إن مسألة تقييم دور الإعلام لقضايا الليبرالية و الديمقراطية تستلزم منا الحديث في 4 نقاط رئيسية و هي :
أولآ : التيار الليبرالي و وضعه منذ عام 1952 و حتى 2005 ، و فترة 2005 حتى 2009 ، ثم توقعات المستقبل .
ثانيآ : الديمقراطية منذ عام 1952و حتى عام 2005 ، و فترة 2005 حتى 2009 ، ثم توقعات المستقبل .
ثالثآ : تعريف الإعلام و وسائله و آلياته و ملكيته .
رابعآ : تعريف الإعلام الجديد و آلياته و ملكيته .
خامسآ : تناول الإعلام لقضية الليبرالية منذ 1952 حتى و 2005 بعد 2005 حتى 2009 و توقعات المستقبل .
سادسآ : تناول الإعلام لقضية الديمقراطية منذ 1952 حتى 2005 و فترة 2005 حتى 2009 ، ثم توقعات المستقبل .
أولآ : التيار الليبرالي و وضعه منذ عام 1952 و حتى 2005 ، و فترة 2005 حتى 2009 ، ثم توقعات المستقبل .
إن الليبرالية تعني حرية الفرد حرية كاملة لا تنتهي إلا عند المساس بحرية الآخرين ، و هي بهذا المفهوم تكون قادرة على تحمل أي تيار فكري او سياسي آخر فهي تسمح بما لا ترضى عنه من الأفكار التي قد تسعى للحد من الحرية ، و في المقابل لا تستطيع التيارات الفكرية الأخرى تحمل الليبرالية بمفهومها الشامل نحو الحرية ، و مصر قبل الثورة تعايشت مع مفاهيم الحرية بينما تغير الحال بعدها فمنذ عام 1952 و حتى عام 2005 و مصر تعاني من إضرابات فكرية عمت على الشعب كله نتيجة الخوف من القهر و الإعتقال في ظل أنظمة قمعية ، بينما تنامت أفكار و تيارات سياسية أخرى بعد قيام الثورة مثل اليسار و الإسلاميين ، و ظهر التيار الناصري الذي نشأ بعد وفاة جمال عبد الناصر هذا الرجل الذي أرسى مبادئ الإشتراكية ، بأساليب قمعية إستطاع أن يجد لها المبرر فمرة للحفاظ على الثورة و مرة أخرى "لا صوت يعلوا فوق صوت المعركة" !
و بينما حاول جمال عبد لناصر القضاء على الليبراليين و اللذين كانوا متمثلين في حزب الوفد و القضاء أيضآ على الحركات الإسلامية حتى وفاته ، أتى الرئيس السادات بقرارات تفتح للإسلاميين الأبواب للعمل بحرية للحد من تنامي اليسار شيوعيين و ناصريين ! و أصدر السادات قراره بإنشاء منابر سياسية في مارس عام 1976 بدأت بمنبر يمثل اليمين " الأحرار الاشتراكيين " ومنبر لليسار "التجمع الوطني الوحدوي" و منبرللوسط " تنظيم مصر العربي الاشتراكي " ثم صدر قرار آخر في نوفمبر 1976 بتحويل هذه المنابر إلى أحزاب سياسية .
وفي يونيو 1977 صدر قانون تنظيم الأحزاب والذي يقضي بالتحول إلى النظام التعددي ، و لكن .. مع عدم إلغاء الاتحاد الاشتراكي و الذي كان له صلاحيات الموافقة على إنشاء الأحزاب ! و كانت آخر قرارات السادات تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي ودعا من خلاله أعضاء حزب مصر الاشتراكي إلى الانضمام إليه و تولى رئاسته كما أن لجنة شئون الأحزاب والتي تأسست بموجب القانون 40 لعام 1977 و تولى رئاستها رئيس مجلس الشورى من آخر تطورات الحياة الحزبية في العهد الساداتي .
و بنظرة سريعة على الأحزاب التي أسسها السادات فسنجد أن ممدوح سالم و هو ضابط سابق كان أول رئيس لحزب مصر العربي الإشتراكي و كان مصطفى كمال مراد و هو أيضآ ضابط سابق رئيسآ لحزب الأحرار ، و خالد محي الدين أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة رئيسآ لحزب التجمع ! أي أن الأحزاب الثلاثة كانت محكومة بقضة عسكرية !
و في عام 1978 تأسس حزب الوفد الجديد بناء على طلب مقدم إلى لجنة شؤن الأحزاب و لكنه جمد نشاطه بعد صدور قانون حماية الجبهة الداخلية و السلام الاجتماعي ، مع ظهور حزب العمل أيضآ و الحزب الوطني الديمقراطي .
