بدأ وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان جولة دبلوماسية إفريقية سيزور خلالها خمس دول، وقد برز سيل كثيف من التقارير والتحليلات ووجهات النظر التي حاولت وصف وتفسير معطيات دبلوماسية ليبرمان الإسرائيلية إزاء إفريقيا.
* ماذا تقول آخر التقارير والمعلومات؟
تجري هذا الأسبوع فعاليات زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى القارة الإفريقية، وسيزور خمس دول هي:
• إثيوبيا: التي ظلت تاريخياً تمثل الحليف الاستراتيج&iarave;ي لإسرائيل وأمريكا في القرن الإفريقي، ما عدا فترة حكم الرئيس الماركسي مانغستو هايلي مريام.
• كينيا: تعتبر الدولة الإفريقية التي تستضيف قاعدة الموساد الإسرائيلي الرئيسية في إفريقيا، وتقول المعلومات أن العلاقات الإسرائيلية – الكينية تعود إلى مراحل مبكرة بسبب توجهات مجلس الكنائس الكيني الداعم للمسيحية الصهيونية إضافة إلى الروابط التجارية بين كينيا والشركات اليهودية العالمية الناشطة في تجارة التبغ والبن والشاي.
• أوغندا: تعتبر الدولة الإفريقية التي تمثل مركز عمليات الحروب السرية الإسرائيلية في إفريقيا، وتشير المعلومات إلى أن إمدادات الأسلحة الإسرائيلية ظلت تمر عبر أوغندا باتجاه حركات التمرد الناشطة في جنوب السودان وشرق زائير إضافة إلى حلفاء إسرائيل في رواندا وبوروندي.
• نيجيريا: تتميز بأهميتها الكبيرة لإسرائيل لأنها تمثل الدولة النفطية الأكبر في إفريقيا إضافة إلى وجود شبكات غسيل الأموال التي تشرف عليها المؤسسات المالية العالمية اليهودية الطابع إضافة إلى وجود الشركات النفطية الأمريكية كشيفرون والبريطانية كبريتيش بتروليوم الداعمة لإسرائيل.
• غانا: تمثل الدولة الإفريقية المرشحة للقيام بدور رئيسي في استضافة القيادة الأمريكية الإفريقية، وقد زارها الرئيس أوباما وأجرى تفاهماته مع القيادة الغانية وتقول المعلومات أن إسرائيل تسعى للتنسيق مع غانا بما يتيح لإسرائيل القيام بدور المكمل والمساند للدور الأمريكي في غانا.
يقول الخبراء أن جولة ليبرمان الإفريقية ستركز على هذه الدول التي تتميز بروابطها التاريخية مع إسرائيل ولن تركز على الدول الإفريقية الأخرى وهو أمر يطرح بعض التساؤلات من طبيعة نوايا ومقاصد الدبلوماسية الإسرائيلية خلال المرحلة القادمة إزاء إفريقيا: هل التركيز على الدول التي ظلت على علاقة قوية مع إسرائيل أم استخدام هذه الدول كقواعد تتيح للدبلوماسية الإسرائيلية توسيع نطاق علاقاتها الإفريقية؟
* الأبعاد غير المعلنة لدبلوماسية ليبرمان الإفريقية:
يمكن قراءة الأبعاد غير المعلنة لدبلوماسية ليبرمان من خلال النقاط الآتية:
• متغير تجارة الأسلحة: الوفد المرافق للوزير ليبرمان يتكون بشكل أساس من رموز الصناعات العسكرية الإسرائيلية وهو أمر يفيد إلى أن فعاليات دبلوماسية جولة ليبرمان ستتضمن توقيع عقود الصفقات العسكرية الإسرائيلية مع الدول الإفريقية الخمسة.
• متغير تهديد الأمن المصري: من بين الدول الخمسة التي سيزورها ليبرمان هناك ثلاثة تسيطر على منابع نهر النيل، فإثيوبيا تسيطر على بحيرة "تانا" التي ينبع منها النيل الأزرق، وكينيا وأوغندا تسيطران على بحيرة فكتوريا التي ينبع منها النيل الأبيض، وتقول المعلومات أن تفاهمات ليبرمان مع زعماء هذه الدول ستشمل ملف المنشآت المائية التي وعدت إسرائيل بإقامتها عند نقطة خروج النيل الأزرق من بحيرة تانا ونقطة خروج النيل الأبيض من بحيرة فكتوريا، وهذه المنشآت هي عبارة عن خزانات ضخمة تهدف لرفع مستوى المياه في هذه البحيرات إضافة إلى التحكم والضبط لتدفقات مياه النيلين الأزرق والأبيض.
عموماً، تشير الكثير من الدراسات والبحوث إلى أن ملف دبلوماسية إفريقيا ظل يمثل أحد الملفات الإشكالية في جدول أعمال السياسة الخارجية الإسرائيلية وتقول المعلومات أن إسرائيل تسعى إلى الآتي:
• تنظيم الجماعات اليهودية الموجودة في إفريقيا.
• استيعاب المزيد من الأفارقة ضمن دائرة النفوذ اليهودي عن طريق عمليات التبشير اليهودي التي حققت المزيد من النجاح في أوغندا وكينيا وجنوب إفريقيا بحيث أصبح هناك عدد متزايد من اليهود الأفارقة الذين ستحاول إسرائيل خلال المراحل القادمة ليس تهجيرهم إلى إسرائيل وإنما دعمهم بحيث يصعدون على سلم النخب الحاكمة في بلدانهم.
• نشر المزيد من الشركات اليهودية العالمية في إفريقيا بما يتلازم مع قيام الاقتصاد الإسرائيلي بمباشرة القيام بدور "قطاع الخدمات" الذي يقدم المساندة لمعاملات هذه الشركات مع الدول الأوروبية والأمريكية ما يتضمن تقديم القروض وتنفيذ الترتيبات المصرفية وخدمات التأمين والشحن البحري، وما شابه ذلك.
• عزل الدول العربية عن القارة الإفريقية بما يؤدي إلى قطع الطريق أمام قيام أي علاقات عربية – إفريقية حقيقية وذلك بما يترتب عليه سيطرة الشركات الإسرائيلية على الخامات الزراعية والمعدنية والإفريقية وأيضاً كسب السند الدبلوماسي الإفريقي لصالح إسرائيل في المنظمات الدولية.
أبدى الإسرائيليون انزعاجاً كبيراً عندما قطعت كل الدول الإفريقية بشكل جماعي علاقاتها الدبلوماسية معها في أعقاب حرب تشرين 1973 بما أدى لجعل إفريقيا "قارة خالية من إسرائيل" وقد أثر هذا الموقف على توازن القوى التصويتي داخل الأمم المتحدة، والآن تحاول إسرائيل السعي الحثيث لملء الفراغ الذي نشأ في إفريقيا بفعل انسحاب النفوذ البريطاني، وبكلمات أخرى كانت إفريقيا واقعة لفترة طويلة تحت دائرة النفوذ الفرنسي (الفرانكفوني) والبريطاني (الأنجلوفوني) وبقي النفوذ الفرنسي وتراجع النفوذ البريطاني لصالح النفوذ الأمريكي الذي تسعى إسرائيل لاستخدامه كغطاء تتحرك تحته، بما يتيح القضاء النهائي على تقدم الثقافة العربية الإسلامية التي ستؤدي إلى نشوء النفوذ "العربفوني" المهدد لإسرائيل في إفريقيا.