• الفصـل الأول * الحياة السياسية في مصر القديمة من خلال آيات القرآن الكريم ...
ثانيا :
لمحات قرآنية عن الدولة المصرية في عصر يوسف عليه السلام
1 ـ رأينا إشارة قرآنية لعظمة الدولة المصرية منذ ا&aatilde;ية منذ القدم من خلال ورود كلمة (مصر) في القرآن ومن خلال الإشارة إليها علي أنها " الأرض " ، ومن الطبيعي أن هذه العظمة الدنيوية تتجلي أساسا في نظام الحكم السياسي وقوة الدولة المصرية القديمة .
والدولة المصرية القديمة (3200ـ2250) ق.م، بدأت بتوحيد القطرين ثم ازدهرت ثم انهارت، ولم يحدث وقت انهيارها أن استولي علي مصر عدو خارجي لأنه في ذلك الوقت السحيق لم توجد قوة تجرؤ علي إستغلال الضعف الداخلي في مصر .
ولذلك عادت مصر للإتحاد والقوة في عصر الدولة الوسطي ، إلا أن الإنهيار ما لبث أن لحقها ، وحينئذ ظهرت قوة خارجية استغلت ذلك الضعف فسيطرت علي مصر خصوصا في الدلتا ، وكان الرعاة الهكسوس هم تلك القوة الوافدة من الشرق .
ولذلك عادت مصر للإتحاد والقوة في عصر الدولة الوسطي ، إلا أن الإنهيار ما لبث أن لحقها ، وحينئذ ظهرت قوة خارجية استغلت ذلك الضعف فسيطرت علي مصر خصوصا في الدلتا ، وكان الرعاة الهكسوس هم تلك القوة الوافدة من الشرق .
وعاد الحكم المصري القوي بعد أن دحر أحمس الهكسوس وبدأت بذلك الدولة الحديثة التي بلغت عظمتها في عصر الرعامسة ..
2 ـ وقد تعرض القرآن الكريم للتاريخ المصري في مرحلتين هامتين تمثلان مرحلتي الحكم المصري الأصيل ومرحلة الحكم الوافد.
ففي قصة يوسف كان الهكسوس يحكمون مصر . وفي قصة موسي كان الفرعون ممثلا لمصر والمصريين ، والتاريخ المصري الطويل هو نتاج للحكم المصري الوطني والحكم الأجنبي المستعمر .
ومن إعجاز القرآن الكريم منذ 1400 عام أن يتحدث عن حاكم مصر في عصر يوسف بوصفه ( الملك) بينما يتحدث عن حاكم مصر في عصر موسي بأنه " فرعون" وأن تأتي الإشارات موحية بالاختلاف بين نظم الحكم في العصرين لتشير بأن كلا منهما يختلف عن الآخر..
في قصة يوسف وصف القرآن حاكم مصر وقتها بأنه الملك في خمسة مواضع ، ولم يصفه بالفرعون ، بينما ذكر القرآن فى قصة موسي لقب الفرعون(74) مرة ولم يذكره بأنه مجرد ملك.
3 ـ ويقول مؤرخو مصر القديمة أن الهكسوس لم يتركوا بمصر آثارا يمكن أن نستخلص منها شيئا عن نظام حكمهم ،الأمر الذي يجعل من الإشارات القرآنية عن ملك الهكسوس في مصر المصدر الوحيد المتاح ، علاوة علي أنه المصدر اليقيني الذي لاريب فيه في كل ما يخبر به من أقوال وأحداث.
