شعر المرأة ليس عورة:
تقوم فكرة وضع المرأة غطاء الرأس, يسمى خطأ بالحجاب, على نظرية أن شعر المرأة عورة, فيتعين عليها أن تغطى هذه العورة ولا تكشفها, مع مشروعية إبداء زينتها, بأن تكتحل وتضع الأصباغ والمساحيق, وتتحلى بالأساور و الأقراط, وهو أمر يوجد حالة غاية فى التناقض ونهاية فى التعارض.
ولماذا يعتبر شعر المرأة عورة؟
ومن الذي يقول يذلك؟
ما هى جذور هذه الفكرة؟
وما هو وجه الصواب فيها؟
ذلك ما يقتضي الإجابة عنه بالإبتداء من أغوار التاريخ الساحقة.
الشَعْر فى الحضارات القديمة
تقوم فكرة وضع المرأة غطاء الرأس, يسمى خطأ بالحجاب, على نظرية أن شعر المرأة عورة, فيتعين عليها أن تغطى هذه العورة ولا تكشفها, مع مشروعية إبداء زينتها, بأن تكتحل وتضع الأصباغ والمساحيق, وتتحلى بالأساور و الأقراط, وهو أمر يوجد حالة غاية فى التناقض ونهاية فى التعارض.
ولماذا يعتبر شعر المرأة عورة؟
ومن الذي يقول يذلك؟
ما هى جذور هذه الفكرة؟
وما هو وجه الصواب فيها؟
ذلك ما يقتضي الإجابة عنه بالإبتداء من أغوار التاريخ الساحقة.
الشَعْر فى الحضارات القديمة
نشأ لدى المصريين القدماء, منذعصور موغلة فى القدم, اعتقاد ـ صدر عن فكر غيبى ـ بأن شعر الإنسان هو مظهر القوة ورمز الافتخار, ولما كان الكهنة هم الذين يدخلون وحدهم قدس الأقداس فى المعابد, كما أنهم يهبون كل حيواتهم للإله فيعيشون ويقيمون فى هذه المعابد, فقد صار من طقوسهم الدينية أن يحلقوا رؤوسهم تمامًا, دليلاً على الضعف و رمزًا للاتضاع أمام الإله, وفى كل حركاتهم وسكناتهم, خلال أنشطة الحياة المختلفة.
ولذات المعانى اعتاد المصريون القدماء جميعًا ـ رجالاُ ونساءًا ـ أن يحلقوا شعورهم كلية, إظهارًا لضعفهم أمام الإله وتعبيرًا عن الخضوع والاتضاع فى كل تصرفاتهم, وكان الرجال يضعون على رؤوسهم أغطية من القماش تقيهم وهج الشمس وتحميهم من حرارتها, بينما كان النساء يضعن لذات الغاية وللتزيين ـ غطاء مصنوعًا من الشعر المستعار, هو الذى يُعرف باسم " الباروكة".
وقد تسرب فكر قدماء المصريين إلى أنحاء كثيرة من العالم وإلى حضارات مختلفة متباعدة, فكان رجال الدين المسيحي ـ فى العصور الوسطى ـ يحلقون شعور رؤوسهم كما أن المهنة البوذيين والهندوسيين ما زالوا حتى العصر الحالى يفعلون نفس الشئ: ربما إدراكًا منهم لفكرة المصريين القدماء فى حلق شعر الرأس, أو اتباعًا لأمر صارعادة عندهم, كما صار شارة لوضعهم الدينى ومركزهم الروحى.
وعندما حضر يوليوس قيصر ( 120 ـ 44 ق.م. ) من روما إلى مصر, تأثر بالفكرة, فلما أن غزا أرض الغال ( فرنسا ) ولاحظ أن أهلها يرسلون شعورهم أمر بقصها تدليلاً على خضوعهم لسلطانه.
