آحمد صبحي منصور
في
الثلاثاء ٣٠ - أغسطس - ٢٠٢٢ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
أقول :
1 ـ نشرت من قبل مقالا بعنوان : ( ايها العرقيون كونوا عراقيين ) ، أوضحت فيه أساس الأزمة ، وأساس الحل ، هو أن يترك العراقيون إنتماءاتهم المذهبية والدينية ، على قاعدة ( الدين لله والوطن للجميع ) ، التنوع العرقى والدينى والمذهبى يكون أساس القوة فى دولة علمانية ديمقراطية حقوقية . ولكنه يكون عامل تدمير وتقسم وهلاك فى ظل نظام مستبد .
ولكن الإنتماءات المذهبية فى العراق لا تزال هى الحاكمة ، لأن لها جذورا من العصر الأموى . بالتالى فلا يصح الكلام عن تآمر أمريكا ، لأن أمريكا لم تخلق الصراع الشيعى السنى . ربما تستغله لمصلحتها ، وليس هذا عيبا فى السياسة التى لا تلتزم بالأخلاق ، وإنما بالمصلحة . الرئيس الأمريكى يعمل لمصلحة بلده ، وليس لمصلحة شعب خارجى . اللوم يقع على أولى الأمر فى العراق ومصر وغيرها ، الذين يشترون السلاح الأمريكى والغربى ليرهبوا به شعوبهم، الذين يركبون شعوبهم ويركعون للغرب .
2 ـ 1 : هناك جزء عام يشترك فيه العراق مع دول أخرى فى نفس المنطقة ، دول تم تخليقها حديثا وخضعت طويلا لحاكم مستبد . بقتل هذا الحاكم أو بغيابه بأى صورة تتعرض الدولة الوليدة لاحتمالات التفكك والحرب الأهلية ، وتدخلات خارجية إقليمية ودولية ، وطالما تنشب الحرب فمن السهل أن يتأسس عليها إقتصاد حرب ، له مستفيدون فى الداخل والخارج ، من تجارة السلاح ..الى تجارة الأعضاء . انهارت دول مثل الصومال ، وتنهار دول مثل اليمن وليبيا وسوريا ، والعراق فى الطريق .
2 / 2 : الخاص بالعراق ، هو حدّة الصراع الشيعى السُنى مذهبيا ، وحدّة التنازع العربى الكردى وموقع العراق بين ايران وسوريا ، وعلاقاته المعقدة بينهما ، مع تعقيدات سياسية خارجية . كتم هذا كله صدام حسين بمعارك مع ايران وغزو الكويت ومذابح للشيعة والأكراد وحكم عسكرى فظّ ، لا تأخذه فى الظلم لومة لائم . سقط صدام وحوكم وأُعدم . وحرص الحاكم العسكرى الأمريكى على تسريح الجيش العراق ، وقام بمسرحية تحطيم أسلحة الجيش . تحول الجيش الى ميليشيات مسلحة طائفية ، وظهرت فى حوزتها الأسلحة ، وتقاتلوا فيما بينهم ، وظهرت داعش ، وانتهت ، ولم تنته أزمة العراق . لماذا ؟
2 / 3 ـ الشيعة العراقيون الذين إضطهدهم صدام حانت لهم فرصة الانتقام ليس من البعثيين وفلول صدام فقط ، بل من السنيين العراقيين . شيعة العراق ـ وهم أغلبية فى العراق ــ عاشت إضطهادا استمر قرونا من العصر العباسى ، ثم إن العراق يعتبره الشيعة فى العالم مركز التشيع ففيه كربلاء و( المراقد ) المقدسة للشيعة .
2 / 4 : ثم مجاورة العراق لايران أكبر دولة شيعية حريصة على التغلغل فى العراق والسيطرة عليه ، وفى وقت سبق كان العراق مع ايران منطقة واحدة متنازعا عليها ، وهى : العراق العربى والعراق العجمى الذى يعنى إيران ، وحكام متقاتلون بين هذا وذاك، وحدود تتغير لدويلات مؤقتة ومتحركة. لا يمكن فصل ايران والعراق إسترتيجيا ، الحاكم القوى فى ايران يطمع فى العراق إذا كان العراق ضعيفا ، والحاكم القوى فى العراق يطمع فى إيران إذا كانت فى وضع حرج وهشّ. هكذا كان العراق فى ظل الخلافة العباسية فى ضعفها ، ثم بعد سقوطها وانتقالها الى القاهرة المملوكية .
2 / 5 : هذا التاريخ الدامى أحياه صدام بحرب ايران واحتلال الكويت . فى هذه الظروف أصبحت كردستان العراق شبه مستقلة ، وأصبح السنة العراقيون مهمشين . وانفرد الشيعة بالحكم ، فتنافسوا وتصارعوا ونهبوا وتجريف ثروات العراق ، وأصبح بهم العراق على حافة حرب أهلية شيعية شيعية . الهدف هو أن يحتكر هذا أو ذاك مُلك وثروات العراق له دون رفيقه الشيعى .
3 : إنتهى صدام ، وحلّ محله عشرات من أمثال صدام من زعماء للشيعة تتنوع إنتماءاتهم ، ولكن يتفوقون على صدام فى الفساد . قاموا بسلب وتهريب ثروات العراق ، وهبطوا بشعب العراق كله الى الحضيض ، والذى ينجو من الحضيض هو الذى يحمل سلاحا وينضم الى هذا أوذاك .
4ـ لستُ متفائلا بحاضر العراق ، وحزين إذ أقول هذا . فالعراق ضمن تخصّصى العلمى فى التاريخ ، عايشت آلام شعبه من عهد الحجاج بن يوسف ، مرورا بتدمير بغداد على يد هولاكو ثم الدويلات المتنازعة بعده تحت حكام من أقذر الناس . وأعتبر صدام حسين أكثر منهم ورعا .
5 ـ أدعو الله جل وعلا أن يحفظ المستضعفين فى العراق وغير العراق ، وأن يدمر أكابر المجرمين فى العراق وغير العراق .