ويمكن أن نتخيل شخصية الملك الهكسوسي من خلال قصة يوسف ، فهو ملك له " ملأ " أي مجلس مشورة يستشيرهم ، وإن كانت علاقته بذلك الملأ لا ترقي إلي العلاقة العضوية التي كانت بين فرعون موسي وملائه، فبينما يجد فرعون موسي كل التأييد من ملائه نري الملك الهكسوسى يفتقد حماس أتباعه حين قص عليهم رؤياه (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ، قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ) " يوسف 43 "
ومن دراسة النصوص القرآنية التي تتناول علاقة فرعون موسي بملائه يمكننا أن نتوقع رد فعل مناقضا ، فلو تخيلنا أن فرعون موسي قص علي ملائه رؤياه وقال لهم : (يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) لسارعوا بتفسير للرؤيا يعرفون أنه يتفق مع هوي الفرعون ، ولربما أحضروا له سريعا السحرة والمنجمين والعرافين . وما كانوا بالتأكيد سيقولون له في تثاؤب وكسل " قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ.. يوسف: 44 "
* * *
ومع ذلك فالملك الهكسوسي فى قصة يوسف كان لا يخلو من فراسة صادقة ومعرفة بأقدار الرجال ، ويتجلى ذلك في اختياره ليوسف الذي تم بعد تفكير ودراسة نعرفها من خلال الآيات . فالملك حين خاب أمله في الملأ الذي عجز عن تعبير رؤياه رشح له الساقي ـ زميل يوسف في السجن من قبل ـ يوسف ليأخذ منه تعبير الرؤيا ، وأرسله الملك إلي حيث يوسف في السجن ، ثم عاد الساقي بتفسير الرؤيا ، وعرضها علي الملك .
ويمكن أن نتخيل شخصية الملك الهكسوسي من خلال قصة يوسف ، فهو ملك له " ملأ " أي مجلس مشورة يستشيرهم ، وإن كانت علاقته بذلك الملأ لا ترقي إلي العلاقة العضوية التي كانت بين فرعون موسي وملائه، فبينما يجد فرعون موسي كل التأييد من ملائه نري الملك الهكسوسى يفتقد حماس أتباعه حين قص عليهم رؤياه (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ، قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ) " يوسف 43 "
ومن دراسة النصوص القرآنية التي تتناول علاقة فرعون موسي بملائه يمكننا أن نتوقع رد فعل مناقضا ، فلو تخيلنا أن فرعون موسي قص علي ملائه رؤياه وقال لهم : (يَا أَيُّهَا الْمَلأ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَاي إِنْ كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) لسارعوا بتفسير للرؤيا يعرفون أنه يتفق مع هوي الفرعون ، ولربما أحضروا له سريعا السحرة والمنجمين والعرافين . وما كانوا بالتأكيد سيقولون له في تثاؤب وكسل " قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلامِ بِعَالِمِينَ.. يوسف: 44 "
* * *
ومع ذلك فالملك الهكسوسي فى قصة يوسف كان لا يخلو من فراسة صادقة ومعرفة بأقدار الرجال ، ويتجلى ذلك في اختياره ليوسف الذي تم بعد تفكير ودراسة نعرفها من خلال الآيات . فالملك حين خاب أمله في الملأ الذي عجز عن تعبير رؤياه رشح له الساقي ـ زميل يوسف في السجن من قبل ـ يوسف ليأخذ منه تعبير الرؤيا ، وأرسله الملك إلي حيث يوسف في السجن ، ثم عاد الساقي بتفسير الرؤيا ، وعرضها علي الملك .
ولا بد أن الملك قد أدرك أن تعبير الرؤيا ليس مجرد كلام يقال علي عواهنه بل هو أمر خطير سيحدث في المستقبل ، وأنه ليس مجرد تفسير بل هو خطة متكاملة للمستقبل تستلزم استعدادا لسنوات المجاعة ، وتوفيرا من إنتاج المحاصيل في سبع سنوات من الرخاء ليستعين بها المصريون ومن حولهم في سبع سنوات أخري من المجاعة ،وأيقن الملك بعد تفكير أن الحل الأمثل هو أن يستدعي يوسف ويحرره من السجن ليستعين بمشورته.
وذلك الحرص علي الاستشارة والمشورة من جانب الملك الهكسوسي في قضية مصيرية تهم العامة والخاصة من الجوانب الإيجابية في شخصيته.
