د. سعد الدين إبراهيم لـ« المصرى اليوم»: أتمنى لمبارك «طول البقاء» لكن «خارج السلطة».. وسنستقبله فى و

في الأربعاء ٠٦ - مايو - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

د. سعد الدين إبراهيم لـ« المصرى اليوم»: أتمنى لمبارك «طول البقاء» لكن «خارج السلطة».. وسنستقبله فى واشنطن بـ«وقفات احتجاجية» ما لم يوقف «الطوارئ»
أجرت الحوار فى جنيف أميرة عبدالرحمن ٦/ ٥/ ٢٠٠٩


د. سعد الدين إبراهيم يتحدث لمحررة «المصرى اليوم»
«أتمنى لمبارك طول البقاء لكن خارج السلطة».. بهذه الكلمات تحدث الناشط السياسى الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، عن ذكرى ميلاد الرئيس حسنى مبارك، داعياً إياه إلى التفكير فى «اعتزال الحياة السياسية».

وقال سعدالدين – فى حوار لـ«المصرى اليوم» من جنيف – «نرجو من مبارك إجراء عدد من الإصلاحات قبل لقائه المرتقب بالرئيس الأمريكى باراك أوباما، أهمها إنهاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وإطلاق حرية الإعلام، واستعادة أيمن نور لكل حقوقه السياسية، وإلا سننظم وقفات احتجاجية تواكب زيارته لواشنطن».

سعد الدين تحدث أيضاً عن جمال مبارك، رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطنى، حيث طالبه بـ«الابتعاد عن السلطة»، إلا إذا أتته بـ«طريقة ديمقراطية»، من خلال انتخابات تنافسية حرة تحت إشراف دولى.

وكشف عن أنه نصح إدارة أوباما بعدم زيارة القاهرة كأولى عواصم العالم الإسلامى، لأن نظامها السياسى يفتقر – حسب قوله – إلى الديمقراطية، فى حين خطت كل من تركيا وإندونيسيا، كدولتين إسلاميتين، خطوات ملموسة على طريق الديمقراطية.

ورغم استطراد الناشط السياسى فى الحديث عن سبل تحقيق الإصلاح فى مصر، إلا أن حواره لـ«المصرى اليوم» لم يخل من الحديث عن حياته خارج بلده، والصعوبات التى يواجهها، والتى أهمها – حسب قوله – ابتعاده عن زوجته وأبنائه وأحفاده..

وإلى نص الحوار:

* حدثنا عن علاقتك بالإدارة الأمريكية الجديدة والرئيس أوباما؟

- علاقتى جيدة بإدارة أوباما وبجميع مستشاريه، تماماً مثلما كانت مع إدارة الرئيس السابق جورج بوش، وأقول لهم رأيى عندما يُطلب منى، ومؤخراً أخذوا بنصيحتى عندما سألونى عن رأيى فى أهم وأول عاصمة إسلامية ينبغى على الرئيس الأمريكى زيارتها بعد توليه السلطة، فقلت لهم جاكرتا أولاً أو إسطنبول، وهو ما حدث، وقلت لهم بالحرف إن القاهرة ليست العاصمة الأنسب لتدشين زيارات أوباما لدول العالم الإسلامى، لأن نظامها السياسى يفتقر إلى الديمقراطية، فى حين خطت كل من تركيا وإندونيسيا، كدولتين إسلاميتين، خطوات ملموسة على طريق الديمقراطية.

* هل صحيح أنك طالبت أوباما بممارسة ضغوط على الرئيس مبارك خلال زيارته المقبلة لواشنطن؟

- لا أسميها ضغوطاً ولكن أسميها مطالب، لأن هناك فى مصر من يفسر كلمة ضغوط على أنها «استقواء بالخارج»، ونحن فى «تحالف المنظمات المصرية فى أمريكا الشمالية»، والذى يقوده الدكتور صفى الدين حامد، وجهنا عريضتين، واحدة لمبارك، نرجوه فيها إجراء عدد من الإصلاحات قبل لقائه أوباما، أهمها إنهاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وإطلاق حرية الإعلام، واستعادة أيمن نور لكل حقوقه السياسية، وإلا سننظم وقفات احتجاجية تواكب زيارته لواشنطن، أما العريضة الثانية فكانت أوسع وتشمل مسلمى أمريكا وكانت موجهة لأوباما، حيث طالبناه بعدم التخلى عن دعم الديمقراطية فى العالم الإسلامى، وعدم تبادل الزيارات مع الدول العربية غير الديمقراطية، إلا إذا قامت أيضا بعدد من الإصلاحات، وكان من بينها مصر قبل إطلاق سراح أيمن نور، وهو ما تضمنه مقال صحيفة «واشنطن بوست» الذى نشر قبل أيام من الإفراج عنه فى ١٨ فبراير الماضى.

