصداق لقوله بسورة التغابن"يوم يجمعكم ليوم الجمع"وهو الحكيم أى القاضى بالحق وهو العليم أى الخبير بكل شىء والخطاب للنبى(ص) ومل قبله من القول محذوف والخطاب فى قصة الخلق للنبى(ص)ومنه للناس.
"ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم"المعنى ولقد أنشأنا آدم(ص)من طين من تراب مخلوط والجان أنشأناه من قبل من وقود الخروم ،يبين الله لنبيه(ص)أنه خلق الإنسان وهو آدم(ص)من صلصال من حمأ مسنون والمراد أنشأ أدم(ص) من طين من تراب مخلوط بالماء مصداق لقوله بسورة السجدة "وبدأ خلق الإنسان من طين"وقوله بسورة فاطر"والله خلقكم من تراب"وأما الجان وهو أبو الجن فقد خلقناه من قبل وهذا يعنى أنه أنشأ الجان قبل إنشاء آدم(ص)بزمن وتم خلقه من نار السموم وهى المارج من النار مصداق لقوله بسورة الرحمن"وخلق الجان من مارج من نار"والمراد خلقه من وقود النار وهو التراب المتخلف عن النار بعد انطفائها.
"وإذ قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين "المعنى وقد قال إلهك للملائكة إنى منشىء إنسانا من طين من تراب مخلوط فإذا عدلته ونفثت فيه من رحمتى فكونوا له مكرمين فكرمت الملائكة كلهم جميعا إلا إبليس رفض أن يصبح من المكرمين ،يبين الله لنبيه(ص)أن رب وهو خالقه قال للملائكة "إنى خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون" والمراد إنى مبدع خليفة من طين من تراب مخلوط مصداق لقوله بسورة البقرة "إنى جاعل فى الأرض خليفة "وقوله بسورة ص"إنى خالق بشرا من طين"وقال فإذا سويته أى عدلت خلقة جسمه ونفخت فيه من روحى والمراد ونفثت فيه من رحمتى والمراد ووضعت فيه النفس الحية بأمرى فقعوا له ساجدين أى فكونوا له مكرمين أى مقرين له بالأفضلية ،فكانت نتيجة الأمر أن سجد أى أقرت الملائكة كلهم جميعا إلا إبليس الذى أبى أى رفض أن يكون مع الساجدين أى المكرمين وهم المقرين بأفضلية أدم(ص).
"قال يا إبليس ما لك ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين "المعنى قال يا معاقب ما لك ألا تصبح من المطيعين قال لم أكن لأفضل إنسان على أنشأته من طين من تراب مخلوط قال فإنزل منها فإنك معاقب أى إن عليك الغضبة إلى يوم الحساب،يبين الله لنبيه(ص)أن الله سأل إبليس ولم يكن اسمه إبليس وإنما سمى بهذا لأنه معناه المعاقب المعذب :ما لك ألا تكون مع الساجدين والمراد ما منعك أن تصبح من المطيعين لأمرى بالسجود لأدم(ص)؟فرد قائلا :لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون والمراد لم أوجد لاعترف بأفضلية إنسان أبدعته من طين من تراب مخلوط وهذا يعنى أن إبليس يعتقد أن الله لم يوجده فى الكون لكى يسجد لإنسان مخلوق من الطين وإنما هو أفضل من ذلك فقال الله له:فاخرج منها والمراد ابتعد عن الجنة فإنك رجيم أى معاقب وهذا يعنى أن الله طلب منه أن يطلع من الجنة لأنه معذب وقال مفسرا وإن عليك اللعنة وهى الغضب إلى يوم الدين وهو يوم الحساب ،وهذا يعنى أن الله صب على إبليس غضبه حتى يوم الجزاء الذى يدخل فيه كل إنسان مسكنه حسب عمله فى الحياة الدنيا .