الشعر في اليهودية
لأن موسى عليه السلام ( القرن الثالث عشر قبل الميلاد ) كان قد نشأ ورُبِى فى مصر فقد تأثر بفكر وحضارة قدماء المصريين, وعندما خرج من مصر مع العبرانيين ( اليهود ) وبعض المصريين, كانوا جميعًا ينتهجون نهج قدماء المصريين في أشياء كثيرة, منها ضرورة عدم إظهار شعر الرأس أمام الإله تدليلاً على الخضوع والخنوع, ولما كان هؤلاء العبرانيون قد تأثروا ـ مع الوقت ـ بعادات الآسيويين من إرسال الشعر وعدم حلقه كالمصريين القدماء, فقد واسطوا ( العبرانيون ) بين الأمر, فصاروا يرسلون شعورهم ـ ولا يحلقونها ـ ثم يعمدون إلى تغطيتها عند الصلاة ـ حيث الوقوف فى حضرة الإله ـ فكان الرجال يضعون على رؤوسهم " طواقى " بينما كانت النساء تضعن الأخمرة على رؤوسهن أثناء الصلاة, أو عند الدخول إلى المعبد.
وحتى العصرالحالى فإن اليهود المتدينين يضعون الطاقية على الرأس أثناء وجودهم فى المعابد أو أثناء الصلاة أو عند القيام بمهام دينية, بينما تضع النساء الخمار فى هذه الحالات.
بل زاد المتطرفون وأصبحوا يضعون الطاقية فوق رؤوسهم فى كل حين, وخلال سيرهم فى الشوارع, وقد يدعى بعضهم أنه أمر دينى وليس وضعًا سياسيًا يقصد إلى أن من يلبس الطاقية يهودي متزمت وهو بذاته نفس الحال فيما يتعلق بالخمار عند المسلمات.
الشعر فى المسيحية
لم يتكلم السيد المسيح عن الشعر ـ بالنسبة للرجل والمرأة ـ على الإطلاق, ربما لأنه عُنى بالجوهر لا بالمظهر, وركز على القلب والضمير لا الشكل والمظاهر.
لكن بولس الرسول تناول مسألة شعر الرأس فى رسالته إلى أهل كورونثوس فقال: { كل رجل يصلى أو يتنبأ وله على رأسه شئ يشين رأسه. وأما كلامرأة تصلى أو تتنبأ ورأسها غير مغطى فتشين رأسها .. إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليُقَص شعرها .. هل يليق بالمرأة أن تصلي إلى الله وهى غير مغطاة .. } [ الأصحاح الحادى عشر: 4 ـ 14 ].
ومفاد كلام بولس الرسول أنه لا ينبغي للمرأة أن تصلى لله ورأسها غير مغطى, أى دون تغطية الشعر, أما الرجل فيمكنه ذلك ـ وبهذا يكون بولس الرسول قد تأثر بعادات مجتمعه الرمانى من أنه يمكن للرجل أن يصلي دون أن يغطى شعر رأسه, لكنه ظل متمسكًا بالعادة اليهودية من أنه لا يجوز للمرأة أن تصلي لله دون أن تضع على رأسها غطاء وهو الخمار, كما أنه رأى أن هذا الغطاء بديل عن حلق أو قص شعرالمرأة, فإذا لم تضع المرأة الخمار على شعرها عند الصلاة فالأجدر أن تقص هذا الشعرلتذللها لله وإخضاعها لعزته.
فشعر المرأة, فى المسيحية واليهودية, وفى غيرهما, لايعد عورة, لكنه يعتبر رمزًا للقوة ومظهرًا للاعتزاز, وينبغى على الرجل والمرأة, فى اليهودية, وعلى المرأة وحدها, فى المسيحية, تغطية شعر الرأس عند الصلاة لله إظهارًا للخضوع لعزته وعلامة على الاتضاع أمامه, فإذا لم تضع المرأة الخمار عند الصلاة, فالبديل هو قص أو حلق شعرها على عادة قدماء المصريين.
شعر المرأة فى الإسلام
كان النبى يحب مخالفة أهل مكة ( المشركين ) وموافقة أهل الكتاب, ومن ثم فقد كان يفْرق شعره على عادة أهل مكة عندما كان يقيم فيها, فلما هاجر إلى المدينة ورأى أن أهل الكتاب يرسلون شعورهم أرسل شعره.
وكعادة أهل الكتاب, فإن كل رجل من المسلمين كان يضع على رأسه عند الصلاة " طاقية" لتغطية الشعر الذي لا ينبغي أن يظهر أمام الله آنذاك تعبيرًا عن الضعف إلى الله, والعبودية له, والاتضاع لعزته, والخضوع لحضرته.
ووضعت النساء الخمار عند الصلاة, كما كانت تفعل نساء أهل الكتاب, ولذات الغرض الذى وضعت هذه النساء الخمار من أجله, ونفس السبب الذي كان الرجال من المسلمين يضعون غطاء الشعر " الطاقية" من شأنه, عندالصلاة.