وأرسل الملك رسولا خاصا من لدنه إلي يوسف في السجن ، وذلك تكريم خاص ليوسف لا يحلم به سجين في تلك العصور . ولكن يوسف أصر أن يخرج من السجن وصفحته نقية من تلك التهمة الكاذبة التي ألصقوها به ظلما . وأدي ذلك الموقف من يوسف إلي تصعيد جديد آثار اهتمام الملك بيوسف أكثر ، ولا ريب أن الساقي قد حدث الملك من قبل عن شخصية يوسف من خلال احتكاكه به في السجن ، ثم جاء رفض يوسف للخروج من السجن إلا بعد إثبات براءته ليجعل الملك يقوم بنفسه بالتحقق من ملابسات الحادث الذي مضي عليه سنوات .
ولذلك فالملك يستدعي النسوة ويحقق معهن ويبدأ التحقيق باتهامهن بأنهن اللاتي راودن يوسف عن نفسه ، أي يبدأ التحقيق باتهامهن بدلا من اتهام يوسف ، أي أنه من البداية نصب الملك نفسه مدافعا عن يوسف البريء، ولذا يعترفن ببراءة يوسف وتعترف امرأة العزيز أمام الملك بأنها المذنبة .
وأرسل الملك رسولا خاصا من لدنه إلي يوسف في السجن ، وذلك تكريم خاص ليوسف لا يحلم به سجين في تلك العصور . ولكن يوسف أصر أن يخرج من السجن وصفحته نقية من تلك التهمة الكاذبة التي ألصقوها به ظلما . وأدي ذلك الموقف من يوسف إلي تصعيد جديد آثار اهتمام الملك بيوسف أكثر ، ولا ريب أن الساقي قد حدث الملك من قبل عن شخصية يوسف من خلال احتكاكه به في السجن ، ثم جاء رفض يوسف للخروج من السجن إلا بعد إثبات براءته ليجعل الملك يقوم بنفسه بالتحقق من ملابسات الحادث الذي مضي عليه سنوات .
ولذلك فالملك يستدعي النسوة ويحقق معهن ويبدأ التحقيق باتهامهن بأنهن اللاتي راودن يوسف عن نفسه ، أي يبدأ التحقيق باتهامهن بدلا من اتهام يوسف ، أي أنه من البداية نصب الملك نفسه مدافعا عن يوسف البريء، ولذا يعترفن ببراءة يوسف وتعترف امرأة العزيز أمام الملك بأنها المذنبة .
وبعد ذلك الموقف الفريد يمثل يوسف أمام الملك بعد أن استدعاه الملك للمرة الثانية، فيستجيب بعد أن حقق رغبته في تنقية صفحته واثبات براءته، ودار بينهما الحديث الذي كان الملك يتوق إليه وهو القائل عن يوسف : " وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي : يوسف 54 ". وبعد ذلك الحديث ازداد الملك اقتناعا بيوسف وإعجابا بشخصيته فأحله المقامة السامية في بلاطه ، وحينئذ يطلب يوسف بنفسه أن يكون مشرفا علي خزائن المملكة لأن لديه الخبرة التي تمكنه من الإشراف عليها خلال السنوات الحاسمة القادمة .
تلك هي الحقائق التاريخية عن ملك مصر الهكسوس والتي نستخلصها من سورة يوسف .
* * *
* * *
4 ـ ويقول مؤرخو مصر القديمة بأن الهكسوس لم يعاملوا المصريين إلا بالعنف والقسوة ، ولكن هذا الاتهام يعوزه الدليل الحاسم ، ولكن القرآن يعزز ذلك الرأي ..
فهناك شخص بريء دخل السجن ظلما ليستر فضيحة امرأة العزيز والنسوة المترفات في المدينة، وكل الذنب الذي وقع فيه يوسف عليه السلام أنه تمسك بالعفة مع تهديدهن له بالسجن إن لم يستجب لنزواتهن. "ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ : يوسف 35 "
وكان من الممكن أن ينسوا يوسف في السجن فيظل فيه إلي أن يموت لولا أن مسار الأحداث اتجه إلي رؤية الملك والتداعيات بعدها ..