"قال رب فانظرنى إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم "المعنى قال إلهك فأبقنى إلى يوم يرجعون قال فإنك من الباقين إلى يوم الموعد المحدد،يبين الله لنبيه(ص)أن إبليس قال :رب فانظرنى إلى يوم يبعثون والمراد إلهى أخرنى إلى يوم يعودون مصداق لقوله بسورة الإسراء"لئن أخرتنى إلى يوم القيامة"وهذا يعنى أنه طلب من الله أن يبقيه على قيد الحياة حتى يوم البعث فقال الله له فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم والمراد فإنك من المؤخرين إلى يوم الموعد المحدد وهذا يعنى أن الله استجاب لطلبه لأنه كتب عمره من قبل هكذا ولكنه لا يعلم موعد موته بالدقيقة والساعة لأنه لا يعلم متى تحدث القيامة .
"قال رب بما أغويتنى لأزينن لهم فى الأرض ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين "المعنى قال إلهى بالذى أضللتنى لأجملن لهم فى البلاد ولأضلنهم إلا خلقك منهم المطيعين ،يبين الله لنبيه(ص)أن إبليس قال لله :رب بما أغويتنى والمراد إلهى بالذى أضللتنى وهذا يعنى أنه أقسم بآدم(ص)الذى طرده الله بسبب عدم السجود له وقد أقسم على التالى لأزينن لهم فى الأرض أى لأجملن لهم فى الدنيا والمراد لأحسنن لهم المتاع فى الدنيا ولأغوينهم أجمعين أى ولأبعدنهم كلهم عن دينك إلا عبادك منهم المخلصين أى إلا خلقك منهم المطيعين لوحيك وهذا يعنى أنه أقسم على إغواء البشر بتجميل متاع الدنيا لهم عدا المخلصين لدين الله.
"قال هذا صراط على مستقيم إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم "المعنى قال هذا دين عظيم معتدل ،إن خلقى ليس لك عليهم سلطة إلا من قلدك من الضالين ،وإن النار لمقامهم كلهم لها سبعة منافذ لكل منفذ منهم عدد محسوب ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله قال لإبليس :هذا صراط على مستقيم والمراد دينى دين عظيم عادل وهذا يعنى أن وحى الله هو الدين العادل وحده ،وقال إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين والمراد إن خلقى ليس لك عليهم حكم إلا من أطاعك من الكافرين وهذا يعنى أن سلطان إبليس وهو حكمه لا يسرى سوى على المطيعين له وأما العاصين له وهم المسلمين فليس عليهم أى حكم ،وقال وإن جهنم لموعدهم أجمعين والمراد وإن النار لمقامهم كلهم لها سبعة أبواب والمراد لها سبعة منافذ للدخول لكل باب منهم جزء مقسوم والمراد لكل منفذ منهم عدد محسوب وهذا يعنى أن أبواب النار سبعة وعدد الكفار مقسوم على عدد الأبواب بحيث يكون لكل باب عدد محدد يدخل منه النار يوم القيامة .
"إن المتقين فى جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين "المعنى إن المطيعين فى حدائق وأنهار اسكنوها بخير مطمئنين وأخرجنا الذى فى نفوسهم من كراهية إخوانا على فرش متلاقين لا يصيبهم فيها تعب وما هم منها بمطرودين،يبين الله لنبيه(ص)أن المتقين وهم المطيعين لحكم الله لهم جنات وعيون أى حدائق وأنهار مصداق لقوله بسورة القمر"إن المتقين فى جنات ونهر" ويقال لهم ادخلوها بسلام آمنين والمراد اسكنوها بخير مطمئنين أى أقيموا فيها فى خير سعداء محبرين مصداق لقوله بسورة الزخرف"ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون "ويبين له أنه نزع ما فى صدروهم من غل والمراد يخرج الله الذى فى نفوسهم من كراهية تجاه بعض وهذا يعنى وجود كراهية بين المسلمين فى الدنيا ولكنها تمنع فى الأخرة وهم إخوان على سرر متقابلين والمراد إخوة على فرش متكئين مصداق لقوله بسورة الطور"متكئين على سرر "وهم لا يمسهم فيها نصب والمراد لا يصيبهم فى الجنة تعب أى سوء مصداق لقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء "وما هم منها بمخرجين أى ليسوا منها مطرودين وهذا يعنى أنهم خالدون فيها لا يطلعون .