* بالحديث عن الديمقراطية.. فى رأيك من أين يبدأ الإصلاح فى مصر؟

- الإصلاح فى مصر يجب أن يبدأ أولاً من القضاء، بمعنى أن يستعيد استقلاله الكامل، ثم بعد ذلك يأتى تطبيق أحكام القانون، ثم ترسيخ فكرة الإعلام الحر، ومن ثم الوصول إلى مجتمع مدنى حر، وإذا ما تحققت هذه العناصر الأربعة، يمكن بعد ذلك تعديل الدستور، وتأسيس جبهة وطنية لكل القوى بما فيها الحزب الوطنى والإخوان لإعداد البلاد لانتخابات نزيهة تحت إشراف دولى.

* د. سعد كيف تدير مركز «ابن خلدون» من خارج مصر؟

- المركز يدير نفسه ذاتياً، فهناك اجتماع أسبوعى بين الباحثين، الذين يعمل بعضهم به كموظفين مقابل رواتب ثابتة، فى حين يعمل البعض الآخر متطوعاً، وعندما تسوء الأحوال المادية يقبلون جميعاً تخفيض أجورهم، مراعاة للوضع، ولكن رغم كل التضييق والحصار الذى تفرضه الدولة على المركز، فإنه مازال قائماً، والشباب مازالوا صامدين.

* ومتى لا تكون الأحوال المادية للمركز سيئة؟

- عندما يقوم الباحثون بإجراء دراسات تطلب منهم، حيث يتلقون أمولاً مقابلها، ونحن نعلن عن هذه الأبحاث منذ ٢٠ عاما فى تقريرنا السنوى، والذى لولاه لما كان أحد قد عرف بنشاطنا، فعندما أثارت الحكومة ضدى قضية تلقى أموال من الخارج، استندت إلى تلك المعلومات، التى وردت أساسا فى تقريرنا الذى ننشره، فكيف ننشره بأنفسنا لو كان يتضمن نشاطا مشبوها.

* ما طبيعة هذه الأبحاث.. وما الجهات التى تطلبها؟

- نحن متخصصون فى عمل المسوح الميدانية فى أى مجال يتفق مع الأهداف والرسالة المعلنة لمركز «ابن خلدون»، وأى هيئة حكومية أو غير حكومية تطلب منا إجراء بحث ما، نقيّم مطلبها وفقا لدستور المركز، فإما أن نقبله أو نرفضه.

* وهل سبق أن رفضتم طلب جهات بعينها.. ولماذا؟

- أذكر أن شركة سويسرية طلبت منا ذات مرة إجراء بحث تسويقى لعمل مشروع، فرفضناه لأن مضمونه لم يكن له علاقة بأى من أهدافنا، كما أننا ليست لنا خبرة فى المجال التجارى.

* أقصد ما إذا كان قد طلب منك إجراء دراسات يمكن وصفها بالحساسة أو يمكن أن تكون متعلقة بالأمن القومى مثلاً؟

- إطلاقاً، لم يطلب منى أحد دراسة تتعلق بالأمن القومى من قريب أو بعيد، حتى ولو طلب منى لا يمكن أن أقوم بها، لأن مركز ابن خلدون متخصص فى علم الاجتماع، وليس فى علم الجاسوسية، وردا على سؤالك حول الدراسات الحساسة، فإن بعض الشركات قبل أن تقدم على الاستثمار فى مصر، تفضل تقييم الوضع فى البلد من حيث أوجه المخاطرة السياسية أو الدينية أو الثقافية، ومنها على سبيل المثال، شركتان لا أذكر اسميهما، إحداهما فى ولاية ماساشوستس، والأخرى فى جنوب أفريقيا، غير أنى لا أتذكر طبيعة الأبحاث التى طلبوها منا، نظرا لأننا رفضنا القيام بها منذ البداية.

