يقول المولى تعالى في أحسن الحديث: قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا &;َابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(64). آل عمران.
ـ بداية أرجو أن يعلم الجميع أنه من سن التمييز والشباب، كانت تتزاحم إلى فكري تساؤلات كثيرة حول بعض الأحاديث التي نقرأها ونسمعها من الوعاظ والمرشدين، لكنها غير مهضومة بالنسبة لي، لوجود تناقض صارخ بينها وبين ما نقرأ في كتاب الله تعالى، بل التناقض وارد حسب فهمي حتى مما يقول نفس الواعظ. وأول حديث كسر أقفال قلبي لأتدبر القرآن وأحاول فهمه، ونسب إلى رسول الله تعالى هو: 6432 حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم الولد للفراش وللعاهر الحجر. البخاري ج 6 ص 2499 قرص 1300 كتاب.
بينما يقول المولى تعالى في سورة أنزلها وفرضها وأنزل فيها آيات بيّنات فحكم على الزانية والزاني مائة جلدة... لكن لم أكن أتجرأ أو أستطيع أن أبوح بما في نفسي لجهلي بحقيقة هذه الأحاديث المنسوبة إلى من لا ينطق عن الهوى عليه السلام. والحديث الثاني هو:
440 حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها. مسلم ج 1 ص 236 قرص 1300 كتاب. ومن ذلك العهد بدأت البحث عن حقيقة هذه الروايات التي صدق الله العظيم حيث يقول: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا(82). النساء. نعم وجدنا اختلافا كثيرا في كتب ( السنة) التي ينسب فيها القول إلى رسول الله عليه السلام وإلى الوحي!!!
وإيمانا مني على أن الحوار، المحترم هو وحده الذي يمكن أن يلين القلوب ويفتح أقفالها لتتغير من حسن إلى أحسن، ومن جهل إلى علم، ومن كفر وعناد إلى إيمان صادق وإخلاص فيه لله تعالى وحده، وبما أن السماء تنهمر بالقنوات الفضائية من كل نوع، وشبكة (الانترنت) تزرع في أوساط الناس ما ينفعها وما يضرها، وبما أن زماننا غير زمان آباءنا وأجدادنا، وبما أن وسائل البحث والتنقيب في أمهات الكتب متوفرة جدا، وبما أن الجهل لا يؤدي إلا إلى الضلال، وأن العلم وحده هو الذي ينير الصراط، (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)(9) الزمر.
إذن فما على الناس إلا محاولة تغيير ما بأنفسهم، وما ترسب من أفكار ورثوها من أجدادهم وآبائهم، أقول فما على الناس إلا محاولة التغير والتحديق بكل شجاعة وإخلاص النية في ذلك للبحث عن الحق، كل الحق حيث ما كان ومن أي جهة صدر، وأهم شيء في نظري يجب أن نعيد النظر فيه بكل حرية وشجاعة وإخلاص هو ذلك الموروث من الدين الذي ينشط فيه الشياطين من الإنس والجن الذين يبغونها عوجا، الذين استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة أولئك في ضلال بعيد. (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ(3). إبراهيم.
ـ بما أن أهل هذا الموقع المبارك فتحوا أبوابهم للحوار الجاد، رغبة منهم في إصلاح الناس وتنويرهم، وبما أن نخبة من الأساتذة الفضلاء مستعدون لتنويرنا مما آتاهم الله من نوره، فلا يسعنا نحن الباحثين عن الحق، التائهين بين العديد من التيارات الفكرية إلا أن نشد أيدي بعضنا البعض ونتعلم من بعضنا البعض، والشرط الوحيد في ذلك هو احترام رأي بعضنا البعض مهما كان مخالفا لرأينا، ويجب أن نؤمن ونعتقد أن الاختلاف وارد، ولا يسمح لأي خلاف، إلى أن يأتي اليوم الذي يحكم فيه أحكم الحاكمين بين عباده فيما كانوا فيه مختلفين.
موضوع هذا المقال أعزائي الكرام أخصصه لمناقشة مدى ارتباط ما يسمى ( بالسنة) بكتاب الله تعالى ( القرآن العظيم)، فأرجو أن نحصر النقاش حول (السنة القولية ) وحجيتها ومدى تأثيرها على أحسن الحديث ( كتاب الله تعالى) وتعطيل أحكام وإصدار أحكام أخرى لم تنزل على قلب محمد عليه السلام، وهل ما قيل في كتب السلف ( أن السنة تقضي على القرآن) فهل يمكن ذلك، وهل يعقل!!!؟؟؟ السنة تقضي على القرآن.