"نبىء عبادى إنى أنا الغفور الرحيم وأن عذابى هو العذاب الأليم "المعنى أخبر خلقى إنى أنا العفو النافع وإن عقابى هو العقاب الشديد،يطلب الله من نبيه (ص)أن ينبأ والمراد أن يبلغ عباده وهم خلقه بالتالى إنى أنا الغفور الرحيم أى النافع المفيد لمن يطيعنى وأن عذابى هو العذاب الأليم أى وأن عقابى هو العقاب الشديد لمن يكفر بى مصداق لقوله بسورة إبراهيم"إن عذابى لشديد".
"ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال إنا منكم وجلون قال لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم "المعنى وأخبرهم عن زوار إبراهيم(ص)حين ولجوا عليه فقالوا خيرا لكم قال إنا منكم خائفون قالوا لا تخف إن نخبرك بطفل خبير ،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينبأ والمراد أن يبلغ الناس عن ضيف وهو زوار إبراهيم (ص)إذ دخلوا عليه والمراد لما حضروا عنده فقالوا سلاما والمراد الخير لكم وهى التحية فقال لهم بعد أن قدم لهم الطعام ولم يجدهم قادرين على الوصول له :إنا منكم وجلون أى خائفون وهذا يعنى أنه غير مطمئن لما شاهده فقال له لا توجل أى "لا تخف "مصداق لقوله بسورة الذاريات" إنا نبشرك بغلام عليم والمراد إنا نخبرك بولادة طفل خبير لك ،وهذا يعنى أنهم أخبروه خبرين مفرحين أولهما ولادة طفل له والثانى أنه عليم أى رسول خبير بحكم الله والخطاب وما بعده من القصة للنبى(ص)ومنه للناس.
"قال أبشرتمونى على أن مسنى الكبر فبم تبشرون قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون "المعنى قال أخبرتمونى بعد أن بلغنى العجز فبم تخبرون ؟قالوا أخبرناك بالصدق فلا تكن من اليائسين قال ومن ييأس من رحمة خالقه إلا الناس الكافرون ،يبين الله لنا على لسان رسوله(ص) أن إبراهيم (ص)لم يصدق ما سمعه من الزوار لأنه يخالف قوانين الناس فقال لهم أبشرتمونى على أن مسنى الكبر فبم تبشرون والمراد أخبرتمونى بعد أن أصابنى العجز فبم تخبرون؟وهذا يعنى أنه لم يتخيل وجود ولد له بسبب كبره وعقم زوجته فسخر من قول الضيوف فقالوا له بشرناك بالحق والمراد قلنا لك الصدق فلا تكن من القانطين والمراد فلا تصبح من اليائسين وهذا يعنى أنهم أكدوا له صدق الخبر الذى قالوه ويطلبون منه ألا ييأس من رحمة الله فقال لهم ومن يقنط من رحمة ربه إلا القوم الضالون أى ومن ييأس من روح الله إلا الناس الكافرون مصداق لقوله بسورة الزمر"إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون"وهذا يعنى أنه عرف صدقهم لأنهم ذكروه برحمة الله وهى واسعة لا حدود لها .
"قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها من الغابرين "المعنى قال فما أمركم أيها المبعوثون؟قالوا إنا بعثنا إلى ناس كافرين إلا أسرة لوط(ص)إنا لمنقذوهم كلهم إلا زوجته عرفنا إنها من الهالكين ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص) سأل الملائكة فما خطبكم أيها المرسلون والمراد فما سبب حضوركم أيها الملائكة ؟ فردوا قائلين :إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين والمراد إنا بعثنا لإهلاك ناس ظالمين مصداق لقوله بسورة العنكبوت"إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين "إلا آل لوط والمراد ما عدا أسرة لوط(ص)إنا لمنجوهم أجمعين والمراد إنا لمنقذوهم من العذاب كلهم إلا امرأته قدرنا إنها من الغابرين والمراد عدا زوجته عرفنا إنها من المعاقبين ،وهذا يعنى أن القرية أبيدت تماما ما عدا أسرة لوط(ص) التى هلك أى أبيد منها فرد واحد فقط هو زوجته.
