تفسير سورة يونس

رضا البطاوى البطاوى في السبت ٢٨ - نوفمبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

                                  سورة يونس

سميت السورة بهذا الإسم لذكر اسم يونس (ص)فيها بقوله "فنفعها إيمانها إلا قوم يونس".

"بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب الحكيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام الوحى المبين ،يبين الله لنا أن باسمه أى بحكم الله الرحمن الرحيم أى النافع المفيد قد حكم أن الر تلك آيات الكتاب الحكيم والمراد أن العدل هو أحكام الوحى وهو القرآن وبيانه المبين مصداق لقوله بسورة يوسف"تلك آيات الكتاب المبين" والخطاب للناس

"أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين"المعنى هل كان غريبا أن ألقينا إلى ذكر منهم أن أبلغ الخلق وأخبر الذين صدقوا الوحى أن لهم ثواب عدل لدى خالقهم قال المكذبون إن هذا مخادع عظيم ،يسأل الله أكان عجبا للناس أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس والمراد هل كان غريبا للبشر أن أنزلنا الوحى إلى إنسان منهم أن أبلغ  الخلق؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الناس جعلوا بعث الرسول من وسطهم يبلغ لهم الوحى أمر غريب لا يصدق ،وطلب الله من نبيه(ص)أن يبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم والمراد أن يخبر الذين صدقوا الوحى أن لهم مقعد عدل لدى ربهم مصداق لقوله بسورة القمر"إن المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر"وهو الجنة ويبين لنا أن الكافرون وهم المكذبون بالحق قالوا إن هذا لساحر مبين والمراد لماكر كبير وهذا إتهام له بممارسة السحر والخطاب للمؤمنين

"إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون "المعنى إن إلهكم الله الذى فطر السموات والأرض فى ستة أيام ثم أوحى إلى الملك يحفظ الحكم ما من متكلم إلا من بعد أمره ذلكم الله إلهكم فأطيعوه أفلا تعقلون ؟،يبين الله للناس أن ربهم وهو إلههم أى خالقهم هو الله الذى خلق أى أنشأ والمراد "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وقد خلقهم فى ستة أيام والمراد ستة آلاف عام بحساب البشر مصداق لقوله بسورة الحج"وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون "ويبين لنا أنه استوى على العرش والمراد أن الله أوحى إلى الكون عند خلقه للسموات والأرض  أنه ملك المخلوقات كلها والله يدبر الأمر والمراد يحفظ الحكم أى يصون الكون بأحكامه التى يصدرها ويبين أن ما من شفيع إلا من بعد إذنه والمراد ما من متكلم إلا من بعد أمره له بالكلام فى القيامة مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "ويبين أن ذلكم وهو فاعل كل ما سبق هو الله ربهم أى إلههم فاعبدوه أى فأطيعوا حكمه مصداق لقوله بسورة النساء"وأطيعوا الله"ويسأل أفلا تذكرون أى "أفلا تعقلون "كما قال بسورة يس والغرض من السؤال هو أن يفهموا الوحى عن طريق طاعتهم له والخطاب للناس وما بعده وما بعده.

"إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤ الخلق ثم يعيده ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون "المعنى إليه عودتكم كلكم خبر الله صدقا إنه ينشىء المخلوقات ثم يبعثها ليثيب الذين صدقوا وفعلوا النافعات بالعدل والذين كذبوا لهم سائل من غساق وعقاب مهين بما كانوا يكذبون ،يبين الله للناس أن إليه مرجعهم جميعا والمراد إن إلى جزاء الله عودة الكل وهو وعد حق من الله والمراد وهو  خبر صادق أى متحقق من عند الله ،ويبين لهم أنه يبدؤ الخلق ثم يعيده والمراد أنه ينشىء النشأة الأولى ثم يبعثه النشأة الأخرة والسبب أن يجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والمراد أن يثيب الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات بالحسنى مصداق لقوله بسورة النجم"ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى" وهو ما قاله لهم  وهو الجنة والذين كفروا أى كذبوا بحكم الله لهم شراب من حميم أى سائل يسقونه من غساق وعذاب أليم أى "عذاب شديد "كما قال بسورة آل عمران والمراد عقاب مستمر والسبب ما كانوا يكفرون أى "ما كانوا يكذبون "كما قال بسورة البقرة .

"هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون"المعنى هو الذى خلق الشمس ضوء والقمر هاديا وحدده درجات لتعرفوا عدد السنوات والتقدير ما أنشأ الله ذلك إلا للعدل يبين الأحكام لقوم يفهمون،يبين الله للناس أنه هو الذى جعل الشمس ضياء والمراد الذى خلق الشمس منيرة لتنير نهار الأرض أى سراجا مصداق لقوله بسورة نوح"وجعل الشمس سراجا"وخلق القمر نورا أى هاديا فى الظلمات وقدره منازل والمراد وجعله أشكال متعددة والسبب أن تعلموا عدد السنين والحساب والمراد أن تعرفوا عدد الأعوام والتقدير الذى يسمى حساب الأعداد ويبين لهم أنه ما خلق ذلك إلا بالحق والمراد ما أنشأ ما سبق إلا للعدل والمراد أن تطبق المخلوقات العدل فى الكون ويبين أنه يفصل الآيات لقوم يعلمون والمراد يبين حدود الله لقوم يوقنون أى يطيعون الحق مصداق لقوله بسورة البقرة "وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون "وقوله "لقوم يوقنون".

"إن فى اختلاف الليل والنهار وما خلق الله فى السموات والأرض لآيات لقوم يتقون" المعنى إن فى تقلب الليل والنهار والذى أنشأ الله فى السموات والأرض لعلامات لقوم يطيعون ،يبين الله للناس أن فى اختلاف وهو تغير أى تقلب الليل والنهار مصداق لقوله بسورة النور"يقلب الله الليل والنهار"وما خلق وهو الذى أنشأ الله فى السموات والأرض لآيات لقوم يتقون والمراد لعلامات"لقوم يعقلون"كما قال بسورة الروم وهذا يعنى أن فى هذه المخلوقات دلائل على قدرة الله  والخطاب للناس .

"إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون "المعنى إن الذين لا يريدون جزاءنا وقبلوا المعيشة الأولى أى ركنوا لها والذين هم عن أحكامنا ساهون أولئك مقامهم جهنم بالذى كانوا يعملون ،يبين الله لنا أن الذين لا يرجون لقاء الله أى لا يريدون مقابلة الله والمراد الذين يكذبون اليوم الآخر مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله"وهم الذين رضوا بالحياة الدنيا وهم الذين قبلوا متاع المعيشة الأولى وتركوا متاع الآخرة وفسر هذا بأنهم اطمأنوا بها والمراد ركنوا للتمتع بمتاع الدنيا وفسرهم الله بأنهم الذين هم عن آيات الله غافلون والمراد الذين هم عن أحكام الله معرضون مصداق لقوله بسورة الحجر"وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين "أى مخالفين لأحكام الله ويبين لنا أن مأواهم النار أى "مأواهم جهنم"كما قال بسورة آل عمران والمراد مقامهم هو الجحيم والسبب ما كانوا يكسبون أى يعملون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون"والخطاب وما بعده للناس.

"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجرى من تحتهم الأنهار فى جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم إن الحمد لله رب العالمين"المعنى إن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات يدخلهم إلههم بتصديقهم تسير من أسفلها العيون فى حدائق المتاع قولهم فيها الطاعة لحكمك وتحيتهم فيها خير وآخر قولهم أن الطاعة لله إله الكل،يبين الله لنا أن الذين آمنوا أى صدقوا وحى الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات فى الدنيا يهديهم ربهم بإيمانهم والمراد يثيبهم خالقهم بإسلامهم  جنات النعيم وهى حدائق المتاع التى تجرى من تحتهم فيها الأنهار والمراد التى تسير فى أسفل أرضهم العيون ذات الأشربة اللذيذة ودعواهم وهو قولهم فى الجنة سبحانك اللهم والمراد الطاعة لحكمك وحدك يا رب وتحيتهم وهو قولهم لبعض سلام أى الخير لكم وآخر دعواهم والمراد ونهاية هذا الكلام هو أن الحمد لله رب العالمين والمراد أن الطاعة لحكم إله الجميع وهو الله .

"ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا فى طغيانهم يعمهون"المعنى ولو يسرع الله للبشر الأذى اسراعهم للنفع لأنهى لهم موعدهم فنترك الذين لا يريدون مقابلتنا فى ظلمهم يسيرون ،يبين الله لنا أنه لو يعجل الله للناس الشر والمراد لو يسرع بضرر للخلق قدر استعجالهم بالخير أى قدر سرعة طلبهم لمجىء النفع لحدث التالى قضى إليهم أجلهم  والمراد أنهى لهم موعدهم أى أنزل لهم عقابه المدمر لهم ،ويبين لنا أنه يذر الذين لا يرجون لقاءنا فى طغيانهم يعمهون والمراد يترك الذين لا يصدقون بجزاء الله فى كفرهم يستمرون وهذا يعنى أنه لا يمنعهم عن كفرهم والخطاب وما بعده للنبى (ص).

"وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون "المعنى وإذا أصاب الإنسان الأذى نادانا لمرقده أو جالسا أو واقفا فلما أزلنا عنه أذاه عاش كأن لم ينادينا لأذى أصابه كذلك حسن للكافرين الذى كانوا يفعلون،يبين الله لنا أن الإنسان إذا مسه الضر والمراد إذا نزل عليه الأذى فعل التالى دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما والمراد نادانا وهو راقد على جانبه أو وهو جالس أو وهو واقف ثابت أو سائر طالبا إزالة الضرر فلما كشفنا عنه ضره والمراد فلما أبعدنا عنه الأذى مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه والمراد عاش حياته كأنه لم ينادينا إلى أذى أصابه من قبل وهذا يعنى أنه ينسى الله ولا يتذكره إلا وقت حاجته له ويبين لنا أنه كذلك أى بطريقة الإنعام زين للمسرفين ما كانوا يعملون والمراد حسن للكافرين ما كانوا يمكرون أى يفعلون مصداق لقوله بسورة الرعد"زين للذين كفروا ما كانوا يمكرون".

"ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزى القوم المجرمين "المعنى ولقد دمرنا الأقوام من قبلكم لما كفروا وأتتهم أنبياءهم بالآيات وما كانوا ليصدقوا  هكذا نعاقب الناس الكافرين،يبين الله للناس أنه أهلك القرون من قبلهم لما ظلموا والمراد أنه دمر الأقوام التى سبقتهم لما كفروا أى  أذنبوا مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "ويبين أنهم جاءتهم رسلهم بالبينات والمراد أتتهم الأنبياء(ص)بالكتاب وهو حكم الله مصداق لقوله بسورة التوبة "أتتهم رسلهم بالبينات"وقوله بسورة فاطر"جاءتهم رسلهم بالبينات والزبر والكتاب المنير"ويبين لنا أنهم ما كانوا ليؤمنوا والمراد ما كانوا ليصدقوا بحكم الله الذى كفروا به وكذلك أى بالهلاك يجزى الله القوم المجرمين والمراد يعاقب الله الناس الظالمين مصداق لقوله بسورة يوسف"كذلك نجزى الظالمين"والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ثم جعلناكم خلائف فى الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون"المعنى ثم عيناكم ملاكا للبلاد من بعد وفاتهم لنعلم كيف تفعلون ،يبين الله للناس أنه جعلهم خلائف فى الأرض من بعدهم والمراد خلقهم ملاك لما فى البلاد من بعد هلاك الأقوام والسبب أن ننظر كيف تعملون والمراد أن نعرف كيف تتصرفون فى البلاد وهو ما أتاكم مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم جعلناكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم".

"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله "المعنى وإذا تبلغ لهم أحكامنا واضحة قال الذين لا يريدون رحمتنا هات وحى سوى هذا أى غيره، يبين الله للمؤمنين أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تقرأ على مسامعهم أحكام القرآن واضحات قال الذين لا يرجون لقاءنا وهم "الذين لا يؤمنون بالآخرة "كما قال بسورة الأنعام والمراد الذين لا يريدون جنة الله فى الآخرة:ائت بقرآن غير هذا والمراد هات وحى غير ما تقول أى بدله والمراد غيره بكلام آخر وهذا يعنى أنهم يطلبون منه أن يفترى على الله غيره مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره "والخطاب للمؤمنين.

"قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم "المعنى قل ما يحق لى أن أغيره من عند نفسى إن أطيع إلا الذى يلقى إلى إنى أخشى إن خالفت إلهى عقاب يوم كبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى والمراد لا يحق لى أن أغير القرآن من عند نفسى وهذا يعنى أن الله لم يبح له قول حكم من عنده والسبب إن أتبع إلا ما يوحى إلى والمراد إن أطيع إلا الذى يلقى إلى وهذا يعنى أنه يطيع الحكم المنزل من عند الله له وليس فيه ما يبيح له تأليف الأحكام من نفسه ،إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم أى إنى أخشى إن خالفت أمر إلهى عقاب يوم كبير وهذا يعنى أنه يمتنع عن تأليف أحكام من عند نفسه لأن هذه مخالفة لحكم الله تستوجب دخوله النار مصداق لقوله بسورة هود"فإنى أخاف عليكم عذاب يوم كبير"والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار.

"قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون "المعنى قل لو أراد الله ما أبلغته لكم ولا عرفكم به فقد أمضيت معكم سنينا من قبله أفلا تفهمون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار لو شاء الله ما تلوته عليكم والمراد لو أراد الله ما أبلغت القرآن لكم أى ولا أدراكم به والمراد ولا عرفكم به عن طريقى وهذا يعنى أن الله أراد إبلاغهم القرآن ،وقال فقد لبثت فيكم عمرا من قبله والمراد فقد عشت معكم سنينا من قبل نزوله أفلا تعقلون أى "أفلا تذكرون"كما قال بسورة يونس والمراد هل لا تفهمون معنى كلامى معكم وهذا يعنى أن عليهم أن يفهموا أن القرآن من عند الله لأنه عاش معهم سنوات قبل نزول القرآن ومع هذا لم يقله أو يعلموا أن أحد علمه شىء مثل القرآن والخطاب للنبى(ص)ومنه لكفار بلدته .

"فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون"المعنى فمن أكفر من الذى نسب إلى الله باطلا أو كفر بأحكامه إنه لا يفوز الكافرون ،يبين الله للنبى(ص) أن الأظلم وهو الكافر هو من افترى على الله كذبا والمراد الذى قال على الله باطلا أى نسب إلى دين الله أحكام لم يقلها الله وهو الذى كذب بآياته أى كفر بأحكام الله والمراد الذى كفر بالصدق مصداق لقوله بسورة الزمر"فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه "ويبين لنا أنه لا يفلح المجرمون والمراد أنه لا يفوز الكافرون برحمة الله مصداق لقوله بسورة المؤمنون"إنه لا يفلح الكافرون"والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومن أول قل منه للكفار.

"ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبؤن الله بالذى لا يعلم فى السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يشركون"المعنى ويطيعون من غير الله الذى لا يؤذيهم ولا يفيدهم ويقولون هؤلاء أنصارنا لدى الله قل أتخبرون الله بالذى لا يعرف فى السموات والأرض طاعته وعلوه عما يطيعون ،يبين الله للنبى (ص)أن الكفار يعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم والمراد يدعون من غير الله عباد أمثالهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم"وهم لا يضرونهم أى لا يؤذونهم بشىء ولا ينفعونهم والمراد لا يرزقونهم مصداق لقوله بسورة النحل"ما لا يملك لكم رزقا "ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله والمراد هؤلاء أنصارنا لدى الله وهذا يعنى أنهم يعتقدون أن الآلهة المزعومة تنصرهم عند الله فى الآخرة ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم أتنبئون الله أى هل تخبرون الله بالذى لا يعلم أى لا يعرف فى السموات ولا فى الأرض ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الآلهة المزعومة ليس لها وجود حقيقى وإلا عرفها الله لأنه يعرف كل شىء فى السموات والأرض،ويبين لنا أن سبحانه أى الطاعة لحكم الله قد تعالى عما يشركون أى علا على الذين يعبدون والمراد أنه أحسن من الذى يطيعون.

"وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون"المعنى وما كان البشر إلا جماعة متحدة فتنازعوا ولولا حكم مضى من إلهك لفصل بينهم فى الذى فيه يتنازعون، يبين الله لنبيه(ص)أن الناس وهم البشر كانوا أمة واحدة والمراد جماعة متحدة الدين فاختلفوا والمراد فتفرقوا فى الدين فنتج عن هذا عدة أمم كل واحدة لها دين مختلف ويبين له أنه لولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم والمراد لولا الحكم الذى صدر من الله من قبل وهو أن يتم الفصل فى الخلاف بين الناس فى الآخرة وفيه قال بسورة هود"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين"ولولا هذا الحكم لقضى بينهم أى لفصل الله بينهم فى الدنيا فيما هم فيه يختلفون أى يتنازعون أى يكذبون بدين الحق حيث يهلك الكفار ويعذبهم .

"ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إنى معكم من المنتظرين"المعنى ويقولون هلا أعطيت له معجزة من خالقه فقل إنما المجهول لله فترقبوا إنى معكم من المترقبين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يقولون لولا أنزل عليه آية من ربه والمراد هلا أعطى له معجزة من خالقه وهذا يعنى أنهم يطلبون نزول معجزة من عند الله على نبيه(ص) حتى يصدقوا به ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم إنما الغيب وهو الخبر المجهول لله وهذا يعنى أن الله وحده هو الذى يعلم هل تنزل معجزة أم لا ؟ويقول فانتظروا إنى معكم  من المنتظرين والمراد فترقبوا إنى معكم من المترقبين أى "قل تربصوا إنى معكم من المتربصين"كما قال بسورة الطور وهذا يعنى  أنه لا يعرف هل يعطيه الله معجزة أم لا ولذا فهو ينتظر أمر الله فى الموضوع والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار .

"وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر فى آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون "المعنى وإذا أعطينا البشر نفع من بعد أذى أصابهم إذا لهم كيد لأحكامنا قل الله أعظم كيدا إن مبعوثينا يسجلون الذى تعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا أذاق الناس رحمة والمراد إذا أعطى الخلق نعمة أى نفع من عنده مصداق لقوله بسورة هود"ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء"والمراد من بعد أذى أصابه إذا لهم مكر فى آياتنا والمراد إذا لهم كفر بأحكامنا وهذا يعنى أنه يقول كما جاء بسورة هود"ليقولن ذهب السيئات عنى "ويطلب الله منه أن يقول الله أسرع مكرا أى أنجح كيدا وهذا يعنى أن الله يعاقبهم على كفرهم ،ويقول إن رسلنا يكتبون ما تمكرون والمراد إن حافظينا يسجلون الذى تفعلون مصداق لقوله بسورة الإنفطار"وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون "والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار.

"هو الذى يسيركم فى البر والبحر حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بكم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين "المعنى هو الذى يحرككم فى اليابس والماء حتى إذا كنتم فى السفن وسرن بكم بهواء نافع وسروا بها أتاها هواء ضار وأتاهم الموج من كل جهة واعتقدوا أنهم نزل بهم نادوا الله موحدين له الحكم لئن أنقذتنا من هذه لنصبحن من المطيعين،يبين الله للناس أن الله هو الذى يسيرهم فى البر والبحر والمراد أن الله هو الذى يحركهم فى اليابس وهو الأرض والماء حتى إذا كنتم فى الفلك وهى السفن وجرين بكم بريح طيبة والمراد وسارت السفن عن طريق هواء متحرك مفيد للحركة وفرحوا بها والمراد وسروا بهذا الهواء المفيد جاءتها ريح عاصف والمراد أتاها هواء شديد أى هواء ضار وجاءهم الموج من كل مكان والمراد وحاصرهم الماء المرتفع من كل جهة وظنوا أنهم أحيط بهم والمراد واعتقدوا أنهم نزل بهم الهلاك دعوا الله مخلصين له الدين والمراد نادوا الله موحدين له الحكم أى قاصدين أنه المنقذ الوحيد فقالوا لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين والمراد لئن أنقذتنا من أذى البحر لنصبحن من المطيعين لحكمك أى الصالحين مصداق لقوله بسورة التوبة "ولنكونن من الصالحين "والخطاب حتى طيبة للناس وما بعده للمؤمنين فحتى طيبة جزء من قول حذف أخره وما بعده جزء من قول أخر حذف أوله لأن أولهم تتحدث للحاضر وثانيهم تتحدث عنهم بصيغة الغائب وقد تم وصلهم.