ومن ذلك نفهم أن الطبقات الفقيرة في مصر كانت تدفع فاتورة الترف والانحلال الذي تعيشه الطبقة الحاكمة من الهكسوس ، وحين تمسك يوسف بعفته ولم يرضخ لنزوات امرأة العزيز ونساء الطبقة الراقية دفع الثمن من حريته، وكان ممكنا أن يبقي فيه إلي نهاية عمره .
ونلمح موقفا آخر يتجلى فيه ظلم الهكسوس للمصريين في قصة صاحبي يوسف في السجن. أحدهما خباز والآخر الساقي ، وقد دخلا السجن مع يوسف في نفس الوقت ، ولابد أن تؤسس هذه الزمالة بينهم صداقة . " وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ .. 36 يوسف " .
لقد رأي كلاهما رؤيامستوحاة من مهنته الأصلية ، فالخباز رأي أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ، والساقي رأي أنه يعصر خمرا.
لقد رأي كلاهما رؤيامستوحاة من مهنته الأصلية ، فالخباز رأي أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ، والساقي رأي أنه يعصر خمرا.
وتداعيات الأحداث تنبئنا بأنهما ينتميان لطبقتين مختلفتين ، فالساقي الذي حظي بعفو الملك لم يلبث أن أصبح ساقيا للملك وأشد الناس قربا منه حتى أنه يشترك في مداولات الملك مع الملأ، ولأنه من الطبقة العليا فإنه بمجرد العفو عنه وخروجه من السجن نسي يوسف ووعده ليوسف بأن يحدث الملك في قضيته ، وهو الذي يعرف أن يوسف مظلوم وأن الملك الذي يراه كل يوم ويستطيع الحديث معه متي شاء ـ يمكنه أن يرفع الظلم عن يوسف البريء المتهم في شرفه زورا.
وانشغل الساقي بهموم الطبقة العليا وحياة القصور ونسي ذكريات السجن والسجين المظلوم الذي كان يستضيء به في ظلمات السجن ، ولم يتذكره إلا عندما اقتضت مصلحة الملك ذلك عندما عجز الملأ عن تفسير الرؤيا. "وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ.. يوسف 45 "
والذي يعنينا هنا أن الساقي الذي ينتمي للطبقة الحاكمة قد خرج من السجن ووجد وظيفته في البلاط بجانب الملك ، هذا بينما الخباز المسكين يلقي حتفه مصلوبا ،والخباز بحكم مهنته لابد أن ينتمي للطبقة الشعبية . والمفهوم أن جريمته قد لا تتعدي السرقة مما تقع عليه يداه من دقيق وخبز . وذلك ما يعكسه المنام الذي رآه وهو يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ، أي أنه جوزي بسرقته الخبز فصلبوه بسبب ذلك ..
وانشغل الساقي بهموم الطبقة العليا وحياة القصور ونسي ذكريات السجن والسجين المظلوم الذي كان يستضيء به في ظلمات السجن ، ولم يتذكره إلا عندما اقتضت مصلحة الملك ذلك عندما عجز الملأ عن تفسير الرؤيا. "وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ.. يوسف 45 "
والذي يعنينا هنا أن الساقي الذي ينتمي للطبقة الحاكمة قد خرج من السجن ووجد وظيفته في البلاط بجانب الملك ، هذا بينما الخباز المسكين يلقي حتفه مصلوبا ،والخباز بحكم مهنته لابد أن ينتمي للطبقة الشعبية . والمفهوم أن جريمته قد لا تتعدي السرقة مما تقع عليه يداه من دقيق وخبز . وذلك ما يعكسه المنام الذي رآه وهو يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه ، أي أنه جوزي بسرقته الخبز فصلبوه بسبب ذلك ..