"فلما جاء آل لوط المرسلون قال إنكم قوم منكرون قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق وإنا لصادقون فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون "المعنى فلما أتى أسرة لوط(ص) المبعوثون قال إنكم ناس مجهولون قالوا لقد أتيناك بالذى كانوا به يكذبون وجئناك بالعدل وإنا لمحقون فإخرج بأسرتك بعد بعض الليل وامش خلفهم ولا يعودن منكم فرد إلا زوجك وسيروا حيث توصون،يبين الله لنا أن المرسلون وهم الملائكة المبعوثون لما جاءوا آل لوط والمراد لما حضروا فى مسكن أسرة لوط(ص)قال لهم لوط(ص)إنكم قوم منكرون والمراد إنكم ناس أغراب أى جاهلون لا تدرون بأى بلد نزلتم وقد قال هذا لأنه لم يكن يعلم حقيقتهم فقالوا له :بل جئناك بما كانوا فيه يمترون والمراد لقد أتيناك بالذى كانوا به يكذبون وهو عذاب الله وفسروا هذا فقالوا وأتيناك بالحق أى وجئناك بالعدل وهو جزاء الله وإنا لصادقون أى محقون فى قولنا فأسر بأهلك بقطع من الليل والمراد فاخرج من البلدة بأسرتك بعد مرور بعض من الليل وهذا يعنى أنهم لم يريدوا أن يعلم الكفار بتحركهم حتى لا يمنعوهم من الخروج ،واتبع أدبارهم والمراد وامش خلفهم وهذا يعنى أنهم طلبوا من لوط(ص)أن يسير خلف أسرته باعتباره حاميهم ولا يلتفت منكم أحد والمراد ولا يرجع منكم فرد إلا امرأتك مصداق لقوله بسورة هود"ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك "وامضوا حيث تؤمرون والمراد وسيروا حيث توصون وهذا يعنى أنهم كانوا ذاهبين لبلدة حددها الله لهم.
"وقضينا إليه الأمر ذلك أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين "المعنى وقلنا له ذلك الحكم أن كل هؤلاء هالك مشرقين ،يبين الله لنا أن الله قضى إلى لوط(ص)الأمر والمراد أوحى إليه الحكم التالى أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين والمراد أن أصل هؤلاء مدمر مشرقين وهذا يعنى أن الله أخبره أنه سيهلك القوم فى الصباح مصداق لقوله بسورة هود"إن موعدهم الصبح".
"وجاء أهل المدينة يستبشرون قال إن هؤلاء ضيفى فلا تفضحون واتقوا الله ولا تخزون قالوا أو لم ننهك عن العالمين قال هؤلاء بناتى إن كنتم فاعلين "المعنى وأتى رجال البلدة يفرحون قال إن هؤلاء زوارى فلا تذلون وأطيعوا الله ولا تهينون قالوا أو لم نزجرك عن الناس قال هؤلاء بناتى إن كنتم راغبين ،يبين الله لنا أن أهل المدينة وهم رجال البلدة لما علموا بوجود رجال فى بيت لوط(ص)جاءوا يستبشرون والمراد أتوا يستمتعون بهم فخرج لهم لوط(ص)وقال إن هؤلاء ضيفى أى زوارى فلا تفضحون أى فلا تذلون وهذا يعنى أنه لن يقدر على حماية زواره ويطالبهم بعدم فضحه وهو إذلاله بسبب ضيفه وقال واتقوا الله أى وأطيعوا حكم الله ولا تخزون أى ولا تهينون،وهذا يعنى أنه طلب من القوم ألا يذلوه بأنه لن يقدر على الدفاع عن ضيوفه ،فقالوا له أو لم ننهك عن العالمين أى هل لم نمنعك عن ضيافة الناس؟وهذا يعنى أنهم أصدروا له نهيا عن إيواء رجال فى بيته فقال لهم لوط(ص)هؤلاء بناتى إن كنتم فاعلين أى راغبين فى النيك والمراد تزوجوا بناتى إن كنتم تريدون قضاء شهواتكم.
"لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون فأخذتهم الصيحة مشرقين فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل إن فى ذلك لآيات للمتوسمين وإنها لبسبيل مقيم إن فى ذلك لآية للمؤمنين "المعنى وحياتك إنهم لفى طغيانهم يسيرون فأهلكتهم المهلكة مصبحين فجعلنا أكابرها أصاغرها وأنزلنا عليهم صخور من طين إن فى ذلك لعبر للعالمين وإنها لبقرآن دائم إن فى ذلك لعبرة للمصدقين ،يبين الله لنا أنه قال للوط(ص)لعمرك إنهم لفى سكرتهم يعمهون والمراد وحياتك إنهم لفى كفرهم يستمرون وهذا يعنى أنه حلف له أنهم لن يرجعوا عما فى نفوسهم من الرغبة فى الزنى مع الضيوف فكانت النتيجة أن أخذتهم الصيحة مشرقين والمراد أهلكهم المطر مصبحين مصداق لقوله بسورة هود"إن موعدهم الصبح" وبين الله لنا أنه جعل عاليها سافلها والمراد جعل أكابر قوم لوط(ص)أذلاء البلدة وكانت الصيحة هى أن الله أمطر الله عليهم حجارة من سجيل والمراد أسقط عليهم صخور من طين مصداق لقوله بسورة الذاريات"لنرسل عليهم حجارة من طين"وهو طين مخصوص للإهلاك ويبين لنا أن فى ذلك وهو هلاك الكفار آيات للمتوسمين أى عبر للعالمين مصداق لقوله بسورة الروم"إن فى ذلك لآيات العالمين "ويبين لنا أنها بسبيل مقيم أى بوحى دائم وهذا يعنى أن قصة القوم فى وحى موجود دائما هو القرآن ويبين أن فى ذلك وهو هلاك الكفار آية للمؤمنين أى عبرة أى عظة للمصدقين بحكم الله.
"وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين "المعنى وإن كان أهل الشجرة لكافرين فانتصرنا عليهم وإنهما لبكتاب عظيم ،يبين الله لنا أن أصحاب الأيكة وهم عباد الشجرة وهم قوم شعيب(ص)ظالمين أى كافرين بحكم الله ولذا انتقم الله منهم والمراد غضب الله عليهم فأهلكهم وهما والمقصود قوم لوط (ص)وقوم شعيب (ص)فى إمام مبين وهو كتاب عظيم هو القرآن.
"ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين فأخذتهم الصيحة مصبحين فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون"المعنى ولقد كفر أهل الصخر بالأنبياء(ص)وأعطيناهم أحكامنا فكانوا بها كافرين وكانوا يبنون من الرواسى مساكنا مطمئنين فأهلكتهم الرجفة مشرقين فما أفادهم ما كانوا يعملون ،يبين الله لنا أن أصحاب الحجر وهم أهل الصخر مصداق لقوله بسورة الفجر"وثمود الذين جابوا الصخر بالواد"كذبوا الرسل والمراد كفروا برسالة الأنبياء(ص)وفسر هذا بأنه أتاهم آياته فكانوا عنها معرضين والمراد أبلغ لهم أحكامه فكانوا بها مكذبين أى جاحدين مصداق لقوله بسورة فصلت"وكانوا بآياتنا يجحدون"ويبين لنا أنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين والمراد كانوا يبنون من صخر الرواسى مساكنا مطمئنين وهذا يعنى أن بيوتهم كانوا يبنونها من حجارة الجبال فكانت النتيجة أن أخذتهم الصيحة والمراد أن أهلكهم العذاب مصداق لقوله بسورة الأعراف"فأخذهم العذاب"وهى الرجفة وكان هذا مصبحين أى وقت نزول العذاب هو الصباح أى الشروق ويبين لنا أنهم ما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون والمراد ما أفادهم ما كانوا يمتعون أى يعملون مصداق لقوله بسورة الشعراء"ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون" والخطاب وما قبله وما بعده حتى نهاية السورة للنبى(ص) .
"وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل "المعنى وما أنشأنا السموات والأرض والذى وسطهما إلا للعدل وإن القيامة لحادثة فاعفو العفو المستمر،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما خلق أى ما أنشأ السموات والأرض وما بينهما وهو الجو وسطهما إلا بالحق والمراد إلا للعدل وهذا يعنى أنه خلقهم من أجل إقامة العدل فيهم ويبين له أن الساعة لأتية والمراد أن القيامة واقعة ويطلب منه أن يصفح الصفح الجميل والمراد أن يعفو العفو المستمر وهذا يعنى ترك طاعة الكفر تركا مستمرا .