* بعض منتقديك يقولون إنك قرآنى وتطالب بالابتعاد عن السنة.. وآخرون يصنفونك بأنك حليف للإخوان المسلمين.. كيف ترى هذا التناقض؟

- أولا أنا لم أطالب أبداً بالابتعاد عن السنة، وكل ما حدث فى مؤتمر ٢٠٠٤ بالقاهرة، الذى راجت بسببه هذه الشائعات هو أنى دعوت للتركيز على القرآن كمصدر أساسى للفكر الإسلامى، ومع ذلك وبصرف النظر عن اتفاقى معهم أو اختلافى، أود أن أقول هنا إنى كناشط معنى بحقوق الإنسان، مهتم بالدفاع عن حقوق كل مواطن يتمتع بالجنسية المصرية، سواء كان قرآنيا أو إخوانيا أو مسيحيا أو بهائيا أو شيعيا أو مشركا أو ملحداً، فكل مصرى يعيش على أرض مصر يحق له التمتع بحقوق المواطنة أيا كانت ملته أو ديانته، ومن هنا فإن دفاعى عن القرآنيين أو الإخوان متساوٍ.

* بمناسبة مؤتمر مناهضة العنصرية الذى عقد فى جنيف مؤخراً.. ألا ترى أن تجاهلك حضوره - كمجتمع مدنى - وهو المؤتمر الرسمى مقابل مشاركتك فى اجتماع منظمة «يو إن ووتش» المناوئ، يزيد الجدل من حولك؟

- أنا لا يهمنى ما يقال عن «يو إن ووتش»، لكن ما يعنينى هو ما تفعله، فهى منظمة مهتمة بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية، وتراقب سلوكيات الدول لتطلق صفارات الإنذار ضد مواطن الديكتاتوريات والقمع، ثم إن على من ينتقد المنظمة اليهودية أن يؤسس منظمة عربية لمراقبة سلوكيات الحكومات، لذا فإن كل ما يقال عن هذه المنظمة هو مجرد حجج تتذرع بها بعض الأنظمة الحاكمة للرد على انتقاداتها، ولا تنس أن المؤتمر الرسمى تم اختطافه للتركيز على القضية الفلسطينية فقط، فتحول الأمر إلى عداء للسامية، وهو مرض، فى حين أن معاداة إسرائيل هى الأمر المشروع، بسبب ما ترتكبه سلطات الاحتلال من جرائم بحق الشعب الفلسطينى بأكمله. بمعنىً آخر، زايد البعض فى مؤتمر «دربان» بالقضية الفلسطينية، تماما كما تتاجر إسرائيل بمعاداة السامية، فكلهم يتاجرون بشعارات، ظاهرها نبيل وجوهرها خبيث.

* لهذه الأسباب فضّلت حضور مؤتمر «يو إن ووتش» دون المؤتمر الرسمى؟

- أنا لم توجه لى دعوة لحضور المؤتمر الرسمى أساساً، لكنى فى المقابل دعيت إلى مؤتمر منظمة «يو إن ووتش» للتحدث عن الديمقراطية والحريات فى مصر، فقلت بوضوح إن الحكومة المصرية لها دور رائد فى دعم وتنظيم الأنظمة الطغيانية والمستبدة على المستويات العربية والأفريقية والإسلامية، وقلت إن مبارك وموجابى والأسد والقذافى والبشير كلهم إخوة ومتضامنون مع بعضهم البعض فى الاستبداد والطغيان وفى احتقار إعلانات حقوق الإنسان وازدراء المواثيق الدولية.

* وكيف تنظر لمقاطعة الولايات المتحدة لمؤتمر «مراجعة دربان»؟

- أنا ألوم أوباما على موقفه، وضد المقاطعة الأمريكية لمؤتمر الحكومات الرسمى، وكان ينبغى على الرئيس الأمريكى أن يحضر ويشارك ويقول ما يرى، لأن صوته كان سيسمع، حتى لو لم يؤثر بالنهاية على البيان الختامى.

* ومقابل انتقادك للأنظمة العربية.. كيف ترى إذن الإمبريالية الغربية؟

- الإمبريالية والغرب ينتقدان ١٠٠ مرة.. وإسرائيل والصهيونية ينتقدان ١٠٠٠ مرة.. ولكن الأهم، ماذا عن أنظمة الطغيان فى بلادنا العربية والإسلامية؟

أنا أقول نعم، على الأقل لأن الحكومات الغربية تنتخبها الشعوب، فتحاسبها، وهو ما ينطبق على إسرائيل، لكن العرب لا عندهم هذا ولا ذاك.