وفى معنى جعل شعر المرأة المسلمة عند الصلاة أمرًا واجبًا فقد روى عن النبى أنه قال:" لاتقبل صلاة الحائض ( المرأة البالغ ) إلا بخمار", أخرج الحديث أبوداود وابن حنبل وابن ماجه والترمذى [ مفتاح كنوز السنة ـ ص 168 ]. ويعني ذلك ضرورة أن تضع المرأة البالغ غطاء على شعرها أثناء الصلاة, هو ما يعرف بالخمار أو الطرحة [ المعجم الوسيط, مادة طرحة ].
وهذا الحديث :" لاتقبل صلاة الحائض ( المرأة البالغ ) إلا بخمار" يضعّف من ( أى يُضعف من شأن ) الحديث المروى عن النبى :" لا يصلح لامرأة عركت ( أى بلغت ) أن تظهر منها إلا هذا وهذا .. وأشار إلى كفيه ووجهه " [ رواه أبو داود فى سننه ], فلو أن الأصل أن تضع المرأة غطاء على رأسها عمومًا, لما كانت ثمة وصية ـ ولا مناسبة ـ لأن يُطلب منها وضع خمار على رأسها أثناء الصلاة. فحديث الخمار يفيد أن المرأة لم تكن دائمًا وأصلاً تضع على رأسها, وأن الحديث يوصي بأن تضع خمارًا على رأسها ( لتغطي شعرها ) وقت الصلاة, ووقت الصلاة فقط.
ومما يزيد تضعيف ( أى ضَعّف ) حديث حديث :" لايصلح لامرأة عركت ( أى بلغت ) أن تظهر منها إلا هذا وهذا " أن هذا الحديث أخرجه أبو داود فى سننه ( وهى سنن لم تعن بالتشدد فىرواية الحديث ) ولم يخرجه أى عالم آخر من علماء الحديث, فى حين أن حديث " لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار" حديث أخرجه ابن حنبل فى السند وابن ماجه والنرمذى, أى أن الذى أخرج هذا الحديث الأخير أربعة من علماء الحديث. بينما لم تخرج الحديث السالف " لا يصلح لامرأة عركت.." إلا واحد فقط, والحديثان مع ذلك لم يخرجهما البخارى فى صحيحه ( أصح كتب الأحاديث ). وأبو داود, عندما أخرج الحديثين معًا فى سننه, لم يلحظ ما يمكن أن يكون بينهما من اختلاف, ولم يحاول أن يحدد سببًا, أو حالة, لإعمال كل حديث منهما.
ومع أنه فى رأينا ـ كما سبق وبينا فى مقال سابق ـ أن آية الخمار : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن } [ سورة النور 24: 31], هذه الآية ـ وفقًا لأسباب التنزيل ـ تتعلق بتعديل عُرف كان جاريًا وقت التنزيل, إذ كانت بعض النساء يضعن أقنعة على رؤوسهن تتدلى منها الأخمرة فيسدلنها وراء ظهورهن ومن ثم يظل الصدر بارزًا عاريًا, ولذلك فقد امرن بلىّ الأخمرة على صدورهن ـ بدلاً من إسدالها وراء ظهورهن ـ حتى يتغطى الصدر ( وهو عورة ), مع أن أسباب التنزيل تفيد هذا المعنى, إلا أنه ـ لمن لا يريد أن يأخذ بذلك ـ يمكن اعتبار الآية السالفة والحديث الخاص بالخمار متكاملين معًا, بحيث يكون المعنى أن على المرأة البالغ أن تضع خمارًاعلى رأسها وقت الصلاة ( عملاً بالحديث ) وأن تضرب بالخمار على جيبها حتى لايظهر صدرهها ( عملاً بالآية ), وبذلك يزول أي تعارض بين الآيات القرآنية والأحاديث المروية عن الرسول, وتتكامل الآية والحديث معًا ليفيدا وضعًا معينًا.