"فلما أنجاهم إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون "المعنى فلما أنقذهم إذا هم يحكمون فى البلاد بغير العدل يا أيها الخلق إنما ظلمكم على أنفسكم نفع المعيشة الأولى ثم إلينا عودتكم فنخبركم بالذى كنتم تفعلون ،يبين الله للنبى (ص)أنه لما أنجاهم أى أنقذهم من الهلاك فى البحر بإرجاعهم للبر مصداق لقوله بسورة الإسراء"فلما نجاكم إلى البر"إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق والمراد إذا هم يحكمون فى البلاد بغير العدل والمراد أعرضوا أى كفروا مصداق لقوله بسورة الإسراء "فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا "ويخاطب الله الناس وهم الخلق فيقول إنما بغيكم على أنفسكم والمراد إنما إساءتكم عقابها لكم متاع الحياة الدنيا والمراد لكم نفع المعيشة الأولى ثم إلينا مرجعكم أى إلى جزاء الله عودتكم فينبئكم بما كنتم تعملون والمراد فيبين لكم الذى كنتم تفعلون مصداق لقوله بسورة النمل"وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون "والخطاب حتى الحق للنبى (ص)والمؤمنين فهو جزء من قول تم حذف بعضه وما بقى من القول للناس

"إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون "المعنى إنما شبه المعيشة الأولى كماء أسقطناه من السحاب فامتزج به نبات اليابس مما يطعم البشر والأنعام حتى إذا أحضرت البلاد جمالها وتجملت واعتقد أصحابها أنهم حاكمون لها جاءها عقابنا ليلا أو نهارا فجعلناها حطاما كأن لم تكن بالأمس هكذا نوضح الأحكام لناس يفقهون ،يبين الله لنا أن مثل الحياة الدنيا والمراد أن شبه متاع المعيشة الأولى هو ماء أنزله الله من السماء والمراد ماء أسقطه الله من السحاب فكانت نتيجة سقوطه هى أن اختلط به نبات الأرض والمراد أن نبت به زرع اليابس من الذى يأكل أى يطعم أى يتناول الناس وهم البشر والأنعام وهم البقر والإبل والماعز والغنم ويبين الله لنا أن الأرض والمراد أن أصحاب البلاد إذا أخذوا زخرفهم والمراد إذا اتبعوا باطلهم أى ازينوا والمراد تحلوا بالباطل وظنوا أى واعتقدوا الإعتقاد التالى أنهم قادرون على الأرض والمراد أنهم متحكمون فى البلاد بلا مشاركة من أحد حدث التالى أتاها أمرنا ليلا أو نهارا والمراد جاء أهل البلاد عذاب الله إما فى الليل وإما فى النهار فأصبحت حصيدا أى حطاما كأن لم تغن بالأمس والمراد كأن لم توجد فى الماضى وهذا يعنى أن متاع الدنيا يشبه نبات الأرض الذى نبت ثم أصبح جميلا ثم أصبح حطاما فنبته هو أخذ الناس له وجماله هو تمتع الناس به وتحطمه هو ذهابه عن الناس نهائيا بلا عودة ويبين لنا أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى تمثيل الأشياء يفصل الآيات أى يبين الأحكام لقوم يتفكرون أى يهتدون مصداق لقوله بسورة آل عمران"وكذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون "والخطاب وما بعده للمؤمنين

"والله يدعوا إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "المعنى والله ينادى إلى مقام الخير أى يدخل من يريد إلى جزاء عادل ،يبين الله لنا أن الله يدعو إلى دار السلام والمراد ينادى إلى مقام الخير وهو الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "والله يدعو إلى الجنة "وفسر هذا بأنه يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم والمراد يدخل من يريد إلى مقام سليم وهو الجنة .

"وللذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "المعنى وللذين أصلحوا الحديقة ودوام ولا يتعب نفوسهم سواد ولا هوان أولئك أهل الحديقة هم فيها باقون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين أحسنوا وهم الذين أصلحوا لهم الحسنى وهى الجنة وفسر هذا بالزيادة استمرار المتاع لهم ويبين  أنه لا يرهق وجوههم قتر والمراد لا يتعب نفوسهم ذل وفسر هذا بأنه لا يصيبهم ذلة أى هوان أى نصب مصداق لقوله بسورة الحجر"لا يمسهم فيها نصب"وهم أصحاب الجنة والمراد سكان الحديقة هم فيها خالدون أى مقيمون أى ماكثين فيها مصداق لقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"المعنى والذين عملوا الذنوب عقاب ذنب بعقابه ويتعبهم هوان،ما لهم من الله منقذ كأنما غطت وجوههم أجزاء من الليل مسودا أولئك أهل جهنم هم فيها مقيمون ،يبين الله للنبى(ص)أن الذين كسبوا السيئات أى الذين عملوا الذنوب مصداق لقوله بسورة الأعراف"والذين عملوا السيئات "جزاء سيئة بمثلها والمراد عقاب ذنب بعقابه عند الله وهو العذاب مصداق لقوله بسورة فاطر"والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد"وفسر الله هذا بأنه ترهقهم ذلة والمراد يتعبهم هوان،ويبين أنهم ما لهم من الله من عاصم والمراد ليس لهم من دون الله من ولى أى واق أى منقذ من العذاب مصداق لقوله بسورة الرعد"وما لهم من الله من واق"وهم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما والمراد كأنما غطت وجوههم ظلمات من الليل سوداء وهذا يعنى أن وجوه الكفار مسودة مصداق لقوله بسورة آل عمران "وتسود وجوه"وأولئك أصحاب النار والمراد أهل الجحيم هم فيها خالدون أى مقيمون لا يخرجون أبدا .

"ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون "المعنى ويوم نبعثهم كلهم ثم نقول للذين كفروا مقامكم أنتم وآلهتكم فباعدنا بينهم وقال أنصارهم ما كنتم إيانا تطيعون،يبين الله لنا أن يوم يحشرهم والمراد يوم يجمع الكفار جميعا مصداق لقوله بسورة التغابن"يوم يجمعكم"يقول للذين أشركوا وهم الذين كفروا بحكم الله :مكانكم أنتم وشركاؤكم والمراد قفوا أنتم فى موضعكم وآلهتكم المزعومة فى موضعهم ثم زيلنا بينهم والمراد فرقنا بين الفريقين وقال شركاؤهم وهم آلهتهم المزعومة ما كنتم إيانا تعبدون أى تطيعون وهذا يعنى أنهم ينفون أن الكفار أطاعوهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين "المعنى فحسبنا الله قاضيا بيننا وبينكم إن كنا عن طاعتكم لغائبين ،يبين الله للنبى(ص) أن الشركاء يقولون لمن ادعوا عبادتهم :فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم والمراد فحسبنا الله حاكما بيننا وبينكم وهذا يعنى أنهم يريدون أن يحتكموا إلى الله فى الموضوع ،إن كنا عن عبادتكم لغافلين والمراد إن كنا عن دعوتكم لغائبين مصداق لقوله بسورة الأحقاف"وهم عن دعائهم لغافلون "وهذا يعنى أن الآلهة المزعومة لم تكن تعرف أن الكفار يعبدونهم من دون الله .

"هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون "المعنى عند ذلك تعطى كل نفس ما عملت وأعيدوا إلى الله إلههم  العدل وبعد عنهم الذى كانوا يزعمون ،يبين الله للنبى(ص) أن هنالك والمراد عند ذلك الوقت تبلوا كل نفس ما أسلفت والمراد تعلم كل نفس ما عملت فى الدنيا عن طريق تسلم الكتب المنشرة مصداق لقوله بسورة آل عمران"يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء "وهم ردوا إلى الله مولاهم الحق والمراد وهم قد أعيدوا إلى جزاء الله إلههم  العدل وضل عنهم ما كانوا يفترون والمراد وتبرأ منهم الذى كانوا يزعمون أنهم يعبدون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وضل عنكم ما كنتم تزعمون".

"قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون "المعنى قل من يعطيكم من السماء والأرض أمن يحكم السمع أى الأفئدة ومن يفصل الباقى عن الهالك ويفصل الهالك عن الباقى ومن يحفظ الحكم فسيقولون الله فقل أفلا تطيعون؟يطلب الله من رسوله(ص)أن يسأل الناس الأسئلة التالية من يرزقكم أى يعطيكم من السماء والأرض والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله هو معطيهم الرزق ،ويسأل أمن يملك السمع والأبصار والمراد من يحكم القلب أى الأفئدة ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله مالك النفوس وحده ،ويسأل من يخرج الحى من الميت والمراد من يفصل العائش عن الهالك ومن يخرج الميت من الحى والمراد من يفصل الهالك عن العائش ؟والغرض إخبارهم أن الله يفصل بين عالم الأحياء وعالم الأموات فصلا تاما ،ويسأل من يدبر الأمر والمراد من يحفظ حكم  الكون؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله هو مدبر الكون بحكمه وسيجد جواب القوم عن كل سؤال هو الله ويطلب الله منه أن يقول لهم أفلا تتقون أى أفلا تطيعون الله وحده؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله وحده هو الذى يستحق الطاعة .

"فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون "المعنى فذلكم الله إلهكم العدل فماذا بعد العدل إلا الظلم فكيف تكفرون ؟يبين الله لهم على لسان نبيه(ص)أن ذلكم والمراد فاعل كل ما سبق هو الله ربهم أى إلههم  الحق أى العدل ويسأل فماذا بعد الحق إلا الضلال والمراد ماذا بعد العدل سوى الظلم والغرض من السؤال هو إخبارهم أن أى عبادة لغير الله ستكون ضلال ويسأل فأنى تصرفون والمراد كيف تسحرون أى تكفرون  مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فأنى تسحرون "والغرض إخبارهم بكفرهم بعد معرفتهم للحق والخطاب وما قبله للنبى ومنه للكفار.

"كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون"المعنى هكذا صدق حكم إلهك على الذين كفروا أنهم لا يصدقون ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بكفر الناس حقت كلمة الرب على الذين فسقوا والمراد صدق خبر الله فى الذين كفروا أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون الوحى ومن ثم يدخلون النار مصداق لقوله بسورة غافر"وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار".

"قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون"المعنى قل هل من آلهتكم من يخلق المخلوقات ثم يبعثها قل الله يخلق المخلوقات ثم يبعثها فكيف تكفرون ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يسأل القوم هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده والمراد هل من آلهتكم المزعومة من ينشىء المخلوقات ثم يبعثها مرة ثانية ؟ والغرض من السؤال إخبارهم أن آلهتهم لا تخلق شىء ولا تبعثه ويطلب منه أن يجيب قائلا الله يبدأ الخلق ثم يعيده والمراد الله ينشىء المخلوقات ثم يبعثها مرة ثانية فأنى تؤفكون أى فكيف تكفرون؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم .

"قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى للحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون"المعنى قل هل من آلهتكم من يرشد للعدل قل الله يرشد للعدل أفمن يرشد للعدل أولى أن يطاع أمن لا يرشد إلا أن يرشد فما لكم كيف تقضون؟يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس هل من شركائكم من يهدى إلى الحق والمراد هل من أربابكم من يرشد إلى العدل ؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :قل الله يهدى للحق والمراد الله يرشد للعدل وهذا معناه أن الحق وهو العدل ليس له مصدر سوى الله ويطلب منه أن يسأل الناس أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى والمراد هل من يرشد إلى العدل أولى أن يطاع أم الذى لا يرشد إلا أن يرشد؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن الأحق بالإتباع هو الهادى للحق وليس من لا يهدى إلا بعد أن يعلمه الله وهذا يعنى أن بعض الآلهة المزعومة كان مسلما كعيسى (ص)وعزير(ص) علمه الله الحق ليهدى الناس ويسأل مرة ثالثة فما لكم كيف تحكمون أى تقضون ؟والغرض من السؤال هو إثبات أن قضاء وهو حكم الكفار باطل والخطاب وما قبله للنبى(ص) ومنه للكفار.

"وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغنى من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون "المعنى وما يطيع معظمهم إلا هوى إن الهوى لا يزيل من العدل بعضا إن الله خبير بالذى يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن أكثر الناس يتبعون الظن والمراد أن أغلب الناس يطيعون هوى أنفسهم مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم أنما يتبعون أهواءهم "ويبين له أن الظن وهو الهوى الضال لا يغنى من الحق شيئا والمراد لا يزيل من العدل أى جزء ولو كان صغيرا لأن الحق ثابت مصداق لقوله بسورة الأنعام"لا مبدل لكلمات الله "ويبين له أن الله عليم بما يفعلون والمراد خبير بالذى يعملون وفى هذا قال بسورة المنافقون"والله خبير بما تعملون " والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين"المعنى وما كان الوحى أن يقال من عند غير الله ولكن شبه الذى عنده وتبيين الحكم لا ظلم فيه من إله الكل ،يبين الله لنبيه(ص)أن القرآن وهو الحديث أى الوحى الإلهى ما كان ليفترى من دون الله والمراد ما كان ليوحى من عند غير الله مصداق لقوله بسورة يوسف"ما كان حديثا يفترى "وهذا يعنى أن الله هو الذى افترى أى قال القرآن وهو تصديق الذى بين يديه والمراد وهو شبه الكتاب الذى لدى الله فى اللفظ والمعنى ولدى الله تعنى الكعبة مصداق لقوله بسورة المائدة"وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب"والوحى الأخر هو تفصيل الكتاب والمراد تبيين الحكم  فى كل موضوع  وهو تفسير القرآن الإلهى المحفوظ فى الكعبة  مصداق لقوله بسورة النحل "وتبيانا لكل شىء"وهو لا ريب فيه من رب العالمين والمراد لا باطل فى القرآن مصداق لقوله بسورة فصلت"لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"ومصدره هو إله الجميع الله.

"أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " المعنى هل يزعمون اختلقه قل فهاتوا آيات من مصدره ونادوا من قدرتم من غير الله إن كنتم مؤمنين،يسأل الله أم يقولون افتراه والمراد هل يقول الكفار اختلق محمد القرآن من عند نفسه؟والغرض من السؤال هو إخبارنا بقولهم هذا ويطلب الله من نبيه أن يرد عليهم قائلا :فأتوا بسورة من مثله والمراد فهاتوا مجموعة آيات من مصدر القرآن وادعوا من استطعتم من دون الله والمراد واستعينوا بمن عبدتم من سوى الله لتأتوا به من الله إن كنتم صادقين أى مؤمنين مصداق لقوله بسورة النور"إن كنتم مؤمنين"وهذا الطلب يعنى أنهم لا يقدرون على المجىء بسورة من مصدر الوحى وهو الله لأن مصدره وهو الله لن يعطيهم هذه السورة حتى لا يكذب نفسه فى القرآن حتى ولو تحايلت عليه الآلهة المزعومة وأكثر الكفار الدعاء لطلب هذا .

"بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين"المعنى لقد كفروا بالذى لم يعملوا بمعرفته أى الذى يجيئهم تفسيره هكذا كفر الذين من قبلهم فاعلم كيف كان جزاء الكافرين،يبين الله لنا أن الكفار كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه والمراد كفروا بالذى لم يعملوا بمعرفته وهذا يعنى أنهم عرفوا الحق فخالفوه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فقد كذبوا بالحق لما جاءهم "وفسر هذا بأنه لما يأتهم تأويله وهو الذى يجيئهم تفسيره فهم كذبوا بالحق وهو التأويل أى الوحى،ويبين لنا أن كذلك كذب أى فعل الكفار الذين من قبلهم مصداق لقوله بسورة النحل"كذلك فعل الذين من قبلهم"ويطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف كان عاقبة الظالمين والمراد أن يعلم كيف كان جزاء المجرمين مصداق لقوله بسورة الأعراف"فانظر كيف كان عاقبة المجرمين"والسبب أن يتخذ مما حدث لهم العظة والعبرة

"ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن وربك أعلم بالمفسدين"المعنى ومنهم من يصدق بالحق ومنهم من لا يصدق به وإلهك أعرف بالكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أن من الناس من يؤمن أى يصدق بالحق ومن الناس من لا يؤمن به والمراد من يكفر بالحق مصداق لقوله بسورة التغابن"فمنكم كافر ومنكم مؤمن"ويبين له أن ربه أعلم بالمفسدين أى خالقه أعرف بالمعتدين مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ربك هو أعلم بالمعتدين" .

"وإن كذبوك فقل لى عملى ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برىء مما تعملون "المعنى وإن كفروا بك فقل لى دينى ولكم دينكم أنتم معتزلون للذى أدين وأنا معتزل للذى تدينون،يطلب الله من نبيه(ص)إن كذبه أى كفر برسالته الناس فعليه أن يقول لهم :لى عملى ولكم عملكم والمراد لى دينى ولكم دينكم مصداق لقوله بسورة الكافرون"لكم دينكم ولى دين "وهذا يعنى أن كل فريق يتمسك بدينه وقال أنتم بريئون مما أعمل والمراد أنتم مبتعدون عن دينى وأنا برىء مما تعملون والمراد وأنا مبتعد عن الذى تشركون أى تدينون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإننى برىء مما تشركون"أى أنتم مخالفون للذى أطيع وأنا مخالف للذى تطيعون وهذا يعنى أنه لا يدين بدينهم والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون "المعنى ومنهم من ينصتون إليك فهل أنت تبلغ الكفار ولو كانوا لا يفهمون،يبين الله لنبيه (ص)أن من الكفار من يسمع إليه والمراد من ينصت لما يقوله من الوحى أى من ينظر له مصداق لقوله بنفس السورة "ومنهم من ينظر إليك" ويسأله الله أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون والمراد هل أنت تفهم الكفار ولو كانوا لا يطيعون ؟أى "أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون "كما قال بالآية التالية والغرض من السؤال هو أن يكف النبى (ص)عن دعوة الكفار للحق ما داموا يعلمون بالوحى ولا يطيعونه وقد سمى الكفار صما لأن سماعهم كعدم سماعهم .

"ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون" المعنى ومنهم من يستمع لك فهل أنت ترشد الكفار ولو كانوا لا يفهمون ؟يبين الله لنبيه(ص)أن من الكفار من ينظر إليه والمراد من يشاهده وهو يتحدث بالوحى كما قال بالآية السابقة"ومنهم من يستمعون إليك"ويسأل الله نبيه(ص)أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون أى "أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون"كما قال بالآية السابقة والمراد هل أنت تفهم الكفار ولو كانوا لا يطيعون الحق؟والغرض من السؤال أن يكف النبى(ص)عن تكرار دعوته للكفار لأن دعوتهم كعدم دعوتهم فى النتيجة وهى كفرهم .

"إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون "المعنى إن الله لا يبخس الخلق حقا ولكن الخلق أنفسهم يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله لا يظلم الناس شيئا والمراد أن الله لا يبخس الناس حقا مصداق لقوله بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"ولكن الناس أنفسهم يظلمون والمراد أن الخلق أنفسهم يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم ".

"ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين"المعنى ويوم يبعثهم كأن لم يعيشوا إلا ساعة من النهار يتعاملون فيما بينهم قد هلك الذين كفروا بجزاء الله أى ما كانوا رابحين ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم يحشر أى يجمع الكفار مصداق لقوله بسورة التغابن"يوم يجمعكم"كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار والمراد كأن لم يعيشوا إلا وقتا من النهار وهذا يعنى أن الكفار يتصورون أنهم لم يعيشوا سوى ساعة من شدة العذاب وهم فى الساعة يتعارفون بينهم أى يتعاملون بينهم بالأديان،ويبين له أن الذين كذبوا أى كفروا بلقاء الله وهو جزاء الله قد خسروا أى هلكوا والمراد عذبوا فى النار وفسر هذا بأنهم ما كانوا مهتدين أى "ما كانوا منتصرين" مصداق لقوله بسورة الذاريات وهذا يعنى أنهم ليسوا رابحين للجنة .

"وإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون "المعنى وإما نشهدك بعض الذى نخبرهم أو نميتك فإلينا إيابهم ثم الله خبير بالذى يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إما يريه ما يعد الكفار والمراد إما يشهده الذى يخبر به القوم من العذاب أو يتوفاه أى يميته والمراد يأخذه لجنته ويبين له أنه إليه مرجعهم وهو إيابهم مصداق لقوله بسورة الغاشية"إنا إلينا إيابهم "وهذا يعنى أن عودتهم  هى لجزاء الله ويبين له أنه شهيد على ما يفعلون والمراد خبير بالذى يفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة المنافقون"والله خبير بما تعملون "وسيحاسبهم عليه والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون "المعنى ولكل جماعة مبعوث فإذا سلم كتبهم حكم بينهم بالعدل وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن لكل أمة رسول والمراد لكل جماعة نذير يبلغهم بحكم الله مصداق لقوله بسورة فاطر"وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط والمراد فإذا أتت كتبهم المنشرة حكم بينهم بالعدل وهو الحق مصداق لقوله بسورة الزمر"وقضى بينهم بالحق"وهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون"كما قال بسورة هود والمراد لا ينقصون فى يوم القيامة حقا .

"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين"المعنى ويتساءلون متى هذا الفتح إن كنتم عادلين؟يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يقولون متى هذا الوعد أى الفتح أى القيامة  مصداق لقوله بسورة السجدة"متى هذا الفتح"إن كنتم صادقين أى إن كنتم عادلين فى قولكم  وهم بهذا يسألون عن موعد القيامة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .

"قل لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" المعنى قل لا أقدر لنفسى أذى ولا فائدة إلا ما أراد الله لكل فرقة موعد فإذا أتى موعدهم فلا يتأجلون وقتا ولا يسرعون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لا أملك لنفسى ضرا ولا نفعا والمراد لا أقدر لنفسى جلب أذى أو نفع إلا ما أراد أى شاء الله وهذا يعنى أن الإنسان لا يقدر على شىء خيرا أو شرا إلا إذا شاءه الله فى نفس الوقت مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"ويبين له أن لكل أمة أجل والمراد لكل جماعة موعد موت فإذا جاء أجلهم والمراد إذا حضر موعد موتهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والمراد فلا يتأجل موعد موتهم وقت ولا يسبق موتهم موعد موتهم بوقت فهم يموتون فى الساعة المحددة .

"قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع أمنتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون "المعنى قل أعلمونى إن جاءكم عقابى ليلا أو نهارا ماذا يستسرع منه الكافرون ؟أثم إذا ما حدث صدقتم به الآن وقد كنتم له تطلبون ؟يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الكفار أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا والمراد أخبرونى إن جاءكم بأس الله ليلا أو نهارا مصداق لقوله بسورة الأعراف"فجاءها بأسنا بياتا أو وهم قائلون"ماذا يستعجل منه المجرمون أى ماذا يطالب به الكافرون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن العذاب إذا أتاهم فى الليل أو فى النهار فليس هناك من يطلب سرعة نزوله من الكفار لأنه نزل بهم،ويسأل أثم إذا ما وقع أمنتم به والمراد أثم اذا حدث العذاب صدقتم به الآن وقد كنتم به تستعجلون والمراد وقد كنتم له تطلبون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أنهم لا يؤمنون بالعذاب إلا عندما يصيبهم  مع أنهم كانوا يطالبون بأن يصيبهم فى الدنيا والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار .

"ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون "المعنى ثم قيل للذين كفروا ادخلوا عقاب الدوام هل تعاقبون إلا بالذى كنتم تعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين ظلموا أى كفروا بحكم الله تقول لهم الملائكة ذوقوا عذاب الخلد أى ادخلوا عقاب النار مصداق لقوله بسورة السجدة"وقيل لهم ذوقوا عذاب النار"  بما كنتم تكسبون أى "بما كنتم تعملون "كما قال بسورة السجدة والمراد بالذى كنتم  تفعلون من الكفر فى الدنيا .

"ويستنبئونك أحق هو قل إى وربى إنه لحق وما أنتم بمعجزين "المعنى ويستخبرونك أصدق هو قل نعم وإلهى إنه لواقع وما أنتم بهاربين ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار يستنبئونه والمراد يسألونه أحق هو والمراد أصدق وقوع العذاب ؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :إى وربى والمراد نعم وإلهى إنه لحق أى لحادث أى لواقع وما أنتم بمعجزين والمراد وما أنتم بمنتصرين وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على الهروب من عذاب الله والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"ولو أن لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لأفتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون"المعنى ولو أن لكل فرد كفر الذى فى البلاد ما أنقذ به وأخفوا الحسرة لما شاهدوا العقاب وحكم بينهم بالعدل وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص) أن لو لكل نفس ظلمت ما فى الأرض لأفتدت به والمراد لو كان لكل فرد كذب الحق المال الذى فى الأرض ما أنقذوا به وهذا يعنى أن المال لا ينقذ أحد من العذاب لقوله بسورة الحديد "ولا يؤخذ منكم فدية" ويبين له أن الكفار أسروا الندامة لما رأوا العذاب والمراد أخفوا الحسرة وهى الذل لما شاهدوا العقاب فى انتظارهم وقضى بينهم بالقسط والمراد"وقضى بينهم بالحق" كما قال بسورة الزمر والمراد أن الله حكم بينهم بالعدل وهم لا يظلمون أى لا يبخسون والمراد لا ينقص من حقهم حقا .

"ألا إن لله ما فى السموات والأرض ألا إن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون "المعنى ألا إن لله ملك الذى فى السموات والأرض ألا إن قول الله صدق ولكن معظمهم لا يصدقون ،يبين الله لنبيه(ص)أن لله والمراد"له ملك السموات والأرض "كما قال بسورة آل عمران أى لله حكم الذى فى السموات والأرض من الخلق ويبين له أن وعد الله حق والمراد أن قول الله صدق أى واقع ولكن أكثرهم لا يعلمون والمراد ولكن أغلب الناس لا يصدقون وعد الله أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة النمل"ولكن أكثرهم لا يشكرون"

"هو يحى ويميت وإليه ترجعون"المعنى هو يخلق ويهلك وإليه تعودون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يحى أى يخلق المخلوق من العدم ويميت أى ويتوفى أى وينقل المخلوق من الدنيا إلى حياة البرزخ وإليه ترجعون أى وإلى جزاء الله تعودون فى القيامة.

"يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين"المعنى يا أيها الخلق قد أتتكم نصيحة من خالقكم أى دواء للذى فى النفوس أى نفع أى فائدة للمصدقين ،يخاطب الله الناس وهم الجن والإنس فيقول:قد جاءتكم موعظة من ربكم والمراد قد أتتكم بينة من خالقكم مصداق لقوله بسورة الأعراف" قد جاءتكم بينة من ربكم "وهى الوحى وفسرها بأنها شفاء لما فى الصدور والمراد دواء مذهب لمرض النفوس وهو الكفر وفسره بأنه هدى أى رحمة أى نفع  للمؤمنين وهم المسلمين مصداق لقوله بسورة النحل"ورحمة وبشرى للمسلمين"والخطاب للناس.

"قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "المعنى قل بنفع الله أى بوحيه فبذلك فليتمسكوا هو أفضل من الذى يلمون ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يقول بفضل الله وفسره بأنها رحمته والمراد وحيه المنزل فبذلك أى بالوحى فليفرحوا أى فليطيعوا مصداق لقوله بسورة الرعد"والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك " فهو خير مما يجمعون والمراد رحمة أى ثواب طاعة الله أفضل من الذى يتمتعون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة الزخرف"ورحمة ربك خير مما يجمعون ".

"قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل الله أذن لكم أم على الله تفترون "المعنى قل أعلمتم بالذى أعطى الله لكم من عطاء فصنعتم منه ممنوعا و مباحا قل الله سمح لكم أم على الله تكذبون؟ يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس أرأيتم ما أنزل  الله لكم من رزق والمراد أعرفتم بالذى وهب الله لكم من نفع فجعلتم منه حراما وحلالا والمراد فشرعتم منه ممنوعا ومباحا والغرض من السؤال هو إخبار القوم أن تحليل وتحريم أنواع الرزق هو تشريع من عند أنفسهم وليس من عند الله الذى أباحه كله ويطلب منه أن يسألهم الله أذن لكم أم على الله تفترون والمراد هل الله سمح لكم بهذه التشريعات أم على الله تكذبون ؟ والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الله لم يسمح لهم بإصدار تلك التشريعات وأنهم نسبوها إليه زورا والخطاب للنبى .

"وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون "المعنى وما اعتقاد الذين ينسبون إلى الله الباطل يوم البعث إن الله لصاحب رحمة بالخلق ولكن أغلبهم لا يطيعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن ظن وهو اعتقاد الذين يفترون على الله الكذب أى الذين ينسبون إلى الله الباطل فى يوم القيامة أى البعث اعتقاد باطل واعتقادهم هو أن لهم الحسنى وهى الجنة إن حدثت القيامة مصداق لقوله بسورة النحل"وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى "،ويبين له أن الله ذو فضل على الناس أى صاحب رحمة  للعالمين مصداق لقوله بسورة البقرة"ولكن الله ذو رحمة على العالمين"ويبين له أن أكثرهم لا يشكرون والمراد ولكن معظم الناس لا يؤمنون فيطيعون الوحى مصداق لقوله بسورة غافر"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون".

"وما تكون فى شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين "المعنى وما تكون فى فكر وما تطيع منه من وحى ولا تصنعون من فعل إلا كنا عليكم رقباء إذ تسيرون فيه وما يغيب عن إلهك من قدر ذرة فى الأرض ولا فى السماء ولا أقل من ذلك ولا أكثر إلا فى سجل عظيم ،يبين الله لنبيه (ص)والناس أنه ما يكون فى شأن والمراد أنه ما يفكر فى موضوع  وما يتلوا منه من قرآن والمراد وما يتبع منه من وحى وهذا يعنى أن الذى يفكر فيه من الإسلام وما يطيع من أحكام الإسلام ممثلا فى بعضه وأما الناس فما يعملون من عمل والمراد ما يفعلون من فعل إلا كان الله شاهد عليهم إذ يفيضون فيه والمراد إلا كان الله عالم بهم حين يفعلونه وهذا يعنى أن أى شىء يعمله الإنسان مهما كان يكون الله عليم به وهو يمضى فى فعله ،ويبين لنبيه(ص)أنه لا يعزب عنه من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء والمراد لا يغيب عن علمه قدر ذرة سواء فى الأرض أو فى السماء ولا أصغر من ذلك والمراد ولا أقل حجما من الذرة وهذا يعنى وجود ما هو أقل من الذرة ولا أكبر أى ولا أعظم حجما من الذرة وكل هذا فى كتاب مبين والمراد سجل عظيم وفى هذا قال بسورة النمل"وما من غائبة فى السماء والأرض إلا فى كتاب مبين".

"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم "المعنى ألا إن أنصار الله لا عقاب عليهم أى لا يعذبون الذين صدقوا وكانوا يطيعون لهم النصر فى المعيشة الأولى وفى القيامة لا تغيير لأحكام الله ذلك هو النصر الكبير،يبين الله لنا أن أولياء الله وهم أنصار دين الله هم الذين آمنوا أى صدقوا بدينه وكانوا يتقون أى يطيعون دينه وهم لا خوف عليهم والمراد لا عقاب عليهم من الله وفسر هذا بأنهم لا يحزنون والمراد أنهم لا يعاقبون وهم  لهم البشرى وهى الرحمة وهى النصر فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وهو حكم البلاد بدين الله وفى الآخرة وهى القيامة وهو الجنة ،ويبين لنا أنه لا تبديل لكلمات الله والمراد لا تغيير لأحكام الله وهذا يعنى أن  ما حكم به الله لا يتغير مهما حدث ويبين لنا أن ذلك وهو البشرى هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير"والخطاب وما قبله وما قبله وما بعده  ومابعده للنبى(ص).

"ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم"المعنى ولا يخفيك قولهم أن القوة لله كلها هو الخبير المحيط،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يحزنه قولهم والمراد ألا يتضايق من كفرهم برسالته وهو مكرهم مصداق لقوله بسورة النحل "ولا تك فى ضيق مما يمكرون"ويبين له أن العزة وهى القوة لله جميعها مصداق لقوله بسورة البقرة"أن القوة لله جميعا"والله هو السميع العليم أى العارف الخبير بكل شىء .

"ألا إن لله من فى السموات ومن فى الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون "المعنى ألا لله ملك الذى فى السموات ومن فى الأرض وما يطيع الذين يعبدون من سوى الله أرباب إن يطيعون إلا الهوى أى إن هم إلا يكذبون،يبين الله لنبيه (ص) أن لله ملك من فى السموات والأرض من المخلوقات مصداق لقوله بسورة المائدة"لله ملك السموات والأرض وما فيهن "وهذا يعنى أنه يحكم كل مخلوقات الكون،ويبين أنه ما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء والمراد أنه ما يطيع الذين يعبدون من غير الله آلهة وهذا يعنى أنهم لا يعبدون آلهة فى الحقيقة وإنما يتبعون الظن أى يطيعون الهوى وهو رأى أنفسهم مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم أنما يتبعون أهواءهم"وفسر هذا بأنه يخرصون أى يكذبون والمراد يكفرون بحكم الله ويطيعون وحى هواهم .

"هو الذى جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن فى ذلك لآيات لقوم يسمعون "المعنى هو الذى خلق لكم الليل لترتاحوا فيه والنهار مضيئا إن فى ذلك لعلامات لناس يفهمون ،يبين الله للناس أنه جعل لهم الليل ليسكنوا فيه والمراد خلق لهم الليل ليرتاحوا فيه وخلق النهار مبصرا أى منيرا ليعملوا فيه ويبين لأن فى ذلك وهو خلق الليل والنهار آيات لقوم يسمعون والمراد علامات أى براهين تدل على وجوب عبادة الله وحده لناس يفهمون فيطيعون حكم الله والخطاب للناس.

"وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغنى له ما فى السموات وما فى الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون"المعنى وقالوا جعل الله ابنا طاعته هو الرازق له الذى فى السموات والذى فى الأرض هل لديكم وحى بهذا ؟أتنسبون إلى الله الذى لا تعرفون أنه الحق؟ يبين الله لنا أن الكفار قالوا اتخذ الله ولدا والمراد جعل الله له ابنا أى أنجب الرحمن ابنا مصداق لقوله بسورة الأنبياء"اتخذ الرحمن ولدا"ويبين أنه سبحانه والمراد التسبيح وهو الطاعة لحكمه هو الغنى أى الرازق أى صاحب الأرزاق كلها ،له ما أى الذى فى السموات والذى فى الأرض والمراد أنه له ملك مخلوقات الكون مصداق لقوله بسورة المائدة"لله ملك السموات والأرض وما فيهن" ويسأل الله الناس إن عندكم من سلطان بهذا أى هل لديكم من علم من الله بهذا مصداق لقوله بسورة الأنعام"هل من عندكم من علم فتخرجوه لنا"والغرض من السؤال هو إخبار الكل بكذبهم فلا يوجد وحى من الله يقول أن له ولد ويسأل أتقولون على الله ما لا تعلمون والمراد هل تنسبون إلى الله الكذب الذى تعرفون مصداق لقوله بسورة آل عمران"ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون"والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الكفار ينسبون إلى الله الباطل وهم يعرفون أنه باطل والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع فى الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون "المعنى قل إن الذين ينسبون إلى الله الباطل لا يفوزون نفع فى الأولى ثم إلينا إيابهم ثم ندخلهم العقاب العظيم بالذى كانوا يكذبون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول :إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون أى إن الذين "ويقولون على الله"كما قال بسورة آل عمران والمراد إن الذين يقولون على الله الباطل لا يفوزون أى الذين ينسبون لله الباطل لا يرحمون لهم متاع فى الدنيا والمراد لهم نفع قليل فى الأولى ثم إلينا مرجعهم أى "إنا إلينا إيابهم "كما قال بسورة الغاشية والمراد أن عودة الناس إلى جزاء الله ثم نذيقهم العذاب الشديد والمراد ثم ندخلهم العقاب الغليظ مصداق لقوله بسورة فصلت "ولنذيقنهم من عذاب غليظ"وهو النار والسبب ما كانوا يكفرون أى يفسقون مصداق لقوله بسورة الأعراف"بما كانوا يفسقون" والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)ومنه للناس.

"واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيرى بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلى ولا تنظرون"المعنى وقص عليهم خبر نوح(ص)حين قال لشعبه يا شعبى إن كان عظم عليكم موقفى ودعوتى لأحكام الله فعلى الله اعتمدت فأصدروا قراركم وأنصاركم ثم لا يكن قراركم عليكم خفى ثم قولوا لى ولا تترقبون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يتلو على الناس نبأ نوح(ص)والمراد أن يحكى للناس قصة نوح(ص)إذ أى حين قال لقومه وهم شعبه :يا قوم أى يا شعبى إن كان كبر عليكم مقامى والمراد إن كان ثقل عليكم دينى أى تذكيرى بآيات الله والمراد إن كان عظم عليكم دعوتى لأحكام الله ،فعلى الله توكلت والمراد فبطاعة حكم الله احتميت من عذابه فأجمعوا أمركم وشركاءكم والمراد فأصدروا قراركم وآلهتكم المزعومة فى ثم لا يكن أمركم عليكم غمة والمراد ثم لا يكن قراركم عندكم مختلف ثم اقضوا لى أى قولوا لى ما قررتم ولا تنظرون أى ولا تتريثون،وهذا يعنى أن نوح(ص)لما يأس من القوم طلب منهم أن يصدروا قرارا بالإشتراك مع الآلهة المزعومة على أن يكون القرار واحد فى أمره وبعد ذلك عليهم أن يبلغوا هذا القرار له دون أن ينتظروا وقتا طويلا

"فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجرى إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين فكذبوه فنجيناه ومن معه فى الفلك وجعلناهم خلائف و أغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين"المعنى فإن كفرتم فما طالبتكم عليه بمال إن ثوابى من الله وأوصيت أن أصبح من المطيعين فكفروا برسالته فأنقذناه ومن معه فى السفينة وخلقناكم حكام وأهلكنا الذين كفروا بأحكامنا فاعلم كيف كان جزاء المبلغين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقص بقية خبر نوح وهو قوله لهم :فإن توليتم والمراد فإن كفرتم برسالتى فما سألتكم من أجر والمراد فما طالبتكم بمال مقابل إبلاغه لكم مصداق لقوله بسورة هود"لا أسألكم عليه مالا"إن أجرى وهو ثوابى من عند الله وأمرت أن أكون من المسلمين والمراد وأوصيت أن أصبح من المطيعين لحكم الله أى المؤمنين مصداق لقوله بسورة يونس"وأمرت أن أكون من المؤمنين"فكانت النتيجة أن نجيناه والمراد أنقذناه ومن معه فى الفلك وهى السفينة من الغرق وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا والمراد وأهلكنا الذين كفروا بأحكامنا فى الماء ويطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف كان عاقبة المنذرين والمراد أن يعلم كيف كان جزاء المبلغين بالوحى الكافرين به وهم المجرمين مصداق لقوله بسورة الأعراف"فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ".

"ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين"المعنى ثم أرسلنا من بعد نوح(ص)مبعوثين إلى شعبهم فأتوهم بالآيات فما كانوا ليصدقوا بما كفروا به من قبل هكذا نختم على نفوس الكافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه بعث رسلا والمراد أرسل مبعوثين من بعد وفاة نوح(ص)إلى قومهم وهم شعبهم مصداق لقوله بسورة الحديد"لقد أرسلنا رسلنا "فجاءوهم بالبينات والمراد أتوهم بالكتاب وهو الزبر مصداق لقوله بسورة آل عمران"جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير"ويبين له أنهم ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل والمراد ما كانوا ليصدقوا بالذى كفروا به من قبل وهو كتاب الله ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى تكذيبهم بكتاب الله يطبع على قلوب المعتدين والمراد يختم على نفوس الكافرين مصداق لقوله بسورة البقرة "ختم الله على قلوبهم "وقوله بسورة الأعراف" كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين "ومعنى الطبع هو الحول بينهم وبين الإسلام بكفرهم به .

"ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملائه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين "المعنى ثم أرسلنا من بعد وفاتهم موسى (ص)وهارون(ص) إلى فرعون وشعبه بعلاماتنا فكفروا وكانوا ناسا كافرين فلما أتاهم العدل من لدينا قالوا إن هذا خداع عظيم ،يبين الله لنبيه (ص) أنه بعث من بعدهم والمراد أرسل من بعد وفاة الرسل(ص)موسى (ص)وهارون(ص)بآياتنا وهى السلطان المبين أى المعجزات والوحى إلى فرعون وملائه وهم قومه وفى هذا قال بسورة المؤمنون"ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين"فكانت النتيجة أن استكبروا أى كفروا بآيات الله وفسر هذا بأنهم كانوا قوما مجرمين أى ناسا كافرين وفسر هذا بأنهم لما جاءهم الحق والمراد لما أتاهم العدل ممثل فى المعجزات والوحى من لدى الله قالوا إن هذا لسحر مبين والمراد إن هذا مكر كبير وهذا يعنى أنهم اتهموهم بممارسة السحر.

"قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون "المعنى قال موسى أتقولون للعدل لما أتاكم أخداع هذا ولا يفوز المخادعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن موسى (ص)قال لقوم فرعون أتقولون للحق لما جاءكم والمراد أتطلقون على الصدق لما أتاكم أسحر هذا والمراد أخداع هذا ؟ولا يفلح الساحرون والمراد ولا يرحم المجرمون مصداق لقوله بسورة يونس"إنه لا يفلح المجرمون"وهذا يعنى أنه يخبرهم أن ما جاء به ليس سحرا وإنما حق من عند الله .

"قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه أباءنا وتكون لكما الكبرياء فى الأرض وما نحن لكما بمؤمنين "المعنى قالوا هل أتيتنا لتبعدنا عن الذى لقينا عليه أباءنا ويصبح لكما الحكم فى البلاد وما نحن لكما بمصدقين ،يبين الله لنبيه (ص)حتى يقول للناس أن قوم فرعون قالوا لموسى(ص):أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه أباءنا والمراد هل أتيتنا لتبعدنا عن الدين الذى كان عليه أباءنا ؟والغرض من السؤال هو إخباره أن هدفه هو أن يتركوا دين الأباء وتكون لكما الكبرياء فى الأرض والمراد ويكون لكما الحكم وهو السلطة فى البلاد وهذا يعنى إخباره بالهدف الثانى وهو أن يكون وهارون(ص)حكام البلاد وما نحن لكما بمؤمنين والمراد وما نحن لكما بمصدقين حتى نفشل أهدافكما .

