مسؤول مصري: دفن الخنازير أحياء أثار علماء الدين.. فما رأيهم في قطع اليد والرجم وقطع الرأس في السعودية؟
الكاتب المحيط
الخميس, 21 مايو 2009 16:20
شن العديد من علماء الأزهر هجوماً عنيفاً على المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية، بسبب إساءته لهم ووصفهم بأنهم "قرأوا شريعة أخرى غير الإسلام"، بسبب رفضهم عمليات دفن الخنازير حية التى تقوم بها المحافظة، مؤكدين أن هذا الكلام "لا يصح أن يصدر مطلقاً عن مسؤول فى الدولة، وأنه من الأولى به أن يعكس صورة الإسلام السمحة بدلاً من إعادتنا لعصور الديكتاتورية والشمولية".
وكان المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية وجه انتقادات حادة إلى علماء الدين، الذين أدانوا إعدام الخنازير حية بالمواد الكيماوية، وقال: "إذا كانوا قالوا ذلك فما رأى فضيلتهم فى قطع اليد والرجم وقطع الرأس بالسيف كما يحدث فى السعودية، وما رأيهم فى أشياء أخرى كثيرة تقرها الشريعة الإسلامية".وتابع موجهاً حديثه لعلماء الدين: "ولا إنتوا درستوا شريعة أخرى؟".
وقال الدكتور منيع عبد الحليم محمود، الأستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إن عدلي حسين اتهم (حدود الله تعالى) بالقسوة، فى حين أنها تدافع عن المجتمع وتحميه، وهذا أمر خطير يجب عليه أن يتداركه فى نفسه ويستغفر الله تعالى عليه ويطلب الغفران من ربه".
ورفض محمود تصريحات المحافظ بشدة، وقال: "إن النبى صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" والمفترض هنا أن محافظ القليوبية راع،
إلا أنه بالوضع الذى نراه ما باله لم يقم برعاية محافظته من هذه الناحية، ويتخذ الإجراءات اللازمة من الناحية الصحية والعلمية فى التخلص من الخنازير برحمة ورفق باعتباره مسلماً يجب عليه أن يعكس سماحة ورحمة الإسلام بدلاً من هذه القسوة والوحشية".
وأضاف: "علماء الدين يقدمون الإسلام كما جاء فى شريعة الله سبحانه وتعالى، فإذا كانوا قد أرادوا أن يجنبوها ما يشاع عنها من القسوة، فهذا أمر يحمد لهم، ونحن أبرياء مما يفعل محافظ القليوبية من اتهاماته لعلماء الدين الذين قالوا الرأى الشرعى والفقهى".
من جانبه، قال الدكتور محمد رأفت عثمان، عضو مجمع البحوث الإسلامية ومجمع فقهاء الشريعة: "القيام بدفن الخنازير حية وحشية مقيتة ترفضها الشريعة الإسلامية، بل كل الشرائع الإلهية، وما قاله محافظ القليوبية عن علماء الدين وأنهم قرأوا شريعة أخرى غير الإسلام، كلام غير مقبول إطلاقاً، ولا ينبغى أن يصدر من شخصية مسؤولة فى الدولة".
د. محمد رأفت عثمان
وأضاف لصحيفة "المصري اليوم": "ينبغى أن يكون كلام محافظ القليوبية فى منتهى الرحمة والرقة وعدم الإساءة مطلقاً للعلماء وأصحاب الرأى، لأن من أبرز سمات الشريعة الإسلامية الرحمة بكل المخلوقات، سواء أكانت من البشر أو الحيوان أو النبات، ويبين ذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فى أن "امرأة دخلت النار فى هرة حبستها فلا هى أطعمتها ولا هى تركتها تأكل من خشاش الأرض".
وأكد عثمان أن الإحسان فى التعامل مع جميع الكائنات الحية تأمر به الشريعة الإسلامية وتنطق بذلك كلمات الرسول ص حتى فى العقوبة إذا وصلت إلى درجة القتل،
فقال: "إن الله كتب الإحسان على كل شىء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة"، وأضاف: "بل نهى النبى صلى الله عليه وسلم أن تكون السكين المستعملة فى ذبح الحيوان غير حادة، وأمر بأن تكون حادة حتى لا تؤدى إلى تعذيبه عند الذبح، فقال: "وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته".
وتابع عثمان: "وبالتالى فإن عملية إعدام الخنازير بهذه الصورة الوحشية تكون فى نظر الشرع (عملية آثمة) يتحمل من قام بها ومن أصدر أوامره بتنفيذها، وزر تعذيب حيوان دون مبرر، وكان يجب على من قام بذلك أن يختار وسيلة أخرى فيها رحمة ورفق، أما اللجوء لهذه الصورة الوحشية، فهو يخالف مخالفة شديدة ما حث عليه الشرع وأمر به من الرفق فى كل الأمور".
