تفسير سورة البقرة2

رضا البطاوى البطاوى في الجمعة ٠٢ - أكتوبر - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

"وإذا قيل لهم أمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين "قوله وإذا قيل لهم أمنوا بما أنزل الله "يفسره قوله بسورة البقرة "وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله "فأمنوا تعنى اتبعوا المنزل من الله والمعنى وإذا قال المسلمون للقوم صدقوا بالذى أوحى الله ،وهذا يعنى أن المسلمين يطلبون من أهل الكتاب اتباع وحى الله المنزل ،وقوله "قالوا نؤمن بما أنزل علينا "يفسره قوله بسورة البقرة "بل نتبع ما ألفينا عليه أباءنا "فالإيمان بالمنزل عليهم فقط هو اتباعهم الأباء فى دينهم والمعنى قال القوم نصدق بالذى أوحى إلينا وهذا يعنى أنهم يصدقون بوحى الله المنزل عليهم فقط "ويكفرون بما وراءه "والمعنى ويكذبون بالذى بعده وهذا يعنى أن القوم يكذبون بالذى نزل بعد وحيهم وهو القرآن وقوله "وهو الحق من ربهم مصدقا لما معهم "يعنى وهو العدل مشابه للذى معهم ،وهذا يبين لنا أن القرآن وهو العدل وهو مشابه للوحى المنزل عليهم فى مصدره وأخباره ومعظم ما فيه من أحكام  وقوله "قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين"يفسره قوله بسورة آل عمران "قل قد جاءكم رسل من قبلى بالبينات وبالذى قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين "فالأنبياء(ص)هم الرسل والصادقين هم المؤمنين والمعنى قل لهم يا محمد لماذا ذبحتم رسل الله من قبل إن كنتم صادقين ؟والغرض من السؤال هو إخبار القوم أنهم غير مؤمنين أى مصدقين بوحى الله والسبب هو قتلهم رسل الله (ص)قبل وجود الرسول (ص)ومن ثم فهم كاذبون فى قولهم أنهم مؤمنون بالذى أنزل على رسلهم لأنهم لو كانوا مؤمنين بهم ما قتلوهم والمعنى وإذا قيل لهم صدقوا بما أوحى الرب قالوا نصدق بما أوحى إلينا ويكذبون بما بعده وهو العدل مشابه لما عندهم قل فلماذا تذبحون رسل الله من قبل إن كنتم صادقين ،والمخاطب هو النبى(ص).

"ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون "يفسر الآية قوله بسورة هود"ولقد أرسلنا موسى بآياتنا "وقوله بسورة النساء"ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات"فمجىء موسى (ص)بالبينات هو إرساله بالآيات واتخاذ العجل من بعده يعنى من بعد ما ذهب موسى (ص)للميقات وأنتم كافرون ،يطلب الله من رسوله (ص)أن يبين للقوم أن موسى (ص)لما أتى بنى إسرائيل فى عهده بالبينات وهى الآيات سواء وحى أو إعجاز كذبوها فعبدوا العجل من بعد ذهاب موسى (ص)للميقات وهم كفرة والمعنى ولقد أتاكم موسى (ص)بالآيات ثم عبدتم العجل بعد ذهابه للميقات وأنتم كافرون  والخطاب للنبى (ص)والمؤمنين وهو جزء من الآيات المتحدثة عما حدث من بنى إسرائيل فى عهد موسى(ص) وكذا ما بعده .

"وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما أتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين "قوله "وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور"يفسره قوله بسورة الأعراف"وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة "فالله فرض الميثاق وجبل الطور فوق رءوس بنى إسرائيل كالمظلة والمعنى وقد فرضنا عليكم عهدكم ووضعنا جبل الطور على رءوسكم ،وقوله "خذوا ما أتيناكم بقوة واسمعوا"يفسره قوله بسورة الأعراف"خذوا ما أتيناكم بقوة واذكروا ما فيه "فالأخذ بقوة هو السماع أى الذكر وهو طاعة حكم الله والمعنى أطيعوا الذى أوحينا لكم بعزم أى اتبعوا الوحى ،وقوله "قالوا سمعنا وعصينا "يبين لنا أنهم قالوا فى العلن سمعنا وأطعنا ولكن فى سرهم قالوا سمعنا وعصينا والمعنى قالوا عرفنا وخالفنا فى أنفسهم ،وقوله "وأشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم"يعنى وأحبوا فى أنفسهم العجل بظلمهم وهذا يبين لنا أن القوم قد أحبوا فى نفوسهم عبادة العجل نتيجة كفرهم أى تكذيبهم بميثاق الله ،وقوله "قل بئسما خلفتمونى من بعدى "وقوله بسورة البقرة "إن كنتم صادقين "فما أمرهم به إيمانهم هو ما خلفوا موسى (ص)فيه وهو عبادتهم للعجل ومؤمنين تعنى صادقين والمعنى قل يا محمد ساء الذى يطالبكم به تصديقكم إن كنتم صادقين ،ومعنى الآية وقد فرضنا عهدكم ووضعنا أعلاكم الجبل أطيعوا الذى أعطيناكم بتصديق له واتبعوا قالوا عرفنا وخالفنا وأحبوا فى أنفسهم العجل بتكذيبهم لحكم الله، قل ساء الذى يطالبكم به تصديقكم إن كنتم مصدقين بحكم الله ،وهذا يعرفنا أن الله فرض على القوم الميثاق وهو واضع الجبل على رءوسهم فقالوا علنا خوفا من سقوط الجبل عليهم :سمعنا وأطعنا وفى سرهم قالوا سمعنا وعصينا والسبب أنهم فضلوا عبادة العجل على عبادة الله فى نفوسهم ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يوضح لهم أن الذنب الذى يريدون أمر قبيح أى سيىء إذا كان إيمانهم يأمرهم به من دون طاعة حكم الله ونلاحظ أن أول الآية حتى كلمة قل هو حكاية عما حدث من بنى إسرائيل وأما بقية القول من عند قل فهو خطاب للنبى(ص) فى موضوع أخر لم تذكر بقيته وله علاقة بالمؤمنين أو بمن يدعى الإيمان وهم المنافقون ومن ثم فأول الآية محذوف وهو يتكلم عن الذنب الذى هو بئس ما يأمرهم به إيمانهم  .

"قل إن كانت لكم الدار الأخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين "يفسره قوله بسورة البقرة "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى "وقوله بسورة الجمعة "قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين "فمعنى أن الدار الأخرة وهى الجنة لهم هو أنهم أولياء الله المستحقون وحدهم للجنة ومعنى الآية قل لهم يا محمد إن كانت لكم جنة الأخرة لدى الله خاصة من غير الخلق فاطلبوا الوفاة إن كنتم مؤمنين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يطلب من أهل الكتاب أن يتمنوا الموت وهو الوفاة فى الدنيا إن كانوا محقين فى زعمهم أن الجنة لهم لن يدخلها أحد غيرهم من الناس لأن الوفاة ستدخلهم إياها .

"ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين "قوله "ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم "يفسره قوله بسورة البقرة "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة"و"بما كسبت قلوبكم"فعدم تمنى الموت إطلاقا هو حرصهم على الحياة وتقديم الأيدى وهى النفوس هو كسبها أى كفرها والمعنى ولن يطلبوا الوفاة دوما بما كفرت أنفسهم  ،يبين الله لنا أن سبب عدم تمنى القوم الموت هو ما قدمت أيديهم أى ما صنعت أنفسهم وهو كفر الأنفس بحكم الله وقوله "والله عليم بالظالمين "يفسره قوله بسورة البقرة "والله محيط بالكافرين "فالعليم هو المحيط والكافرين هم الظالمين والمعنى والله عارف بأعمال الكافرين وهذا يعنى أنه لا يخفى على الله شىء ومعنى الآية ولن يطلبوا الوفاة فى الدنيا بسبب ما كفرت أنفسهم والله عارف بعمل الكافرين  ،والخطاب هنا للنبى(ص)كما فى القول قبله وبعده.

"ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون "قوله "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا "يفسره قوله بسورة البقرة "ولن يتمنوه أبدا "فالحرص على الحياة هو عدم تمنى الموت والمعنى ولتعرف اليهود أحفظ الخلق لحياتهم ومن الذين كفروا،يبين الله لنبيه (ص)أن اليهود والذين أشركوا وهم أصحاب كل دين ضال يعملون على الحفاظ على حياتهم بكل السبل ،وقوله "يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر "يفسره قوله بسورة آل عمران "فمن زحزح عن النار "فالعذاب هو النار والمعنى يحب أحدهم لو يعيش ألف سنة وما هو بمبعده من النار أن يعيش ،يبين الله لرسوله (ص)أن اليهود والمشركين لن ينقذهم من النار أن يعيشوا ألف سنة والعدد هنا يعنى أطول فترة ممكنة للحياة فمهما عاشوا فمصيرهم بعد الموت هو دخول النار "وقوله "والله بصير بما يعملون "يفسره قوله بسورة البقرة "والله بما تعملون خبير "وقوله بسورة النمل"إنه خبير بما تفعلون"فالبصير هو الخبير وتعملون تعنى تفعلون والمعنى والله عليم بما يصنعون ومعنى الآية ولتعرفن اليهود أحفظ الخلق لذواتهم وأيضا الذين كفروا يحب الواحد منهم لو يعيش ألف سنة وما هو بمبعده عن النار أن يعيش أطول فترة ممكنة والله خبير بالذى يفعلون .

"قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين "قوله "قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله "يفسره قوله بسورة الشعراء"نزل به الروح الأمين على قلبك "فجبريل (ص)هو الروح الأمين والمعنى يا محمد قل من كان كارها لجبريل(ص)فإن الله كاره له فإنه ألقى الوحى فى نفسك بحكم الله،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لليهود أن من يعادى جبريل(ص)أى يكرهه فإن الله يعاديه ويبين لنبيه (ص)أن جبريل(ص) قد أوحى الوحى فى نفسه بحكم الله حتى يحكم به وقوله "مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين"يفسره قوله بسورة المائدة "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب"وقوله بسورة البقرة "هدى للمتقين "وقوله بسورة النحل"وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين "فتصديق ما بين يديى الله هو تصديق أم الكتاب الذى عنده فى الكعبة والمؤمنين هم المتقين هم المسلمين والهدى هو الرحمة هو البشرى والمعنى مطابقا للذى عنده ورشاد أى رحمة للمصدقين به وهذا يعنى أن القرآن مشابه للذى عند الله فى أم الكتاب لا ينقص ولا يزيد وهو هدى أى بشرى والمراد طريق يوصل إلى رحمة الله التى هى نصيب المسلمين ومعنى الآية قل يا محمد من كان باغضا لجبريل(ص)فالله يبغضه وإنه أوحى الوحى فى نفسك بأمر الله مشابها للذى عنده فى أم الكتاب وهو رحمة أى نفع للمسلمين ،والخطاب هنا للنبى (ص)وكذا ما بعده.

"من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين "يفسره قوله بسورة المؤمنون "وأكثرهم للحق كارهون"وقوله بسورة فاطر"ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا "فعداوة الكفار لله وملائكته ورسله وجبريل (ص)وميكال(ص)هى كرههم للحق وعداوة الله للكفار هى مقته لهم والمعنى من كان كارها لله وملائكته ورسله (ص)وجبريل (ص)وميكال (ص)فإن الله كاره للمكذبين ،يطلب الله من رسوله (ص)أن يبين للكفار أن عداوة الله وهى تكذيبهم لدين الله وعداوتهم للملائكة وجبريل (ص)وميكال (ص)هى بغض نفسى لأنهم لا يقدرون على فعل أذى لهم وعداوتهم للرسل (ص)هى عداوة نفسية تظهر على اللسان وفى الفعل فالنفس تكره واللسان يكذبهم والفعل يؤذى النفس والبدن وأما عداوة الله للكافرين فهى إذلاله لهم فى الدنيا وإدخالهم النار فى الأخرة .

"ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون"يفسره قوله بسورة الشورى "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا "وقوله بسورة فاطر"والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق"وقوله بسورة العنكبوت"وما يجحد بآياتنا إلا الكافرون"فأنزلنا تعنى أوحينا والآيات البينات هى الروح هى الكتاب ويكفر تعنى يجحد والفاسقون تعنى الكافرون والمعنى ولقد أوحينا لك أحكام واضحات وما يكذب بها إلا الكافرون ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أنزل أى أوحى له الآيات البينات وهى الكتاب وهو بين أى واضح أى مفهوم لكل واحد ولكن من يريد الكفر هو الذى يتعمد عدم فهمه ،والخطاب هنا للنبى(ص) .

"أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريقا منهم بل أكثرهم لا يؤمنون"يفسره قوله بسورة الأعراف"وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقون "فنبذ القوم للعهد هو ترك الكثير منهم لما وافقوا عليه من أحكام إلهية وكون أكثرهم لا يؤمنون يعنى أن أكثرهم فاسقين والمعنى هل كلما فرضوا على أنفسهم ميثاقا نقضه جمع منهم ؟ إن معظمهم لا يصدقون الحق ،وهذا يعرفنا أن الله يحذر المسلمين من اليهود حيث أنهم ينقضون كل العهود بدليل أنهم نقضوا كل العهود التى سبق ووافقوا عليها ولذلك فإن معظم اليهود لا يسلمون وإنما يكفرون والخطاب هنا للمؤمنين عن اليهود فى عهد النبى(ص) وكذا ما بعدها.

"ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم  نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون "قوله "ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم "يفسره قوله بنفس السورة "ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم"فالرسول الذى جاءهم هو الكتاب والمعنى ولما أتاهم وحى من لدى الله مشابه لما عندهم "نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون"ويفسر الجزء قوله بنفس السورة "فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به"فنبذ كتاب الله هو الكفر به والمعنى فتركت جماعة من الذين أعطوا الوحى وحى الله خارج أنفسهم كأنهم لا يعرفون بصدقه ،وهذا يعنى أن جماعة من أهل الكتاب تركت التصديق والعمل بكتاب الله والتعبير بوراء الظهور يعنى أنهم أخرجوا الإيمان به خارج قلوبهم التى هى ظهورهم ومعنى الآية ولما أتاهم كتاب من لدى الرب مشابه للذى عندهم أخرجت جماعة من الذين أعطوا الوحى وحى الله خارج أنفسهم كأنهم لا يعرفون الحق مصداق لقوله بسورة البقرة "وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق"،يبين الله لنا أن أهل الكتاب لما أرسل لهم القرآن يؤمن بما فى كتب الله المنزلة عليهم تركت جماعة منهم تصديق وطاعة كتب الله تركا متعمدا حتى يكفروا بالقرآن .

"واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له فى الأخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون "قوله "واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان "يفسره قوله بسورة النساء "ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت "فما تتلوا الشياطين هو الجبت والطاغوت والمعنى وأطاعوا الذى تقول الكفار عن ملك سليمان (ص)،يبين الله لنا أن اليهود قد اتبعوا أى أطاعوا ما تتلوا الشياطين عن ملك سليمان(ص)وهو الذى افترى الكفار عن كيفية امتلاك سليمان (ص)لدولته بكل ما فيها من أشياء خارقة ،وقوله "وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت "يعنى وما كذب سليمان (ص)ولكن الكفار كذبوا يعرفون الخلق الخداع أى الذى أوحى للحاكمين فى بابل هاروت (ص)وماروت (ص)،يبين الله لنا أن سليمان (ص)لم يكفر أى لم يجحد دين الله فقد مات مسلما بدليل قوله بسورة النمل "وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين "ويبين الله لنا أن الكفار قد كذبوا بدين الله وهم يعلمون الناس السحر أى وهم يعرفون الخلق الخداع وهو المنزل  على الملكين وهم من الملوك الرسل هاروت (ص)وماروت(ص)وكانا ملكين أى حاكمين على دولة بابل ولم يكونوا من الملائكة لأن الملائكة لا تنزل الأرض خوفا مما قد يحدث لها مصداق لقوله بسورة الإسراء" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"،وقوله"وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر"يعنى وما يعرفان من إنسان حتى يعظاه إنما نحن بلاء فلا تكذب ،يبين الله لنا أن ماروت(ص)وهاروت (ص)لا يعلمان إنسان السحر حتى يقولا له قبل التعليم:إنما نحن فتنة أى بلاء أى اختبار فلا تكفر أى تكذب بدين الله بالعمل بالسحر  وهذا يعنى حرمة العمل بالسحر ،وقوله "فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه "يعنى فيعرفون منهما الذى يباعدون به بين الإنسان وامرأته وهذا يعرفنا أن من ضمن السحر فن إيقاع الخلاف بين الرجل وزوجته حتى يتم الطلاق بينهما وكان من ضمن ما أنزله الله على الملكين ،وقوله "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله "يعنى وما هم بمؤذين به من أحد إلا بأمر الله ،وهذا يعنى أن فن السحر لا يوقع الخلاف بين الأزواج إلا إذا شاء الله أى شاء الزوجين بغباءهما الخلاف مصداق لقوله بسورة الإنسان "وما تشاءون إلا أن يشاء الله "،وقوله "ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم "يعنى ويعرفون الذى يؤذيهم ولا يفيدهم وهذا يعرفنا أن السحر يؤذى من يستعمله ولا يفيده أخرويا ،وقوله "وما له فى الأخرة من خلاق"يفسره قوله بسورة الشورى "وما له فى الأخرة من نصيب "فالخلاق هو النصيب والمعنى ولقد عرفوا أن من استخدمه ليس له فى الجنة مقام ،يبين الله لنا أن الملكين علموا السحرة أن من يستعمل السحر لا يدخل الجنة وإنما يدخل النار وقوله "ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون "يفسره قوله بسورة المائدة "لبئس ما قدمت لهم أنفسهم "فما شروا به أنفسهم هو ما قدمت أنفسهم لهم والمعنى وقد ساء الذى باعوا به ذواتهم لو كانوا يعرفون الحق ،يبين الله لنا أن السحر الذى شرى به السحرة أنفسهم هو شىء سيىء لأن عقابه النار لو كانوا يعرفون الحق ومعنى الآية وأطاعوا الذى تفترى الكفار عن حكم سليمان(ص)وما كذب سليمان (ص)ولكن الكفار كذبوا يعرفون الخلق الخداع والذى أوحى إلى الحاكمين ببابل هاروت (ص)وماروت(ص)وما يعرفان من إنسان حتى يقولا إنما نحن بلاء فلا تكذب فيعرفون منهما الذى يباعدون به بين الرجل وامرأته وما هم بمؤذين به من أحد ويعرفون الذى يؤذيهم ولا يفيدهم ولقد عرفوا لمن عمل به ما له فى الجنة من مقام وساء ما قدموا لأنفسهم لو كانوا يعرفون الحق .

"ولو أنهم أمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون "يفسره قوله بسورة الأعراف "لو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض "وقوله بسورة يوسف "ولدار الأخرة خير للذين اتقوا "وقوله بسورة القصص "ويلكم ثواب الله خير لمن أمن وعمل صالحا "فالإيمان والتقوى هما الإيمان والعمل الصالح فى القصص والمثوبة هى الدار الأخرة وبركات السماء والأرض ومعنى الآية هو ولو أنهم صدقوا بوحى الله وأطاعوا لرحمة من لدى الله أفضل لو كانوا يعرفون الحق ،يبين الله للمؤمنين أن القوم  لو صدقوا بوحى الله واتبعوه فرحمة الله وهى ثوابه فى الدنيا والأخرة أحسن لهم من الدنيا لو كانوا يعرفون مصلحتهم  ،والخطاب للمؤمنين هنا.

"يا أيها الذين أمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم "قوله "يا أيها الذين أمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا "يفسره قوله بسورة النساء"ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم "وقوله بسورة الأحزاب "يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا "فعدم قول راعنا وقول انظرنا هو قول سمعنا وأطعنا وانظرنا هو القول السديد أى الصحيح والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تقولوا أعطنا الآن وقولوا ارحمنا دوما واتبعوا الحق وهذا يعنى أن الله يطلب من المسلمين ألا يطلبوا منه عطاء الدنيا وحده ويطلبوا عطاء الدنيا والأخرة وأن يسمعوا أى يتبعوا حكمه وقوله "وللكافرين عذاب أليم "يفسره قوله بسورة الأنفال"وأن للكافرين عذاب النار "وقوله بسورة البقرة "وللكافرين عذاب مهين "فالعذاب الأليم هو المهين هو عذاب النار والمعنى وللمكذبين حكم الله عقاب شديد ومعنى الآية يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تقولوا أعطنا الآن وقولوا أعطنا دوما وأطيعوا حكم الله وللمكذبين بحكم الله عقاب مهين ،والخطاب هنا للمؤمنين وكذا ما بعده.

"ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم "قوله"ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم "يفسره قوله بسورة آل عمران"ولا يحبونكم "وقوله بسورة محمد"ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله "فعدم ود الكفار لنزول الخير من الله على المسلمين هو عدم حبهم لهم  هو كراهيتهم للوحى المنزل من الله والمعنى ما يحب الذين كذبوا وحى الله من أصحاب الوحى السابق والجاعلين لله أندادا أن يوحى الله إليكم من نفع ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار يكرهونهم ولا يحبون أن يوحى الله إليهم الخير وهو النفع الممثل فى الوحى من عنده ويبين لهم أن الكفار قسمين أهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق والمشركين وهم الذين يعبدون مع الله آلهة أخرى وقوله "والله يختص برحمته من يشاء"يفسره قوله بسورة آل عمران "إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء"فالرحمة هى الفضل والاختصاص به هو إيتائه لمن يريد الله والمعنى والله يعطى نفعه من يريد ،يبين الله لهم أن رحمته وهى فضله أى خيره أى وحيه يعطيه لمن يريد من الخلق وهم هنا المسلمين وقوله "والله ذو الفضل العظيم "يفسره قوله بسورة الأنعام"وربكم ذو رحمة واسعة "فالفضل هو الرحمة والعظيم يعنى الواسع والمعنى والله صاحب الرحمة الكبرى ومعنى الآية ما يريد الذين كذبوا بحكم الله من أصحاب الوحى السابق والجاعلين لله شركاء أن يوحى الله لكم من نفع من وحيه والله يعطى وحيه من يحب والله صاحب الرحمة الكبرى .

"ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شىء قدير "يفسره قوله بسورة النحل"وإذا بدلنا آية مكان آية " وقوله بسورة البروج"فعال لما يريد"فالنسخ هو تبديل آية مكان آية وكون الله قدير على كل شىء هو أنه فعال لما يريد ومعنى الآية ما نثبت من حكم أو نمحوه نجىء بأفضل منه أو شبهه ،ألم تعرف أن الله لكل أمر يريده فاعل ؟يبين الله لنبيه (ص)أن القرآن قسمين قسم منه منسوخ أى مبدل حيث يضع الله حكم مكان حكم أخر وكلاهما ثابت فى القرآن ومنه قسم منسى أى ممحو تم محوه من ذاكرة النبى (ص)والناس وصحفهم ويبين له أنه قادر على كل شىء والمراد فاعل لكل أمر يريده والخطاب للنبى(ص) .

"ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير "قوله "ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض"يفسره قوله بسورة الحديد"ولله ميراث السموات والأرض"فالملك هو الميراث والمعنى ألم تعرف أن الله له حكم السموات والأرض؟يخبر الله الإنسان  وهو الكافر أنه مالك أى حاكم السموات والأرض ومن ثم فهو يفعل ما يريد من نسخ وانساء وغير ذلك لأنه حر فى ملكه وقوله "وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير"يفسره قوله بسورة الأنعام"ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع"فالولى هو النصير هو الشفيع والمعنى وما لكم من سوى الله من راحم أى ناصر،يبين الله للكفار أن ليس لهم من سوى الله ولى ينقذهم من عذابه فى الدنيا والأخرة ومعنى الآية هل لم تعرف أن الرب له حكم السموات والأرض وليس لكم من سوى الله من نصير أى منقذ وهذا القول هو أوله ألم تعلم محذوف بقيته بعد والأرض وهى خطاب لفرد وثانيه وما لكم خطاب لجماعة وهى تتحدث عن شىء تم حذفه وأتت بنتيجته عدم النصر والولاية    .

"أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل "قوله "أم تريدونه أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل"يفسره قوله بسورة النساء "فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة "فسؤال موسى (ص)فى البقرة هو سؤالهم أن يريهم الله جهرة والمعنى هل تحبون أن تطلبوا من نبيكم (ص)كما طلب بنى إسرائيل من موسى (ص)من قبل؟يبين الله للكفار ما يخفون فى أنفسهم وهو أنهم يريدون أن يطلبوا من محمد(ص)معجزات كما طلبوا من موسى (ص)قبل ذلك أن يريهم الله جهرة وغير ذلك من الطلبات وهذا تحذير لهم من الله حتى لا يطلبوا شىء وقوله "ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل "يفسره قوله بسورة البقرة "أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم "فتبديل الكفر بالإيمان هو شراء الضلالة بالهدى وضلال سواء السبيل هو عدم ربح تجارتهم والمعنى ومن يطع الباطل تاركا الحق فقد ترك نعيم الجنة ومعنى الآية هل تحبون أن تطالبوا مبعوثكم كما طولب موسى (ص)من قبل ومن يطع الباطل تاركا الحق فقد فقد نعيم الجنة ،والخطاب هنا للكفار.

"ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره إن الله على كل شىء قدير "قوله "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا"يفسره قوله بسورة آل عمران"ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم "وقوله بسورة النساء"ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء"فحبهم ردة المؤمنين عن إيمانهم هى حبهم لو يضلونهم عن الحق هى حبهم أن يكفروا كما كفروا هم والمعنى أحب بعض من أصحاب الوحى السابق لو يعيدونكم من بعد إسلامكم مكذبين ؟وهذا يبين لنا أن الكثير من أهل الكتاب يريدون أن يرجعوا المسلمين كفارا من بعد إسلامهم والسبب "حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق"ويفسر القول قوله بسورة النساء"أم يحسدون الناس على ما أتاهم الله من فضله"وقوله بسورة البقرة "من بعد ما جاءتكم البينات"فالحسد هو على فضل الله على المؤمنين وتبين الحق هو مجىء البينات والمعنى حقدا فى داخل أنفسهم من بعد ما ظهر لهم الصدق ،يبين الله لنا سبب حب الكفار لردة المسلمين عن إسلامهم وهو الحسد أى الحقد أى الكره الموجود داخل أنفسهم للمسلمين وهو كره ظهر للوجود بعد تبين الحق لهم أى بعد معرفتهم لوحى الله وقوله "فاعفوا واصفحوا حتى يأتى الله بأمره "يفسره قوله بسورة الجاثية "قل للذين أمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله"فالعفو أى الصفح هو غفران ذنوب الكفار والمعنى فاغفروا أى اتركوا عقاب الكفار حتى يجىء الله بحكمه فيهم ،يطلب الله من المسلمين أن يسامحوا أهل الكتاب على تمنيهم الكفر لهم وهذه المسامحة يجب أن تظل سارية المفعول حتى يأتى أمر أى حكم أخر من الله فيهم وقوله "إن الله على كل شىء قدير "يفسره قوله بسورة البروج"فعال لما يريد"فقدرته على كل شىء هى فعله لما يريد والمعنى إن الرب لكل أمر يريده فاعل ومعنى الآية أحب العديد من أصحاب الوحى السابق لو يعيدونكم من بعد إسلامكم مكذبين لله كرها من داخل أنفسهم لكم من بعد ظهر لهم العدل فاغفروا أى سامحوا حتى يجىء الله بحكم أخر فيهم ،إن الله لكل أمر يريده فاعل ،والخطاب هنا للمؤمنين وما بعده.

"وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير"قوله "وأقيموا الصلاة"يفسره قوله بعد "وآتوا الزكاة "يفسره قوله بعده "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله "فإقامة الصلاة هى إقامة الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين"وإيتاء الزكاة هو فعل الطهارة من الذنوب عن طريق عمل الحق وتقديم الخير للنفس هو عمل أى عمل صالح والمعنى وأطيعوا الدين أى اتبعوا الحق أى الذى تفعلوا من صالح تلقوا أجره لدى الله مصداق لقوله بسورة المزمل"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه هو خيرا وأعظم أجرا"وقوله "إن الله بما تعملون بصير"يفسره قوله بسورة لقمان"وأن الله بما تعملون خبير"فالبصير هو الخبير والمعنى إن الله بالذى تفعلون عليم ،يبين الله للمؤمنين أنه يعرف كل ما يصنعوه ومن ثم فعليهم أن يراقبوا أنفسهم فلا يجعلوها تعمل شرا حتى لا يقعوا فى المحذور ومعنى الآية وأطيعوا الدين أى اعملوا الحق أى الذى تعملوا لمنفعتكم من نفع تلقوه لدى الرب أعظم أجرا إن الرب بالذى تفعلون خبير .

أحد حتى يقولا إنما نحن فتانة فلا تكفر "يعنى وما يعرفان من إنإنسان السحر حتى أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر"يعنى وما يعرفان أ"وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"يفسره قوله بسورة فصلت"ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى فالجنة هى الحسنى التى يرى الكافر أنها نصيبه فى الأخرة ويفسرها قوله بسورة الصافات "فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين "وقوله بسورة البقرة "إن كنتم مؤمنين "فالإتيان بالبرهان هو الإتيان بكتابهم والصادقين هم المؤمنين والمعنى قالوا لن يسكن الجنة إلا من كان يهوديا أو نصرانيا ،تلك أقوالهم قل أحضروا كتاب الله لكم بهذا إن كنتم محقين فى قولكم ،يبين الله لنا أن اليهود يزعمون والنصارى يزعمون أنهم يدخلون الجنة وحدهم وهذه أقوال منهم هم وليس قول من الله ولذا يطالبهم بالبرهان وهو الوحى الذى نزل فيه هذا الزعم إن كانوا محقين فى زعمهم والخطاب للنبى(ص)  .

"بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"يفسر الآية قوله بسورة النساء"ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه إلى الله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا"وقوله بسورة لقمان"ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى"وقوله بسورة النساء"فعند الله ثواب الدنيا والأخرة "وقوله بسورة الزمر" لا يمسهم السوء ولا هم  يحزنون"فإسلام الوجه لله هو اتباع ملة إبراهيم (ص)بسورة النساء وكون المسلم محسن يفسره الاستمساك بالعروة الوثقى بسورة لقمان والأجر هو ثواب الدنيا والأخرة بسورة النساء وعدم الخوف هو عدم مس السوء وهو العذاب لهم فى سورة الزمر والمعنى حقا من أخلص نفسه لله وهو مؤمن فله ثوابه من إلهه أى لا عذاب عليهم أى ليسوا يعاقبون ،يبين الله أن الجنة هى حق المسلمين وجوههم لله وهم مؤمنون بالوحى الإلهى وهم لا عقاب عليهم مهما كان صغيرا والخطاب للنبى(ص) كسابقه .

"وقالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء وهم يتلون كتاب الله كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"قوله "وقالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء"يفسره قوله بسورة البقرة "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا"فعدم كون النصارى على شىء أى دين الله هو أن اليهود أهل الاهتداء عند أنفسهم وعدم كون اليهود على شىء أى دين الله هو كون النصارى أهل الاهتداء عند أنفسهم والمعنى وقالت اليهود ليست النصارى على دين الله وقالت النصارى ليست اليهود على دين الله ،وهذا يعنى أن كل فريق يدعى أنه على الحق وهو دين الله والفرق الأخرى على الباطل ،وقوله "وهم يتلون كتاب الله"يعنى وهم يعرفون حكم الله ،وهذا يعنى أن اليهود والنصارى يعلمون من وحى الله من هم على دين الله ومن ليسوا على دينه ومع هذا زعموا ما زعموا مخالفين وحى الله،وقوله"كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم "يعنى هكذا قال الذين لا يعرفون شبه حديثهم ،يبين الله لنا أن الذين لا يعلمون وهم الذين لا يطيعون العلم أى الوحى وهم أصحاب كل دين أخر قالوا أنهم وحدهم على دين الله وغيرهم على الباطل وقوله "فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون "يفسره قوله بسورة السجدة"إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة "وقوله بسورة يونس"إن ربك يقضى بينهم "فحكم الله هو فصله بينهم هو قضاؤه بينهم والمعنى فالله يفصل بينهم يوم البعث فى الذى كانوا به يكذبون وهذا يعنى أن أهل كل دين سيحكم الله بينهم يوم البعث حكما عادلا وساعتها يعرفون من منهم أهل دين الله ومن ليسوا بأهله والمعنى وقالت اليهود ليست النصارى على دين الله وقالت النصارى ليست اليهود على دين الله ،هكذا قال الذين لا يؤمنون شبه زعمهم فالرب يقضى بينهم فى الذى كانوا به يكذبون ،والخطاب كسابقه للنبى (ص)وما بعده .

"ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الأخرة عذاب عظيم "قوله "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها "يفسره قوله بسورة الأنعام"فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم"وقوله بسورة سبأ"والذين سعوا فى آياتنا معاجزين "فالظالم المانع مساجد الله من ذكر اسمه فيها كى تخرب هو المفترى الكذب على الله لإضلال الناس هو الساعى لتحريف آيات الله والمعنى ومن أضل ممن حرم بلاد الله أن يطاع فيها حكمه أى عمل على فسادها،يبين الله لنا أن الظالم وهو الكافر هو الذى منع أهل مساجد وهى بلاد الله أن يطيعوا اسم أى حكم الله وفسر هذا بأنه الساعى فى خراب البلاد وهو العامل على أن يحكم الظلم أهل البلاد ،وقوله "أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين "يعنى المانعين ما كان لهم أن يلجوا البلاد إلا مذلولين ،يبين الله لنا أن المانعين اسم الله من ذكره لا يقدرون على دخول بلاد المسلمين إلا وهم أذلاء أى ممسك بهم لتنفيذ حكم الله فيهم وهو قتلهم ،وقوله "لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الأخرة عذاب عظيم "يفسره قوله بسورة آل عمران "فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا فى الدنيا والأخرة "فالخزى والعذاب العظيم هو العذاب الشديد والمعنى لهم فى الأولى ذل ولهم فى القيامة عقاب شديد ،يبين الله لنا أن الساعين فى خراب بلاد الله لهم فى الدنيا خزى أى ذل عبارة عن تنفيذ حكم الله بقتلهم بعد القبض عليهم أو قتلهم فى الحرب ولهم فى القيامة عذاب النار ومعنى الآية ومن أكفر ممن حرم بلاد الله أن يتبع فيها حكمه أى عمل على كفرها ،أولئك ما كان لهم أن يلجوها إلا مذلولين لهم فى الأولى ذل ولهم فى القيامة عقاب مهين .

"ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم "قوله"ولله المشرق والمغرب"يفسره قوله بسورة البقرة "له ما فى السموات والأرض "فالله يملك المشرق والمغرب وهما الأرض حيث الليل وهو الغروب والنهار وهو الشروق فيها والمعنى ولله ملك مكان الشروق ومكان الغروب ،وقوله "فأينما تولوا فثم وجه الله"يعنى فى أى مكان تذهبوا فثم مخلوقاته فى كل موضع فى المكان وهذا دليل على قدرته التى لا تحدها الحدود ولا تقف فى طريقها العوائق والسدود ،وقوله "إن الله واسع عليم "يفسره قوله بسورة الأنعام"وسع ربى كل شىء علما"وقوله بسورة البقرة"وسع كرسيه السموات والأرض"فمعنى واسع أنه محيط بالمعرفة مالك للكون والمعنى إن الله غنى خبير ومعنى الآية ولله ملك مكان الشروق ومكان الغروب ففى أى مكان تذهبوا إليه ثم مخلوقات الله إن الرب غنى خبير ،والخطاب للمؤمنين وكذا ما بعده.

"وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما فى السموات والأرض كل له قانتون"قوله "وقالوا اتخذ الله ولدا"يفسره قوله بسورة مريم"وقالوا اتخذ الرحمن ولدا"فالله هو الرحمن والمعنى وقالوا أنجب الله ابنا ،وهذا يعنى أن بعض الناس قد زعموا أن الله له ابن يرثه وقوله"سبحانه بل له ما فى السموات والأرض"يفسره قوله بسورة آل عمران"ولله ملك السموات والأرض"فما لله هو ملكه والمعنى طاعته إن له ملك السموات والأرض ،يبين الله لنا أنه ليس له ابن لأن التسبيح وهو الطاعة له من جميع الخلق الذين يملكهم عدا من كفر ومن ثم فلا حاجة له للإبن لأن الجميع له وقوله"كل له قانتون"يفسره قوله بسورة البقرة "ونحن له مسلمون"فالقانتون هم المسلمون والمعنى ونحن له مطيعون وهذا يعنى أن الخلق جميعهم مسلمين أى مطيعين لحكم الله عدا من حق عليه العذاب وهم الكفار مصداق لقوله تعالى بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب" وهذا يعنى أن ليس له ابن يطاع معه ومعنى الآية وقالوا أنجب الرب ابنا،الطاعة لحكمه
،إن له ملك الذى فى  السموات والأرض كل له مطيعون إلا من كفر،والخطاب كسابقه للمؤمنين ومحذوف أخره ومعناه إلا من كفر.

"بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "قوله "بديع السموات والأرض"يفسره قوله بسورة فاطر"فاطر السموات والأرض "فالبديع هو الفاطر أى الخالق والمعنى خالق السموات والأرض ،يبين الله لنا أنه وحده المبدع أى الخالق للكون ولو كان له ابن لشاركه فى خلق بعض الكون باعتبار أن صفات الابن لابد أن تشابه صفات أبيه وقوله"وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون"يفسره قوله بسورة يس"إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون"فقضاء الأمر هو إرادة الشىء والمعنى وإذا أراد خلقا فإنما يوحى له تواجد فيوجد ،يبين الله لنا أنه إذا خلق مخلوق فإنه يوحى إليه تواجد فيوجد بلا تأخير والغرض من القول هو إخبارنا أن لو كان له ابن لابد أن يكون من مخلوقاته التى يوجدها بوحى منه للمخلوق ومن ثم فالابن لن يكون إلها أبدا ولكن هذا لم يحدث ومعنى الآية خالق السموات والأرض إذا أراد خلقا فإنما يوحى له تواجد فيتواجد ،والخطاب كسابقه للمؤمنين وما بعده .

"وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون"قوله"وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية "يفسره قوله بسورة الرعد"ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه"فالذين لا يعلمون هم الذين كفروا وإنزال الآية هو الإتيان بها والمعنى وقال الذين لا يطيعون حكم الله هلا يحدثنا الله أو تجيئنا معجزة ،يبين الله لنا أن الكفار يريدون من الله أن يحدثهم مثلما يحدث الرسل (ص)أو يبعث لهم معجزة حتى يؤمنوا بالرسول (ص)وقوله "كذلك فعل الذين من قبلهم"فقول القوم هو فعلهم الممثل فى الحديث المطالب بكلام الله أو إتيان الآية والمعنى هكذا طلب الذين سبقوهم شبه طلبهم تماثلت أقوالهم ،يبين الله لنا أن الكفار فى كل العصور قالوا نفس الطلبات للرسل(ص)ومنهم محمد(ص)ومن ثم فأقوالهم متشابهة والقلوب هى الأقوال ،وقوله "قد بينا الآيات لقوم يوقنون"يفسره قوله بسورة الأنعام"قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون"فتبيين الآيات هو تفصيلها والذين يوقنون هم الذين يفقهون والمعنى قد وضحنا الأحكام لناس يفهمون،ومعنى الآية وقال الذين لا يتبعون حكم الله لولا يحدثنا الله أو تجيئنا معجزة ،هكذا طلب الذين سبقوهم للحياة شبه طلبهم تماثلت طلباتهم قد فصلنا الأحكام لناس يفقهون ،والخطاب كسابقه للمؤمنين وهم الموقنين .

"إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم "قوله "إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا"يفسره قوله بسورة النساء"وأرسلناك للناس رسولا"وقوله بسورة الأنبياء"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "فالبشير النذير هو الرسول هو الرحمة للعالمين والمعنى إنا بعثناك بالعدل مبلغا أى موصلا للوحى ،فالله بعث الرسول (ص)بالحق وهو العدل أى حكم الله بشيرا أى مخبرا للوحى وقوله"ولا تسئل عن أصحاب الجحيم"يفسره قوله بسورة البقرة"ولا تسألون عما كانوا يعملون"وهذا يعنى أن النبى (ص)لا يعاقب على عمل الكفار والمعنى ولا تعاقب بعمل أهل النار،يبين الله لنبيه (ص)أنه لا يحاسب أى لا يعاقب على عمل أهل الجحيم أى النار ومعنى الآية إنا بعثناك مبلغا أى مخبرا بالوحى ولا تعاقب على عمل سكان النار،والخطاب للنبى(ص) وما بعده.

"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذى جاءك من العلم ما لك من ولى ولا نصير"قوله "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم "يفسره قوله بسورة آل عمران "ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم"فاليهود والنصارى لن يرضوا عن الرسول (ص)حتى يتبع دينهم وهو ما طالب اليهود والنصارى بعضهم ألا يؤمنوا إلا لمن أطاع دينهم والمعنى ولن تحبك اليهود والنصارى حتى تطيع حكمهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنه أى يحبوه ويسمعوا حديثه حتى يكون هو متبع دينهم أى مطيع حكمهم أى يكون على دينهم وقوله"قل إن هدى الله هو الهدى"يفسره قوله بسورة الأنعام"قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا"فهدى الله هو الصراط المستقيم الدين القيم ملة إبراهيم (ص)والمعنى قل إن حكم الله هو الدين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لليهود والنصارى أن هدى الله وهو حكم الله هو الهدى أى الدين الحق وليس أى دين غيره ،وقوله "ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذى جاءك من العلم ما لك من ولى ولا نصير "يفسره قوله بسورة الرعد"ولئن اتبعت أهوائهم من بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق"وقوله بسورة المائدة "عما جاءك من الحق"فالعلم هو الحق والولى هو النصير هو الواقى من النار والمعنى ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الحق ما لك من عذاب الله من ناصر أى حامى ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو اتبع أهواء والمراد أنه لو أطاع أديان اليهود والنصارى فسيدخل النار ولن يجد له ولى أى نصير أى واقى من عذاب الله ومن هنا نعلم حرمة اتباع أديان الكفر مهما كان أصحابها والمعنى ولن تحبك اليهود والنصارى حتى تطيع دينهم ،قل إن حكم الله هو العدل ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الوحى ما لك من واق من النار أى منقذ من العذاب .

"الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون "قوله"الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته"يفسره قوله بسورة آل عمران"اتقوا الله حق تقاته"وقوله بسورة الحج"وجاهدوا فى الله حق جهاده "فتلاوة الكتاب هى تقوى الله هى الجهاد فى الله والمعنى الذين أوحينا لهم الحكم يطيعونه واجب طاعته ،يبين الله لنا أن المسلمين الذين أوحى لهم الكتاب وهو الوحى هو الذين يطيعونه الطاعة السليمة ،وقوله "أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون"يفسره قوله بسورة الرعد"والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك"وقوله بسورة الحديد"والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار"فالذين يؤمنون هم الذين يفرحون بكتاب الله والذين كذبوا بحكم الله هم الخاسرون هم أهل النار والمعنى الذين أوحينا لهم الوحى يتبعونه واجب اتباعه أولئك يصدقون به ومن يعصاه فأولئك هم المعذبون فى النار  والخطاب للنبى(ص)كسابقه.

"يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين "يفسره قوله بسورة الأعراف"فاذكروا آلاء الله"وقوله بسورة الدخان"ولقد اخترناهم على علم على العالمين"فذكر النعمة هو ذكر آلاء الله وهى أحكامه وتفضيل القوم هو اختيارهم من بين الناس ومعنى الآية يا أولاد يعقوب أطيعوا حكمى الذى أرسلت لكم وأنى اخترتكم من الناس ،يبين الله لبنى إسرائيل أن الواجب عليهم هو إطاعة رسالته وهى نعمته المنزلة عليهم لأنه فضلهم على العالمين بسبب طاعتهم للوحى وليس غير هذا ،والخطاب للمؤمنين وهو حكاية عما حدث لبنى إسرائيل وكذا القول بعده وهما تكرار لفظى لآيتين سابقتين عدا عدة كلمات.

"واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون "يفسره قوله بسورة البقرة "فاتقوا النار"وقوله بسورة الإنفطار "يوم لا تملك نفس لنفس شيئا"وقوله بسورة الدخان "يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا"وقوله بسورة البقرة "ولا يؤخذ منها عدل "وقوله "ولا هم ينظرون "وقوله بسورة الحديد"فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا "فإتقاء اليوم هو إتقاء النار بسورة البقرة وعدم جزاء نفس عن نفس شيئا هو عدم إغناء مولى عن مولى شيئا بسورة الدخان هو عدم ملكية نفس لنفس أمرا فى ذلك اليوم بسورة الإنفطار وعدم قبول العدل هو عدم أخذ العدل بسورة البقرة هو عدم أخذ الفدية منهم بسورة الحديد وعدم نصرهم هو عدم النظر لهم بسورة البقرة والمعنى وابتعدوا عن عذاب يوم لا تتحمل نفس عن نفس عقابا ولا يؤخذ منها فدية ولا تفيدها مناصرة الأخرين ولا هم يرحمون ،يبين الله لنا أن يوم القيامة يتم تحريم التالى تحمل المخلوق لعقاب الأخرين وتحرم الفدية وهو العدل أى المال المدفوع مقابل إخراجهم من النار وتحرم الشفاعة وهى الكلام الذى يراد من خلفه إخراجهم من النار مع استحقاقهم لها ويحرم نصرهم أى رحمتهم من قبل الله .

"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"قوله "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن"يفسره قوله بسورة البقرة "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"فكلمات الابتلاء هى قول الله له:أسلم وإتمامه هو قوله أسلمت لرب العالمين والمعنى وقد اختبر إبراهيم إلهه بالإسلام فأسلم ،يبين الله لنا أنه اختبر إبراهيم (ص)بطلب الإسلام منه فنجح فى الإختبار حيث أسلم وجهه لله،وقوله "قال إنى جاعلك للناس إماما "يفسره قوله بسورة النساء"واتخذ الله إبراهيم خليلا"فالإمام هو الخليل أى الرسول والمعنى قال إنى معينك للخلق رسولا ،وهذا يعنى أن الله أرسله للناس قائدا يرشدهم للحق ،وقوله "قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"يفسره قوله بسورة إبراهيم "رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى "فطلب إبراهيم (ص)كون الذرية أئمة هو أن يكونوا مقيمى الصلاة والمعنى قال ومن نسلى هداة قال لا يأخذ ثوابى الكفار،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)طلب من الله أن يكون نسله كله هداة أئمة يرشدون الناس فأخبره الله أن عهده وهو ثوابه لا يأخذه الكفار وهذه معناه أن نسله سيكون منه  كفرة ظلمة فى المستقبل والمعنى وقد اختبر إبراهيم (ص)إلهه بأوامر فأطاعهن قال إنى مختارك للخلق رسولا قال ومن نسلى هداة مثلى  قال لا يدخل رحمتى الكافرين  والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم(ص)وكذا ما بعده.

"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود"قوله "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا"يفسره قوله بسورة المائدة "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس"فالمثابة هى القيام هى الأمن للناس والمعنى وقد وضعنا الكعبة قياما للبشر أى طمأنينة وهذا يبين لنا أن سبب بناء الكعبة فى الأرض هو أن تكون مثابة أى مكان أمن للخلق أى مكان لقيام أى دوام حياة الخلق فيها ،وقوله "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "يفسره قوله بسورة البقرة "فول وجهك شطر المسجد الحرام "فاتخاذ المقام مصلى هو تولية الوجه تجاه المسجد الحرام والمعنى واجعلوا بناء إبراهيم (ص)قبلة ،يطلب الله من المسلمين أن يتخذوا مقام إبراهيم (ص)أى الكعبة مصلى أى قبلة يتجهوا إليها عند الصلاة وقوله "وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود"يفسره قوله بسورة الحج"وطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود"فالعاكفين هم القائمين والمصلين والمعنى وأوحينا إلى إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)أن جهزا كعبتى للزائرين والمقيمين والمصلين ،يبين الله لنا أنه عهد أى أوحى لإبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)ابنه أن يطهرا البيت أى يرفعا أى يجهزا الكعبة من أجل الطائفين وهم الزائرين الحجيج والعمار والعاكفين وهم المقيمين فى جوار المسجد  والركع السجود وهم المصلين المتجهين للكعبة فى الصلاة ومعنى الآية وقد وضعنا الكعبة حياة للخلق أى طمأنينة واجعلوا من بناء إبراهيم (ص)قبلة وأوحينا إلى إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)أن ارفعا كعبتى للزائرين والمقيمين والمصلين ،ونلاحظ أن القول هنا هو وصل لعدة أقوال فأولها حديث من الله عن الكعبة"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا "فهو حديث عن الماضى وثانيها جزء من قول يتحدث عن الحاضر "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"فهى أمر للمسلمين بالإتجاه عند الصلاة للكعبة وثالثها جزء من قول يتحدث عن بناء إبراهيم(ص)وإسماعيل (ص)للكعبة وهو ماضى وإن كان أحدث من الجزء الأول .

"وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن بالله واليوم الأخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير "قوله "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن بالله واليوم الأخر"يفسره قوله بسورة القصص"حرما أمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء رزقا من لدنا "فالبلد الأمن هو الحرم الأمن والمعنى وقد قال إبراهيم (ص)إلهى أدم هذه قرية مطمئنة وأعطى سكانه من المنافع من صدق بحكم الله ويوم القيامة ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)طلب من الله أن يجعل مكة بلد أمن أى قرية مطمئنة ليس فيها قتال أو قتل وطلب منه أن يرزق أى يعطى أهل البلدة ثمرات كل شىء أى منافع كل صنف من الرزق وخص بهذا الذين يؤمنون بوحى الله ويوم البعث ،وقوله "قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير "يفسره قوله بسورة لقمان"نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ "وقوله بسورة المائدة "إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة "وقوله بسورة إبراهيم "وبئس القرار"فمن كفر هو من يشرك بالله فى سورة لقمان وعذاب النار هو العذاب الغليظ بسورة لقمان والمصير هو القرار بسورة إبراهيم والمعنى قال الله ومن أشرك بالله فأعطه وقتا قصيرا ثم أدخله فى آلام الجحيم وقبح القرار ،يبين الله لإبراهيم (ص)أن من كفر أى عصى وحى الله من سكان مكة سوف يمتعه قليلا أى يعطيه الرزق وقتا قصيرا هو وقت معيشتهم فى الدنيا ثم بعد الموت يدخله النار حيث البيت القبيح لمن يقيم به ومعنى الآية وقد قال إبراهيم إلهى أدم مكة قرية مطمئنة وأعطى سكانها من المنافع من صدق بوحى الله ويوم القيامة قال الله ومن كذب بوحى الله ويوم البعث فأعطه وقتا قصيرا ثم أدخله فى آلام الجحيم وقبح القرار .

"وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "قوله وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا "يعنى وحين يقيم إبراهيم (ص)الجدران للقبلة وإسماعيل (ص)إلهنا إرض عنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وقت رفعهما القواعد وهو وقت تعلية الجدران للقبلة دعوا معا فقالا لله:تقبل منا أى إرض عن عملنا وقوله "إنك أنت السميع العليم "يعنى إنك أنت الخبير المحيط ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)قالا فى الدعاء:إنك أنت السميع العليم فالسميع هو العارف لكل شىء ومثله العليم أى المحيط بكل أمر فى الكون ومعنى الآية وحين يقيم إبراهيم (ص)جدران القبلة وإسماعيل(ص)إلهنا إرض عن عملنا إنك أنت الخبير المحيط .

"ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم "قوله "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "يعنى إلهنا وأدمنا مطيعين لك ومن نسلنا جماعة مطيعة لك ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)طلبا من الله أن يجعلهم مسلمين له والمراد أن يحييهم مطيعين لحكمه فى الدنيا وطلبا أن يجعل من ذريتهم أمة مسلمة والمراد أن يخلق من نسلهم جماعة مطيعة لوحى الله ،وقوله "وأرنا مناسكنا وتب علينا "يفسره قوله بسورة البقرة "واعف عنا واغفر لنا وارحمنا"فالتوبة عليهم هى العفو عنهم  هى الغفران لهم هى رحمتهم والمعنى وعلمنا أحكامنا واغفر لنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا فى الدعاء من الله أن يريهم مناسكهم أى يعرفهم أحكام دينهم حتى يطيعوها وطلبوا منه أن يتوب عليهم أى يغفر لهم أى يرحمهم وقوله " إنك أنت التواب الرحيم"يفسره قوله بسورة غافر"غافر الذنب وقابل التوب"وقوله بسورة الأحزاب"وكان بالمؤمنين رحيما "فالتواب هو غافر الذنب هو قابل التوب أى العودة لله والرحيم  هو الذى يرأف بالمؤمنين والمعنى إنك أنت الغفور الرءوف ،يبين الله لنا أنهما قالا فى الدعاء:إنك أنت الغفور الرءوف إشارة إلى أنه يغفر لمن يتوب من ذنبه ويرحمه ومعنى الآية إلهنا وأحينا مطيعين لحكمك ومن نسلنا جماعة مطيعة لحكمك وعرفنا أحكامك واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرءوف.

 "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم"قوله "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم "يعنى إلهنا وأرسل لهم نبيا منهم ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا من الله أن يبعث لذريتهم رسولا منهم وهذا معناه أن يبعث فى نسلهم نبيا من أنفسهم والسبب"أن يتلوا عليهم آياتك"ويفسره قوله بسورة البينة "يتلوا صحفا مطهرة"فالآيات هى الصحف المطهرة وفسره الله بقوله بعده"ويعلمهم الكتاب والحكمة "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة أى الوحى وفسرهما بقوله بعده "ويزكيهم "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة هو تزكية القوم وهو تطهيرهم من الذنوب عن طريق طاعتهم للكتاب ،وقوله "إنك أنت العزيز الحكيم"يعنى إنك أنت الناصر القاضى ،يبين الله لنا على لسان الرسولين (ص)أنه هو الذى يعز خلقه أى ينصر مطيعيه وهو الذى يحكم أى يقضى بين الخلق ومعنى الآية إلهنا وأرسل فيهم مبعوثا منهم يبلغهم أحكامك أى يعرفهم الوحى أى حكم الله أى يطهرهم من الذنوب إنك أنت الناصر القاضى

"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"قوله "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"يفسره قوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين"فالرغبة عن ملة إبراهيم (ص)هى ابتغاء دين غير الإسلام وتسفيه النفس هو جعلها من الخاسرين فى الأخرة والمعنى ومن يعرض عن دين إبراهيم(ص)إلا من خسر نفسه ،يبين الله لنا أن من يتبع ملة غير ملة إبراهيم (ص)هو سفيه أى مجنون بجعل نفسه خاسرة ،وقوله"ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين "يفسره قوله بسورة النحل"وأتيناه فى الدنيا حسنة وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"فاصطفاء إبراهيم (ص)فى الدنيا هو الحسنة التى أعطاها الله له ويفسره قوله بسورة العنكبوت"وأتيناه أجره فى الدنيا"والاصطفاء وما تبعه من نصر هو أجره فى الدنيا والمعنى ولقد اخترناه فى الأولى وإنه فى القيامة لمن المنعمين ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)قد اصطفاه أى اختاره نبيا فى الأولى وهذا هو أجره وهو فى الأخرة وهى القيامة من الصالحين أى المحسنين الذين ينعمون فى الجنة ومعنى الآية :ومن يترك دين إبراهيم (ص)إلا من خسر نفسه ولقد اخترناه فى الأولى نبيا وإنه فى القيامة من المنعمين فى الجنة ،والخطاب فى أول الآية للناس وبقيتها "ولقد اصطفيناه .. "للمؤمنين والقول جزء من قولين حذف من كل منهما جزء والمحذوف من الأول معناه ومن يرغب فى ملة إبراهيم(ص)هو العاقل .

"إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"يفسره قوله بسورة الشورى "وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فقوله أسلم هو قوله أقيموا الدين والمعنى وحين قال له إلهه أطع قال أطعت إله الكل ،يبين الله لنا أنه أوحى لإبراهيم (ص)أسلم أى أطع حكمى فكان رد إبراهيم (ص)أسلمت لرب العالمين أى أطعت حكم إله الكل وهذا معناه أنه يقر بأن الله وحده هو المستحق للطاعة من كل خلقه والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم (ص) وما بعده .

"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون "يفسره قوله بسورة المائدة "ورضيت لكم الإسلام دينا "وقوله بسورة آل عمران"اتقوا الله حق تقاته ولا تموتون إلا أنتم مسلمون "فاصطفاء الله للدين هو رضاء الله الإسلام لنا دينا والموت مسلمين هو الموت مؤمنين والمعنى ونصح بها إبراهيم (ص)أولاده وإسرائيل أولاده إن الله اختار لكم الحكم فلا تتوفون إلا وأنتم مطيعون لحكم الله،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)نصح أولاده وكذلك نصح يعقوب (ص)أولاده بالنصيحة التالية أن الله اختار لهم الدين وهو الإسلام ومن ثم فواجبهم هو الموت وهم مطيعون لهذا الدين .

"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون "المعنى هل كنتم حضور حين جاءت إسرائيل الوفاة فقال لأولاده ما تطيعون من بعد وفاتى قالوا نطيع ربك ورب أبائك إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ربا واحدا ونحن له مطيعون ؟يسأل الله أهل الكتاب هل كنتم أحياء لما أتى يعقوب (ص)الموت؟والغرض من السؤال هو إثبات خطأ قولهم أن يعقوب(ص)كان يهوديا أو نصرانيا فالله يخبرهم أنهم ما داموا لم يكونوا أحياء وقت وفاته فهم لا يعلمون دينه الحق ،ويبين الله لنا أن أولاد يعقوب(ص)لما سألهم عن الإله الذى يعبدون بعد وفاته ردوا قائلين أن إلههم هو إله الأباء إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)وأعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لحكم الله وحده الذى هو واحد ليس له شريك فى ملكه  والخطاب لأهل الكتاب.

"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك جماعة قد مضت لها جزاء ما عملت ولكم جزاء ما عملتم ولا تحاسبون على ما كانوا يصنعون ،يبين الله للمسلمين أن إبراهيم (ص)وأولاده هم أمة قد خلت أى انتهى عهدهم ولهم كسبهم أى جزاء عملهم وهو الجنة لمن أسلم ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا عند الله ولا نسأل عما كانوا يعملون أى لا يحاسبنا على أعمال القوم سواء بجنة أو نار ،والخطاب لأهل الكتاب.

"وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "قوله "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا "يفسره قوله بنفس السورة "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى"فالاهتداء هو دخول الجنة فى زعم القوم لليهود وحدهم أو للنصارى وحدهم والمعنى وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،يبين الله لنا أن اليهود زعموا أن اليهودى يهتدى أى يرحم أى يثاب أى يدخل الجنة وحده وزعمت النصارى أن من كان نصرانيا قد اهتدى أى رحم أى دخل الجنة وحده وقوله "بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "يفسره قوله بسورة آل عمران"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما"فالمهتدى عند الله هو متبع ملة إبراهيم (ص)الذى ليس يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا والمعنى المهتدى هو متبع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،يبين الله لنا أن المهتدى هو متبع ملة إبراهيم (ص)حنيفا أى مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما نفسه لله ولم يكن إبراهيم (ص)يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا وإنما كان مسلما ومعنى الآية وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،قل المرحوم مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،والخطاب للنبى(ص).

"قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون "يفسر الآية قوله بسورة العنكبوت "وقولوا أمنا بالذى أنزل إلينا وما أنزل إليكم "وقوله بسورة آل عمران"فأمنوا بالله ورسله"وقوله بسورة البقرة "ونحن له عابدون "فالإيمان بالله ورسله هو الإيمان بما أنزل على كل الرسل (ص)ومسلمون تعنى عابدون والمعنى قولوا صدقنا بوحى الله أى ما أوحى إلى المسلمين وما أوحى لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأولاد عليهم الصلاة والسلام وما أوحى لموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام والذى أوحى للرسل(ص)الأخرين من إلههم لا نميز بين أحد منهم ونحن له مطيعون،يطلب الله من أهل الكتاب أن يعلنوا إيمانهم بالله أى تصديقهم بوحى الله وهو ما فسره بأنه المنزل على كل الرسل (ص)المذكورين فى الآية وغير المذكورين ويطلب منهم عدم تفرقتهم بين الرسل(ص)والمراد أن يصدقوا بهم جميعا فلا يكفروا ببعض منهم ويصدقوا ببعض منهم ويطلب منهم أن يعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لوحى الله ،والخطاب لأهل الكتاب.

"فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم فى شقاق فسيكيفكهم الله وهو السميع العليم "يفسر الآية قوله بسورة آل عمران"فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا إنما عليك البلاغ"وقوله بسورة المائدة "فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله يصيبهم ببعض ذنوبهم"فكلمة أمنوا تفسرها كلمة أسلموا فى آل عمران وكفاية الله رسوله (ص)للكفار هى إصابتهم ببعض ذنوبهم والمعنى فإن صدقوا بكل ما صدقتم به فقد أصابوا وإن أعرضوا فإنما هم فى كفر فسيتكفل بهم الله وهو الخبير المحيط ،يبين الله للمسلمين أن الناس إذا اهتدوا بمثل ما يؤمنون به فقد أصابوا أى أثابهم الله بالجنة ويبين لنبيه (ص)أن الناس إن تولوا أى كذبوا بالوحى كله أو بعضه فإن الناس فى شقاق أى كفر وسيكفى الله النبى(ص) شرهم والمراد وسيبعد الله أذاهم عن الرسول(ص) مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "ويبين لنا أنه السميع أى الخبير أى العليم أى المحيط بكل شىء  ،والخطاب للمؤمنين فى أول القول وأما بقية القول ولابد أنه جزء من قول أخر فخطاب للنبى(ص) والمحذوف معناه وأذى المستهزئين كثير فسيحميك الله منهم  .

"صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون "يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما "وقوله بسورة البقرة "ونحن له مسلمون"و"ونحن له مخلصون"فالصبغة هى الحكم والعابدون هم المسلمون هم المخلصون والمعنى  الإسلام حكم الله ومن أفضل من الله حكما ونحن له مطيعون ،يبين الله لنا أن الإسلام هو حكم الله وليس هناك من هو أحسن من الله حكما أى دينا وهو رد على قول الناس من الصبغة أى الدين الأحسن ؟ والقول هنا جزء من قولين حذف من كل منهما بعضه فالمحذوف فى الأول هو كلمة الإسلام أو سؤال معناه ما صبغة الله والجواب الإسلام صبغة الله والمخاطب هو النبى(ص)غالبا وأما بقية القول فهى جزء من قول يتحدث فيه المسلمون والمعنى المحذوف الله هو ربنا ونحن له عابدون

"قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون"يفسر الآية قوله بسورة غافر "ما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا"وقوله بسورة العنكبوت"وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون"وقوله بسورة الكافرون"لكم دينكم ولى دين"فقوله أتحاجوننا فى الله يعنى أتجادلوننا كما بسورة غافر وربنا وربكم  هو إلهنا وإلهكم بسورة العنكبوت وأعمالنا هى ديننا وأعمالكم هى دينكم كما بسورة الكافرون ومسلمون هى مخلصون كما بسورة العنكبوت والمعنى قل يا محمد هل تجادلوننا فى دين الله وهو إلهنا وإلهكم ولنا أفعالنا ولكم أفعالكم ونحن لدينه مطيعون ؟يطلب الله من نبيه (ص)أن يخبر أهل الكتاب أن حجاجهم فى الله وهو تكذيبهم بدين الله ليس له أساس لأن الله هو ربهم وربنا وهو إله واحد ويبين لهم أن حساب أعمالهم عليهم وحساب أعمال المسلمين عليهم والمسلمون مخلصون أى مطيعون لدين الله ،والخطاب للنبى(ص) .

"أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون "قوله "أتقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى "يعنى هل تزعمون أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق (ص)ويعقوب(ص)والأولاد (ص)كانوا يهوديين أو نصرانيين ؟والغرض من السؤال إخبار اليهود والنصارى أن الرسل السابق ذكرهم لم يكونوا يهودا أو نصارى كما زعموا للناس وإنما كانوا مسلمين ،وقوله "أأنتم أعلم أم الله"يعنى هل أنتم أعرف بهذا أم الله؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله هو الأعلم بالحقيقة ،وقوله "ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله "يعنى ومن أكفر من الذى أخفى وحيا لديه من الله والغرض من القول هو إخبارهم أن الظالم هو من يخفى الشهادة وهى الوحى الإلهى الذى يعرف أن مصدره الله عن الناس وقوله "وما الله بغافل عما تعملون"يفسره قوله بسورة يونس"ولا يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض " فالله ليس غافلا عن أعمال الخلق أى لا يعزب عنه شىء والمعنى وما الله بساهى عن الذى تفعلون ،يبين الله لهم أنه ليس بساهى عما يفعلون من أعمال سواء فى السر أو فى العلن ومعنى الآية هل تزعمون أن إبراهيم (ص) وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)والأولاد(ص)كانوا يهوديين أو نصرانيين ؟قل هل الله أعرف أم أنتم ؟ومن أضل من الذى أخفى وحيا لديه من الرب وما الرب بساهى عن الذى تفعلون ،والخطاب فى أول الآية لأهل الكتاب وفى وسطها للنبى(ص) وفى أخرها لأهل الكتاب.

"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك فرقة قد ماتت لها جزاء الذى عملت ولكم جزاء الذى عملتم ولا تحاسبون عن الذى كانوا يصنعون ،يبين الله لأهل الكتاب أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)والأسباط (ص)وهم أولاد يعقوب(ص)هم فرقة أى أمة من الناس قد خلت والمراد رحلت عن دنيانا فلها جزاء ما عملت وهو ما صنعت فى الدنيا من أعمال ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا ونحن لا نسأل عما كانوا يعملون أى لا نحاسب أى لا نجازى عن الذى كانوا يعملون وهو الذى كانوا يفعلون من عمل ،والخطاب لأهل الكتاب وقد تكررت الآية بنفس ألفاظها فى السورة سابقا.

"سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " قوله "سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها"يعنى سيقول المجانين من الخلق ما غيرهم عن إتجاههم الذى كانوا عليه ،يبين الله للمؤمنين أن عند تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة بمكة سيقول السفهاء وهم المجانين من الخلق وهم أهل الكتاب الكفار :ما سبب تركهم المسجد الأقصى الذى كانوا يتجهون إليه فى الصلاة؟ والسؤال يدل على الجهل فتغيير القبلة سببه هو حكم الله الذى نسخ التوجه للبيت الأقصى ،وقوله "قل لله المشرق والمغرب"يفسره قوله تعالى بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض"فالمشرق والمغرب هما السموات والأرض فمكان الشروق ومكان الغروب هما السموات والأرض والمعنى ولله ملك مكان النور ومكان الظلام ،يبين الله للسفهاء أنه يملك كل الجهات ومن ثم فمن حقه أن يغير إتجاه القبلة إلى حيث يريد لأنه حر التصرف فى ملكه ،وقوله "يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم" يفسره قوله تعالى بسورة الحج "يهدى من يريد"وقوله بسورة المائدة" يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام "فمن يشاء هم من يريد والصراط المستقيم هو سبل السلام  والمعنى يدخل من يحب إلى جنة حسنة ،ومعنى الأية سيقول المجانين من الخلق ما غيرهم عن إتجاههم فى الصلاة الذى كانوا عليه قل لله مكان النور ومكان الظلام يسكن من يريد فى جنة كبرى ،والخطاب للنبى(ص).

"وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم "قوله "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا"يعنى يا أيها الذين أمنوا وهكذا خلقناكم جماعة عادلة لتصبحوا مقرين على الخلق ويصبح النبى (ص)عليكم مقرا ،يبين الله للمؤمنين أنه خلقهم أمة وسطا أى جماعة عادلة تحكم بالعدل والسبب هو أن يكونوا شهداء على الناس والمراد أن يصبحوا قضاة على بقية الناس بإقرارهم عما رأوهم يعملون فى الدنيا وذلك يوم القيامة وأن يكون الرسول محمد(ص)شهيدا على المسلمين أى مقرا أى قاضيا بما رآهم يعملونه وهو حى فى الدنيا،وقوله "وما جعلنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه "يفسره قوله تعالى بسورة سبأ"إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها فى شك "فمتبع الرسول(ص)هو المؤمن بالآخرة والمنقلب على عقبيه هو الشاك فى الآخرة ومعنى القول وما شرعنا الجهة التى كنت تتجه إليها إلا لنعرف من يطيع النبى (ص)ممن يرتد إلى كفره ،يبين الله لرسوله (ص)أن السبب الذى جعله يصدر حكمه بالاتجاه إلى بيت المقدس عند الصلاة فى الوحى السابق هو أن يعلم أى يعرف والمراد أن يفرق بين من يتبع الرسول والمراد الذى يطيع أمر النبى (ص)بالاتجاه إلى الكعبة بمكة وبين الذى ينقلب على عقبيه أى يرتد إلى دين الكفر الذى كان عليه قبل ادعاءه الإسلام ،وقوله "وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "وإن كانت لكبيرة إلا على الخاشعين "فالذين هدى الله هم الخاشعون والمعنى وإن كانت لثقيلة إلا على الذين رحم الله ،يبين الله للرسول(ص)أن الصلاة وهى طاعة حكم الله هو كبيرة أى أمر ثقيل عظيم على الناس عدا الذين هداهم الله وهم المسلمون الذين خفوا إلى طاعة الأمر على الفور،وقوله "وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم " يفسره قوله تعالى بسورة التوبة "إن الله لا يضيع أجر المحسنين "فالإيمان هو أجر المحسنين ومعنى القول وما كان الله ليبخس أعمالكم إن الله بالخلق لنافع مفيد ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يضيع إيمانهم والمراد لا يزيل ثواب أعمالهم وهى هنا يقصد بها الصلاة وإنما يعطيه لهم والله بالخلق رءوف رحيم أى نافع مفيد لهم ،ومعنى الآية وهكذا خلقناكم جماعة عادلة لتصبحوا مقرين على الكفار بما عملوا ويصبح النبى (ص)عليكم مقرا بما عملتم وما شرعنا الاتجاه الذى كنت عليه فى الصلاة إلا لنميز من يطيع النبى (ص)ممن يرتد إلى كفره وإن كانت لثقيلة إلا على الذين رحم الله وما كان الله ليزيل ثوابكم إن الله بالخلق لنافع مفيد،والخطاب فى أول القول للمؤمنين حتى شهيدا له جزء محذوف وفى وسط القول للنبى(ص) حتى عقبيه وهذا جزء من قول أخر وفى الوسط الثانى من وإن كانت حتى هدى الله فجزء من قول محذوف أوله وهو الصلاة كما فى آية سابقة "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين"وفى أخر الآية جزء من قول يخاطب المؤمنين وما كان ليضيع إيمانكم  .

"قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون " قوله "قد نرى تقلب وجهك فى السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام " يفسره قوله تعالى بسورة الضحى "ولسوف يعطيك ربك فترضى" فلنولينك يفسرها يعطيك والمعنى يا محمد (ص) إنا نعلم تغير نظرك فى الأفق فلنوجهك جهة تحبها فاجعل نظرك تجاه المسجد الأمن من حيث خرجت ،يبين الله لرسوله (ص)أنه يعلم بأمر تقلب وجهه فى السماء والمراد بأمر تغير نظره فى جهات الأفق انتظارا لمجىء الوحى بأمر تحويل للكعبة ولذلك سوف يأمره بقبلة يرضاها أى بجهة يحبها وهى المسجد الحرام ومن ثم فالواجب عليه أن يولى وجهه تجاهه والمراد أن يجعل نظره عند الصلاة جهة المسجد الحرام ،وقوله "وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره "يعنى وحيث وجدتم فاتجهوا بأنظاركم مكانه ،يطلب الله من المؤمنين أن يتجهوا فى أى مكان يتواجدون فيه إلى الكعبة إذ أرادوا  الصلاة ،وهذا يعنى وجوب الاتجاه للكعبة عند الصلاة،وقوله "وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم "يعنى وإن الذين أعطوا الوحى من قبل ليعرفون أنه الصدق من إلههم ،يبين الله للمؤمنين أن الذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطاهم الوحى من قبل وهم أهل الكتاب يعرفون أن أمر تحويل القبلة وغيره مما فى القرآن هو الحق من ربهم أى الصدق النازل من خالقهم وهذا يعنى أن الوحى النازل عليهم فيه إخبار عن هذا الأمر يصدق ما جاء به القرآن ،وقوله "وما الله بغافل عما يعملون " يعنى وما الله بساهى عن الذى يفعلون ،يبين الله لنا أنه ليس بغافل أى لاهى أى غائب عن الذى يصنعه أهل الكتاب ،ومعنى الآية إنا نعرف تغير نظرك فى الأفق فلنأمرنك باتجاه تحبه فاجعل وجهك تجاه المسجد الحرام وحيث ما وجدتم فاجعلوا أنظاركم تجاهه وإن الذين أعطوا الوحى من قبل ليعرفون أنه الصدق من إلههم وما الله بلاهى عن الذى يصنعون،والخطاب فى أول الآية للنبى (ص)وفى بقيتها للمؤمنين.

"ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين"   قوله "ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعوا قبلتك"يفسره قوله تعالى بسورة ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون " فأتيت تعنى جئت لهم بآية أى معجزة وأهل الكتاب هم الذين أوتوا الكتاب وعدم اتباعهم القبلة هو قولهم لنا إننا مبطلون ومعنى القول ولئن جئت الذين أعطوا الوحى بكل معجزة ما أطاعوا دينك،يبين الله لرسوله (ص)أن أهل الكتاب لو جاءهم بكل آية أى معجزة فلن يتبعوا قبلته والمراد فلن يطيعوا دينه ،وقوله "وما أنت بتابع قبلتهم " يعنى وما أنت بمطيع دينهم ،يبين الله لرسوله (ص)أنه لن يتبع قبلة أهل الكتاب والمراد لن يطيع دين من أديان أهل الكتاب،وقوله "وما بعضهم بتابع قبلة بعض "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "قالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء "فعدم اتباع اليهود قبلة أى دين النصارى هو زعمهم أن النصارى ليسوا على الدين الصحيح وعدم اتباع النصارى لقبلة أى دين اليهود هو زعمهم أن اليهود ليسوا على دين الله ،وقوله "ولئن اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من العلم إنك إذا من الظالمين " يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "ولئن اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من الحق"فالعلم هو الحق والمعنى ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الحق إنك إذا من الكافرين ،يبين الله لرسوله (ص)أنه لو اتبع أهوائهم أى أطاع دين من أديانهم لكان ظالما أى كافرا يستحق دخول النار،ومعنى الآية هو ولئن جئت الذين أعطوا الوحى من قبل بكل معجزة ما أطاعوا دينك وما أنت بمطيع دينهم وما بعضهم بمطيع دين بعض ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الحق إنك إذا لمن الكافرين ،والخطاب للنبى(ص)

"الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " قوله "الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق " فأهل الكتاب يعرفون أى يعلمون الكتاب وهو الحق كما يعلمون من هم أولادهم والمعنى والذين أوحينا لهم الوحى من قبل يعلمون بالقرآن كما يعلمون بأولادهم ،يبين الله لنا أن أهل الكتاب يعرفون أن القرآن هو الحق من ربهم كما يعرفون أولادهم جسما ونفسا ،وقوله "وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون"يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "ما كنتم تخفون من الكتاب "وقوله بسورة البقرة" إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب" فالفريق يكتم الحق والمراد يخفى الكتاب المنزل من عند الله والمعنى وإن جماعة منهم ليخفون الكتاب وهم يعرفون الصدق من إلههم ،يبين الله لنا أن جماعة من أهل الكتاب تكتم الحق أى تخفى الوحى المنزل على رسلهم (ص)من قبل عن الناس حتى يضلوا عن الحق وهؤلاء الجمع يعلمون الحق من ربهم والمراد أنهم يعرفون الوحى المنزل من عند الله بالضبط وهذا معناه أن التوراة والإنجيل كانا موجودين فى عصر الرسول (ص)كما أنزلا بالضبط ،وقوله " الحق من ربك فلا تكونن من الممترين " يفسره قوله تعالى بسورة يونس"ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله "وقوله بسورة الأنعام "ولا تكونن من المشركين "فالممترين هم المكذبين بآيات الله هم المشركين والمعنى  الصدق من خالقك فلا تصبحن من الكافرين ،يطلب الله من رسوله (ص)ألا يكون من الممترين أى الكافرين بدين الله ،ومعنى الآية الذين أعطيناهم الوحى السابق يعلمون بالقرآن كما يعلمون بأولادهم وإن جماعة منهم ليخفون الصدق وهم يعرفون ،وقول القرآن الصدق من عند خالقك فلا تصبحن من الكافرين بدين الله ،والخطاب فى أول القول للمؤمنين حتى أبناءهم  وهو جزء من كلام محذوف بعضه والخطاب فى الجزء الثانى للنبى(ص)وفى الآية "الحق من ربك فلا تكونن من الممترين "الخطاب للنبى(ص)وهنا جزء محذوف من القول معناه إن قول القرآن فى المسألة هو الحق .

"ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إن الله على كل شىء قدير"قوله "ولكل وجهة هو موليها"يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "لكل جعلنا شرعة ومنهاجا"فالوجهة هى الشرعة هى المنهاج والمعنى ولكل دين هو مطيعه ،يبين الله لنا  أن كل إنسان له وجهة أى دين أى شرعة هو موليها أى متبعها أى مطيعها ،وقوله "فاستبقوا الخيرات "يفسره قوله تعالى بسورة المؤمنون "أولئك يسارعون فى الخيرات "فالإستباق هو المسارعة للخيرات والمعنى فسارعوا للحسنات ،يطلب الله من الناس أن يسارعوا لعمل الحسنات التى أمر بها الله ،وقوله "أين ما تكونوا يأت بكم الله جميعا "يعنى فى أى مكان تتواجدوا يعلم بكم الله كلكم ،يبين الله للناس أنهم فى أى مكان يكونون أى يتواجدون يأت بهم والمراد يعلم بمكانهم الله ،وقوله "إن الله على كل شىء قدير"يفسره قوله تعالى بسورة البروج"فعال لما يريد" فقدرة الله على كل شىء هى فعله لما يريد والمعنى إن الله لكل أمر فاعل ،ومعنى الآية ولكل إنسان دين هو متبعه فسارعوا للحسنات أين ما تتواجدوا يعلم بكم الله كلكم إن الله لكل أمر يريده فاعل ،والخطاب للناس هنا.

"ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون " قوله "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام "يفسره قوله بنفس السورة "فلنولينك قبلة ترضاها "فالقبلة التى يرضاها النبى (ص)هى المسجد الحرام والمعنى ومن حيث صليت فاجعل نظرك باتجاه البيت الحرام ،يطلب الله من رسوله (ص)ومن ثم من كل مسلم أن يولى وجهه شطر المسجد الحرام حيث خرج والمراد أن يجعل نظره تجاه البيت الحرام حيث صلى وهذا يعنى وجوب الاتجاه للبيت الحرام عند الصلاة  ،وقوله "وإنه للحق من ربك "يفسره قوله تعالى بسورة الأحزاب"واتبع ما يوحى إليك من ربك "فالحق هو ما يوحى للرسول(ص)والمعنى وإن القرآن للصدق من إلهك ،يبين الله لرسوله (ص)أن القرآن هو الحق أى الصدق أى العدل-ومنه الأمر بالاتجاه للكعبة - من عند الله،وقوله "وما الله بغافل عما تعملون "يفسره قوله تعالى بسورة يونس "وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء "فعدم غفلة الله عن عمل القوم هو عدم عزب مثقال ذرة عن الله فى السموات والأرض والمعنى وما الله بساهى عن الذى يفعلون ،ومعنى القول ومن حيث صليت فاجعل نظرك تجاه البيت الحرام وإن الوحى للصدق من إلهك وما الله بلاهى عن الذى تصنعون والخطاب للنبى(ص)حتى ربك وأما بقية القول فجزء من كلام أخر يخاطب الناس أو طائفة منهم والجزء المحذوف معناه قل الذنب الذى تعتقدون أن الله جاهل به يعلمه الله .

"ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشون ولأتم نعمتى عليكم ولعلكم تهتدون" قوله "ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره" يعنى ومن حيث صليت فاتجه بنظرك تجاه البيت الحرام وحيث ما وجدتم فاجعلوا أنظاركم تجاهه،يطلب الله من رسوله (ص)ومن المؤمنين أن يولوا وجوهكم شطر المسجد الحرام والمراد أن يتجهوا بأنظارهم وهى مقدمات أجسامهم إلى اتجاه البيت الحرام ،وقوله "لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا فلا تخشوهم واخشون "يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران "فلا تخافوهم وخافون "فمعنى فلا تخشوهم هو لا تخافوهم ومعنى اخشون خافون والمعنى لئلا يكون للخلق عليكم برهان وأما الذين كفروا فلا تخافوهم وخافوا عذابى،يبين الله لرسوله (ص)والمؤمنين أن السبب فى وجوب اتجاههم للكعبة فى الصلاة هو ألا يكون للكفار عليهم حجة أى برهان باتفاقهم معهم فى القبلة ويبين لهم أنهم لا يجب عليهم أن يخشوا أى يخافوا من أذى الذين ظلموا أى كفروا بوحى الله والواجب عليهم أن يخشوا الله أى يخافوا من عذاب الله فيطيعوه،وقوله "ولأتم نعمتى عليكم "يفسره قوله تعالى بسورة المائدة"وأكملت لكم دينكم "فإتمام النعمة هو إكمال الدين والمعنى ولأكمل دينى لكم ،يبين الله لرسوله (ص)والمؤمنين أنه سيتم نعمته عليهم أى سيكمل لهم دينهم ،وقوله "ولعلكم تهتدون "يفسره قوله تعالى بسورة النحل "لعلكم تسلمون"فتهتدون أى تسلمون والمعنى ولعلكم تسلمون أى تطيعون ومعنى الآية ومن حيث صليت فاجعل نظرك تجاه البيت الحرام وحيث وجدتم فاجعلوا أنظاركم تجاهه لئلا يصبح للكفار عليكم برهان وأما الذين كفروا منهم فلا تخافوا أذاهم وخافوا عذابى ولأكمل دينى لكم ولعلكم تطيعون فتثابون ،والخطاب فى أول الآية للنبى(ص)وفى بقيتها للمؤمنين

"كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون " يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا منهم "فأرسلنا هى بعث الله وقوله بسورة البينة "رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة "فالآيات هى الصحف المطهرة المتلوة ومعنى الآية كما بعثنا منكم نبيا منكم يبلغ لكم أحكامنا أى يطهركم بطاعتكم لأحكام الله أى يعرفكم الوحى أى الحكم الإلهى أى يعرفكم الذى لم تكونوا تعرفون،يبين الله للناس أنه أرسل لهم أى بعث لهم رسول منهم أى من بينهم وهذا الرسول (ص)يفعل التالى يتلوا آيات الله عليهم أى يبلغهم أحكام الله ليطيعوها وفسر الله هذا بأنه يزكيهم أى يطهرهم من ذنوبهم بطاعتهم لما يبلغهم من الأحكام وفسر هذا بأنه يعلمهم الكتاب وهو الحكمة والمراد أنه يعرفهم الوحى أى حكم الله حتى يطيعوه وفسر هذا بأنه يعلمهم ما لم يكونوا يعلمون والمراد يعرفهم الذى لم يكونوا يعرفون وهو حكم الله،الخطاب للناس وما بعده .

"فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون "يفسره قوله تعالى بسورة محمد "إن تنصروا الله ينصركم "وقوله بسورة العنكبوت "واعبدوه واشكروا له" فذكر الله هو شكره هو عدم الكفر به هو نصر الله كما بسورة محمد هو عبادة الله كما بسورة العنكبوت ومعنى الآية فأطيعونى أثيبكم أى اتبعونى أى لا تعصونى ،يطلب الله من الناس أن يذكروه أى يطيعوه أى يشكروه أى يتبعوا حكمه فلا يكفروا به أى فلا يعصوا حكم الله حتى يذكرهم الله أى حتى يثيبهم الله والمراد حتى ينصرهم الله فى الدنيا والأخرة .

"يا أيها الذين أمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين " يفسره قوله تعالى بسورة الأعراف "استعينوا بالله واصبروا "وقوله بسورة البقرة "واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين "فالإستعانة بالله هى تقوى الله هى الصبر والصابرين هم المتقين والمعنى يا أيها الذين صدقوا بحكم الله استنصروا بالطاعة أى الإتباع لله إن الله ناصر المطيعين ،يبين الله للمؤمنين أى الواجب عليهم هو الاستعانة بالصبر أى الانتصار على الشيطان بطاعة حكم الله وفسر هذا بأنه الاستعانة بالصلاة أى الانتصار بإتباع حكم الله على الشيطان ،ويبين الله أنه مع الصابرين أى ناصر المطيعين لله ،والخطاب للمؤمنين وما بعده.

"ولا تقولوا لمن يقتل فى سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون " يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران "ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا "وقوله بسورة الأعراف "ولكن لا تعلمون "فعدم قول أموات عن الشهداء هو عدم الحسب وهو الظن أنهم أموات وعدم شعورنا هو عدم علمنا بهم والمعنى ولا تظنوا من يستشهد فى نصر دين الله هلكى إنما موجودون ولكن لا تعلمون بهم، يبين الله للمؤمنين أن الواجب عليهم هو ألا يقولوا عن القتلى فى سبيل الله أموات والمراد ألا يظنوا أنهم هلكى لا يعيشون بعد حياتهم الدنيا وهذا دليل على وجود حياة البرزخ والواجب عليهم أن يقولوا عنهم أحياء أى عائشين عند الله ينعمهم فى الجنة مصداق لقوله تعالى بسورة آل عمران "بل أحياء عند ربهم يرزقون"   .

"ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين "يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "لتبلون فى أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا "وقوله بسورة الحج "وبشر المحسنين " فالخوف هو من الكلام المؤذى ونقص الأنفس والمال والصابرين هم المحسنين والمعنى ولنختبرنكم ببعض من الرعب والسغب أى قلة فى الأملاك والنفوس والمنافع وأفرح المطيعين ،يبين الله للمؤمنين أنه سوف يبلوهم أى يختبرهم بالخوف وهو الرعب الناتج من نقص النفوس والمال الذى تعد به القوة المرهبة للعدو وسوف يختبرهم بالجوع وهو نقص الثمرات حيث تقل منافع الطعام ،ويطلب الله من رسوله (ص)أن يبشر الصابرين أى يخبر المطيعين لله بالجنة والخطاب فى أول القول للمؤمنين وفى أخرها للنبى(ص) وله أيضا فى القول بعدها والقول بعده.                                                                               

"الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" يفسر قوله "وإنا إليه راجعون"قوله تعالى بسورة الأعراف "قالوا إنا إلى ربنا منقلبون" فراجعون تعنى منقلبون والمعنى وبشر الصابرين الذين إذا مسهم ضرر قالوا إنا لله وإنا إليه منقلبون ،يطلب الله من رسوله (ص)أن يبشر الصابرين وهم المطيعين الذين إذا أصابتهم مصيبة أى الذين إذا مسهم أذى قالوا :إنا لله والمراد إننا ملك لله يتصرف فينا كيف يشاء ،وإنا إليه راجعون أى عائدون إلى جزاء الله بعد الموت وهو الجنة التى هى نتيجة صبرهم .

"أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " يفسر الآية قوله تعالى بسورة التوبة "وأولئك لهم الخيرات " و"وأولئك هم المفلحون "وقوله بسورة الأنعام "أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "فالصلوات هى الخيرات هى الأمن هى الرحمة والمهتدون هم المفلحون ومعنى  الآية أولئك لهم الخيرات من ربهم أى الجنة أى أولئك هم الأمنون ،يبين الله لنا أن الصابرين هم المهتدون أى الكاسبون للجنة وهى الصلوات أى الرحمة الإلهية.

"إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم "قوله "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما"يفسره قوله تعالى بسورة الحج "ومن يعظم حرمات الله "وقوله بسورة البقرة "فلا إثم عليه" فشعائر الله هى حرماته والجناح هو عقاب الإثم والمعنى إن السعى بين مكان الصفا ومكان المروة من حرمات الله فمن قصد البيت فى أيام الحج أو من قصد البيت فى الأشهر الحرام فلا عقاب عليه أن يسعى بينهما ،يبين الله لنا أن السعى بين مكانى الصفا والمروة واجب من يتركه عليه جناح أى عقاب ممثل فى فدية أو نسك أو صيام ،وقوله "ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم "يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران "وما يفعلوا من خير فلن يكفروه "وقوله بسورة الإسراء"فأولئك كان سعيهم مشكورا "فتطوع الخير هو فعله هو السعي للخير وهو العمل الصالح وعدم كفر فعل الخير هو شكر الله له والمعنى ومن فعل صالحا فإن الله حامد خبير،يبين الله لنا أن من يتطوع خيرا أى يعمل صالحا فإن الله يشكره أى يثيبه عليه بالجنة وهو عليم به أى خبير بالعمل وفاعله فى كل وقت ،ومعنى الآية إن السعى بين مكان الصفا ومكان المروة من حرمات الله فمن قصد البيت أيام الحج أو قصده فى الأشهر الحرام فلا عقاب عليه إن سعى بينهما ومن عمل صالحا فإن الله مثيب له عارف بعمله،والخطاب للمؤمنين وهذه الآية محذوف قبلها أو بعدها كلام يتحدث عن أعمال الحج .

"إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة الأنعام "قل من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا"وقوله بسورة البقرة "إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب "وقوله بسورة البقرة "أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين "وقوله بسورة التوبة "وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا والآخرة "فالمكتوم من البينات والهدى هو المخفى من الكتاب الذى هو نور واللاعنون هم الناس والملائكة ولعنة الله هى عذابه فى الدنيا والأخرة والمعنى إن الذين يخفون ما أوحينا من الأحكام أى الحق من بعد ما أبلغناه للخلق فى الوحى أولئك يعذبهم الله ويذمهم الذامون ،يبين الله لنا أن الذين يكتمون المنزل من البينات والمراد الذين يخفون الموحى به من أحكام الله بعد ما أبلغ الله للمسلمين الوحى المكتوم منهم يلعنهم الله أى يعذبهم فى الدنيا والآخرة ويلعنهم اللاعنون والمراد ويذمهم الذامون وبألفاظ أخرى يطلب لهم الناس والملائكة غضب الله ،والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده

"إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم " يفسره قوله تعالى بسورة النساء"إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله"وقوله بسورة هود "إلا من تاب وأمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة "فتابوا أى أصلحوا أى بينوا أى اعتصموا بالله أى أخلصوا دينهم لله والتوبة عليهم هى إدخالهم الجنة ومعنى الآية يلعنهم الله واللاعنون إلا الذين أنابوا أى أحسنوا أى أظهروا الحق فأولئك أغفر لهم وأنا الغفور النافع ،يبين الله لنا أن لعنته وهو عذابه ولعنة الناس والملائكة تمنع عن الذين تابوا أى عادوا للحق أى أصلحوا أى أحسنوا أى بينوا أى أظهروا الحق بطاعته ومن ثم يدخلون الجنة .

"إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار "وقوله بسورة التوبة "وماتوا وهم فاسقون"وقوله بسورة النحل "فعليهم غضب من الله "فالذين كفروا أى كذبوا بآياتنا والموتى وهم كفار يعنى وهم فاسقون ولعنة الله هى غضبه وهى النار ومعنى الآية إن الذين كذبوا بآياتنا وتوفوا وهم فاسقون أولئك لهم غضب الله وذم الملائكة والخلق كلهم ،يبين الله لنا أن الذين كفروا وهم المكذبين بوحى الله وهم الذين ماتوا على تكذيبهم لهم لعنة أى عذاب الله ولعنة أى دعاء الملائكة والناس الذام لهم الطالب غضب الله لهم .

"خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة فاطر"والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها "وقوله بسورة المائدة"وما هم بخارجين من النار" وقوله بسورة البقرة "ولا هم ينصرون"فخالدين تعنى لا يموتوا أى ليسوا خارجين من النار و معنى ينظرون  ينصرون ومعنى الآية باقين فيها لا يرفع عنهم العقاب أى لا يرحمون،يبين الله لنا أن الكفار الذين ماتوا على كفرهم هم فى لعنة أى عذاب الله خالدين أى مستمرين فى الإقامة بها لا يرفع عنهم العذاب أى ألم النار أى لا ينظرون أى لا يرحمون فى الآخرة.

"وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم" يفسره قوله تعالى بسورة غافر"ذلكم الله ربكم خالق كل شىء لا إله إلا هو "فالإله هو خالق كل شىء والمعنى وربكم رب واحد لا رب سواه هو النافع المفيد،يبين الله للناس أن إلههم إله واحد والمراد أن خالقهم خالق واحد والمراد ليس له شريك فى ملكه ومن ثم فهو الإله المستحق للعبادة وحده وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد للعباد .

"إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون " قوله "إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار "يفسر قوله تعالى بسورة النور"يقلب الله الليل والنهار" فاختلاف الليل والنهار هو تقليبهما والمعنى إن فى إنشاء السموات والأرض وتغير الليل والنهار آيات لمن يفهم ،وقوله "والفلك التى تجرى فى البحر بما ينفع الناس "يعنى والسفن التى تسير فى الماء بما يفيد الخلق،يبين الله لنا أن من آياته جرى الفلك فى البحر بما ينفع الناس والمراد سير السفن فى الماء بالذى يفيد الخلق وهو البضائع والسلع ،وقوله "وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها"يفسره قوله تعالى بسورة الأنعام "وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شىء "فإحياء الأرض بعد موتها هو إخراج نبات كل شىء من الأرض ومعنى الآية والذى أسقط من السحاب مطرا فبعث به الأرض بعد جدبها ،يبين الله لنا أن من آياته إنزال الماء من السماء لإحياء الأرض بعد موتها ،وقوله "وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض" يعنى وخلق فى الأرض من كل نوع وتسيير الهواء والغمام المعلق بين السماء والأرض ،يبين الله لنا أن من آياته بث كل دابة فى الأرض والمراد خلق كل نوع من أنواع المخلوقات فى الأرض ،وتصريف الرياح  أى تسيير الهواء أى توجيهه إلى حيث يريد ،والسحاب المعلق بين السماء والأرض وهو الغمام المعلق فى الجو بين السماء والأرض وهذا يعنى أن السحب لا توجد فى غير المنطقة بين السماء والأرض،وقوله "لآيات لقوم يعقلون "يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران "لآيات لأولى الألباب "فالقوم الذين يعقلون هم أصحاب الألباب والمعنى لعلامات لناس يفهمون ومعنى الآية إن فى إنشاء السموات والأرض وتغير الليل والنهار والسفن التى تسير فى الماء بما يفيد الخلق والذى أسقط الله من السحاب من غيث فبعث به الأرض بعد جدبها وخلق فى الأرض من كل نوع وتوجيه الهواء حيث يريد والغمام المعلق بين السماء والأرض لعلامات لناس يفهمون ،والخطاب للمؤمنين.

"ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين أمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العقاب"قوله"ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله"يفسره قوله بسورة الزمر"والذين اتخذوا من دونه أولياء"وقوله بسورة مريم"واتخذوا من دون الله آلهة "فالأنداد هم الأولياء هم الآلهة والمعنى ومن الخلق من يطيع من غير الله آلهة يطيعونهم كطاعة الله ،يبين الله لنا أن كثير من الناس وهم الخلق يجعل لله أندادا أى شركاء أى آلهة كما يدعون وهذه الآلهة هى أهواء أنفسهم الضالة مصداق لقوله تعالى بسورة الجاثية "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه " وهم يحبون أى يطيعون الشركاء كحب أى كطاعة الله وهذا يعنى أنهم يساوون بين الآلهة المزعومة وبين الله ،وقوله "والذين أمنوا أشد حبا لله يعنى والذين صدقوا أعظم طاعة لحكم الله ،يبين الله لنا أن المؤمنين بوحى الله أشد حبا لله أى أفضل طاعة لله والمراد أحسن إتباع لحكم الله حيث لا يشركون معه أحد ،وقوله "ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب " يفسره قوله تعالى بسورة الفرقان "وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا "وقوله بسورة النساء"وأن العزة لله جميعا"وقوله بسورة المائدة "إن الله شديد العقاب "فرؤية العذاب تعلم الكفار أن القوة وهى العزة لله وحده وإن الله شديد العذاب أى العقاب ومعنى القول ولو يعلم الذين كفروا حين يشاهدون العقاب أن العزة لله كلها أى أن الله عظيم العقاب ،يبين الله لنا أن الذين ظلموا أى كفروا بوحى الله حين يرون أى يدخلون العذاب يعلمون أن القوة وهى العزة أى القدرة على العقاب هى لله وحده كلها وفسر هذا بأنهم يعلمون أن الله شديد العذاب أى عظيم العقاب ،ومعنى الآية ومن الخلق من يتبع من سوى الله شركاء يتبعونهم كإتباع الله والذين صدقوا وحى الله أفضل إتباع لله ولو يشاهد الذين كفروا حين يدخلون العقاب أن العزة لله كلها أى أن الله عظيم العقاب والخطاب فى الآية للنبى(ص) وما بعدها.

"إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب "معنى الآية قد تخلى الذين أطيعوا عن الذين أطاعوا وشاهدوا العقاب وبعدت عنهم الرحمات ،يبين الله لنا أن الذين اتُبعوا وهم الذين أطيعوا من جانب الصغار قد تبرأوا من الذين اتًبعوا أى قد تخلوا عن الذين أطاعوهم  والمراد أنهم نفوا مسئوليتهم عن إضلالهم ،ويبين لنا أنهم لما رأوا العذاب أسروا الندامة مصداق لقوله تعالى بسورة غافر"ورأوا بأسنا "وقوله بسورة يونس"وأسروا الندامة لما رأوا العذاب " فالعذاب هو البأس والمراد أنهم أخفوا الندم على كفرهم ،وتقطع الأسباب بهم هو بعد الرحمات عنهم والمراد أن الله منع عنهم رحمته وهى جنته.       

"وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار"قوله "وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا"يعنى وقال الذين أطاعوا الكبار لو أن لنا عودة للدنيا فنتخلى عنهم كما تخلوا عنا ،يبين الله لنا أن الذين اتبعوا أى أطاعوا السادة الكبار لما رأوا تخلى السادة عنهم فى النار قالوا :لو كان لنا كرة أى عودة للحياة الدنيا لتخلينا عن السادة كما تخلوا عنا فى الآخرة وهذا يعنى أنهم يريدون الانتقام لأنفسهم وليس العودة للدنيا حتى يؤمنوا فيدخلوا الجنة ،وقوله "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار"يفسره قوله تعالى بسورة التوبة "وفى النار هم خالدون " فعدم الخروج من النار هو الخلود فيها والمعنى هكذا يذيقهم الله أفعالهم عذابات لهم  وما هم بتاركين للنار،يبين الله لنا أنه يذيق الكفار بأعمالهم وهى سيئاتهم الحسرات وهى العذابات أى الآلام فى النار وهم ليسوا بخارجين من النار وهذا معناه أنهم يبقون فى جهنم دون موت ومعنى الآية وقال الذين أطاعوا السادة لو أن لنا عودة للدنيا فنتخلى عنهم كما تخلوا عنا هكذا يذيقهم الله جزاء أفعالهم عذابات لهم وما هم بتاركين النار.

"يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "قوله "يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض حلالا طيبا "يفسره قوله تعالى بسورة الأنعام "كلوا مما رزقكم الله "فالحلال الطيب هو رزق الله والمعنى يا أيها الخلق تناولوا من الذى فى البلاد مباحا نافعا ،يطلب الله من الناس أن يأكلوا مما فى الأرض الحلال الطيب والمراد أن يتناولوا الطعام المباح النافع لهم الموجود فى بلاد الأرض من نبات أو حيوان ،وقوله "ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين "يفسره قوله تعالى بسورة يس"أن لا تعبدوا الشيطان "وقوله بسورة الفرقان "وكان الشيطان للإنسان خذولا"فعدم إتباع الشيطان هو عدم  عبادته وكون الشيطان عدو للإنسان هو خذلانه له والمعنى ولا تطيعوا وساوس الكافر إنه لكم  كاره عظيم ،يبين الله لنا أن الواجب على الناس هو عدم إتباع خطوات الشيطان والمراد عدم طاعة وساوس الشهوة التى تأمر بكل كفر ويبين الله للناس أن الشيطان وهو الشهوة هى عدوهم المبين أى كارههم الظاهر العظيم ومعنى الآية يا أيها الخلق أطعموا من الذى فى البلاد نافعا مباحا ولا تطيعوا وساوس الهوى إنه لكم كاره عظيم  والخطاب للناس وما بعده.

"إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون "يفسره قوله تعالى بسورة النور "ومن يتبع الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر" وقوله بسورة النحل "لتفتروا على الله الكذب" فالسوء هو الفحشاء هو المنكر والتقول على الله الذى لا يعلمون هو افتراء الكذب على الله ومعنى الآية إنما يدعوكم للكفر أى الجرم أى أن تنسبوا لله الذى لا تعرفون أنه وحى من الله ،يبين الله للناس أن الشيطان وهو الشهوة يأمرهم والمراد يدعوهم إلى السوء وهو الفحشاء أى التقول على الله والمراد يدعوهم لعمل الكفر .

"وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون" قوله "وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "وإذا قيل لهم أمنوا بما أنزل الله "فإتباع ما أنزل الله هو الإيمان به والمعنى وإذا قال المسلمون للناس أطيعوا الذى أوحى الله ،يبين الله لنا أن المسلمون إذا قالوا للكفار:اتبعوا ما أنزل الله أى أطيعوا وحى الله كان ردهم " قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون "والذى يفسره قوله تعالى بسورة لقمان "قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا "وقوله بسورة المائدة "أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون "فألفينا تعنى وجدنا كما بسورة لقمان وعدم عقلهم يعنى عدم علمهم كما بسورة المائدة والمعنى قالوا إنما نطيع الذى وجدنا عليه آباءنا ،هل يتبعونه لو كان آباؤهم لا يعلمون حقا أى لا يفهمون ؟ ،يبين الله لنا أن رد الناس على المسلمين هو :بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا والمراد إنما نطيع ما وجدنا عليه الأباء وهذا يعنى أنهم لا يدعون طاعتهم لدين الأباء ،ويسأل الله :أو لو كان آباؤهم لا يعقلون أى لا يهتدون؟ والمراد هل لو كان آباؤهم لا يفهمون أى لا يفقهون الحق؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن آبائهم كانوا لا يفهمون والمراد أنهم مجانين لعدم إتباعهم الحق ومعنى الآية وإذا نصحوا أطيعوا ما أوحى الرب قالوا بل نطيع الذى وجدنا عليه آباءنا ،أيطيعونه لو كان آباؤهم لا يفهمون أمرا أى لا يفكرون والخطاب للنبى(ص) وما بعده.

"ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمى فهم لا يعقلون "قوله "ومثل الذين كفروا كمثل الذى ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء" يعنى وشبه الذين كذبوا كشبه الذى يزعق بالذى لا يعرف إلا أنه  إخبار أى طلب  ،يبين الله لنا أن قول الذين كفروا أى كذبوا بوحى الله:بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا يشبه دعاء أى نداء أى قول الذى ينعق أى يزعق بالذى لا يعرف فى الوحى الإلهى ،والغرض من التشبيه هو إثبات جهل الذين كفروا وجنونهم حتى أنهم يقولون ما يعرفون أنه ليس فى الوحى الإلهى ،وقوله "صم بكم عمى فهم لا يعقلون " يفسره قوله تعالى بسورة البقرة "صم بكم عمى فهم لا يرجعون " فعدم العقل هو عدم الرجوع لدين الله والمعنى كافرون ظالمون فاسقون فهم لا يفقهون ،يبين الله لنا أن الكفار صم بكم أى لا يسمعون دعاء أى وحى الله وهم عمى أى لا يرون الحق ويرون الضلالة وهم لا يعقلون أى لا يطيعون الوحى الإلهى ،ومعنى الآية وشبه الذين كذبوا بوحى الله كشبه الذى يزعق بالذى لا يعلم إلا أنه إخبار أى طلب ،كافرون ظالمون فاسقون فهم لا يفهمون .

"يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون " يفسره قوله تعالى بسورة النحل"واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون" وقوله بسورة سبأ"كلوا من رزق ربكم " وقوله بسورة النحل"فإياى فارهبون " وقوله بسورة فصلت "واسجدوا لله الذى خلقهن إن كنتم إياه تعبدون "فأكل طيبات الرزق هو أكل رزق الرب وفسره بأنه الشكر لله أى السجود لله وتعبدون تعنى ترهبون ومعنى الآية يا أيها الذين صدقوا بوحى الله اعملوا من أحاسن الذى أوحينا لكم أى أطيعوا الله إن كنتم إياه تحبون ،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم والمراد أن يعملوا من أحسن الذى أوحى لهم وفسر الله هذا بأنه الشكر له أى الطاعة لوحى الله وذلك إن كانوا إياه يعبدون أى يحبون أى يريدون ثوابه ،والخطاب للمؤمنين وأيضا ما بعده.

"إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم "  يفسره قوله تعالى بسورة الأنعام "أو دما مسفوحا"وقوله بسورة المائدة "ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه  " وقوله "فمن اضطر فى مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم "فالدم يقصد به الدم المسفوح وما أهل لغير الله به هو الذى لم يذكر اسم الله عليه وذكر اسم أخر  والاضطرار هو فى المخمصة وهى المجاعة والمعنى  إنما منع عليكم الميتة والدم المسال ولحم الخنزير وما قصد به سوى الله فمن أجبر غير معتد أى ظالم فلا عقاب عليه إن الله عفو نافع ،يبين الله للمؤمنين أنه قد حرم عليهم أى منع عليهم أكل الأشياء التالية : الميتة وهى الحيوان النافق الذى هلك بخروج نفسه من جسمه دون ذبح ،والدم وهو السائل الذى ينزل من الحيوان عند ذبحه أو قطع عروق الدم فيه ،ولحم الخنزير وهو الألياف المحيطة بعظام الخنزير وهؤلاء الثلاثة ضارين بصحة الآكل،وما أهل به لغير الله والمراد الذى قصد به سوى الله فلم يذكر اسم الله عليه ،ويبين الله للمؤمنين أن من اضطر لأكل هذا الطعام المحرم والمراد أن من أجبر نفسه على تناول الطعام المحرم بسبب المجاعة التى لو لم يأكل المحرم فيها لمات من الجوع  يكون غير باغ أى معتدى والمراد غير قاصد غير متعمد للأكل من الطعام المحرم ومن ثم لا إثم عليه أى لا عقاب وهذا يعنى أن متعمد أكل المحرمات فى غير المجاعة يعاقب نفس عقاب شارب الخمر،ويبين الله أنه غفور رحيم أى قابل توبة المستغفر لذنبه نافع له .

"إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون فى بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم "قوله "إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب"يفسره قوله تعالى بسورة الأنعام "تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا"فالكتم هو إخفاء المنزل من الكتاب والمعنى إن الذين يخفون ما أوحى الله من الوحى ،وقوله "ويشترون به ثمنا قليلا "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة  "إن الذين اشتروا الحياة الدنيا بالأخرة"  فطاعة كتاب الله هى العمل للأخرة  والثمن القليل هو متاع الحياة الدنيا والمعنى ويأخذون بكتاب الله متاعا فانيا ،وقوله "أولئك ما يأكلون فى بطونهم إلا النار "يعنى أولئك ما يقدمون لأنفسهم إلا النار،وقوله "ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم  "يفسره قوله تعالى بسورة آل عمران"ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم "وقوله لهم عذاب شديد"فالنار تعنى عدم كلام أى نظر الله لهم تعنى عدم تزكيتهم تعنى دخولهم العذاب الأليم وهو الشديد والمعنى ولا يرحمهم الله يوم البعث أى لا يطهرهم أى لهم عقاب شديد،يبين الله لنا أن الذين يكتمون كتاب الله أى يخفون حكم الله عن الناس ويأخذون الثمن القليل وهو متاع الحياة الدنيا مقابل تركهم العمل بكتاب الله إنما يأكلون فى بطونهم النار والمراد أنهم يقدمون أنفسهم إلى النار وفسر هذا بأنه لا يكلمهم أى لا يرحمهم أى لا يزكيهم أى لا يطهرهم من ذنوبهم حتى لا يدخلهم الجنة وفسر هذا بأن لهم العذاب الأليم ومعنى الآية إن الذين يخفون ما أوحى الرب من الحكم ويأخذون مكانه متاعا قصيرا أولئك ما يقدمون لأنفسهم إلا النار أى لا يرحمهم الرب يوم البعث أى لا ينجيهم أى لهم عقاب شديد ،والخطاب للمؤمنين وما بعده.

"أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار" يفسر الآية قوله تعالى بسورة آل عمران "إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان "وقوله بسورة البقرة "أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا يالآخرة"فالضلالة هى الكفر هى اشتهاء الحياة الدنيا الذى نتيجته العذاب والهدى هو الإيمان هو إتباع الهدى لنيل الآخرة الذى نتيجته المغفرة والمعنى أولئك الذين أخذوا الكفر بالإسلام أى العقاب بالرحمة فما أجرأهم على جهنم ،يبين الله لنا أن كاتمى كتاب الله هم الذين أطاعوا الضلالة فأورثهم هذا العذاب وتركوا الهدى الذى يورث إتباعه المغفرة ،والسؤال فما أصبرهم على النار ؟الغرض منه إخبارنا أن هذا الفريق الكافر جرىء على النار بما يفعله .          

"ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا فى الكتاب لفى شقاق بعيد"يفسر الآية قوله تعالى بسورة الزمر "الله نزل أحسن الحديث"وقوله بسورة سبأ"بل الذين لا يؤمنون بالآخرة فى العذاب والضلال البعيد"فالكتاب هو أحسن الحديث والشقاق البعيد هو الضلال البعيد وهو العذاب المستمر والمعنى ذلك بأن الله أوحى الوحى بالعدل وإن الذين تنازعوا فى الوحى لفى عذاب كبير،يبين الله لنا أن دخول القوم النار سببه هو أن الله قد أوحى القرآن وتفسيره وهو الوحى بالعدل وهو حكم الله وهم قد عرفوه ولم يعملوا به،ويبين لنا أن الذين اختلفوا فى الكتاب وهم الذين كذبوا بوحى الله بتنازعهم فيه فى شقاق بعيد أى فى عقاب مستمر ،والخطاب للمؤمنين وما بعده.

"ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من أمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتاب والنبيين وأتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وأتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون" قوله "ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب" يعنى ليس الإسلام أن تتبعوا أنفسكم  وقت المنير والمظلم ،يبين الله لنا أن البر وهو الإسلام ليس أن نولى وجوهنا أى نطيع أنفسنا وقت المشرق وهو النهار ووقت المغرب وهو الليل ،إذا الإسلام ليس أن نطيع أنفسنا نهارا وليلا وإنما أن نطيع حكم الله نهارا وليلا ،وقوله" ولكن البر من أمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتاب والنبيين "يفسره قوله تعالى بسورة البقرة " ولكن البر من اتقى" فالمؤمن هو المتقى والمعنى ولكن المسلم من صدق بوحدانية الله ويوم القيامة والملائكة والوحى والرسل،يبين الله لنا أن البر وهو المسلم هو الذى يؤمن أى يصدق بكل من الله والمراد بوحدانية الله أى كونه الإله المستحق للعبادة وحده ويصدق باليوم الأخر وهو يوم القيامة ووجود الملائكة ووجود الكتاب وهو الوحى المنزل على كل الرسل(ص)ووجود النبيين وهم الرسل(ص) ،وقوله "وأتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب " يفسره قوله تعالى بسورة الإسراء" وأت ذا القربى حقه "فالمال هو الحق والمعنى وأعطى المتاع على عشقه له أهل القرابة وفاقدى الأباء والمحتاجين وابن الطريق والطالبين والعبيد،يبين الله لنا أن البر هو الذى يؤتى المال على حبه والمراد يعطى الحق رغم رغبته فى عدم الإعطاء كل من :ذوى القربى وهم الأقارب الواجب أن ينفق عليهم واليتامى وهم الذين مات آبائهم  وهم أطفال والمساكين وهم الذين يعملون ولكن عائد العمل لا يكفيهم وابن السبيل وهو المسافر الذى ليس معه مال يكمل به رحلته لبلده والسائلين وهم الذين يطلبون المساعدة من المسلم وفى الرقاب والمراد وفى عتق العبيد والإماء،وقوله "وأقام الصلاة "يفسره قوله بعده "وأتى الزكاة "يفسره قوله بعده "والموفون بعهدهم إذا عاهدوا "فإقامة الصلاة هى إيتاء الزكاة هى الوفاء بالعهد هو إقامة الدين مصداق لقوله تعالى بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "والمعنى والبر من أطاع الدين أى اتبع الطهارة من الذنوب بطاعة الله أى الطائعون لحكم ربهم إذا علموا به ،وقوله "والصابرين فى البأساء والضراء وحين البأس"يفسره قوله تعالى بسورة الحج"والصابرين على ما أصابهم "فالبأساء والضراء هى ما أصابهم والمعنى والمتبعين فى الضرر أى الأذى ووقت النفع ،يبين الله لنا أن المسلم هو الصابر أى الطائع لحكم الله وقت البأساء أى الضراء وهو الأذى ووقت البأس وهو القوة أى النفع أى الخير ، قوله "أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون " يعنى أولئك الذين أمنوا أى أولئك الذين أطاعوا حكم الله ،يبين الله لنا أن المسلم هو الذى صدق أى اتقى والمراد أمن بحكم الله وأطاعه والمعنى ليس الإسلام أن تتبعوا أهواءكم وقت النهار والليل ولكن المسلم من صدق بوحدانية الله ويوم القيامة والملائكة والوحى والرسل(ص)وأعطى الحق رغم رغبته فيه أهل القرابة وفاقدى الأباء والمحتاجين والمسافر والطالبين وفى العبيد وأطاع الدين أى اتبع الحق أى الطائعون لحكم ربهم إذا علموا به أى المطيعين فى الضرر أى الأذى ووقت النفع أولئك الذين أمنوا أى أولئك هم المطيعون لله .

"يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شىء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم "قوله "يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر أى العبد بالعبد وهو الرجل بالرجل وسمى الله الإنسان حرا لتصرفه فى نفسه بالكفر أو الإسلام  وسماه عبدا لأنه عبد لله كما قال بسورة مريم"إن كل من فى السموات والأرض إلا أتى الرحمن عبدا" والأنثى بالأنثى "يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس "والمعنى يا أيها الذين صدقوا بوحى الله فرض عليكم العقاب فى المذبوحين  الرجل بالرجل أى الذكر بالذكر والمرأة بالمرأة ،يبين الله لنا أن القصاص فى القتلى وهو العقاب فى جرائم القتل يكون بقتل الحر بالحر أى العبد بالعبد أى الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة وهذا يعنى قتل القاتل فى مقابل قتله للقتيل سواء اتحد الجنس أم اختلف لأن لكل منهم نفس كما قال بسورة المائدة"أن النفس بالنفس"،وقوله "فمن عفى له من أخيه شىء فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان "يفسره قوله تعالى بسورة النساء"ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا"فالشىء هو الدية واتباعها بالمعروف أى أدائها بإحسان هو تسليمها إلى أهله والمعنى فمن تنازل له من أخيه دية فإعطاء بالبر أى إيتاء بالمعروف،يبين الله لنا أن ولى القتيل إذا عفى عن القاتل أى تنازل عن قتله فالواجب على  القاتل هو شىء أى دية وهى مبلغ يقدر القاتل على دفعه وليس له قدر محدد وهذه الدية تتبع بالمعروف وفسر الله هذا بأنها تؤدى بإحسان والمراد تعطى لولى القتيل بالبر واليسر،وقوله "ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم "يفسره قوله تعالى بسورة المائدة "ومن عاد فينتقم الله منه "وقوله بسورة النساء"وأعد له عذابا عظيما "  فالعذاب الأليم هو العظيم هو انتقام الله من القاتل والمعنى العفو عن القاتل رأفة من إلهكم أى فضل فمن قتل بعد هذا فله عقاب عظيم ،يبين الله لنا أن تشريع الله للعفو عن القاتل هو تخفيف أى رحمة أى رأفة من الله بالخلق ،وأما من يعتدى أى يقتل بعد هذا التشريع مرة أخرى فله عذاب أليم أى عقاب القتل فى الدنيا والنار فى الأخرة ومعنى الآية يا أيها الذين صدقوا فرض عليكم العقاب فى المذبوحين الرجل بالرجل أى الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى فمن تنازل له من صاحبه دية فإعطاء بالبر أى إيتاء بالمعروف والعفو عن القاتل رأفة من إلهكم أى فضل فمن قتل بعد ذلك فله عقاب شديد،والخطاب للمؤمنين وما بعده وهناك جزء محذوف من القول ومعناه الرجل بالأنثى والأنثى بالرجل.

"ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون "يفسر الآية قوله تعالى بسورة المائدة "فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"وقوله بسورة طه"لأولى النهى"فأولى الألباب هم أولى النهى وتتقون تعنى تفلحون والمعنى ولكم فى الجزاء أمن يا أصحاب العقول لعلكم تطيعون فتفلحون ،يبين الله لنا أن فى القصاص حياة والمراد أن فى العقاب نجاة وبألفاظ أخرى أن تنفيذ عقوبة القتل وهى قتل القاتل تجلب الحياة أى الأمن للناس لأن الناس سيخافون من قتل بعضهم فلا يرتكبوا جريمة القتل ومن ثم تستمر الحياة وقد سمانا الله أولى الألباب أى النهى أى العقول بسبب تقوانا أى طاعتنا للأمر حتى نفلح فى الآخرة .

 

اجمالي القراءات 11381