كشف تقرير بثـّته صحفية أميركية من داخل السعودية عن "تحرّك" جديد من نوعه يقوده السيد "نمر النمر" رجل الدين الشيعي الذي يختفي الآن عن أنظار رجال الأمن السعوديين في مدينته "العوّامية" منذ أنْ ألقى خطبة دينية يهدّد فيها بانفصال المدن الشيعية عن دولة المملكة التي اتهمها باضطهاد الشيعة وإهمالهم وافقارهم برغم أنهم يعيشون في مدن تضم رمالها الاحتياطي الأول في العالم من النفط.
أما زعماء الأقلية الشيعية الآخرون، فهم يرفضون علناً حديث (النمر) عن الانشقاق أو الانفصال، وأكدوا بشكل خاص أن تعليقاته تلك قد آذت كثيرين. ويقول (توفيق السيف) وهو ناشط وكاتب شيعي في الدمام بهذا الصدد: ((لقد تحدث عن الانفصال؛ هذه العبارة كانت خطأ كبيراً، وكان عليه أن يتجنب هذا القول)).
ولقد شرع شبّان من رجال الدين بكسر "النمطية السابقة لرجال الدين القدامى بالدعوة الى نيل الحقوق المدنية والطائفية-الدينية والوطنية والاجتماعية" بطرق الدعوة السلمية الى رفع الشعارات التي تدعو الى سقوط الحكومة، وتهتف بـ "الموت للوهابية" والتي تهدد باستمرار تلك التظاهرات التي خرجت في المدينة، تؤازر مئات المشتبكين مع الشرطة الدينية في "المدنية المنوّرة" بعد اتهامهم بـ"زيارة القبور" فيما تقول الحكومة إنهم حاولوا أخذ "قبضات من تراب المقابر" الحال التي تمنعها القوانين في السعودية. ويؤكد هؤلاء الذين يعملون على تفجير انتفاضة مسلحة إنْ لم تلتفت الحكومة السعودية لمطالبهم، أنهم يعانون من "تمييز طائفي" تمارسه أساطين الوهابية ضدهم، وإلى مستوى تعيين جميع أعضاء مجلس بلدية "القطيف" من السُنّة، برغم أن جميع سكانها وبنسبة 100 بالمائة من الشيعة.
ويقول ناشطون وكتاب ورجال دين قابلتهم مراسلة صحيفة الكريستيان ساينز مونيتور –التي روت خفايا كثيرة عن أزمة الشيعة في السعودية- إنهم محرومون من الوظائف ويعيشون في ضنك بينما يتمتع سائر السعوديين بخيرات النفط. وأنهم على سبيل المثال لا يجدون "شيعياً" في مناصب الدولة، وأنهم بدقيق العبارة "محرومون" من كل شيء بسبب معتقداتهم الدينية التي يفسّرها الوهابيون على أنها "ضلال".
ويرى محللون سياسيون في واشنطن أن السعودية كما يبدو تنظر الى "أزمة الشيعة في بلادها" على أنها فقط مرتبطة بالتدخلات الإيرانية في شؤون دول الشرق الأوسط. وقالوا إن حكومة المملكة "تكتفي" بالركون الى هذه "التهمة" التي قد تصدق في مجالات متعددة، وعلّتها "وحدة المشروع المذهبي"، متناسية دورها في أهمية أنْ تعامل مواطنيها من دون "تمييز طائفي" يصعّد مستويات استيائهم ونقمتهم التي قد تتحوّل في ظرف، ربما لا يكون متوفراً الآن الى سبب لاجتراح وسيلة تضر بالمملكة السعودية كدولة عربية لها حضورها المهم في توازنات المنطقة.