آحمد صبحي منصور
في
الإثنين ١٧ - أبريل - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
هناك من يلاحقنا بأسئلة تمت الاجابة عنها عشرات المرات . ونضطر للتوقف وإعادة التنبيه على بعض ما قلناه . منهم هذا السائل المنكر للقرآن الكريم ، والذى لا يؤمن به وحده حديثا . نرد عليه ، ولن يتكرر الرد عليه :
أولا :
منشور لنا بحث عن كيف نفهم القرآن ، ومن يتخذه دليلا فى التدبر القرآنى لا يختلف معه أى مؤمن باحث عن الهداية . ومن يقرأ لنا ـ خصوصا مقالات القاموس القرآنى ـ يتأكّد من هذا ، فالآيات يؤكد بعضها بعضا ويفصل بعضها بعضا. ونحن لا نفرض ديننا على أحد ، ونحترم حرية كل أحد فى إختياره الدينى ، ونرضى لكل أحد ما يرضاه لنفسه . كل ما نرجوه من خصومنا ألا يزعجوننا بأسئلة تمت الاجابة عليها عشرات المرات من قبل .
ثانيا :
( الأسوة ) قلنا فيها : إنها مقيدة بموقف محدد ، وليست مطلقة . الدليل قوله جل وعلا :
1 ـ للنبى محمد وأصحابه عن ابراهيم عليه السلام وأصحابه : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) الممتحنة ).
2 ـ للصحابة المؤمنين فى سياق غزوة الأحزاب : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً (22) مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً (23) الاحزاب ) .
ثالثا:
الاقتداء مختلف عن الأسوة . الأسوة بموقف لشخص أو أشخاص ، أما الاقتداء فليس بشخص أو أشخاص ، بل هو بالهدى . قال جل وعلا عن الأنبياء السابقين : ( وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83) وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (84) وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنْ الصَّالِحِينَ (85) وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (87) ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (88) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) الأنعام ) ثم قال للنبى الخاتم : ( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) الأنعام ). والهدى الذى جاء فى القرآن الكريم هو نفس الهدى الذى جاء فى الكتب الإلهية من قبله ، ونزل القرآن الكريم مصدقا لها . قال جل وعلا : ( وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنْ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (31) فاطر ).
رابعا :
التطبيق بوسائل العصر . ولسنا ملتزمين بنفس الوسائل التى كان يطبق بها النبى محمد عليه السلام الأوامر التى كانت تتنزل عليه . مثلا يقول جل وعلا : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ) (60) الأنفال ). كان الاستعداد العسكرى وقتها بالسيف والرمح والسهم . فهل يصح هذا فى عصرنا ؟ لو كان النبى يعيش فى عصرنا لأعد جيشه بأحدث الأسلحة . كان الجيش العثمانى الذى يقوده السلطان سليم مزودا بمدافع . رفض السلطان طومان باى إستعمال المدافع حسبما أورد المؤرخ إبن زنبل الرمال بحجة إنه متمسك بسنة الرسول باستعمال السيف والرمح ولن يحارب بالبندقة التى لو حاربت بها المرأة لغلبت . إنتهى أمره بالهزيمة والقتل شنقا على باب زويلة .!
خامسا :
الأوامر والنواهى التى جاءت للنبى محمد عليه السلام منها ما هو خاص به وبوقته ومكانه ، مثلما جاء فى سورة الأحزاب ، ولا شأن لنا بها ( الأحزاب 28 : 34 ، 37 : 40 ، 50 : 55 ، 60 : 61 . ومثل ذلك ما جاء عن تعاملاته مع المنافقين المتآمرين عليه والمتقاعسين عن القتال الدفاعى .. والأمثلة كثيرة ، وفصلناها من قبل لمن يريد أن يقرأ ويتعلم .. !
أخيرا
هذا السائل
1 ـ لا يؤمن بالقرآن الكريم وحده حديثا ، أى يكفر بقوله جل وعلا :
1 / 1 ـ ( أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) الاعراف )
1 / 2 ـ ( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات )
1 / 3 ـ ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (9) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11) الجاثية )
2 ـ يأتى الينا يجادلنا فى آيات الله القرآنية ، أى ينطبق عليه قول الله جل وعلا : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (10) الحج ).
3 ـ نستشهد بهذه الآيات الكريمة وعظا له ولأمثاله .