ويُستفاد من استقراء أوضاع الحياة الجارية فى عصر ما قبل الإسلام وفى وقت التنزيل, وفى صدرالإسلام, أن الزي واللباس كانا عادات اجتماعية ومواضعات عرفية, لا تتصل بالدين ولا تتعلق بالشريعة ( فيما عدا الاحتشام والتعفف والتطهر ), وأنه كان ثم نساء منقبات, وأخريات مقنعات, وغيرهن مستخمرات ( يضعن الأخمرة ), وباقهين سافرات, والأدلة على ذلك لا تقع تحت حصر. وقد ظلت هذه الأحوال مستمرة حتى انتهت وخاصة في مصر, إلى أن تصبح دليلاً على عمر المرأة أو شارة إلى وضعها الاجتماعي, فالمرأة المسنة كانت تضع الغطاء على شعرها دائمًا, أو على الأقل عند مقابلة الرجال, تواضعًا وإبرازًا لكبر سنها, ونساء الطبقة الوسطى الدنيا والطبقة الكادحة كن يغطين شعورهن بمنديل ( يسم منديل أبو قوية ), والفلاحات كن يضعن الطُرح ( الأخمرة ), وسيدات الأسرة المالكة كُن يلبسن غطاء للشعر وحول الرأس, أبيض اللون غير مزركش ( بالتركية : يشمك ) دليلاً على وضعهن الملكي.
وهذا الزي مأخوذ عن ذات الزي الذى كانت تضعه سيدات أسرة الخليفة العثمانى, لأن أصله بيزنطي ( من القسطنطينية أو الأستانة ) كما أنه كان منتشرًا في فارس ثم انتشر فى روسيا القيصرية حتى ثورة 1917. وهذا الزي بعينه هو ما ارتدته النساء التركيات ليتميزن به عن الأرمينيات, قبل هجرة الأرمن من تركيا.
أما عن الرجال ـ وخاصة فى مصر ـ فقد كانوا, حتى وقت غير بعيد, يلتزمون وضع أغطية على الرؤوس, طرابيش أو عمائم أو طواقي أو ما ماثلها, لتغطية الرأس.
ولم يكن من المقبول أو المسموح, أن يقابل شخص رئيسًا أو حاكمًا أو أن يدخل إلى محكمة أو يصلي فى مسجد أو فى خلوة, دون أن يضع غطاء للرأس ـ يختلف باختلاف وضعه ـ دليلاً على تقديره لنفسه ورمزًا لتوقيره للسلطة الأعلى, ودلال على اتضاعه أمام الله وفى حضرته عند الصلاة. وفى هذا المعنى, كان رفع غطاء الرأس أمام الرؤساء والحكام والقضاة ومن ماثلهم يعتبر إهانة يعاقب عليها أو تفقده بعض اعتباره.
إن مسألة الزي والملبس من مسائل العادات والتقاليد التي تضرب بأصولها في مجتمعات بعيدة وأعراف قديمة, وتتداخل وتتشابه رغم اختلاف المعتقدات والشرائع. فالسيدة بناظير بوتو رئيسة وزراء باكستان تضع على رأسها خمارًا يغطى النصف الخلفي من شعر رأسها ويبرز النصف الأمامي, وهو بذاته الخمار الذي كانت تضعه ـ وبنفس الطريقة السيدة أنديرا غاندى رئيسة وزراء الهند, وهذا الخمار يعتبر فى جانب زيًا إسلاميًا بينما هو فى الجانب الآخر زيًا هندوسيًا, وهو فى الحقيقة عرف فى شبه الجزيرة الهندية, يشترك بين المسلمين وغير المسلمين, وزي الرجال الباكستانى ( المعطف الطويل والسروال الطويل ) يُعد لدى البعض زيًا إسلاميً مع أنه نفس لا الزي الذي يضعه الرجال الهنود ( الهندوسيون ). فهو زي قومي وليس لباسًا دينيًا.
وقد كان الأصل, والفرض, أن يفهم الناس الحقيقة, ويضعون خطوطًا فاصلة بين ما هو من الدين وما ليس منه, ما يكون من الشريعة وما لا يكون منها, غير أن الاتجاهات السياسية من جانب, وتصدير بعض البلاد النفطية لعاداتها الاجتماعية من جانب آخر, ووعاظ الفتنة ودعاة البلبلة من جانب ثالث, كل هذه العوامل وغيرها تفاعلت معًا ـ إن بوعى وإن بعدم وعى ـ لتفرض على النساء تغطية شعر الرأس زعمًا بأن ذلك عمل إسلامي, مع ترك زينة الوجه, ووضع الأصباغ والمساحيق, بل ووضع غطاء للرأس مزركش ومدندش ومتخايل, مما ينفى حكمة الغطاء ويحوله إلى سبب للزهو والخيلاء بدلاً من أن يكون داعيًا للزهد والاتضاع.