* اعذرنى.. قد يبدو سؤالى قاسياً.. لكن وأنت تعيش وحدك بعيدا عن زوجتك وأبنائك، ألم تفكر فى الموت؟

- الأعمار بيد الله وحده، لذا كتبت فى وصيتى أن أدفن فى مصر، وأن تكون مكتبتى وكل ما يخصنى وديعة فى دار الكتب المصرية، إذا كانوا مستعدين لقبولها، أما لو لم يقبلوا الهدية، فأوصى بإيداعها لمركز «ابن خلدون»، لكن أهم شىء أن أدفن فى بلدى، فكلما سألنى أحد ما إذا كنت سأعود إلى مصر، أؤكد أنى سأعود إليها.. حيا أو ميتا.

* د. سعد.. أنت تطل علينا من خلال مقالاتك الدورية، ولكن هناك من يريد الاطمئنان على أحوالك الشخصية.. كيف تعيش بعيداً عن مصر؟

- أعيش فى المنفى منذ عامين، متنقلاً بين الولايات المتحدة وقطر وإسطنبول (بلاد لم توقع على معاهدة تسليم المتهمين)، وحالياً أعمل أستاذاً زائراً فى جامعة هارفارد، وبقدر الإمكان أحاول أن أظل على اتصال بالأهل والشباب والرأى العام فى مصر من خلال مقالاتى، الأسبوعية فى صحيفة «المصرى اليوم»، والشهرية فى صحيفة «الدستور».

* وماذا عن زوجتك؟

- زوجتى «بركة» تمسكت بأن تعيش فى مصر حتى بعد مغادرتى البلاد بعد الأحكام التى صدرت ضدى، لأنها تعشقها ربما أكثر من المصريين أنفسهم، ورغم أنها أمريكية الأصل، إلا أنها تعتبر نفسها مصرية خالصة، وتعيش فيها منذ أكثر من ٤٠ عاماً، أنجبنا خلالها أبناء وأصبح لنا أحفاد، قبل أن تقرر تغيير ديانتها التى كانت تعتنقها من المسيحية إلى الإسلام، بملء إرادتها الحرة وعن قناعة شديدة، دون أى ضغط من جانبى، وبالمناسبة، عندما أسلمت اختارت لها أمى اسم بركة، لأنه كان الأقرب على لسانها لاسمها الحقيقى باربرا.

والعيب الوحيد لبركة أنها بدأت تعاملنى مؤخراً كمواطن درجة خامسة، فكل حفيد جديد لنا من أولادنا، يخفض منزلتى وحبى عندها، حتى وصلت الآن إلى الدرجة الخامسة.

* وما أخبار وضعك الصحى الآن؟

- مستقر والحمد لله، أنا مستمر فى العلاج الطبيعى للتغلب على ذيول الاضطرابات العصبية التى حدثت لى خلال الأعوام الماضية، والتى أدت إلى شلل جزئى، لكنى بشكل عام وبعد ٤ عمليات جراحية أجريتها فى الولايات المتحدة، بدأت أستعيد صحتى.

* كيف ترى أبناءك وأحفادك؟

- زوجتى تأتى لزيارتى كل ٤ أشهر، ولكن عندى حنين شديد لمصر، خاصة هذه الأيام، لأن حفيدى الثالث آدم أمير إبراهيم يزور مصر حالياً لأول مرة، إذ يعيش والداه فى لندن، وكم كنت أتمنى أن أكون هناك لأستقبله، كما أفتقد جدا حفيدى الاثنين من ابنتى، وباقى الأهل والأصحاب والطلاب.. كلهم وحشونى.

* أخيرا.. هل تحب أن توصل رسالة للرئيس مبارك فى ذكرى عيد ميلاده؟

- من أب لأب ومن جد لجد، أقول له فى عيد ميلاده الـ ٨٢.. أتمنى لك طول البقاء ولكن خارج السلطة.

* وجمال مبارك؟

- أقول له ابتعد عن السلطة، إلا إذا أتيت إليها بطريقة ديمقراطية، من خلال انتخابات تنافسية حرة تحت إشراف دولى.

* وأيمن نور؟

- أتمنى له الخير، وأنا أرى أنه قادر على التغيير الفعلى، لأن النظام، بكل ما كاله إليه من تهم ملفقة، لم ينل إلا من صحته، كما أتمنى له ولجميلة أن يتفقا على خير أو يفترقا بإحسان، لأن مصر تحتاج إليهما كمواطنين صالحين.

* وبركة؟

- أقول لها تحيتى ومحبتى، واغفرى لى بعدى عن مصر، لأنه ليس بيدى، لكنه بـ«يد عمرو» سامحه الله.

اجمالي القراءات 3982