خبراء: إسرائيل تحرض دول النيل على مصر

في الخميس ٢٨ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

خبراء: إسرائيل تحرض دول النيل على مصر

إيمان محمد




55 مليار متر مكعب من المياه.. حصة مصر من نهر النيل سنويا
أرجع خبراء مصريون في الشأن الإفريقي تعثر التوقيع على تعديل اتفاقية مياه النيل بين الدول المعنية العشرة إلى وجود "أياد إسرائيلية" تريد "العبث بأمن مصر المائي وابتزازها للحصول على حصص من مياه نهر النيل"؛ ما يجعلها "عمليا" الدولة "رقم 11" في منظومة حوض النيل.

ورأى الخبراء في تصريحات منفصلة لـ"إسلام أون لاين.نت" أن إسرائيل تسعى لتحقيق هذا الهدف من خلال تحريض باقي دول حوض النيل للضغط على مصر من أجل إجراء تعديلات على الاتفاقية التاريخية بما يسمح لهذه الدول بإقامة مشروعات على منابع النيل تنال من حصة مصر والسودان.

وحذر الدكتور حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والخبير في الشأن الإفريقي، من وجود "أطراف أجنبية -على رأسها إسرائيل- تريد تسييس قضية المياه من أجل النَيْل من حصة مصر من المياه".

طالع أيضا:
الحزب الحاكم بمصر: مياه النيل محرمة على إسرائيل
الأمم المتحدة: ½ العالم يواجه أزمة مياه بـ2030
العالم ينقسم حول المياه.. حق أم حاجة إنسانية؟

ورفضت القاهرة في اجتماعات المجلس الوزاري لدول حوض النيل الذي عُقد في العاصمة الكونجولية كينشاسا يومي الجمعة والسبت الماضيين التوقيع على تعديلات اتفاقية حوض النيل في غياب نص صريح يضمن عدم المساس بحصتها التاريخية من المياه (55 مليار متر مكعب سنويا)، ويضمن كذلك الإخطار المسبق عن أي مشروعات تقوم بها دول أعالي النيل، وأن يكون تعديل الاتفاقية بالإجماع، وليس بالأغلبية.

ولفت الدكتور عبد الرحمن إلى إصرار مصر على التمسك بحقها التاريخي في مياه النيل بموجب الاتفاقية المائية التي أبرمت في ظل الاستعمار البريطاني عام 1929، محذرا من خطورة الموقف الحالي، حيث إنه للمرة الأولى تقف مصر والسودان في جانب وجميع دول حوض النيل (إثيوبيا وأوغندا وإريتريا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي والكونجو الديمقراطية) في جانب آخر.

يذكر أن اتفاقية 1929 تلزم دول منابع النيل وبحيرة فيكتوريا بعدم القيام بأي مشاريع مياه بدون موافقة مصر، حيث تمنح هذه الاتفاقية مصر حق النقض "الفيتو" على أي مشروع بشأن مياه نهر النيل من شأنه التأثير على منسوب مياه النيل التي تصل إلى مصر، باعتبارها دولة المصب، لكن بعض دول المنبع تعتبر هذا الاتفاق "ظالما لها ويجب تعديله".

الدولة رقم 11!!

ومتفقا مع عبد الرحمن قال الخبير المصري الدكتور أحمد يوسف القرعي إن إسرائيل تقف وراء إشعال الموقف بحوض النيل نظرا لما لها من أطماع في الحصول على نصيب من مياه النهر تستفيد به في زراعة صحراء النقب، مشيرا إلى أن مصر تعي هذه الأهداف الإسرائيلية وترفضها بشكل قاطع، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء السودانية اليوم الأربعاء.

وكشف الخبير المصري النقاب عن قيام القاهرة بوقف العمل بمشروع ترعة السلام بعد أن وصلت المياه بالفعل إلى منتصف سيناء حتى لا تكون مطمعا لإسرائيل.

وأضاف القرعي أن إسرائيل تريد أن تكرس حقيقة مزاعمها بأنها الدولة الـ11 في منظومة حوض النيل، وأن تفرض الأمر الواقع بعد فترة زمنية، ومن ثم تشارك بالمفاوضات حول اقتسام المياه بين دول حوض النيل.

