4 كلمات" مثيرة للجدل.. هل يستطيع ترامب إلغاء الجنسية بالولادة؟

في الثلاثاء ٢١ - يناير - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعده الانتخابي المتعلق بحق الجنسية بالولادة.

في اليوم الأول من ولايته الثانية، أصدر بالفعل أمرا تنفيذيا ينص على إلغاء هذا الحق لمن يقيمون بشكل غير شرعي، أو حتى من يقيمون بشكل شرعي لكن بصفة مؤقتة.

هل ينفذ القرار؟ هل يستطيع ترامب فعل ذلك حقا؟

أسئلة بات يرددها الملايين، وطرحناها على الخبراء لمعرفة الإجابة.

والواضح أننا سنشهد معارك قانونية خلال الفترة المقبلة، على غرار ما حدث في الولاية الأولى لترامب.

لم تمر ساعتان تقريبا على صدور القرار، حتى تحرك بالفعل عشرات المحامين لمنع الرئيس الجديد من تنفيذ خطته التي تحدث عنها مرارا خلال حملته الانتخابية.

في مايو من العام الماضي، نشر الملياردير الجمهوري مقطع فيديو قال فيه إن الولايات المتحدة من بين البلدان القليلة في العالم التي تقول إنه حتى لو لم يكن أي من الوالدين مواطنًا أو حتى موجودًا بشكل قانوني في البلاد، فإن أطفالهما في المستقبل مواطنون تلقائيًّا".ماذا حدث؟
نبدأ أولا بالنص القانوني لحق الجنسية بالولادة المثير للجدل.

هو تحديدا التعديل رقم 14 للدستور الأميركي الذي يفسر على نطاق واسع بأنه يعطي الجنسية لجميع الأفراد الذين يولودون في الولايات المتحدة استنادا إلى حق الأرض.

وجاء في التعديل: "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة أو المتجنسين بجنسيتها والخاضعين لسلطانها يعتبرون من مواطني الولايات المتحدة ومواطني الولاية التي يقيمون فيها. ولا يجوز لأي ولاية أن تضع أو تطبق أي قانون ينتقص من امتيازات أو حصانات مواطني الولايات المتحدة. كما لا يجوز لأي ولاية أن تحرم أي شخص من الحياة أو الحرية أو الممتلكات دون مراعاة الإجراءات القانونية الأصولية. ولا أن تحرم أي شخص خاضع لسلطانها من المساواة في حماية القوانين.كيف يرى ترامب المواطنة؟
يرى ترامب، وفق ما جاء في نص الأمر التنفيذي المنشور على موقع البيت الأبيض، أن التعديل الرابع عشر "لم يُفسَّر قط على نحو يوسع نطاق المواطنة ليشمل كل من ولدوا داخل الولايات المتحدة"، بل استبعد حق المواطنة بالولادة الأشخاص الذين ولدوا في الولايات المتحدة، ولكنهم "ليسوا خاضعين لولايتها القضائية".

وتماشيا مع هذا الفهم، أقر الكونغرس من خلال التشريعات أن "الشخص المولود في الولايات المتحدة والخاضع لولايتها القضائية" هو مواطن ومواطنة للولايات المتحدة عند الولادة، "وهو ما يعكس عموما نص التعديل الرابع عشر".

ووفق مفهوم ترامب، فإن امتياز المواطنة "لا يمتد تلقائيا إلى الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة إذا كانت والدة ذلك الشخص موجودة بشكل غير قانوني ولم يكن الأب مواطنا أميركيا أو مقيما قانونيا دائما (يحمل البطاقة الخضراء) في وقت ولادة ذلك الشخص".

وفي الحالة الثانية، إذا كان وجود الأم قانونيا ولكنه مؤقت (على سبيل المثال، تحمل إعفاء من التأشيرة أو تأشيرة سياحية أو طلابية) ولم يكن الأب مواطنًا أميركيا أو مقيما دائما وقت ولادة ذلك الشخص.

مسألة غير محسومة
تقول مديرة "مركز دراسات الهجرة" الأميركي، جيسيكا فوغان، لموقع الحرة إن هذه "غير محسومة" وعبارة "ليسوا خاضعين لولايتها القضائية" لطالما كانت مثار جدال محتدم بين من يعتقدون أنها تعني كل شخص في البلاد، باستثناء الدبلوماسيين الأجانب، وأولئك الذين يعتقدون أنها تعني فقط الأشخاص الموجودين بشكل قانوني.

ويعتقد ديفيد غولوف، أستاذ القانون الدستوري في جامعة نيويورك، الذي تحدث مع موقع الحرة في مقابلة سابقة أنه لطالما كان من المتعارف عليه أن هذا النص يشمل الأطفال المولودين داخل الولايات المتحدة لآباء غير أميركيين.

ولفت غولوف إلى أن المحكمة العليا لم تقرر بشكل قاطع ما إن كان النص نفسه ينطبق سواء كانت الوالدة (غير المواطنة) موجودة على الأرض الأميركية، عند ولادة الطفل، بشكل قانوني أو غير قانوني، وهو ما يفتح المجال أمام تأويلات مختلفة لنص التعديل 14 من الدستور الأميركي.

وقال أستاذ الإدارة والسياسة في جامعة بوسطن، ديفيد روزنبلوم، في مقابلة سابقة، إن التعديل الـ14 واضح في أن "جميع الأشخاص المولودين في الولايات المتحدة مواطنون أميركيون. اللغة واضحة، وقد صُممت للتأكد من أنه عندما تنتهي العبودية (في ذلك الوقت)، فإن كل الأشخاص الذين كانوا عبيدا سابقا سيكونون مواطنين أميركيين".