5 ـ وقد كان السجن هو المرحلة الأولي التي مر بها الخباز المسكين قبل أن يصلب ، ويبدو أن السجن كان ذا أهمية خاصة في تاريخ مصر القديمة ، فكلمة السجن ومشتقاتها لم ترد في القرآن الكريم إلا فيما يخص الأحداث الخاصة بمصر..
وإمرأة العزيز تهدد يوسف بالسجن أمام زوجها " قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : 25 يوسف "
وتهدده بالسجن أمام النسوة " وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ.. يوسف 32 "
ويرضي يوسف بالسجن "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ: يوسف 33 "
وتظل رابطة السجن قوية في نفس يوسف فيخاطب رفيقيه بقوله: "يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ : يوسف 39 " وحتى بعد أن أصبح يوسف عزيز مصر وله فيها مطلق السلطات فإن ذكريات السجن ظلت تلاحقه ، وهو في تمام النعمة يقول : "وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ :100 يوسف "
وارتبط السجن بالعذاب الجسدي والنفسي وذلك ما تلحظه في قول امرأة العزيز. "إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : يوسف 25 " ".لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ: 32 يوسف"
ويكفي في قسوة السجن أن يوسف قال للساقي الذي تنبأ له بالخروج. "اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ: 42 يوسف "
ونسي الساقي فلبث يوسف "فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ : 42 يوسف " .
وإمرأة العزيز تهدد يوسف بالسجن أمام زوجها " قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : 25 يوسف "
وتهدده بالسجن أمام النسوة " وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آَمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ.. يوسف 32 "
ويرضي يوسف بالسجن "قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ: يوسف 33 "
وتظل رابطة السجن قوية في نفس يوسف فيخاطب رفيقيه بقوله: "يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ : يوسف 39 " وحتى بعد أن أصبح يوسف عزيز مصر وله فيها مطلق السلطات فإن ذكريات السجن ظلت تلاحقه ، وهو في تمام النعمة يقول : "وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ :100 يوسف "
وارتبط السجن بالعذاب الجسدي والنفسي وذلك ما تلحظه في قول امرأة العزيز. "إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ : يوسف 25 " ".لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ: 32 يوسف"
ويكفي في قسوة السجن أن يوسف قال للساقي الذي تنبأ له بالخروج. "اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ: 42 يوسف "
ونسي الساقي فلبث يوسف "فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ : 42 يوسف " .
وظل السجن المصري مرعبا بعد يوسف . ففي قصة موسي نري الفرعون يهدده قائلا:
"لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ.. الشعراء 29 " .
6 ـ وإلي جانب الملك الهكسوسي نلمح وظيفة سياسية أخري رفيعة المنزلة وهي " عزيز مصر" وجاء هذا اللقب مرتين في حديث القرآن عن المرأة التي راودت يوسف عن نفسه وهي امرأة العزيز، وجاء مرتين وصفا للمكانة التي احتلها يوسف بعد أن مكن الله له في الأرض .
لقد عبر القرآن الكريم عن تخاذل شخصية عزيز مصر الذي تربي يوسف في بيته فجعله يتوارى خلف شخصية زوجته اللعوب "وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ.. يوسف 30" "قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ.. يوسف 51"
وعبر القرآن الكريم عن قوة شخصية يوسف حين تولي هذا المنصب بجدارة ، فقد قام يوسف بأعباء المنصب إلي درجة أن أخوته حين دخلوا عليه لم يعرفوه بينما عرفهم . "وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ : يوسف 58"
وقد أخذتهم هيبة يوسف فأخذوا يرجونه حين أخذ أخاه "قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ : يوسف 56 "
ثم حين رجعوا له قالوا خاضعين . "يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ: يوسف 88."