وأكد أن إثيوبيا وأوغندا وكينيا تستضيف على أراضيها مشروعات إسرائيلية سوف يكون لها تأثيرها على حصص مصر من المياه، مشيرا إلى أن تل أبيب تستخدم هذه الدول أداة لتنفيذ أجندتها بمنطقة حوض النيل مقابل تقديم وعود إسرائيلية لها بمصالح محددة.

الدكتور حمدي عبد الرحمن لم يستبعد في الوقت نفسه أن تتجاوز مصر الأزمة مع دول حوض النيل، وذلك من خلال "علاقاتها الثنائية وثقلها التاريخي والتفاوض، وذلك لتفويت الفرصة على أي أطراف تريد إحداث أزمة بين الجانبين".

وقد صرح وزير الري المصري الدكتور محمد نصر الدين علام عقب انتهاء اجتماع كينشاسا بأن مشروعات التعاون المشترك مع دول الحوض سوف تستمر وكذلك المساعدات باعتبارها ضمن محطات التفاوض، مؤكدا أن القاهرة سوف تستوعب رغبات دول حوض النيل بما يضمن في ذات الوقت مصلحة مصر.

ولفت إلى أن دول حوض النيل ستعلن في يوليو المقبل في الاجتماعات المقررة للمجلس الوزاري المقرر عقده بالقاهرة موقفها من الاقتراحات المصرية، مشيرا إلى أن الوضع الحالي لا يضيرها، فالقاهرة "موقعة على اتفاقيات ملزمة لجميع دول الحوض وفيها السودان".

شروط مصر

وعن الشروط التي وضعتها مصر قبل توقيع الاتفاقية في كينشاسا قال وزير الري في تصريحاته للصحفيين: "مصر اشترطت للتوقيع على الإطار القانوني والمؤسسي أن تتضمن الاتفاقية نصا صريحا يتضمن عدم المساس بحصة مصر من مياه النيل وحقوقها التاريخية في المياه".

وأشار إلى شرط آخر للتوقيع، وهو أن تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أي من بنود الاتفاقية بالإجماع وليس بالأغلبية، وفي حالة التمسك بالأغلبية فيجب أن تشمل دولتي المصب مصر والسودان لتجنب عدم انقسام دول الحوض بين دول المنابع التي تمثل الأغلبية ودولتي المصب والتي تمثل الأقلية، وهو المطلب الذي أيدته الخرطوم.

مطالب بين الحين والآخر

ومنذ استقلال دول حوض النيل تثور مطالب بين الحين والآخر من جانب حكوماتها بإعادة النظر في اتفاقيات قديمة، باعتبارها تمت إبان وقوع هذه الدول تحت الاستعمار، وأن هناك حاجة لدى بعض هذه الدول (خاصة كينيا وتنزانيا) لموارد مائية متزايدة؛ بل إن تنزانيا أعلنت منذ استقلالها عدم اعترافها بهذه الاتفاقيات من الأصل.

وتتمسك القاهرة دائما بالدعوة إلى احترام الاتفاق التاريخي كي لا تتحول القارة الإفريقية إلى فوضى، كما سعت مصر إلى الدخول في تعاون فني واقتصادي مع هذه الدول، خاصة مع إدراكها لوجود تدخلات من قبل قوى خارجية وبالتحديد من قبل إسرائيل، حيث تغذي هذه القوى مطالب دول الحوض السبع بتغيير الاتفاقيات القديمة، بحسب خبراء.

وكانت دول الحوض قد اتفقت في اجتماعها الوزاري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في سبتمبر 2003 على حل أي نزاع مائي بين دول الحوض بالطرق الودية دون اللجوء إلى استعمال القوة، كما تم الاتفاق على (مبادرة حوض النيل) التي تهدف إلى بناء الثقة بين دول النيل، وهي تتصل بمشروعات ذات منافع مشتركة وتشمل بناء خزانات ومشروعات الربط الكهربائي بالإضافة إلى تطوير الإدارة المبكرة للفيضانات والجفاف.

اجمالي القراءات 5798