والحل، من وجهة نظر فوغان التي تحدث مع موقع الحرة، اليوم الثلاثاء، أن تحدد المحاكم ما تعنيه عبارة "ليسوا خاضعين لولايتها القضائية" بالنسبة إلى الأشخاص الموجودين في البلاد بشكل غير قانوني، خاصة من لديهم أطفال.

ورفعت من قبل بعض الدعاوى القضائية، وتم تطبيق هذا الأمر على الأشخاص الذين كانوا في البلاد، والذين كانوا مواطنين أجانب بصورة قانونية ودائمة، وفق فوغان.

أما مسألة ما إذا كان ينبغي تطبيق هذا الأمر على الأشخاص الموجودين بصورة مؤقتة، أو الذين دخلوا البلاد بصورة غير قانونية، أو الذين ليس لديهم وضع قانوني، فلم يتم البت فيها بشكل حاسم.

تحركات قانونية
وبعد ساعتين تقريبا من أمر ترامب، رفع محامون دعوى قضائية في المحكمة الفدرالية في نيو هامشير نيابة عن مجموعة تمثل مهاجرين إندونيسيين في تلك الولاية، إلى جانب مجموعات أخرى تمثل أشخاصا من أصول لاتينية، ومن يسموا بـ"الحالمين" (الأفراد الذين جلبهم الآباء إلى الولايات المتحدة أطفالا وبقوا فيها بشكل غير قانوني).

وتتهم الدعوى التي رفعها 26 محاميا من منظمات عدة، من بينها اتحاد الحريات المدنية الأميركية، القرار بأنه"ينتهك التعديل الرابع عشر للدستور والقانون الفيدرالي المنفذ منذ أكثر من 80 عاما.

وتقول: "لا يمنح الدستور ولا أي قانون فدرالي أي سلطة للرئيس لإعادة تعريف الجنسية الأميركية. من خلال تقييد الحق في الجنسية بالولادة، يتجاوز الأمر سلطة الرئيس ويتعارض مع الدستور والقانون الفدرالي".

وتقول الدعوى أيضًا إن أمر ترامب، إذا تم تنفيذه، يمكن أن يجعل بعض الأطفال عديمي الجنسية.

والثلاثاء، رفع تحالف لمدعين عامين من 18 ولاية ديمقراطية دعوى قضائية أمام المحكمة الفدرالية في ماساتشوستس اعتبرت القرار "غير دستوري بشكل صارخ وغير أميركي.. لقد تجاوز الرئيس سلطته وسنحاسبه".

والولايات التي رفعت الدعوى هي كاليفورنيا، وكولورادو، وكونيتيكت، وديلاوير، وهاواي، ومين، وميريلاند، وماساتشوستس، وميشيغان، ومينيسوتا، ونيفادا، ونيو جيرزي، ونيو مكسيكو، ونيويورك، ونورث كارولينا، ورود آيلاند، وفيرمونت، وويسكونسن.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟
تعتقد فوغان أن بعض المعترضين ربما ينتظرون الحكومة لاتخاذ بعض الإجراءات قبل التحرك، لكنهم على الأغلب سيتحركون سريعا، وسيحاولون اختيار ولاية قضائية مواتية، ربما تكون واشنطن العاصمة، لأنها مقر الوكالات الفدرالية المعنية بهذا الأمر.

وتتوقع رفع دعاوى عدة في هذا الصدد.

وتعتقد أن التحرك سريعا سيكون أفضل، لأنه كلما نظرت المحاكم في هذه المسألة سريعا "سوف نعرف التفسير المناسب في أقرب وقت ممكن".

هل ينفذ الأمر تلقائيا؟
تعتقد فوغان أن المحامين سوف يستخدمون تكتيكا معروفا استخدم من قبل في حالات مماثلة، هو أن يطلبوا إذنا قضائيا بتعليقه مؤقتا، حتى يحسم القضاء المسألة نهائيا.

وحينها قد يقول القاضي: "لا ينبغي عليك تنفيذ القرار. عليك أن توقف العمل به حتى تقرر المحاكم".

وتحالف المدعين في الدعوى المرفوعة، الثلاثاء، طالب بالفعل من القاضي وقف تنفيذ القرار "على الفور" مؤقتا.

وتقول خبيرة الهجرة لموقع الحرة إنه ربما ترغب إدارة ترامب في رفع مثل هذه الدعاوى القضائية، لأنه كلما كان التقاضي أسرع، كلما عرفت الحكومة ما يجب القيام به في وقت أقرب.

روزنبلوم، قال في مقابلته مع موقع "الحرة" إن المحاكم الأميركية لو نظرت في الأمر التنفيذي، ستقرر على الفور بأنه غير دستوري، ومع ذلك لا يستبعد أنه مع وجود قضاة محافظين، عين ترامب 3 منهم، فقد يفسرون، أو يمكنهم تفسير لغة النص بشكل مختلف.

ويشير إلى أن بإمكان ترامب الدفع نحو تغيير الدستور لتعديل المادة المثيرة للجدل، لكنها ستكون عملية صعبة تتطلب موافقة ثلثي أعضاء الكونغرس وغالبية الهيئات التشريعية في الولايات.

وتقول فوغان إن المسألة المهمة الآن هي كيفية تفسير هذه اللغة المستخدمة في النص الدستوري، وهو نص قديم، والحكومة الفيدرالية تعمل بالتفسير الشائع له منذ أكثر من 100عام.

وليس من السهل التوصل إلى اتفاق في الكونغرس على شأن من هذه القبيل، وفق الخبيرة، فهناك أعضاء يؤيدون التغيير، وهناك من تعهدوا بمحاربة تغير الفهم السائد بشأنه، لكنهم ليسوا ضمن الأغلبية الآن.