ثم أتى عصر ما بعد السادات و الذي شهد على مدار أكثر من 25 عامآ مولد 18 حزبآ كان من بينها حزب الغد الليبرالي ثم حزب الجبهة الليبرالي أيضآ ، و نستطيع القول أن حزب الوفد إستطاع أن يقدم مثالآ حياً للمواقف المشرفة خاصة فترة وجود جريدته الناطقة بإسمه وقت أن كان يرأسها مصطفى شردي و لذي توفي عام 1989، و ساءت أوضاع الحزب بعد وفاة رئيسه فؤاد باشا سراج الدين حتى خرج منه فيما بعد مؤسس حزب الغد أيمن نور .
بالتالي أستطيع القول أنه لا توجد في مصر أحزاب ليبرالية إلا 3 أحزاب و هم الوفد و الغد و الجبهة ، بينما باقي الأحزاب إما يسار أو ناصرية الفكر و هناك جزأ كبير منها لا تستطيع أن تعرف له هوية ! حتى و إن إطلعت على برامجها الحزبية ، و أول الأحزاب مجهولة الهوية الحزب الوطني الديمقراطي !
و من خلال العرض أعود و أقول أن الفكر الليبرالي كان بعيدآ عن الظهور على السطح العام للدولة منذ قيام الثورة و حتى عودة حزب الوفد عام 1984 و الذي كان لعودته اثر طيب في ظهور حزبين ليبراليين أخريين على الساحة ، أما التيارات الفكرية الأخرى بما فيها التيار الإسلامي فإنها و جدت مساحة من الحرية في العمل ، و وجدت منابر تستطيع من خلالها نشر أفكارها بينما يبدأ الليبراليون المسيرة في مرحلة متأخرة إشتعلت و ظهرت منذ عام 2005 و أثبتت جدارتها بأنها الأكثر قرباً من الفئة الصامتة التي لا تنتمي لأي تيار فكري و بدا هذا واضحآ في إنتخابات رئاسة الجهورية 2005 و التي حصد فيها حزبين ليبراليين المركزين الثاني و الثالث ، و هو ما يعد إنجازاً لليبراليين ، و لكن تظل أزمة الليبراليين مع بعضهم البعض أشد شراسة من أزماتهم مع أي تيارات فكرية أخرى ، و لو لم ينتبه الليبراليون إلى ذلك لتعثر مستقبل الليبرالية فقد بات على القادة و العقلاء أن يراجعوا أنفسهم و أن يتحدوا تحت لواء الليبرالية بدلآ من الإتحاد تحت أي لواء آخر أغلب أعضاءه لا يؤمنون بالليبرالية .
ثانيآ : الديمقراطية منذ قيام ثورة يوليو حتى عام 2005 و فترة 2005 حتى 2009 و توقعات المستقبل .
أستطيع أن أجزم في هذا المحور بأن مصر لم تعرف الديقراطية قبل عام 2005 فقد كانت من الدول القمعية التي لا تقبل المساس بالآلهة أو حاشيتها ، إلا أن الوضع قد إختلف بعد عام 2005 ، فقد تعالت أصوات المطالبين بالديمقراطية ، و إستطاعوا أن يصلوا بأصواتهم إلى العالم كله و شهدت مصر أحداث ساخنة في هذا العام ، و أقيمت لأول مرة إنتخابات رئاسية و ظهر على السطح شباب يؤمن بالحرية لم يكن له وجود من قبل .
و لكن يبقى سؤال هام هل الديمقراطية تعني حرية التعبير و إن لم تكن كاملة حتى و قتنا الحالي ! أم أنها تعني تداول السلطة ؟!
قبل الإجابة عن هذا السؤال أريد أن أوضح أن مصر تخطو نحو الديمقراطية خطوات رائعة قد لا تؤدي إلى إنتقال السلطة في الوقت الراهن إلا أن النظام أصبح لا يستطيع التراجع خاصة بعد أن زالت رهبة الآلهة من قلوب العاملين في حقل السياسة ، فلو لم تؤدي مساحة الحرية الموجودة في الوقت الراهن إلى الديمقراطية ، فإنها بالتأكيد ستؤدي إليها في المستقبل القريب ، و من هنا
استطيع القول أننا حصلنا على مساحة من الديمقراطية بعد عام 2005 و حتى الآن إلا أنها ديمقراطية ناقصة لأن كمالها يستوجب إنتقال السلطة .
و ما أعتقده في المستقبل القريب أن مصر مقبلة على الديمقراطية الكاملة و حتى إن تأخرت تلك المسألة بعض الشئ فإنه لا يهم فالمهم أن يضع الحاليون حجر الأساس لها و لا مانع من أن تكمل الأجيال القادمة البناء ، فالأهم هو أن لا يتراجع دعاة الديمقراطية عن مواقفهم .