كيف يقول قال لي الزهري ايعجبك الحديث قلت نعم قال اما انه يعجب ذكور الرجال ويكرهه مؤنثهم اما ذكور الرجال فهم الذين يطلبون الحديث والعلم وعرفوا قدره واما مؤنثهم فهم هؤلاء الذين يقولون ايش نعمل بالحديث وندع القران او ما علموا ان السنة تقضي على الكتاب اصلحنا الله واياهم.
الجامع لاخلاق الراوي و آداب السامع ج 1 ص 141 قرص1300 كتاب.
ـ أبدأ بتعريف السنة من لسان العرب.
وسُنَّةُ الله: أَحكامه وأَمره ونهيه؛ هذه عن اللحياني.
وسَنَّها الله للناس: بَيَّنها.
وسَنَّ الله سُنَّة أَي بَيَّن طريقاً قويماً. قال الله تعالى: سُنَّةَ الله في الذين خَلَوْا من قبلُ؛ نَصَبَ سنة الله على إرادة الفعل أَي سَنَّ الله ذلك في الذين نافقوا الأَنبياءَ وأَرْجَفُوا بهم أَن يُقْتَلُوا أَين ثُقِفُوا أَي وُجِدُوا.
والسُّنَّة السيرة، حسنة كانت أَو قبيحة؛ قال خالد بن عُتْبة الهذلي: فلا تَجْزَعَنْ من سِيرةٍ أَنتَ سِرْتَها، فأَوَّلُ راضٍ سُنَّةً من يَسِيرُها وفي التنزيل العزيز: وما مَنَعَ الناسَ أَن يُؤمنوا إذا جاءهم الهُدى ويستغفروا رَبَّهم إلاَّ أَن تأْتيهم سُنَّةُ الأَوَّلين؛ قال الزجاج: سُنَّةُ الأَوَّلين أَنهم عاينوا العذاب فطلب المشركون أَن قالوا: اللهم إن كان هذا هو الحَقَّ من عندك فأَمْطِرْ علينا حجارةً من السماء.
وسَنَنْتُها سَنّاً واسْتَنَنْتُها: سِرْتُها، وسَنَنْتُ لكم سُنَّةً فاتبعوها.
وفي الحديث: من سَنَّ سُنَّةً حَسَنةً فله أَجْرُها وأَجْرُ من عَمِلَ بها، ومن سَنَّ سُنَّةً سيّئَةً يريد من عملها ليُقْتَدَى به فيها، وكل من ابتدأَ أَمراً عمل به قوم بعده قيل: هو الذي سَنَّه؛ قال نُصَيْبٌ: كأَني سَنَنتُ الحُبَّ ، أَوَّلَ عاشِقٍ من الناسِ، إِذ أَحْبَبْتُ من بَيْنِهم وَحْدِي (* قوله «إذ أحببت إلخ» كذا في الأصل، وفي بعض الأمهات: أو بدل إذ).
وقد تكرر في الحديث ذكر السُّنَّة وما تصرف منها، والأَصل فيه الطريقة والسِّيرَة، وإذا أُطْلِقَت في الشرع فإِنما يراد بها ما أَمَرَ به النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، ونَهى عنه ونَدَب إليه قولاً وفعلاً مما لم يَنْطق به الكتابُ العزيز، ولهذا يقال في أَدلة الشرع: الكتابُ والسُّنَّةُ أَي القرآن والحديث.
وفي الحديث: إِنما أُنَسَّى لأِسُنَّ أَي إنما أُدْفَعُ إلى النِّسْيانُ لأَسُوقَ الناسَ بالهداية إلى الطريق المستقيم، وأُبَيِّنَ لهم ما يحتاجون أَن يفعلوا إذا عَرَضَ لهم النسيانُ، قال: ويجوز أَن يكون من سَنَنْتُ الإِبلَ إذا أَحْسنت رِعْيتَها والقيام عليها.
وفي الحديث: أَنه نزل المُحَصَّبَ ولم يَسُنَّهُ أَي لم يجعله سُنَّة يعمل بها، قال: وقد يَفْعل الشيء لسبب خاص فلا يعمّ غيره، وقد يَفْعل لمعنى فيزول ذلك المعنى ويبقى الفعل على حاله مُتَّبَعاً كقَصْرِ الصلاة في السفر للخوف، ثم استمرّ القصر مع عدم الخوف؛ ومنه حديث ابن عباس: رَمَلَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وليس بسُنَّة أَي أَنه لم يَسُنَّ فِعْلَه لكافة الأُمّة ولكن لسبب خاص، وهو أَن يُرِيَ المشركين قوّة أَصحابه، وهذا مذهب ابن عباس، وغيره يرى أَن الرَّمَلَ في طواف القدوم سنَّة.
