آحمد صبحي منصور
في
الخميس ٠٥ - يناير - ٢٠٢٣ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
أولا : بين البخل والشُّح
البخل :
هو الشُّح بالمال . نفهم هذا من قوله جل وعلا :
1 ـ ( هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ ) (38) محمد ) .
2 ـ ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180) آل عمران ).
الشُّح :
هو البخل بكل شىء . هو منع الخير عن الآخرين ، والاستئثار به للنفس . ( أشحّة ) جمع كلمة ( شحيح ) . قال جل وعلا عن بعض الصحابة المنافقين : ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (19) الاحزاب ).
ثانيا : للشح معنى قرآنى أيضا :
هو الذى يدمن منع الخير ( منّاع للخير ) وبالتالى يكون معتديا أثيما . قال جل وعلا :
1 ـ عن بعض القرشيين : ( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) )
2 ـ عن أصحاب الجحيم ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) ق ).
ثالثا : الشح فى ثقافتنا هو الأنانية .
وفى كل نفس بشرية أنانية ، تظهر واضحة فى الطفل ، وفى مشاعر الغيرة والحقد ، كما تلوح فى العلاقات الزوجية حيث يريد كل طرف الاستيلاء على الآخر ، ولهذا جاء ذكر الشُّح فى معرض حل الخلافات الزوجية فى قوله جل وعلا :
( وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128) النساء ) .
رابعا : الشح مرض أصيل فى النفس يمكن الوقاية منه
1 ـ الأثرة من معانى الشح ، أى أن تؤثر نفسك على الغير ، وعكسها الإيثار على النفس . وصل الى هذه الدرجة العالية النبيلة بعض الصحابة الأنصار الفقراء الذين كانوا يعطون قوتهم للفقراء المهاجرين يؤثرونهم على أنفسهم . قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (9) الحشر ) .
2 ـ لأنه مرض فيجب على المؤمنين ( الوقاية ) منهم بالتقوى والعطاء بالصدقات ليكونوا مفلحين فى الآخرة . قال جل وعلا : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (16) إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) التغابن ).
أخيرا : درجات الشح
الشُح مشاعر معقدة مركبة من الأنانية والحقد وكراهية الخير للآخرين ومنعه عن الآخرين . ونعطى مثالا لدرجات الشُّح :
1 ـ هناك من يحب الخير للنفس مع كراهية الخير للغير ، بل يتمنى لهم المصائب تطوعا من نفسه .
2 ـ وهناك من يستحل الأخذ من الآخرين دون كلمة شكر ، يبخل بها عليهم . ويغضب إذا طولب برد الجميل .
3 ـ وهناك من يأخذ ويرد الحسنة بالسيئة .
والدنيا مليئة بهؤلاء ..