ثالثآ : تعريف الإعلام ما قبل الإعلام الجديد و آلياته و ملكيته .
كلمة الإعلام تعني التبليغ و هو توصيل الشئ إلى آخرين ، و من ثم فإنه يتطلب أن لا يقوم عليه إلا أشخاص جديرون بالثقة حتى نضمن أنهم لن يوصلوا إلا الحقيقة ، و يمكنني أن أعرف الإعلام ماقبل الجديد بأنه الإعلام الموجه .
و قد تطورت وسائل الإعلام الموجه تطورات خطيرة جدآ فمن إصدار الصحف إلى الإذاعات المسموعة إلى التليفزيون ، و قد أدى ذلك إلى نشر الثقافات المختلفة بين الشعوب و أدى أيضآ إلى نشر حركات التحرر في دول كثيرة .
و قد فطن النظام المصري إلى خطورة الإعلام بعد ثورة يوليو خاصة و أن من أسباب نجاح الثورة الإستيلاء على مبنى الإذاعة و بث خبرها !
و قد أحكم النظام المصري قبضته على كافة وسائل منذ قيام الثورة و حتى وقتنا الحالي و أصبحت وسائل الإعلام خاضعة لسيطرة الدولة تبث كل ما هو في مصلحة النظام الحاكم و بالتالي كل ما هو ضد الديمقراطية و الليبرالية ، لأن كليهما لا يجتمعان ، فعلى سبيل المثال أدى رجال الدين دورآ في إسكات الفقراء و جعلهم قابعين في مخابئهم بحجة أن الفقير له الجنة !
و عن طريق الإعلام تم بث روح الفن و الطرب إلى الشعب الفنان بطبيعته حتى تكون قضيته الأساسية البحث عمن يرث عبد الحليم أو أم كلثوم ! و غير ذلك من الأمور التي أجدها تدعوا إلى الضحك و الحزن في نفس الوقت لضياع أكثر من 50 عامآ مضت أثرت بالسلب على نفوس المصريين ، و لا ننسى ما قامت به وسائل الإعلام وقت نكسة 1967 وقت أن كانت تبث أخباراً كاذبة !
من هنا يتضح لنا أن ملكية الإعلام كانت بيد الدولة فقط ، و ما صدر من صحافة بعد عام 2005 لا تقع تحت يد الدولة لكونها مستقلة أو حزبية معارضة ، كشفت لللعالم الحقائق و أوضحت مدى زيف الإعلام الموجه .
من خلال ما سبق يتضح لنا جليآ أن الإعلام يجب يكون حرآ طليقاً ، و أن وزارة الإعلام هي من سمات الدول القمعية و مخصصة للقضاء على كافة أشكال الديمقراطية أو الليبرالية .
رابعآ : تعريف الإعلام الجديد و آلياته و ملكيته .
الإعلام الجديد ليس له مفهوم علمي دقيق و لكنه التطور الطبيعي للتكنولوجيآ و أحد مفاتيح القيود الحديدية على دعاة الليبرالية و الديمقراطية ، و نستطيع القول بأنه كل ما يخص الإنترنت من مدونات و شبكات إجتماعية و شبكات فيديو و إذاعات على الإنترنت و قنوات تليفزيونية أيضآ ، و رسائل SMS .... إلخ
و أنا أعرف الإعلام الجديد بأنه الإعلام الحر و الذي لا يخضع لسيطرة الدولة .
و أهم ما يميز الإعلام الجديد هو أنه ليس حكرآ على الدولة بل إنه عالم مفتوح حر يستطيع الشخص العادي أن يكون من خلاله صحفيآ أو مدونآ أو مذيعآ أو خلاف ذلك ، و أهم ما يميزه هو أنه لا ينقل إلا الحقيقة إذا لم يكن موجهآ ! حيث أن الدولة قد إنتبهت إلى خطورته في الوقت الراهن و بدأت فلول من المدافعين عن النظام أو أحد أركانه إستخدامه بالشكل الذي ينافي كل ماهو معروض من حقائق ، إلا أنني أستطيع القول أن الإعلام الجديد لا يمكن بأي حال من الأحوال السيطرة عليه أو محاربته في ظل التكنولوجيا التي نعيشها الآن من تصوير بأجهزة المحمول سواء كان التصوير فوتوغرافي أم فيديو هذا بخلاف أجهزة التسجيل و غيرها .
و قد حقق الإعلام الجديد إنتشارآ كبيرآ بين الناس و أصبح مستخدموا الإنترنت من غير المهتمين بالسياسة مرغمون على على الإهتمام بها نتيجة الشبكات الإجتماعية و منها الفيس بوك و الذي يبلغ المشتركون عليه من مصر ما يفوق المليون مواطن طبقآ لإحصائيات الشبكة ، و تأتي خطورة الإعلام الجديد أيضآ من أن محترفي إستخدامه هم من المثقفين و اللذين يستطيعون نقل المعلومات لغير مستخدمي الإنترنت ، بخلاف وسائل إعلام الدولة و التي تكون موجهة و التي يطلع عليها غير المثقفين و بالتالي الغير مؤثرين .