وفي حديث مُحَلِّمِ ابن جَثَّامة: اسْنُنِ اليومَ وغَيِّرْ غداً أَي اعْمَلْ بسُنَّتك التي سَنَنْتها في القِصاصِ، ثم بعد ذلك إذا شئت أَن تغير فغير أَي تغير ما سَننْتَ، وقيل: تُغَيِّر من أَخذ الغِيَر وهي الدية.
وفي الحديث: إن أَكبر الكبائر أَن تُقاتل أَهل صَفْقَتِك وتُبَدِّلَ سُنَّتَك؛ أَراد بتبديل السُّنة أَن يرجع أَعرابيّاً بعد هجرته.
وفي حديث المجوس: سُنُّوا بهم سُنَّة أَهل الكتاب أَي خذوهم على طريقتهم وأَجْرُوهم في قبول الجزية مُجْراهم.
وفي الحديث: لا يُنْقَضُ عَهْدُهم عن سُنَّةِ ماحِلٍ أَي لا ينقض بسَعْيِ ساع بالنميمة والإِفساد، كما يقال لا أُفْسِدُ ما بيني وبينك بمذاهب الأَشرار وطُرُقهم في الفساد.
والسُّنَّة الطريقة، والسَّنن أَيضاً.
وفي الحديث: أَلا رجلٌ يَرُدُّ عَنَّا من سَنَنِ هؤلاء. التهذيب: السُّنَّةُ الطريقة المحمودة المستقيمة، ولذلك قيل: فلان من أَهل السُّنَّة؛ معناه من أَهل الطريقة المستقيمة المحمودة، وهي مأْخوذة من السَّنَنِ وهو الطريق.
ويقال للخَطّ الأَسود على مَتْنِ الحمار: سُنَّة.
والسُّنَّة الطبيعة؛ وبه فسر بعضهم قول الأَعشى: كَرِيمٌ شَمَائِلُه من بَنِي مُعاويةَ الأَكْرَمينَ السُّنَنْ.
وامْضِ على سَنَنِك أَي وَجْهك وقَصْدك.
وللطريق سَنَنٌ أَيضاً، وسَنَنُ الطريق وسُنَنُه وسِنَنُه وسُنُنُه: نَهْجُه. يقال: خَدَعَك سَنَنُ الطريق وسُنَّتُه.
أكتفي بهذا القدر في تعرف (السنة) من لسان العرب.
ـ ولعله من المفيد أن نتذكر جميعا أن كلمة ( سنة) التي وردت في القرآن الكريم لا تتعلق إلا بالله تعالى وحده وقوانينه، (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا)(43). فاطر. والأهم في الأمر أن الله تعالى أمرنا أو وجهنا أو نبهنا بأن لنا في رسول الله ( أسوة حسنة)، فلعل التعبير الذي يكون أصح وأدق هو ( القرآن والأسوة الحسنة )، أما ما ألفناه في التعبير (بالقرآن والسنة) فأعتقد أنه من باب الموروث، يقول ملك يوم الدين: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمْ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ(15). الشورى. بما أن الرسول عليه السلام كان يتبع ما أنزل إليه من القرآن وكان أول الممتثلين لما جاء فيه، فلا يمكن إلا أن يكون أول المسلمين العاملين بما في كتاب الله تعالى فقط. حدثنا عبيد بن آدم بن أبي إياس قال ثني أبي قال ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن عن سعيد بن هشام قال أتيت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقلت أخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان خلقه القرآن أما تقرأ وإنك لعلى خلق عظيم. تفسير الطبري ج29 ص 19 قرص 1300 كتاب.
وأرجو أن أضع بين أيديكم جملة من الأسئلة لبداية الحوار الذي أرجو أن يكون مفيدا لنا جميعا.
1. هل يعقل وهل يمكن أن ينزّل الله على رسوله رسالة فيحفظ جزاء منها، حفظا تحدى الله سبحانه به خلقه من الجن والإنس على أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، فلم يأتوا بمثله ولن يستطيعوا ذلك أبدا، أقول هل يعقل أن يحفظ الله تعالى جزاء من الوحي ويترك الجزء الآخر دون رعاية وعناية وحفظ منه سبحانه، وهو القادر على كل شيء؟؟؟؟؟
2. هل أنزل الله تعالى في ليلة القدر على قلب الرسول محمد عليه السلام كتابا واحدا لا شريك له ( القرآن العظيم) أم أنزل معه غيره ولم يخبر به؟ (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) "185" البقرة.