ومن خلال المهام التي قام بها يوسف تعرف أن منصب عزيز مصر هو الإشراف الكامل علي شئون مصر الزراعية والاقتصادية ، فبذلك المنصب مكن الله تعالي ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء . أو أن يوسف كان يشارك في حكم المملكة ونلمح ذلك من قوله وهو يشكر ربه تعالي: "ربِّ قَدْ آَتََيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ: يوسف 101" .
وكان المصريون في عصر يوسف يقولون عنه باللغة المصرية القديمة" عزيز مصر" وإلي عهد قريب كان من ألقاب التشريف أن يقال بالعربية التركية ( عز تلو) وبالعربية الفصيحة " صاحب العزة" .
7 ـ ونستفيد من النصوص القرآنية أن مصر في عصر الهكسوس كانت لها حدود شرقية تقوم عليها بوابات وحراسة ترصد القادم والداخل . وذلك تطور هام في الدولة المصرية القديمة يؤكد من أهميته أن الهكسوس وقتها حرصوا علي الإشراف علي الحدود المصرية الشرقية هذا مع ترحيبهم بالوافدين من آسيا بمثل ما فعلوه بأبناء يعقوب " إسرائيل" .
وقد كان دخول الحدود المصرية أمرا يستحق الإعداد والاستعداد، نلمح ذلك من قول يعقوب لبنيه " يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ: يوسف 67 " والتزم الأبناء بوصية أبيهم "وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا.. 68 يوسف "
ونفهم من ذلك أن الحدود المصرية الشرقية كانت لها بوابات متفرقة . وأن عليها حرساً شديدي الملاحظة ، وقد خشي يعقوب عليه السلام أن يرتابوا في أبنائه فيحدث لهم مالا تحمد عقباه فنصحهم بما يستطيع ولم يبق عليه إلا أن يتوكل علي الله ويسلم أمره إليه .
وحين قدم يوسف نفسه لأخوته وقال لهم " "وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ :يوسف 93 " سافر بعدها ينتظرهم عند الحدود المصرية الشرقية ، وهناك استقبل يوسف أبويه وأهله وساروا معه إلي مصر آمنين ، حيث لم يعد مجال للخوف من يعقوب علي أبنائه "فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ.. يوسف 99 " ،أي كانوا يطلقون علي العاصمة اسم ( مصر) .
ونفهم من ذلك أن الحدود المصرية الشرقية كانت لها بوابات متفرقة . وأن عليها حرساً شديدي الملاحظة ، وقد خشي يعقوب عليه السلام أن يرتابوا في أبنائه فيحدث لهم مالا تحمد عقباه فنصحهم بما يستطيع ولم يبق عليه إلا أن يتوكل علي الله ويسلم أمره إليه .
وحين قدم يوسف نفسه لأخوته وقال لهم " "وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ :يوسف 93 " سافر بعدها ينتظرهم عند الحدود المصرية الشرقية ، وهناك استقبل يوسف أبويه وأهله وساروا معه إلي مصر آمنين ، حيث لم يعد مجال للخوف من يعقوب علي أبنائه "فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آَوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ.. يوسف 99 " ،أي كانوا يطلقون علي العاصمة اسم ( مصر) .
لقد كانت الحدود المصرية الشرقية نقاط حراسة ضد البدو وعصاباتهم ، وكان لابد أن يحوط الشك بكل من يأتي من الصحراء. وقد حمد يوسف ربه فقال : "وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ.. يوسف 100" أي جاءوا بسلام ودخلوا من بوابات الحدود المصرية إلي مصر ـ أم الدنيا ـ بسلام آمنين .
وبذلك عاش بنو إسرائيل ـ أو يعقوب ـ في مصر واستمروا فيها إلي أن خرجوا مع موسي ..
وبنو إسرائيل لا علاقة لهم ـ من حيث الأصل العرقى ـ باليهود البيض في دولة إسرائيل اليوم الذين يمثلون في الحقيقة سلالة قبائل الخرز التي اعتنقت اليهودية في العصور الوسطي ثم هاجرت لأوربا ثم كونوا في العصر الحديث عماد دولة إسرائيل الراهنة .