 "وقال فرعون ائتونى بكل ساحر عليم فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون "المعنى وقال فرعون جيئونى بكل مخادع خبير فلما أتى المخادعون قال لهم موسى(ص)ارموا الذى أنتم رامون ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون قال لقومه ائتونى بكل ساحر عليم والمراد أحضروا لى كل ماكر خبير بالسحر فلما جاء السحرة والمراد فلما أتى العلماء بالمكر قال لهم موسى(ص)ألقوا ما أنتم ملقون والمراد اصنعوا السحر الذى أنتم عاملون .

"فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون"المعنى فلما رموا قال موسى(ص)ما صنعتموه هو الخداع إن الله سيمحوه إن الله لا ينصر فعل الكافرين وينصر الله العدل بإراداته ولو بغض الكافرون،يبين الله لنبيه(ص)أن السحرة ألقوا أى عملوا سحرهم فقال لهم موسى (ص)ما جئتم به السحر والمراد الذى فعلتم هو الخداع إن الله سيبطله والمراد إن الله سيزيله من الوجود إن الله لا يصلح عمل المفسدين والمراد إن الله لا ينصر فعل الكافرين وفسر هذا بأن الله يحق الحق بكلماته والمراد أن الله ينصر العدل بجنوده حتى ولو كره المجرمون والمراد حتى ولو مقت الكافرون مصداق لقوله بسورة التوبة"ولو كره الكافرون ".

"فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملائهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال فى الأرض وإنه لمن المسرفين"المعنى فما صدق بموسى(ص)إلا جماعة من أهله على رهبة من فرعون وشعبهم أن يعاقبهم وإن فرعون لظالم فى البلاد أى إنه من الكافرين ،يبين الله للنبى (ص)أن موسى (ص)آمن به ذرية من قومه والمراد صدق برسالته عدد قليل من بنى إسرائيل على خوف من فرعون وملائهم والمراد رغم خشيتهم من فرعون وأغنياء بنى إسرائيل أن يفتنهم والمراد أن يعذبوهم ليردوهم عن الحق وإن فرعون لعال فى الأرض والمراد لمفسد فى البلاد مصداق لقوله بسورة القصص "إنه كان من المفسدين " وفسر هذا بأنه من المسرفين  وهم المفرطين فى دين الله أى الكافرين  .

"وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين فقالوا على الله توكلنا ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين "المعنى وقال موسى(ص)يا شعبى إن كنتم صدقتم بالله فبطاعته احتموا إن كنتم مطيعين له فقالوا بطاعة الله احتمينا إلهنا لا تخلقنا اختبار للناس الكافرين وأنقذنا بقوتك من الناس المكذبين ،يبين الله لنبيه(ص)أن موسى (ص)قال لهم :يا قوم أى يا أهلى إن كنتم آمنتم بالله والمراد إن كنتم صدقتم بحكم الله فعليه توكلوا والمراد فبطاعة حكمه احتموا إن كنتم مسلمين أى مطيعين لحكمه أى مؤمنين مصداق لقوله بسورة المائدة"إن كنتم مؤمنين "وهذا يعنى أن الله يحمى من يطيع وحيه من الأذى ،فكان ردهم هو :على الله توكلنا والمراد بطاعة حكم الله احتمينا من كل أذى ،ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين والمراد إلهنا لا تجعلنا هدفا للناس الكافرين مصداق لقوله بسورة الممتحنة"لا تجعلنا فتنة للذين كفروا"وهذا يعنى أنهم لا يريدون أن يكونوا هدف لتعذيب الكفار ،وفسروا قولهم فقالوا :ونجنا برحمتك من القوم الكافرين والمراد وأنقذنا بقوتك من الناس المكذبين بحكم الله وهذا يعنى أنهم يريدون النجاة من عذاب الكفار .

"وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين"المعنى وألقينا إلى موسى (ص)وهارون(ص)أن عينا لأهلكما بمصر مساكنا واجعلوا مساكنكم مصلى وأطيعوا حكمى وأفرح المصدقين،يبين الله للنبى(ص)أنه أوحى والمراد ألقى لموسى (ص)وأخيه هارون(ص)حكما يقول:أن تبوءوا لقومكما بمصر بيوتا والمراد اختارا لأهلكما فى مصر مساكنا وهذا يعنى أن يسكنوا كلهم فى مكان واحد ،واجعلوا بيوتكم قبلة والمراد واجعلوا مساكنكم مصلى وهذا يعنى أن يصلوا الصلوات المفروضة فى بيوتهم ،وأقيموا الصلاة والمراد وأطيعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"ويطلب منه أن يبشر المؤمنين أى أن يخبر المصدقين أى يفرح المحسنين بالجنة مصداق لقوله بسورة الحج"وبشر المحسنين".

"وقال موسى ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة وأموالا فى الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم"المعنى وقال موسى (ص)إلهنا إنك أعطيت فرعون وقومه متاعا أى أملاكا فى المعيشة الأولى ،إلهنا ليبعدوا عن رحمتك ،إلهنا امحو أملاكهم واربط على نفوسهم فلا يصدقوا حتى يشهدوا العقاب العظيم،؟يبين الله لنبيه(ص)أن موسى قال أى دعا الله"ربنا إنك أتيت فرعون وملأه زينة أى أموالا والمراد إنك وهبت لفرعون وقومه متاعا أى أملاكا فى الحياة الدنيا أى فى المعيشة الأولى ربنا ليضلوا عن سبيلك أى إلهنا ليبعدوا عن دينك وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يبعد قوم فرعون عن دين الله الذى يؤدى لأخذ رحمته ،ربنا اطمس على أموالهم والمراد إلهنا أفسد لهم أملاكهم وهذا يعنى أنه يطلب من الله أن يفسد أموال القوم بكل وسيلة ،واشدد على قلوبهم والمراد وأربط على نفوسهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم والمراد فلا يصدقوا حتى يصيبهم العقاب الموجع وهذا يعنى أنه يطلب منه أن يجعل قوم فرعون كفار حتى يموتوا وهم يرون عقاب الله لهم .

"قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون "المعنى قال الله قد سمع نداءكما فأطيعا ولا تطيعان دين الذين لا يطيعون دينى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله أوحى لموسى (ص)وهارون(ص) قد أجيبت دعوتكما والمراد قد تحقق طلبكما وهذا يعنى أن الله سينفذ لهم ما طلبوا من إضلال القوم لأنهم سيثبتون على ضلالهم مستقبلا وإفساد أملاكهم وقال فاستقيما أى فأطيعا حكمى ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون والمراد ولا تطيعان دين الذين لا يطيعون دينى وهذا يعنى أنه يطلب منهما اتباع دينه وترك أديان الكفار .

"وجاوزنا ببنى إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين "المعنى وعبرنا بأولاد يعقوب(ص) الماء فخرج خلفهم فرعون وعسكره ظلما أى عدوانا حتى إذا أصابه الهلاك قال صدقت أنه لا رب إلا الذى صدقت به أولاد يعقوب وأنا من المطيعين،يبين الله لنبيه(ص)أنه جاوز ببنى إسرائيل البحر والمراد عبر بأولاد يعقوب (ص)اليم وهو الماء سالمين فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا أى عدوا والمراد فخرج فرعون وعسكره خلفهم ظلما أى رغبة فى قتلهم دون حق حتى إذا أدرك فرعون الغرق والمراد ولما غطى فرعون الماء حتى فمه قال :آمنت أنه لا إله إلا الذى آمنت به بنو إسرائيل والمراد صدقت أنه لا رب سوى الذى صدقت به أولاد يعقوب(ص)وأنا من المسلمين أى المطيعين لحكم الله ،وهذا يعنى أنه حقق لموسى (ص) دعوته بهلاكهم  وهم كفار وهنا أعلن فرعون إسلامه فى الوقت الذى لا ينفع فيه إسلام.

"الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون "المعنى الآن وقد خالفت من قبل أى كنت من الكافرين فاليوم ننقذك بجسمك لتصبح لمن بعدك عظة وإن كثيرا من الخلق عن أحكامنا لساهون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل ملاكا لفرعون فقال له:الآن تعلن إسلامك وقد عصيت أى خالفت حكمى من قبل أى كنت من المفسدين أى الكافرين بدينى وهذا يعنى أنه يذكره بكفره ،فاليوم ننجيك ببدنك والمراد فالآن ننقذك بجسمك وهذا يعنى أن الله سيحفظ جسم فرعون سليما ويأخذ نفسه للنار والسبب لتكون لمن خلفك آية والمراد لتصبح لمن يعيش بعدك عظة يعتبر بها ويبين أن كثير أى أغلب الناس عن آيات الله غافلين والمراد لأحكام الله عاصين أى تاركين أى معرضين مصداق لقوله بسورة الحجر"وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين".

"ولقد بوأنا بنى إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضى بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"المعنى ولقد أنزلنا أولاد يعقوب مسكن عدل وأعطيناهم من المنافع فما تنازعوا حتى أتاهم الوحى إن إلهك يحكم بينهم يوم البعث فى الذى كانوا فيه يتنازعون ،يبين الله لنبيه(ص) أنه بوأ بنى إسرائيل مبوأ صدق والمراد أسكن أولاد يعقوب(ص)مسكنا مباركا مصداق لقوله بسورة الأعراف"وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التى باركنا فيها"وهى الأرض المقدسة وهى مكة ورزقهم من الطيبات والمراد وأعطاهم من الأرزاق الكثير ،ويبين له أنهم ما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم والمراد ما تنازعوا بينهم إلا من بعد ما أتتهم البينات وهى أحكام الله مصداق لقوله بسورة آل عمران"واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات"،ويبين له أن ربه يقضى بينهم يوم القيامة والمراد يحكم بينهم يوم البعث مصداق لقوله بسورة الحج"الله يحكم بينهم"وهو يفصل بينهم فيما كانوا فيه يختلفون والمراد فى الذى كانوا فيه يتنازعون وهو أى الأديان هو دين الله .