و يكفي أن الملكية في الإعلام الجديد تكون حقآ للأفراد ، و دون أي مقابل مادي و هذا تطور آخر إذ أن وسائل الإعلام الجديد تكون بالمجان كما أنها من الممكن أن تدر دخلآ على مستخدميها من الأفراد إذا ما إنتشرت صفحاتهم عبر الإنترنت و أصبحت مقرؤة و متداولة فعن طريق الشركات الكبرى التي تقدم هذه الخدمات المجانية تقدم أيضآ خدمات الإعلانات و التي يستفيد منها الأفراد و بالتالي نجد أن محترفي إستخدام الإعلام الجديد في إزدياد دائم .
خامسآ : تناول الإعلام لقضية الليبرالية منذ 1952 حتى 2005 بعد 2005 حتى 2009 و توقعات المستقبل .
منذ قيام الثورة و حتى عام 1984 كان الإعلام المصري يشوه في الليبرالية و يصفها بشكل متوحش لا يمت للحقيقة بصلة و من ثم ظهرت الليبرالية للناس دون مسماها الذي يعد جديدآ على الساحة السياسية و لكنها كانت متمثلة في حزب الوفد و الذي أساء إليه مؤرخوا الثورة إساءات قد لا تغتفر و قد بدا هذا من خلال الإذاعات و التليفزيون و الصحافة و عبر إستخدام الفن كوسيلة لتغيير المفاهيم لدي الناس و إستخدام فنانين مقربين من قلوب الشعب لتزيف الحقائق ، و بالتالي لم يكن لليبرالية أي نصيب في و سائل الإعلام الموجه ، و لكن بعد عام 1984 بدأت الصورة تتضح بعض الشئ و لكن بشكل غير كامل و ذلك لإهتمام صحيفة الوفد بالأوضاع الداخلية أكثر من إهتمامها بنشر مفاهيم الليبرالية ، و أستطيع القول أنه بعد عام 2005 تغيير الوضع بعض الشيئ إذ بدأ مفهوم الليبرالية يظهر على السطح دون خوف من أي إنتقاد ، و ظهرت مسميات تحمل المعنى مثل إتحاد الشباب الليبرالي و إتحاد المحامين الليبراليين ، و أصبحت المجاهرة بالليبرالية مثار فخر لمن ينادون بها و دخل الليبراليون حالات حوار و دفاع و كانت الغلبة لهم في النهاية ، فكما ذكرنا فإن الليبرالية تتحمل غيرها من التيارات و الأفكار الأخرى بينما لا تتحملها تلك الأفكار و التيارات المختلفة معها .
بينما ساند الإعلام الجديد الليبرالية عن طريق الشباب الليبراليين و اللذين يعدون من أهم محترفي الإعلام الجديد في مصر ، و كان للإعلام الجديد الدور الأكبر في نشر المعنى و ترديده بين الناس
سادسآ : تناول الإعلام لقضية الديمقراطية قبل 2005 و فترة 2005 حتى 2009 و توقعات المستقبل .
لا أستطيع القول بأن الإعلام الموجه قد نادى بالديمقراطية ، بل على العكس تمامآ كان ينادي بترسيخ كافة المفاهيم التي تؤدي إلى إستقرار النظام دون النظر إلى المستقبل الذي يخيم عليه الظلام طالما لا يعرف الديمقراطية ، و حتى بعد عام 2005 نجد أن الإعلام الموجه لا ينادي بالديمقراطية ذلك إذا ما إفترضنا أن الديمقراطية تعني التداول في السلطة .
بينما موقف الإعلام الجديد على النقيض تمامآ فكان و ما زال ينادي بالديمقراطية و يرسخ لمبادئها ، و قد أثمرت جهود الإعلام الجديد ، في كشف العديد من الحقائق التي تنال من الديمقراطية .
آليات العمل بالنسبة للإعلام لتعزيز الليبرالية و الديمقراطية :
1- تدوين كل ما يخص الليبرالية و الديمقراطية .
2- تصوير كل ما يخص الليبرالية و الديمقراطية .
3- تصوير الفيديو لكل ما يخصهما أيضآ .
4- التخصص بحيث يختص عدد من المدونين بتعزيز الليبرالية و العدد الآخر لعزيز الديمقراطية .
5- على منظمات المجتمع المدني عقد دورات تدريبية خاصة بآليات كتابة الخبر و النشر و أيضآ آليات كتابة المقال .