أصدرت محكمة الوزراء في الكويت اليوم الثلاثاء، حكماً بحبس وزير الداخلية والدفاع السابق، الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح، مدة 14 سنة مع الشغل والنفاذ، وتغريمه 10 ملايين دينار (أكثر من 32 مليون دولار)، وإلزامه بردّ 20 مليون دينار (نحو 65 مليون دولار)، على خلفية قضيتي "اختلاس مال عام" في الوزارتين.
وفي القضية الأولى، المتعلقة بوزارة الداخلية، قضت محكمة الوزراء بحبس الشيخ طلال الخالد مدة 7 سنوات مع الشغل والنفاذ، عن تهمة "اختلاس مصروفات الوزارة" المُقدّرة بـ"9 ملايين و500 ألف دينار" (أكثر من 30 مليون دولار)، وألزمته بردّ هذا المبلغ، وتغريمه ضعفها (19 مليون دينار)، وعزله من الوظيفة، وقضت بمصادرة السيارات الشخصية له والمتحصل عليها من هذه الاختلاسات، وفق الحكم الصادر بحقه.
بينما في القضية الأخرى، المتعلقة بوزارة الدفاع، قضت المحكمة بحبسه 7 سنوات مع الشغل والنفاذ، عن تهمة "اختلاس 500 ألف دينار" من الوزارة، وإلزامه بردّ المبلغ، وتغريمه ضعفها (مليون دينار)، وعزله من الوظيفة. وكان الشيخ طلال الخالد الصباح قد تناوب على منصبي وزير الداخلية ووزير الدفاع، وتقلّدهما معاً، في أكثر من حكومة، خلال فترات متصلة ما بين مارس/آذار 2022 وحتى مغادرته الحكومة الكويتية نهائياً في يناير/كانون الثاني 2024، وتعود إليها الأحكام القضائية الصادرة بحقه اليوم.
وفي الحكم الذي يعود إلى وزارة الداخلية، وهي الفترة الأطول له في هذا المنصب، الذي اطلع "العربي الجديد" على نسخة منه، احتوى على 33 صفحة، وفيه أسندت إليه التهم خلال الفترة ما بين أغسطس/آب 2022 ويناير 2024، وجّه خلالها من "المصروفات السرية" للوزارة، التي أُحضرت من البنك المركزي إلى رائد في مكتبه على دفعات، وصُرفت بأوامر منه، كان من بينها على "حالات إنسانية ومكافآت للصحافيين"، التي اعتبرتها المحكمة لا تدخل ضمن "قنوات الصرف التي تحقق مصلحة الوزارة"، وأنه كان قصده منها "إبراز صورته أمام الرأي العام ومواقع التواصل الاجتماعي"، كذلك تصرف فيها بـ"شراء سيارات فارهة له ولأولاده" وعددها 13 سيارة، "جميعها نقداً، بطريقين، أولهما شراء السيارة وسداد قيمتها جملة نقداً، وهي الحالة الأكثر شيوعاً لديه، أو من طريق تثمين سيارات ذات موديلات قديمة وسداد الفرق نقداً"، وجميع الحالات تزامنت وفترة تولّيه وزارة الداخلية، وفق نص الحكم. ومن بين ما استندت إليه المحكمة في الإدانة، أنه "لا يجدي المتهم نفعاً قوله في التحقيقات، وما جاء بمعرض دفاعه أن الوقائع محل الاتهام، لا يجب أن يتدخل فيها القضاء، لكونها من أعمال السيادة، وأن المبالغ التي صُرفت محل الاتهام مخصصة لأغراض الأمن القومي وسيادة دولة الكويت، وهي أمور سرية لا يجوز الإفصاح عنها، تتعلق بمصلحة الدولة العُليا وسيادتها وسلامة أراضيها"، مُضيفةً أنها "اطمأنت إلى أدلة الثبوت، وأن المتهم قد اختلس الأموال محل الاتهام، ولم يصرفها في القنوات التي تحقق مصلحة وزارة الداخلية أو لأغراض الأمن القومي وسيادة الدولة، وجاء قوله هذا مرسلاً لا يعززه أو يسانده أي دليل في الأوراق، ومحاولة منه لدرء الاتهام والإفلات من العقاب".
وعقدت محكمة الوزراء برئاسة وكيل محكمة الاستئناف، المستشار هاني الحمدان، أكثر من جلسة لمحاكمة الشيخ طلال الخالد، الذي حضر إليها في جلسة سابقة، وأنكر أمامها جميع التهم المُوجّهة إليه، فيما من غير المعروف حتى اللحظة حضوره من عدمه إلى جلسة الحكم، أو تطبيقه الحكم الصادر عليه بالحبس، حيث يُعتبر حكماً واجب النفاذ.
والحكم الصادر عن محكمة الوزراء الكويتية على الشيخ طلال الخالد هو الثالث من نوعه بحق وزراء من أبناء الأسرة الحاكمة، بعد الحكم الصادر في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، على خلفية قضية "صندوق الجيش" (اختلاسات مالية من وزارة الدفاع)، على كل من رئيس مجلس الوزراء الأسبق، الراحل الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح (تُوفي في سبتمبر/أيلول الماضي)، بالامتناع عن النطق بعقابه (إدانة من دون سجن)، مع إلزامه بردّ مبالغ مالية، وحبس وزير الدفاع الأسبق (في الفترة ما بين 2013 و2017)، الشيخ خالد الجراح الصباح، مدة 7 سنوات مع الشغل والنفاذ.