بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين على أمور دنيانا والدَين.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.. والصلاة والسلام على والدينا وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.. وبعد
مرت أُمة الرسول الكريم محمد الصادق الأمين (عليه السلام) بعد موته، بفتن عديدة وحروب طاحنة بين المسلمين فيما بينهم... وبدأت تلك المرحلة من التمزق في التاريخ الإسلامي بموقعتين شهيرتين هما موقعة الجمل.. ومعركة صفين الاسلاميتين الشهيرتين بعد مقتل أمير المؤممنين الخليفة الثالث عثمان بن عفان, أتت على الأخضر واليابس بين كل صحابة الرسول محمد (عليه السلام) !!! وآل بيته الطاهرين !!! والتي اُثيرت فيها الفتن من قبل أعداء دين الله والإنسانية ... ومن خلال سادة وسدنة وعبدة الأصنام من كُفار وسادة قريش ؟؟؟ الذين رفضوا وهجروا القرءان الكريم مصدرا وحيدا في التشريع والقائم على الشورى بين الناس في الإسلام وببيعة الشعب لإختيار الحاكم المناسب وبالتبادُل السلمي للسلطة وأنقلبوا على أعقابهم!!!.
لقوله تعالى :
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ {144} آل عمران
ويأتي السؤال!!! فلقد وجدت أن الأئمة من الشيوخ الأفاضل المدَعين, جاؤوا بدلالات ضعيفة يُمنع فيها التطرق الى تلكم المعارك أعلاه ... التي حدثت بين المؤمنين أنفسهم, والتي على أساسها تقسمت أمة الرسول محمد إلى مذاهب وطوائف وشيع وجماعات وأحزاب وفرقوا دينهم وجعلوها شيعا!!! يفتي الائمة بزعمهم أن التطرق إلى تلك المعارك... هو ايقاظ للفتنة !!!
والسؤال الهام هنا:
أي فتنة بحاجة إلى إيقاظها؟؟؟ والفتنة أصلا قائمة دونما مبرر حتى يومنا هذا؟؟ تريد من يخمدها ويهدأها لتنام؟؟؟
والسؤال الآخر:
ما الذي يخيفنا من أن نفتح تلكم الملفات في التاريخ الإسلامي؟؟؟ وهل في الاسلام من الأسرار ما نخشاه أو نخاف عليه أن يتكشف أكثر مما وصلنا إليه اليوم من تمزق وفتنة وطوائف وشيَع وفقر وجهل وتخلف وفساد كبير ومهانات لكرامات الإنسان وحقوقه ممسوخة!! وأحزاب ومذاهب وإذلال للشعوب وخيانات الحكام للأمة الإسلامية؟؟؟ وتربص للمسلمين لبعضهم البعض؟؟؟ ونحن كنا خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر!!!
ولماذا حل الألغاز والخلافات لا يتم إلا بالحروب؟؟؟ ألا يوجد في كل تلك الأمم من هم أهل للإيمان والحكمة؟؟؟ أم أن إستمرار الحال كما هو عليه الآن هو يحقق للملوك والأمراء والسلاطين والمشايخ غير الشرعيين المصالح؟؟؟ بنظرية ( فرق تسد ) ؟؟؟ وعلى حساب الشعوب المغلوبة على أمرها؟؟؟ وإن هذه الشعوب تستحق ما هي عليه!! عقابا لها على جهلها؟؟؟ وطاعتها العمياء للحاكم غير الشرعي؟؟؟ حتى وهي ترى باُم عينها خروج الحاكم عن شرع ومنهج الله عز وجل؟؟؟ وهجرهم للرسالة السماوية ( القرآن الكريم ) والقائم على الشورى بين الناس وبالتبادُل السلمي للسلطة ؟؟؟
ولماذا يظل التضليل والتجهيل للشعوب هو أسلوب حياة؟؟
لماذا لا يتصارح الأخوة الأعداء للوصول إلى صيغة واحدة مشتركة، وعلى كلمة سواء؟؟؟ هي صيغة التوحيد والاسلام لله جل جلاله وحده لا شريك له... له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.. واليه المصير.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. بعيدا عن الزج بشعوبهم المستضعفة في حروب تحصد الأخضر واليابس؟؟؟
وهل تلك الحروب التي قامت بين المؤمنين بعد موت الرسول محمد، هل كانت لتقوم لولا أن أرادها الله جل جلاله؟؟؟ لحكمة في نفسه؟؟؟ وإنه قد أرادها الله رحمة للعالمين؟؟؟
يقول الله جل جلاله:
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً {40} الأحزاب
اليست الآية الكريمة أعلاه واضحة تماما؟؟ وتبين وتترجم رحمة الله بالعباد..
ألا يعلم الله (وهو بكل شيء محيط.. وهو علاَم الغيوب وبكل شيء عليم), بأن هناك ممن قد يظهرون ويدَعون لاحقا بأنهم من أبناء وأحفاد الرسول الصادق الأمين سيدنا محمد (عليه الصلاة السلام)؟؟؟ ويتسببون فى زرع الشقاق والفتن والإفتراءات والإدعاءات بنسبهم إلى الرسل والأنبياء؟؟؟ وإفترائهم بأنهم من آل البيت النبوي الشريف؟؟؟ ويقولون ويفترون على الله الكذب وهم يعلمون؟؟؟ ويطلبون من الناس إتباعهم بغير الحق؟؟؟ كما هو حاصل اليوم من تأليههم للرسول المُبلغ للرسالة السماوية ( محمد وآل بيته ) من خلال أديان أرضية وضعية ملكية مذهبية ( سُنية وشيعية )!! أُختلقت بعد موت الرسول بأكثر من مائتي عام!!!