"فإن كنت فى شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين "المعنى فإن كنت فى حيرة من الذى أوحينا لك فاستفهم الذين يتلون الوحى من قبلك لقد أتاك العدل من إلهك فلا تصبحن من الكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن كان فى شك مما أنزل إليه والمراد أنه إن كان فى ارتياب من الذى أوحى له وهو دينى مصداق لقوله بسورة يونس"فى شك من دينى "فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك والمراد فاستفهم عن صحة دينك من الذين يعلمون الوحى من قبلك إن كنت لا تصدق أنه دين الحق وهذا يعنى أن يسأل أهل الكتاب حتى يعرفوه أن دينه هو الحق ،وقال له لقد جاءك الحق أى لقد أتاك العلم مصداق لقوله بسورة الرعد" ما جاءك من العلم"من ربك أى إلهك ،وينهاه أن يكون من الممترين أى المشركين وهم الكافرين مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولا تكونن من المشركين" والخطاب وما بعده وما بعده  وما بعده وما بعده للنبى(ص)   .

"ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين "المعنى ولا تصبحن من الذين كفروا بأحكام الله فتصبح من المعذبين ،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يكون من الذين كذبوا بآيات الله والمراد ألا يصبح من الذين كفروا بأحكام الله وهم الممترين فى الآية السابقة فيكون من الخاسرين أى المعذبين مصداق لقوله بسورة الشعراء"فتكون من المعذبين" وهذا يعنى أن من يكفر يعذب.

"إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم"المعنى إن الذين وقع عليهم حكم إلهك لا يصدقون ولو أتتهم كل معجزة حتى يشاهدوا العقاب الموجع،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين حقت عليهم كلمة ربه وهم الذين صدق عليهم حكم الله بالعذاب مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين"فهم لا يؤمنون أى لا يصدقون ولو جاءتهم كل آية والمراد حتى ولو أتتهم كل معجزة من عند الله وفى هذا قال بسورة الأنعام"ولو أننا نزلنا عليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شىء قبلا ما كانوا ليؤمنوا "وهم يؤمنون فى حالة واحدة وهى أن يروا العذاب الأليم والمراد أن يشاهدوا العقاب الموجع نازل بهم .

"فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما أمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين "المعنى فلولا كانت بلدة صدقت فأفادها تصديقها إلا شعب يونس(ص) لما صدقوا أزلنا عنهم عقاب الذل فى المعيشة الأولى ولذذناهم إلى موعدهم ،يبين الله لنبيه(ص)أن كل أهالى القرى لم يؤمنوا بوحى الله عدا قرية واحدة هى قرية والمراد أهل بلدة يونس (ص) ولذا لما آمنوا أى صدقوا حكم الله حدث التالى كشف الله عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا والمراد أزال الله عنهم عقاب الهوان فى المعيشة الأولى ومتعهم إلى حين والمراد ولذذهم إلى موعد موتهم .

"ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين"المعنى ولو أراد إلهك لصدق من فى البلاد كلهم فهل أنت تجبر الخلق أن يصبحوا مصدقين ؟يبين الله لنبيه(ص)أنه لو شاء لآمن من فى الأرض  جميعا والمراد أنه لو أراد لأهتدى كل من فى البلاد مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولو شاء ربك لجمعهم على الهدى "ولكنه لم يرد إيمان الكل ،ويسأل الله أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين والمراد فهل أنت تجبر الخلق كلهم أن يصبحوا مسلمين ؟والغرض من السؤال هو إخبار الرسول(ص) أن إجبار الناس على الإيمان حرام كما قال له بسورة الغاشية "لست عليهم بمصيطر" والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون"المعنى وما كان لفرد أن يصدق إلا بأمر الله ويوجب العذاب للذين لا يفقهون ،يبين الله لنبيه(ص)أن ما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله والمراد ما يقدر فرد على أن يصدق بحكم الله إلا بمشيئة الله وهذا يعنى أن الإيمان يحدث من الله والفرد فى وقت واحد مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله"ويبين له أن الرجس وهو العذاب وهو الغضب مصداق لقوله بسورة النحل"فعليهم غضب من الله" يجعله الله على الذين لا يعقلون والمراد يدخله الله الذين لا يؤمنون مصداق لقوله بسورة الأنعام"كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون "

"قل انظروا ماذا فى السموات والأرض وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون"المعنى قل فكروا ماذا فى السموات والأرض وما تمنع الأحكام أى الوحى عن ناس لا يصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن يقول للناس انظروا ماذا فى السموات والأرض وهذا يعنى أنه يطالب الناس بأن يعلموا قدر ما يستطيعوا عن مخلوقات الكون حتى يصلوا من خلال علمهم إلى الحق ،ويبين له أن الآيات وهى الأحكام وفسرها بأنها النذر وهى  الوحى تكرار الدعوة بها لا يغنى عن قوم لا يعقلون والمراد لا يمنع العذاب عن ناس لا يفقهون أى لا يطيعونها مصداق لقوله بسورة التوبة"قوم لا يفقهون"وهذا يعنى الإقلال من مرات دعوة الكفار ما دامت النتيجة استمرارهم فى  الكفر والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس .

"فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين ثم ننجى رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين"المعنى فهل يترقبون إلا شبه عذابات الذين مضوا من قبلهم قل فترقبوا إنى معكم من المترقبين ثم ننقذ مبعوثينا والذين صدقوا هكذا واجبا علينا ننقذ المصدقين ،يسأل الله :فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم والمراد هل يتربصون إلا شبه سنن وهى عقوبات الذين مضوا من قبل ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن عليهم أن يعلموا أنه سيصيبهم ما أصاب الذين عاشوا قبلهم لما كفروا وهو العذاب ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم انتظروا أى تربصوا العذاب إنى معكم من المنتظرين أى المتربصين لنزوله عليكم مصداق لقوله بسورة الطور"قل تربصوا إنى معكم من المتربصين "ويبين له أنه ينجى رسله والذين آمنوا والمراد أنه ينقذ مبعوثيه والذين صدقوا بحكمه من العذاب ويبين له أنه حق والمراد فرض فرضه على نفسه أن ينج المؤمنين والمراد أن ينقذ أى ينصر المصدقين بحكمه مصداق لقوله بسورة الروم"وكان حقا علينا نصر المؤمنين".

"قل يا أيها الناس إن كنتم فى شك من دينى فلا أعبد الذى تعبدون من دون الله ولكن أعبد الذى يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين"المعنى قل يا أيها الخلق إن كنتم فى تكذيب لحكمى فلا أطيع الذى تطيعون من غير الله ولكن أطيع الذى يميتكم وأوصيت أن أصبح من المصدقين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس وهم الخلق :إن كنتم فى شك من دينى والمراد إن كنتم فى كفر بذكر الله مصداق لقوله بسورة ص"بل هم فى شك من ذكرى "فلا أعبد الذى تعبدون من دون الله والمراد فلا أتبع الذين تتبعون من سوى الله ولكن أعبد الذى يتوفاكم والمراد وإنما أتبع دين الذى يميتكم مصداق لقوله بسورة الجاثية "ثم يميتكم"وأمرت أن أكون من المؤمنين والمراد وأوصيت أن أصبح من المسلمين مصداق لقوله بسورة النمل"وأمرت أن أكون من المسلمين" وهذا يعنى أنه يجب أن يطيع دين الله ويترك أديان الكفر لأنه أمر بهذا .

"وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين "المعنى وأن أسلم نفسك للحكم مستقيما ولا تصبحن من الكافرين أى لا تعبد من غير الله الذى لا يفيدك ولا يؤذيك فإن عملت فإنك إذا من الكافرين ،يخاطب الله نبيه (ص)فيقول وأن أقم وجهك للدين حنيفا والمراد وأن أخلص نفسك للإسلام قاصدا والمراد اتبع بنفسك حكم الله قاصدا إياه بإتباعك وفسر هذا بأن لا يكون من المشركين والمراد ألا يصبح من الكافرين بحكم الله وهم الجاهلين مصداق لقوله بسورة الأنعام"فلا تكونن من الجاهلين" وفسر هذا بأن لا يدع من دون الله ما لا ينفعه ولا يضره والمراد ألا يعبد من غير الله إلها مصداقا لقوله بسورة الشعراء"فلا تدع مع الله إلها"لا يفيده برزق ولا يؤذيه بعقاب ويبين له أنه إن فعل أى عمل الكفر وهو عبادة غير الله فإنه يصبح من الظالمين أى الكافرين المستحقين للعذاب مصداق لقوله بسورة الشعراء فتكون من المعذبين"والخطاب للنبى(ص).

"وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم"المعنى وإن يصبك الله بأذى فلا مزيل له إلا هو وإن يصبك بنفع فلا مانع لنفعه يعطيه من يرد من خلقه وهو النافع المفيد،يبين الله لنبيه (ص)أنه إن يمسسه الله بضر والمراد إن يصيبه بشر أى أذى مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإذا مسه الشر"فلا كاشف له إلا هو والمراد لا مزيل للشر سوى الله وإن يرده بخير والمراد إن يعطيه نفع فلا راد لفضله والمراد فلا ممسك لنفعه مصداق لقوله بسورة فاطر"ما يفتح الله من رحمة فلا ممسك لها "أى لا مانع لرحمة الله وهى خيره وهو يصيب به من يشاء من عباده والمراد يعطي رحمته لمن يريد من خلقه مصداق لقوله بسورة يوسف"نصيب برحمتنا من نشاء"ويبين له أنه الغفور الرحيم أى النافع المفيد للخلق والخطاب للنبى(ص).

"قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل "المعنى قل يا أيها الخلق قد أتاكم برهان من خالقكم فمن أطاع فلمصلحته ومن عصى فإنما يسيىء لها وما أنا عليكم بحفيظ ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس وهم الخلق قد جاءكم الحق من ربكم والمراد قد أتاكم بصائر وهو العدل من إلهكم مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد جاءكم بصائر من ربكم"  ويقول فمن اهتدى فإنما يهتدى لنفسه والمراد فمن أبصر فلمصلحته ومن ضل فإنما يضل عليها والمراد ومن عمى فعليها مصداق لقوله بسورة الأنعام"فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها"وهذا يعنى أن من أسلم فإنما يسلم لنفع نفسه ومن كفر فإنما يعاقب نفسه وما أنا عليكم  بوكيل والمراد وما أنا عليكم بحفيظ أى حامى لكم مصداق لقوله فى نفس الآية "وما أنا عليكم بحفيظ "والخطاب للنبى(ص)ومنه للناس.

"واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين"المعنى وأطع الذى يلقى لك أى اتبع حتى يقضى الله وهو أحسن القاضين ، يطلب الله من نبيه(ص)أن يتبع ما يوحى إليه والمراد أن يطيع الذى ينزل له من عند الله وفسر له بأن يصبر حتى يحكم الله والمراد أن يطيع حكم الله حتى يفصل الله بين الناس وهو خير الحاكمين أى أفضل القضاة والخطاب للنبى(ص).

 

اجمالي القراءات 20481