3. إذا كان الله تعالى يأمر رسوله أن يبلغ للناس ما نزّل إليه (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(67) المائدة. أقول إذا كان الله يأمر رسوله بتبليغ ما نزّل إليه فهل يمكن أن يزيد شيئا من عنده أو أن يغير حكما من أحكام الله تعالى؟
4. يقول المولى تعالى: وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(64). النحل. هل الكتاب الذي أنزل الله على رسوله ليبن للناس الذي اختلفوا فيه، هل هو القرآن وحده أم هناك كتاب آخر معه؟ لأنه في آية "44" من نفس السورة يبين المولى تعالى فيها الكتاب وأسماه ( الذكر) ليبين الرسول للناس ما نزل إليهم، ـ وبذلك تكون كل رواية لا تتناقض مع الكتاب المنزل ولا مع العلم والعقل فهي مما يعتبر تبيانا لما أنزل الله تعالى ـ فلو كان مع الذكر كتاب آخر لذكره الله تعالى ليكون الرسول شاهدا على تبليغه للناس ويكون الناس شهداء عليه.
5. وإذا فهمنا أن القرآن العظيم أنزله الله تعالى ليبين للناس ما نزّل إليهم، في ( الكتب السابقة المنزلة على رُسل الله عليهم السلام) فهل أنزل الله كتابا آخر بعد القرآن ليبين ما نزّل في القرآن؟ ألم يقل المولى تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ. "48" المائدة.
6. هل سيحاسبنا الله بما لم يبلغ لنا ولم يحفظ من كيد المنافقين والمشركين، أم أنه سبحانه سوف يحاسبنا على ما بُلّغ إلينا كتابا لا ريب فيه هدى للمتقين؟ والدليل على ذلك سوف يقول يوم الدين المتبعين لغير ما أنزل الله ما أنذرنا به المولى تعالى فقال: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(27) يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا(29)وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30) الفرقان. لاحظوا أعزائي قول الرسول يوم يكون (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَانِ). (وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) ولم يقل اتخذوا حديثي أو سنتي مهجورا، والذي سوف يعض على يديه يوم الفرقان كذلك لا يقول: ( لقد أضلني عن السنة والحديث) إنما يقول الظالم يوم يعض على يديه: ( يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي) "29". الفرقان. والذكر هو القرآن وحده.
7. ( هل القرآن يكفي وحده لسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة؟).
أختم بهذه الرواية من ( صحيح البخاري ج 3 ص 1196 قرص 1300 كتاب. جاء في الصحيح الذي يعتبر عند الشيوخ كل ما بين دفتي ( البخاري) وحي من عند الله ولا يجوز نقد رواية واحدة منه، ومن بين الروايات ما يلي: 3110 حدثنا محمود حدثنا شبابة حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى صلاة فقال ثم إن الشيطان عرض لي فشد علي يقطع الصلاة علي فأمكنني الله منه فذكره 3111 حدثنا محمد بن يوسف حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط فإذا قضي أقبل فإذا ثوب بها أدبر فإذا قضي أقبل حتى يخطر بين الإنسان وقلبه فيقول اذكر كذا وكذا حتى لا يدري أثلاثا صلى أم أربعا فإذا لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا سجد سجدتي السهو. ( صحيح البخاري) ج3 ص 1196 قرص 1300 كتاب.
389 حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع الأذان فإذا قضي الأذان أقبل فإذا ثوب بها أدبر فإذا قضي التثويب أقبل يخطر بين المرء ونفسه يقول اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى فإذا لم يدر أحدكم كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس. مسلم ج 1 ص 398 قرص 1300 كتاب.
علما أن الآذن يرفع بين اليوم والليلة في كل بضع دقائق، فهل كلما سمع الأذان تكون له ضراط؟!!!
وجاء في تفسير القرطبي: وروى أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لاتجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة وروى الدارمى عن عبد الله قال ما من بيت يقرأ فيه سورة البقرة إلا خرج منه الشيطان وله ضراط إن لكل شيء سناما وأن سنام القرآن سورة البقرة. القرطبي ج 1 ص 152 قرص 1300 كتاب.
أكتفي بهذا القدر تقبلوا أعزائي أزكى سلام وتحية.