من جانبها، انتقدت الدكتورة سهير عبدالعزيز، الأستاذ بجامعة الأزهر، تصرفات المحافظ وإصدار أوامره بإعدام الخنازير حية، قائلة: "أرفض هذا الأسلوب الوحشى تماماً، وكان ينبغى أن يوفر المجازر لذبح الخنازير لأنه لا يجب على الإنسان أن يعلق خطأه على خطأ آخر".
تبريرات حسين مرفوضة
وكان عدلي حسين برر في وقت سابق عمليات إعدام الخنازير حية بواسطة مواد كيماوية، قائلا "إن عمليات الذبح بطبيعتها قاسية ولا يوجد ذبح رحيم".
ورفض علماء دين وبيطريون تبريرات حسين، وطالبوه بأن يراجع نفسه لأن الإسلام دين رحمة وإحسان وليس دين عنف وقسوة.
وقال الدكتور منيع ، إن على محافظ القليوبية أن يسأل علماء الدين فى الطريقة المُثلى لإعدام الخنازير فى حالة الرغبة فى التخلص منها بأسرع وقت ممكن ليضمنوا عدم نشرها أى وباء،
مؤكدًا أن إعدام الخنازير حية خطأ بشع، والمحافظ يحاول تبريره بكلمات إنشائية تضع الإسلام فى موقف حرج أمام العالم كله، خاصة أن الإسلام فرض علينا التعامل مع الحيوان برفق وإحسان وليس بعنف وقسوة.
واستنكر محمود قول عدلى حسين إنه لا يوجد قتل رحيم قائلا: يوجد ذبح رحيم، فالله سبحانه وتعالى خلق الحيوان للذبح وجعله يستكين لهذا، لذا يجب عليه أن يراجع تلك التصريحات.
من جانبه، قال الدكتور أحمد محمود كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: لا يوجد شىء اسمه لا يوجد قتل رحيم، وليس من المعقول أن يبيح أحدهم إعدام الخنزير حيًا، فالخنزير أولا وأخيرا حيوان له روح، فلماذا لم يفكر المحافظ فى تخديره قبل أن يتم استخدام هذا الأسلوب الهمجى، وتابع: "المحافظ يقول إللى هو عاوزه لكن الشريعة فوق كل شىء:.
بدوره، قال الدكتور عبد المعطى بيومى، عميد كلية أصول الدين السابق عضو مجمع البحوث الإسلامية: هذا المنهج الذى استخدمته الدولة للتخلص من الخنازير هو منهج همجى ووحشى وغير مطابق للشريعة الإسلامية والسنة المحمدية.
واشار بيومي إلى أن النبى، صلى الله عليه وسلم، قال فى حديثه الشريف: "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة"، وهو من آداب النبوة أن يحسن الإنسان لكل من يتعامل معه حتى ولو كان أثناء الذبح كأن يسن سكينه لئلا يؤذيه أثناء الذبح ويخفى سلاحه عن الحيوان المراد ذبحه لئلا يفجعه وهكذا، حتى وإن كان الحيوان المراد ذبحة خنزيرا لأن الحديث عام ويشمل كل حيوان خلقه الله.
إعدام الخنازير حيّة
وكانت " المصرى اليوم " رصدت بالصوت والصورة الإجراءات التى تنفذها الأجهزة، لإعدام الخنازير حية، باستخدام مواد كيماوية من مخلفات المصانع، ثم دفنها باستخدام الجير الحى.
وتبدأ الرحلة من زرائب الخصوص، حيث تنقل الخنازير إلى سيارات نقل كبيرة، وسط صرخات ودعوات أصحاب الحظائر، وتستغرق رحلة السيارات حوالى 3 ساعات للوصول إلى منطقة الإعدام، يتخللها نقل الخنازير إلى عربات اللورى.
ويمثل مشهد النقل إلى اللورى أول المشاهد ثقيلة الوطأة، إذ تفتح أبواب عربات النقل الخلفية وتدفع الخنازير بالعصى إلى رافعة اللورى، فيما يبادر بعض العمال إلى حمل الخنازير وإلقائها متراكمة فوق بعضها، ويرتفع صوت الحيوانات غير القادرة على التنفس، فيما يدهس كبيرها صغيرها.
ويمتلئ اللورى بـ 400 خنزير فى المتوسط، لينتقل إلى المدفن الصحى فى أبوزعبل، حيث تلقى على الخنازير داخل اللوارى مادة تشبه الرمال الناعمة من مخلفات مصانع " الشبة " ويعلو صوت تألم الخنازير من أثر المادة الحارقة، حتى يخمد تماماً، ويستغرق الأمر حوالى 30 أو 40 دقيقة حتى تموت الحيوانات، لتلقى بعد ذلك فى الحفر، وبعضها منتفخ أو ممزق الأحشاء، وتغطى الجثث بمادة الجير الحى قبل أن تردم.