سؤالان

آحمد صبحي منصور في السبت ٢٦ - نوفمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال الأول : قرأت فى كتاب ( الأمثال الشعبية ) لأحمد تيمور باشا المثل الشعبى المصرى القائل ( زبون العتمة فلوسه زغل ) ؟ كلمة الزغل غير مألوفة مع انها مثل شعبى . ماذا يعنى هذا المثل ؟ وما هو الأصل فيه ؟ . السؤال الثانى ما هو الفرق بين ( دهن، تُدهن )؟
آحمد صبحي منصور

إجابة السؤال الأول

1 ـ  ( الزُغل) هو : تزييف الذهب. وقد شاع هذا فى العصر المملوكى حتى سجلته الحوليات التاريخية . يقول بدر الدين العينى فى تاريخه ( عقد الجمان ) فى حوادث سنة 813 : ( دخل الزغل فى الذهب كثيرا)  . وكانت السلطة المملوكية تطارد الزغلية المزيفين  للذهب ،

شيوخ إحترفوا تزييف الذهب والفضة

1 ـ فى سنة 827 يقول العينى : ( أُمسك ( أى أُعتقل ) رجل من الصوفية بالمؤيدية، وجدت عنده آلات الزغل فأمر السلطان بقطع يده ، فشفع فيه فأخرج ، وضرب ضرباً مبرحا، وسجن) . المؤيدية هى الخانقاة ، وهى من مؤسسات التصوف وقتها . والمعنى أنه كان من الصوفية من عمل في تزييف العملة الذهبية.  

2 ـ واعتقل الشيخ الصوفى إسماعيل النبتيتى سنة 889 متهما بعمل الكيمياء ، يقول عنه السخاوى فى تاريخه ( الضوء اللامع ) : ( وجرت له حادثة بسببها تألم لها الخيرون وذوا الظن الخير به)  .

3 ـ وفى سنة 911 اتهم الشيخ الصوفى سنطباى بضرب الزغل،  ووجدوا عنده عدة ضرب الزغل، وكان عنده جماعة يعاونونه فأمر السلطان الغورى بقطع ايديهم . ونفى السلطان الشيخ سنطباى للقدس حسبما يذكر ابن اياس فى تاريخه ( بدائع الزهور)  . ويذكر المؤرخ الغزى فى تاريخه ( الكواكب السائرة ) أن السلطان الغورى شتم الشيخ سنطباى  ، وقال له : ( إنك تدعى أنك الصوفى المسلك وأنت زوكارى شيطان زغلى ، أخرج من مملكتى ).

4 ـ  واشتهر بالزغل الشيخ جمال الدين ، حتى صار لقبه ( الزغلى ) ، وقد سجنوه فى سجن المقشرة أسوأ السجون المملوكية ، وهرب منه سنة915 . وقال ابن إياس إنه (  اتلف سائر المعاملة من الذهب والفضة ، وظهر بها الزغل كالشمس ، حتى ضج من ذلك سائر الناس والأمراء.. فقبض عليه السلطان وسجنه فهرب. ثم عثروا عليه وعلى خمسة من أتباعه فشنقوهم . وشنقوا زغليا آخر على باب زويلة .

موظفون كبار عملوا فى ( الزغل )

1 ـ واتهموا الأمير بردوار الأتابكى، فعذبوه حتى الموت بسبب شهرته بالزغل .   

2 ـ وبعض الوزراء اتهم ب ( الزغل ) مثل الوزير ناصر الدين الشيميى ت 834 وقد تولى الوزارة للناصر فرج ثم عزل وصودر سنة 804 ( بسبب أنه ظهر عنده من يعمل بالزغل ويخرجه على الناس )  .

3 ـ ودخل ( الزغل ) فى المؤامرات والتلفيق ، فقد دسّ المحتسب ( يار على العجمى ) أدوات الزغل في بيت غريمه قوام الدين العجمى واتهمه عند السلطان جقمق بتزييف الذهب ( الزغل ) فضربه السلطان جقمق هذا الشيخ وحبسه .

توسيط الزغلية ( أى قطعهم نصفين )

وتكاثر تزييف الذهب وانتشر ( الزغلية ) سنة 862 ، فأمر السلطان بتسعير الذهب والفضة ( وصار السلطان يقطع أيدي الزغلية أو يوسطهم ) أى يقطعهم نصفين بالسيف ( فارتعبوا وأصلحت أحوال المعاملة بعد جهد كبير، وكان اينال يوسّط كل من يقع تحت يده من الزغلية فأصلح معاملة النقد فى أيامه"حسبما يذكر ابن اياس فى تاريخه .  ويذكر المؤرخ المملوكى أبوالمحاسن ابن تغرى بردى  فى تاريخه ( حوادث الدهور ) فى حوادث نفس السنة 862 أن السلطان وسّط ثلاثة من الزغلية ، وكان أيضا قد وسط خمسة منهم ، لأن الزغلية تسببوا فى اضطراب النقد واختلال قيمة الدينار الذهبى فتهدد الأمن فى البلاد . بسبب هذه الشدة هدأت   الأمور قليلا ، إلا أن نشاط الزغلية عاد،

أخيرا

 هذا هو الأصل الذى إنحدر منه المثل الشعبى المملوكى القائل : ( ماتنقدوهم كلهم زغلية) الذى ذكره الأبشيهى فى كتابه ( المستطرف ). ( ما تنقدوهم ) يعنى لا تتعاملوا معهم بالنقود.  ثم إخترعوا فيما بعد المثل الشعبى الذى ذكره تيمور فى كتابه ( الأمثال الشعبية ) وهو : ( زبون العتمة فلوسه زغل ) . والعتمه هى وقت العشاء حيث الظلام.

إجابة السؤال الثانى

1 ـ الاسم ( دهن ) يأتى بمعى الزيت . نفهم هذا من تدبر آيتين هما : ( وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ (20) المؤمنون ) ( اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) (35) النور)

2 ـ الفعل ( داهن / يدهن ) يعنى ينافق ويُظهر خلاف ما يبطن . وجاء فى قوله جل وعلا :

2 / 1 : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) الواقعة )   

2 / 2 : ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) القلم ). 

اجمالي القراءات 1917