"إن ربك هو الخلاق العليم ولقد أتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم "المعنى إن إلهك هو المبدع الخبير ولقد أوحينا لك سبعا من المتشابهات أى الوحى الكبير ،يبين الله لنبيه(ص)أن ربه وهو خالقه هو الخلاق العليم أى المبدع الخبير بكل شىء ويبين له أنه أتاه سبعا من المثانى أى أوحى له سبعا من المتشابهات والمراد آياتا من الموضحات لبعضها البعض فكل آية لها آية توضحها وتفسرها حتى لا يفهمها إنسان خطأ وفى هذا قال بسورة الزمر "الله أنزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى "وقد فسر السبع المثانى بأنها القرآن العظيم أى الكتاب الكبير .
"ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين وقل إنى أنا النذير المبين "المعنى ولا تطمعن نفسك فى ما لذذنا به أفرادا منهم ولا تخف عليهم وذل نفسك للمصدقين وقل إنى أنا المبلغ الأمين ،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يمد عينيه إلى ما متع به أزواج منهم والمراد ألا تشتهى نفسه ما لذذ به الله أفرادا من الكفار وهذا يعنى أن عليه ألا يتمنى أخذ ما مع الكفار من زهرة الدنيا للتمتع به ،وألا يحزن عليهم والمراد ألا يخاف بسبب كفرهم وعقاب الله لهم عليه لأنهم لا يستحقون الخوف عليهم ،وأن يخفض جناحه للمؤمنين والمراد أن يذل نفسه للمصدقين وهذا يعنى أن يضع نفسه خادما للمسلمين ويطلب منه أن يقول إنى أنا النذير المبين أى المبلغ الأمين لوحى الله وهذا إخبار لهم بوظيفته .
"كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين "المعنى كما أوحينا فى المجزئين الذين جعلوا الوحى أجزاء ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أنزل على المقتسمين والمراد أنه أوحى فى المبعضين المفرقين للوحى فهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض وحيا هو قوله تعالى بسورة النساء"إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض" وهم الذين جعلوا القرآن عضين والمراد قسموا الوحى أقسام قسم يؤمنون به وقسم يكفرون به .
"فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها أخر فسوف يعلمون"المعنى فو إلهك لنعاقبنهم كلهم عن الذى كانوا يفعلون فاعمل بما توصى وخالف الكافرين إنا حميناك من الساخرين الذين يعبدون مع الله ربا أخر فسوف يعرفون ،يقسم الله لنبيه(ص)بنفسه فيقول فو ربك أى فو إلهك ويقسم على التالى :لنسئلنهم عما كانوا يعملون والمراد لنعذبنهم على الذى كانوا يصنعون من الكفر فى الدنيا،ويطلب منه أن يصدع بما يؤمر والمراد أن يطيع أى يستقيم بما يوصى مصداق لقوله بسورة هود "فاستقم كما أمرت"وفسر هذا بأنه يعرض عن المشركين والمراد أن يخالف أديان الكافرين ويبين له أنه كفاه المستهزئين والمراد حماه من شر الساخرين منه وهم الذين يجعلون مع الله إلها أخر والمراد الذين يدعون مع الله ربا أخر أى يطيعون مع دين الله دينا أخر وهم سوف يعلمون أى يعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب"كما قال بسورة هود.
"ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "المعنى وإنا نعرف أنك تغتم نفسك بما يزعمون فاعمل بحكم إلهك "أى أصبح من المطيعين أى أطع إلهك حتى يحضرك الموت ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يعلم أنه يضيق صدره بما يقولون والمراد أن الله يعرف أنه تحزن نفسه بسبب ما يزعم الكفار من أنه كاذب وفى هذا قال بسورة الأنعام"قد نعلم إنه ليحزنك الذى يقولون "ويطلب منه أن يسبح بحمد ربه والمراد أن يطيع اسم وهو حكم خالقه مصداق لقوله بسورة الواقعة "فسبح باسم ربك العظيم"وفسر طلبه بأنه يكون من الساجدين وهم الشاكرين أى المطيعين لحكم الله مصداق لقوله بسورة الزمر"وكن من الشاكرين"وفسر طلبه بأن يعبد ربه حتى يأتيه اليقين والمراد أن يطيع حكم خالقه حتى يحضره الموت .