ألم تكن تلك المعارك.. هي قد حدثت بمشيئة الله؟؟ وهي في كتاب إلى يوم يُبعثون؟؟ وهو الله جل جلاله حسبه إن أراد شيئا أن يقول له.. كن فيكون؟؟
لقوله تعالى:
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَـكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ {253} البقرة
وقوله تعالى:
قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {51} التوبة
ألم تكن تلك الحروب التي حدثت بعد موت سيدنا محمد (عليه الصلاة والسلام)، قد حدثت مثيلاتها بعد موت كل رسول من رسل الله جل جلاله؟؟؟ كما هو واضح في الآية أعلاه (البقرة 253) وقد حدثت بعد أن أمات الله جل جلاله سيدنا عيسى (عليه الصلاة والسلام)؟؟؟ وألا يأتي من بعده قوم يدَعون بأنهم من أنسابه وأقاربه وانهم من آل البيت ليتبعهم الناس؟؟؟
ألم يكن كل ما حدث ينصب في خانة واحدة هى الإيمان بقضاء الله جل جلاله (خيره وشره) إن كنا نؤمن بالله واليوم الآخر؟؟؟ وألا يصدر منا أية إعتراضات أو رفض لقضاء الله وقدره؟؟؟
ألسنا مسؤولين عن حالة التمزق التي يشهدها المسلمون اليوم؟؟؟ وخاصة أنه قد مر على تلك الأحداث التي قدَرها الله أن تقع.. اكثر من (1300 عام) – أكثر من (13 قرنا).. وانها اُمم قد خلت لها ما كسبت ولنا ما كسبنا ولا نُسأل عما كانوا يعملون؟؟؟
لقوله تعالى :
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ {134} البقرة
ألم يحن الوقت.. لنتقي الله في العباد؟؟ وأن نعلم أبناءنا ما ينفعهم ولا يضرهم؟؟ ويكون سلوكنا اليومي قائما على التراحم بيننا والعفو والمغفرة، وأن نبني جسور التواصل والمحبة بين الناس؟؟؟ وانهم ليسوا طرفا في أحداث قد أنقرض وقتها وعفى عليها الزمن؟؟؟
أيعتقد البعض من القائمين على أحوال المسلمين اليوم.. ان الله جل جلاله سوف لن يسألهم عما يحدث للمسلمين اليوم من تمزُق وتشتت وأحقاد وكراهيات وإقتتال وسفك لدماء الأبرياء؟؟؟ ومن المسؤول عن هذا؟؟؟ أليسوا هم الحكام المسلمين المُدَعين؟؟؟ ومعهم أصحاب المؤسسات الدينية والفقه والتشريع الإسلامي الأرضي المذهبي والطائفي الكهنوتي؟؟؟ أليسوا مسؤولين أمام الله عن الرعية وأحوال الرعية يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم؟؟
لماذا الإساءات والتسفيه؟؟؟ والذي يقع اليوم بين ما يسمون أنفسهم بالمسلمين السنيين... وما يسمون أنفسهم بالمسلمين الشيعة.. وبين الطوائف والأحزاب والجماعات المختلفة فيما بينها؟؟؟ والإسلام واحد لا ينتمي إلا لإله واحد وحده لا شريك له، ولا نتوكل إلا عليه إن كنا مؤمنين... وإن كل تلك التسميات ما هي إلا خروج عن منهج الله (جل جلاله) مهما اختلفت تسمياتهم.. ومن يتبعون من الرسل والأنبياء أو للأولياء الصالحين ليقربوهم إلى الله زلفا!!! والله غني عنهم جميعا!!! وكلها تقوم على الإشراك مع الله جل جلاله وتعظيم للرُسُل والأنبياء وأولياء الله جل جلاله الصالحين!!! وكلها تقود بالضرورة إلى الكُفر (والعياذ بالله)!!!
ما الخلاف بوضوح!!! ونحن نعلم جميعا بأن الخلاف هو بين هؤلاء القائمين على اُمور الناس أنفسهم؟؟؟ ولا يوجد خلاف بين الشعوب التي تتوق إلى السلام والإسلام والتعايش السلمي فيما بينها وهم جميعا مسلمون، دونما أحقاد أو كراهيات أو تفريق بينهم؟؟ يفرضها عليهم حكامهم.. بقوانين التفرقة والتمزق بينهم!!! ومؤيدة وغير مستنكرة بمن يدَعون بأصحاب المرجعيات وأئمة الأصول والفقه الإسلامية المذهبية!!!
وهل لو علم رسولنا محمد (عليه الصلاة والسلام) وأمير المؤمنين الخليفة علي بن أبى طالب ( كما في كتب التأريخ )!! أن المؤمنين اليوم قد أصبحوا هكذا مذاهب وطوائف وأحزاب وجماعات وشيعا بإسمهم... هل كانوا ليرضون بأن يدَعى بهم الناس ويتلبسوا بهم وأشركوهم بالتعظيم والتأليه والتشريعات مع الله وحده لا شريك له؟؟ وهم من أهل التقوى وأهل المغفرة وأهل لا اله إلا الله وحده لا شريك له ولا يتوكلوا إلا عليه؟؟؟ وإنهم بريئون منهم ومما يعملون.. ويخافون الله رب العالمين؟؟؟