سؤالان

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٠٧ - سبتمبر - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال الأول دخلت في نقاش مع أحد السلفيين حول حرمة تدمير التماثيل و قلت له بأنها أيات في الأرض من مخلفات الأمم السابقة و من الثرات العالمي و لا يجوز التخلص منها فأجابني بأن النبي إبراهيم عليه السلام قام بتدميرها وكذلك يجب فعل ذلك في كل زمان .. أرجو منكم فضيلة الدكتور توضيح هذه الفكرة وقد قلتم "أن القرآن الكريم يؤكد على اجتناب تلك الأصنام و الأنصاب ، لم يقل بهدمها أو تدميرها ،و انما مجرد اجتنابها و الابتعاد عنها ومعنى اجتناب الأصناب والأزلام ان تظل قائمة ولكن بدون قدسية ، وتلك هى روعة الاسلام ، فليست المشكلة فى الأنصاب والأزلام ، هى مجرد أحجار مصنوعة لا تدرى من أمرها شيئا" السؤال الثانى هل البارىء هو الذى يبرىء ؟
آحمد صبحي منصور

أجابة السؤال الأول عن التماثيل والأصنام

بورك فيك .

هذا السلفى يعبّر عن كل ما فى السلفية من حماقات وتناقضات . ونوضح ذلك فى الآتى :

1 ـ القصص القرآنى ليس للتشريع ولكن للعبرة وهى تعكس ما كان سائدا من ثقافات ، أما التشريع فيأتى بالأوامر والنواهى و الفرائض . وابراهيم عليه السلام قام بهدم الأصنام إلّا واحدا ، وهدفه إفحام قومه بالحجة وليثبت لهم أن آلهتهم الحجرية لا تستطيع الدفاع عن أنفسها و تحتاج لمن يعبدها أن يحميها من فئوس الهدم .

صاحبك السلفى لم يفهم هذا ، وهو يعتقد بتعميم تحريم كل التماثيل ، مع إن كلمة التماثيل وردت مرتين فى القرآن ، مرة بمعنى تماثيل الزينة العادية التى لا يتخذها أصحابها آلهة ، ومنها التماثيل التى كانت الجن تصنعها لسليمان عليه السلام : (( وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنْ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) ( سبأ ).

وجاءت مرة بمعنى التماثيل المقدسة أو الأصنام والأوثان كما فى قصة ابراهيم ، حيث جاءت بمعنى التماثيل ((وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) ( الأنبياء ) وبمعنى الأوثان والأصنام فقد قال ابراهيم لقومه : (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً(17) &&(وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (25) ( العنكبوت )  (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (74)  ) ( الأنعام )(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ   ) ( ابراهيم )(وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58)  ) ( الأنبياء )

الأمر الالهى لنا هو بإجتناب الأصنام والأوثان وكل ما يتم تقديسه من بشر وحجر .: ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) ( الحج ). 

والأمر بالاجتناب يعنى بقاء الشىء وليس تدميره .وكان بعض الصحابة يعبدون القبور المقدسة ، وجاءهم النهى أولا فى الآية السابقة من سورة الحج ، ثم جاءهم فى أواخر ما نزل فى المدينة . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91)( المائدة ). 

ومن العجيب إنهم يتطرفون فى تحريم الصور ، ويحكمون بتدمير التماثيل التى هى مجرد آثار لا يقدسها أحد ، وفى نفس الوقت يقدسون القبور المُقامة على جُثث وجيف ، أو على ذكرى لجُثث وجيف .

إجابة السؤال الثانى عن البارىء

( البارىء ) من أسماء الله حل وعلا الحسنى بمعنى ( الخالق ).  قال جل وعلا عن ذاته : ( هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِوَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ْ(24) الحشر )

وقال موسى عليه السلام لقومه : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمْ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) البقرة ) .

ولأنه جل وعلا هو البارىء فإننا نحن ( البرية ) أى المخلوقات ، سواء من كان كافرا أو متقيا.  قال جل وعلا : (  إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) البينة ) .

أما يبرىء فيعنى يشفى ، وكان هذا من الآيات التى منحها الله جل وعلا للنبى عيسى عليه السلام : ( وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ) (49) آل عمران )، ( إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنْ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي ) (110) المائدة )

اجمالي القراءات 1636