والدليل على أن وضع غطاء الرأس ـ يسمى خطأ بالحجاب ـ عمل سياسى أكثر منه عملاً دينيًا, أنه يُفرض على الفتيات الصغيرات ( دون البلوغ ) مع أنه إذا أخذ بالنص الدينى فعلاً, فإنه يقتصر على النساء البالغات فقط. لكن القصد هو استغلال الدين لأغراض سياسية واستعمال الشريعة فى أهداف حزبية, بنشر ما يسمى بالحجاب, حتى بين الفتيات والصبيات دون البلوغ, لكى يكون شارة سياسية وعلامة حزبية على انتشار جماعات الإسلام السياسى وذيوع فكرها حتى وإن كان مخالفًا للدين, وشيوع رموزها مهما كانت مجانية للشرع.
الخلاصة
ويخلص من ذلك كل ذلك ما يلى
أولاً : أن شعر المرأة ( وشعر الرجل ) لايعتبر عورة أبدًا فى المفهوم الدينى الصحيح والتقدير الشرعى السليم.
ثانيًا : نشأ فكر قديم ـ لدى المصريين القدماء ـ بأن الشعر هو مظهر القوة ورمز الافتخار, وانتشر هذا الفكر فى العالم القديم مما أدى إلى أن يضع الرجال ـ فى كثير من الحضارات ـ أغطية على رؤوسهم ( طاقية أو طربوش أو عمامة أوغيرها ), وخاصة أمام الرؤساء والحكام والقضاة وعند الصلاة علامة على توقير الأعلى سطوة والأرفع سلطة وأسلوبًا لبيان الضعف الإنسانى والاتضاع الفردى أمام الله سبحانه ( عند الصلاة ) وكانت النساء يضعن أخمرة ( طرحًا ) على رؤوسهن لذات الغرض ونفس الهدف.
ثالثًا : الحديث الذى روى عن النبى ويقول :" لا يصلح أن يُرى فيها إلاهذا وهذا, وأشار إلى وجهه وكفيه ", حديث آحاد لم يخرجه إلا أبو داود فى سننه ( وهى سنن لم تعن بصحة الإسناد أو سلامة المتن ) ولم يرد الحديث فى صحيح البخارى, أصح كتب الحديث.
رابعًا : يتعارض مع هذا الحديث حديث آخر روى عن النبى :" لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار " وهو حديث آحاد كسابقه أخرجه أبو داود ( مخرج الحديث السابق ) كما أخرجه ابن حنبل وابن ماجه والنرمذى, وهذا الحديث يعنى أن الأصل لم يكن أن تضع المرأة غطاء على شعرها, فى كل وقت, ولكنه يطلب منها أن تضع خمارًا على رأسها وقت الصلاة فقط.
خامسًا : هذان الحديثان هما من أحاديث الآحاد التى لا تؤسس بها فريضة دينية أو يقام عليها واجب دينى وإنما يعمل بها على سبيل الاستئناف والاسترشاد.
سادسًا : الزى والملبس من شئون الحياة التى تتشكل وفقًا للأعراف وتتحدد طبقًا للتقاليد ولا تتصل بالدين أو تتعلق بالشريعة إلا فى ضرورة أن تلتزم المرأة ( والرجل ) الاحتشام والتعفف والتطهر.
سابعًا : ليس من الدين ولا من الشريعة أن يُفرض غطاء على الرأس ـ حتى على الأطفال والأحداث ـ بزعم أن الشعر عورة مع إباحة الحق للمرأة فى أن تبدى زينتها فتضع الأصباغ والمساحيق والكحل والأقراط, ثم تضع غطاء للرأس مزركشًا زمدندشًا ومتبهرجًا.
وخلاصةالخلاصة أن شعر المرأة ليس عورة أبدًا, والذى يقول بغير ذلك يفرض من عنده ما لم يفرضه الدين, ويلزم الناس ما لا ينبغى أن تلتزموا به. ويغير ويبدل من أحكام الدين لجهل شخصى أو مصلحة سياسية أو أهداف نفطية.
هذه المقاله منقوله من كتاب حقيقة الحجاب وحجيةالحديث للكاتب المستشار / محمد سعيدالعشماوى و لمن أراد المزيد فالكتاب كاملا منشور فى موقعنا أهل القرآن فى باب كتاب أعجبنى.