الأخوات و الإخوة، فلتسمحوا لى فى عجالة بهذا المقال الصغير الذى لا أعتبره تعليقا على حوار أخى د. أحمد منصور و أخى أ.فوزى فراج و إنما عليكم اعتباره وجهة نظر تمس الموضوع
فالتاريخ يكتبه و يفرضه المنتصر و لمصلحته
و كذلك يصاغ التاريخ وفقا لوجهة نظر من يكتبه و لمصلحته
و هذا ينطبق كذلك على الدين البشرى المعتمد على أقوال الرسول محمد و أعماله التاريخية التى وصلت إلينا من خلال المنقول من الأحاديث و السيرة
فالتاريخ فى رأينا ليس حجة على أحد أو لأحد و لكن حسبنا بالنتائج التى أوصلتنا إلى واقعنا و شكلته لتكون هى الحجة لنا على من سبقونا فى أفعالهم و الحجة على صدق تأريخهم، حيث أنها الواقع الملموس و أنها بالضرورة هى نتائج تراكم لما تم فعلا من أحداث فى التاريخ ـ السياسى الملون بالدين أو الدينى الملون بالسياسة ـ و عليه يجب أن يكون ظننا و حكمنا لما تم من أحداث التاريخ هو نتيجة استقراء و تحليل من الواقع و ليس من قراءة للماضى.
و بتحليلنا نتائج الواقع الذى نحن فيه الآن، نصل (ظنا) إلى ما تم من أحداث فى التاريخ و نحاول إصلاح تلك النتائج إن كانت لا تعجبنا ـ و هذا هو المهم ـ و ذلك بعرض الحلول الإصلاحية من واقع معايشتنا و علمنا بالواقع الذى نريد إصلاحه و احتياجاته و إن كان ما نصل إليه دائما ليس هو بالضرورة الصحيح أو نهاية القول و الحل، و لكنه بالضرورة أيضا يكون الأصلح لمكاننا و زماننا .
و كذلك الدين بألوانه البشرية، سواء سنيا كان أو شيعيا أو غيره، الذى شُكلت ملامحه بالأحاديث و الأحداث المزعومة التى نقلت إلينا بواسطة علوم إنسانية (علوم الحديث و الفقه) لا ترقى نتائجها، إلى أثبات الحجية و التوثيق لما قاله أو فعله الرسول أو الصحابة أو التابعين أو تابعى التابعين و لا تستطيع فرز الإسرائيليات و كذلك تأثير الأهواء و المصالح عنها، فينطبق على الدين البشرى ما ينطبق على التاريخ، و عليه فمن الضرورى أن نأخذ بالقرآن وحده ـ حيث أنه على الأقل نظن أنه مجمع على نصوصه إيمانيا لمن يتبعونه ـ و يجب ألا نفهمه أو نؤوله بأحداثتاريخية من خارجه و أنما نفهمه بعلمنا ـ الذى نظن اليوم أنه صحيح ـ فى مكاننا و زماننا و بذلك نستطيع أن نفهم ديننا و أن نشكل دنيانا.
و لننظر حولنا فى أحداث التاريخ المعاصر ـ السياسى الملون بالدين أو الدينى الملون بالسياسة ـ هل نستطيع أن نجزم بصحة ما تم إعلامنا به أو ما علمناه عنه! ... و الأمثلة كثيرة؟ ..... فما بالنا بما تم منذ ألف سنة و أكثر!
و عليه لا يكون هناك لزوم لاجترار الأثر و التاريخ أو منازعة الآخرين فى فيما يعتقدون فى الأثر (الحديث) و التاريخ ـ السياسى الملون بالدين أو الدينى الملون بالسياسة ـ راشدا كان أو غير راشد، و لكن علينا طرح و جهة نظرنا مستخدمين فهمنا الحالى النسبى لمحاولة تطبيق كليات القرآن التى طرحها الله علينا فى قرآنه على واقعنا و التى باستعمالها نأمل أن نصلح ديننا و دنيانا.
فبذلك يتسق المنهج الذى نستعمله (استقراء التاريخ) سواء فى معالجة الأثر من التاريخ أو الحديث لفهم الواقع الذى نعيشه
أستدراك
إن النفس الإنسانية لا تنجو من الهوى نتيجة أتفاق أو اختلاف المصالح مشروعة كانت أو غير مشروعة
و إن كان هذا لا يمنع إطلاقا من البحث و التقصى و وضع المعايير الحاكمة فى محاولة للوصول إلى نتائج و محاولة تعرية الحقيقة و استقراء التاريخ
و الواجب على كل شخص استقبال نتائج البحوث بحرص و بنظرة نقدية حتى و لو كان الشخص المستقبِل من التابعين أو المريدين أو المتفقين مع الباحث و إلا نكون مثل من نخالفهم و نقع فى نفس خطأهم، فما بالنا من المختلفين مع نتائج الباحث أو أسلوب البحث
فإن اتفقنا مع نتائجهم نؤيدهم بالأسانيد و الدليل و إن اختلفنا نبرز أخطائهم و لا عيب فى هذا أو ذاك
و نعود و نؤكد على الأدوات المتاحة للباحث فى موضوع البحث و ندقق فى مرجعية حجيتها و خلوها من الهوى و المصلحة
و تبقى دائما الحقيقة فى ذمة أصحابها و نواياهم سواء من فعلوها أو من بحث عنها و تكون حقيقة نسبية لمتلقيها و لا تلزم أحد إلا من يعتقد فيها و يتبعها
و لكم منا كل الود